→ وجه آخر في الاختلاف | كتاب الرسالة في غسل الجمعة الشافعي |
النهي عن معنى دل عليه معنى في حديث غيره ← |
فقال: فاذكر وجوها من الأحاديث المختلفة عند بعض الناس أيضا.
فقلت: أخبرنا مالك عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله قال: (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم) [1]
أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه، أن النبي قال: ( من جاء منكم الجمعة فليغتسل) [2]
قال الشافعي: فكان قول رسول الله في: (غسل يوم الجمعة واجب)، وأمره بالغسل، يحتمل معنيين: الظاهر منهما أنه واجب، فلا تجزئ الطهارة لصلاة الجمعة إلا بالغسل، كما لا يجزئ في طهارة الجنب غير الغسل، ويحتمل واجب في الاختيار والأخلاق والنظافة.
أخبرنا مالك عن الزهري عن سالم قال: ( دخل رجل من أصحاب النبي يوم الجمعة، وعمر بن الخطاب يخطب، فقال عمر: أيت ساعة هذه، فقال: يا أمير المؤمنين، انقلبت من السوق، فسمعت النداء، فما زدت على أن توضأت، فقال عمر: الوضوء أيضا! وقد علمت أن رسول الله كان يأمر بالغسل؟! ) [3]
أخبرنا الثقة عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه مثل معنى حديث مالك، وسمى الداخل يوم الجمعة بغير غسل: عثمان بن عفان.
قال: فلما حفظ عمر عن رسول الله أنه كان يأمر بالغسل، وعلم أن عثمان قد علم من أمر رسول الله بالغسل، ثم ذكر عمر لعثمان أمر النبي بالغسل، وعلم عثمان ذلك: فلو ذهب على متوهم أن عثمان نسي، فقد ذكره عمر قبل الصلاة بنسيانه، فلما لم يترك عثمان الصلاة للغسل، ولما لم يأمره عمر بالخروج للغسل: دل ذلك على أنهما قد علما أن أمر رسول الله بالغسل على الاختيار [4]، لا على أن لا يجزئ غيره، لأن عمر لم يكن ليدع أمره بالغسل، ولا عثمان إذ علمنا أنه ذاكر لترك الغسل، وأمر النبي بالغسل: إلا والغسل - كما وصفنا - على الاختيار.
قال: وروى البصريون أن النبي قال: من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمة، ومن اغتسل فالغسل أفضل [5]
أخبرنا سفيان عن يحيى عن عمرة عن عائشة قالت: (كان الناس عمال أنفسهم، وكانوا يروحون بهيآتهم، فقيل لهم: لو اغتسلتم) [6]
هامش
- ↑ [ البخاري: كتاب الجمعة/830؛ مسلم: كتاب الجمعة/1397؛ النسائي: كتاب الجمعة/1360؛ مالك: كتاب النداء للصلاة/210]
- ↑ [ البخاري: كتاب الجمعة/845؛ مسلم: كتاب الجمعة/1394]
- ↑ [ البخاري: كتاب الجمعة/829؛ مسلم: كتاب الجمعة/1395]
- ↑ [ لم ينفرد الشافعي بهذا التأويل فقد ذهب إليه مالك أيضا وغيره. ورده ابن حزم في المحلى 2/19 وابن دقيق العيد في شرح عمدة الأحكام 2/109، 111 ردا بليغا ومال إليه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الرسالة ص 306 وفرق بين وجوبه وبين شرطيته لصحة الصلاة فأثبت الأول ونفى الثاني]
- ↑ [ الترمذي: كتاب الجمعة/457؛ النسائي: كتاب الجمعة/1363؛ أبوداود: كتاب الطهارة/300؛ ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها/1081]
- ↑ [ البخاري: كتاب الجمعة/853؛ أبو داود: كتاب الطهارة/298؛ أحمد: باقي مسند الأنصار/23203. ]