→ باب العلل في الحديث | كتاب الرسالة وجه آخر من الناسخ والمنسوخ الشافعي |
وجه آخر في الناسخ والمنسوخ ← |
أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيْكٍ عن ابن أبي ذِئْبٍ عن المَقْبُرِيِّ عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبي سعيد الخُدْرِي، قال: (حُبِسْنَا يَوْمَ الخَنْدَقِ عَنِ الصَّلَاةِ، حَتَّى كَانَ بَعْدَ المَغْرِبِ بِهَوِىٍ مِنَ اللَّيْلِ، حَتَّى كُفِينَا، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ: { وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا } [1]
قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ بِلاَلا، فَأَمَرَهُ فَأَقامَ الظُّهْرَ، فَصَلَّاهَا فَأَحْسَنَ صَلاَتَهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ أَقَامَ العَصْرَ فَصَلاَّهاَ كَذَلِكَ، ثُمَّ أَقاَمَ المَغْرِبَ فَصَلاَّهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ أقَامَ العِشَاءَ، فَصَلاَّهَا كَذَلِكَ أيْضًا، قَالَ: وَذَلِكَ قَبْلَ أنْ أَنْزَلَ اللهُ فِي صَلاَةِ الخَوْفِ: فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا) [2] [3]
الشافعي: فَلمَّا حَكَى أبو سعيد أنَّ صَلاة النبي عامَ الخنْدَق كانت قَبْل أنْ يُنْزَلَ في صلاة الخوف: { فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا } [4]
استدللنا على أنه لم يصل صلاة الخوف إلا بعدها، إذْ حضرها أبو سعيد، وحكى تأخيرَ الصَّلَوات حتى خَرَجَ مِن وَقْت عامَّتها، وحكى أنَّ ذلك قبْل نُزُول صلاةِ الخوْفِ.
قال: فلا تُؤَخَّر صلاةُ الخوف بحالٍ أبدا عَن الوقت إن كانتْ فِي حَضَرٍ، أو عن وقت الجَمْعِ في السَّفَرِ، بخوفٍ ولا غيره، ولكن تُصَلَّى كما صَلَّى رسولُ الله.
والذي أخَذْنا به في صلاة الخوف أنَّ مالكا أخبرنا عن يزيد بن رُومان عن صالح بن خَوَّاتٍ عَن مَن صَلَّى مَعَ رسولِ الله صلاة الخوف يوم ذات الرِّقاع: (أنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ، وَطَائِفَةٌ وُجَاهَ العَدُوِّ، فَصَلَّى بالذين مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قاَئِمًا وأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَصَفُّوا وُجَاهَ العَدُوِّ، وَجَاءَت الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ الرَكعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلَاِتِه، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ) [5]
قال: أخبرنا مَنْ سمع عبدَ الله بن عمر بن حفص يُخْبِر عن أخيه عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات بن جبير عن أبيه عن النبي مِثْلَهُ.
قال: وقَدْ رُوِىَ أنَّ النبي صَلَّى صَلاة الخوف على غَيْرِ ما حَكَى مالك.
وإنما أخذْنَا بهذا دونَه لأنه كان أشْبَهَ بالقُرَآن، وأقوى في مكايدة العدوِّ.
وقد كتبنا هذا بالاختلاف فيه، وتَبَيُّنِ الحجَّة في كتاب الصلاة، وتركْنا ذكْرَ مَنْ خالَفَنا فيه وفي غيره من الأحاديث، لِأنَّ ما خُولِفْنَا فيه منها مُفْتَرِقٌ في كتبه.
هامش
- ↑ [الأحزاب: 25]
- ↑ [البقرة: 239]
- ↑ [أحمد: باقي مسند المكثرين/10769؛ الدارمي: كتاب الصلاة/1483؛ مسند الشافعي: 553]
- ↑ [البقرة: 239]
- ↑ [ البخاري: كتاب المغازي/3817؛ مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها/1390؛النسائي: كتاب صلاة الخوف/1519؛ أبو داود: كتاب الصلاة/1049؛ مالك: كتاب النداء للصلاة/394. ]