→ باب آخر | كتاب الرسالة وجه يشبه المعنى الذي قبله الشافعي |
(صفة نهي الله ونهي رسوله) ← |
وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء عن صفوان بن موهب أنه أخبره عن عبد الله بن محمد بن صيفي عن حكيم بن حزام أنه قال: قال لي رسول الله: (ألم أنبأ، - أو ألم يبلغني، أو كما شاء الله من ذلك: أنك تبيع الطعام؟ قال حكيم: بلى يا رسول الله. فقال رسول الله: لا تبيعن طعاما حتى تشتريه وتستوفيه) [1]
أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء ذلك أيضا عن عبد الله بن عصمة عن حكيم بن حزام أنه سمعه منه عن النبي.
أخبرنا الثقة عن أيوب بن أبي تميمة عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام قال: ( نهاني رسول الله عن بيع ما ليس عندي) [2]
يعني بيع ما ليس عندك، وليس بمضمون عليك.
أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عبد الله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس قال: (قدم رسول الله المدينة وهم يسلفون في التمر السنة والسنتين، فقال رسول الله: من سلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم) [3]
قال الشافعي: حفظي: وأجل معلوم.
وقال: غيري قد قال ما قلت، وقال: أو إلى أجل معلوم.
قال: فكان نهي النبي أن يبيع المرء ما ليس عنده، يحتمل أن يبيع ما ليس بحضرته يراه المشتري كما يراه البائع عند تبايعهما فيه، ويحتمل أن يبيعه ما ليس عنده: ما ليس يملك بعينه، فلا يكون موصوفا مضمونا على البائع يؤخذ به، ولا في ملكه: فيلزم أن يسلمه إليه بعينه، وغير هذين المعنيين.
فلما أمر رسول الله من سلف أن يسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم، أو إلى أجل معلوم: دخل هذا بيع ما ليس عند المرء حاضرا ولا مملوكا حين باعه.
ولما كان هذا مضمونا على البائع بصفة يؤخذ بها عند محل الأجل: دل على أنه إنما نهى عن بيع عين الشيء في ملك البائع، والله أعلم.
وقد يحتمل أو يكون النهي عن بيع العين الغائبة، كانت في ملك الرجل أو في غير ملكه، لأنها قد تهلك وتنقص قبل أن يراها المشتري.
قال: فكل كلام كان عاما ظاهرا في سنة رسول الله فهو على ظهوره وعمومه، حتى يعلم حديث ثابت عن رسول الله - بأبي هو وأمي - يدل على أنه إنما أريد بالجملة العامة في الظاهر بعض الجملة دون بعض، كما وصفت من هذا وما كان في مثل معناه.
ولزم أهل العلم أن يمضوا الخبرين على وجوههما، ما وجدوا لإمضائهما وجها، ولا يعدونهما مختلفين وهما يحتملان أن يمضيا، وذلك إذا أمكن فيهما أن يمضيا معا، أو وجد السبيل إلى إمضائهما، ولم يكن منهما واحد بأوجب من الآخر.
ولا ينسب الحديثان إلى الاختلاف، ما كان لهما وجها [4]
يمضيان معا، إنما المختلف ما لم يمضى [5] إلا بسقوط غيره، مثل أن يكون الحديثان في الشيء الواحد، هذا يحله وهذا يحرمه.
هامش
- ↑ [ النسائي: كتاب البيوع/4523؛ أحمد: مسند المكثرين/14789]
- ↑ [ الترمذي: كتاب البيوع/1153؛ أحمد: مسند المكيين/14774. ]
- ↑ [ البخاري: كتاب السلم/2085؛ مسلم: كتاب المساقاة/3010؛ الترمذي: كتاب البيوع/1232؛ النسائي: كتاب البيوع/4537. ]
- ↑ [ هكذا بالنصب وهو ترب لشواهد سبقت ]
- ↑ [ هذا من الكثرة التي أشرنا إليها في التعليق ]