→ (في العدد) | كتاب الرسالة (في محرمات النساء) الشافعي |
(في محرمات الطعام) ← |
قال الله: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ، وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا(23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ، فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً، وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } [1]
فاحتملت الآية مَعْنَيَيْن: أحدُهما: أنَّ ما سَمَّى اللهُ مِن النِّساء مَحْرَمًا مُحَرَّمٌ، وَما سَكَتَ عنه حَلالٌ بالصَّمْت عنه، وبقول الله: { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ }، وكان هذا المعنى هو الظاهرَ مِن الآيَة.
وكان بَيِّنا في الآية تحريمُ الجمْع بمعنىً غيرِ تحريم الأمَّهات، فكان ما سَمَّى حَلالا حَلالٌ، وما سمى حراما حرامٌ، وما نهى عن الجمع بَيْنه مِن الأخْتَيْنِ كما نهى عنه.
وكان في نهيه عن الجمع بينهما دليلٌ على أنه إنما حرَّم الجمعَ، وأنَّ كلَّ واحدة منهما على الانفراد حلالٌ في الأصْلِ، وما سِواهُنَّ مِن الأُمَّهاتِ والبَنَات والعَمَّات والخالاتِ: مُحَرَّمَاتٌ في الأصل.
وكان معنى قوله: { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ }، مَنْ سَمَّى تَحْريمَه في الأصْل، ومَنْ هو في مِثْلِ حالِه بالرَّضَاعِ: أنْ يَنْكِحوهنَّ بِالوَجْه الذي حَلّ به النِّكاحُ.
فإن قال قائلٌ: ما دلَّ على هذا؟
فإن النِّساءَ المُباحاتِ لا يَحلُّ أن يُنْكح مِنهنَّ أكثرُ مِن أرْبَعٍ، ولو نَكَحَ خامِسةً فُسِخ النِّكاحُ، فَلا تحلُّ مِنهن واحدةٌ إلا بنِكاحٍ صحيحٍ، وقَدْ كانت الخامسةُ مِن الحَلالِ بِوَجْهٍ، وكذلك الواحِدة، بِمَعْنَى قول الله: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ، بالوجه الذي أُحِلَّ به النكاحُ، وعلى الشرط الذي أحَلَّه به، لا مُطْلَقًا.
فيكون نكاحُ الرجلِ المرأةَ لا يُحَرِّمُ عليه نكاحَ عمَّتها ولا خالَتِها بكُلِّ حال، كما حَرَّمَ اللهُ أمَّهاتِ النساءِ بِكُلِّ حال، فتكون العَمَّةُ والخالةُ داخِلَتَيْنِ في معنى مَنْ أَحَلَّ بالوجْه الذي أحلَّها به.
كما يَحِلُّ له نكاحُ امرأةٍ إذا فارَق رابِعَةً: كانت العمَّةُ إذا فُورِقَت ابْنَتُ أخيها، حَلَّتْ.
هامش
- ↑ [النساء: 23، 24]