الرئيسيةبحث

علم الغابات ( Forestry )



علم الغابات الإدارة الفنية العلمية للغابات، وزراعة الأشجار ورعايتها والمحافظة على منتجاتها.
علم الغابات. علم الغابات علم استغلال موارد الغابات لفائدة الإنسان. وتطبيق علم الغابات يساعد في المحافظة على إنتاج كمية كافية من الأخشاب لصناعة الأخشاب المنشورة، وخشب الأبلكاش والورق والمنتجات الخشبية الأخرى. كما أنه يشمل استغلال وتنمية بعض الموارد القيمة المتصلة بالغابات مثل الموارد المائية، والحياة البرية، والمناطق الرعوية، والمتنزهات العامة.

وبصفة عامة توفر الغابات أكبر قدر من الفوائدعندما تُدار بهدف تحقيق فوائد عديدة في آن واحد. ويعرف هذا المفهوم بإدارة الغابات متعددة الفوائد. ويطبق هذا النظام في غابات كثيرة. ويمكن لإدارة الغابات أن تمد المياه للتجمعات السكانية ؛ وتمد الأحياء البرية بالغذاء والمأوى ؛ وتهيئ مناطق الترفيه لرواد المخيمات والجوالة والمتنزهين. وقد تطغى أهمية إحدى هذه الموارد على البقية في بعض الغابات. فعلى سبيل المثال تدير الشركات المصنعة للورق أو أي من منتجات الغابات الأخرى غاباتها بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من الأخشاب في المقام الأول. وتناقش هذه المقالة الإدارة الفنية العلمية لموارد الغابات.

إدارة الموارد الخشبية

تهدف إدارة الموارد الخشبية إلى تحقيق درجة جيدة من التوازن السنوي بين معدلات زراعة الأشجار وقطعها. ويؤمن هذا التوازن الذي يعرف بـالإنتاج المستديم إنتاجا مستمرا من الأخشاب. ويتحقق ذلك بإدارة الغابات بحيث تتكون هذه الغابات من مساحات متساوية في الإنتاج لكل طوائف الأعمار من البادرات إلى الأشجار الناضجة. ويسمى علم زراعة الأشجار بهدف الإنتاج المستديم تنمية ورعاية الغابات. ويتطلب الجانب التطبيقي لتنمية ورعاية الغابات إدراك المتخصصين في علم الغابات لنمو أنواع الأشجار المختلفة في أنواع المناخ وأنواع التربة واحتياجات الأشجار من الضوء والماء. ويستخدم المتخصصون في الغابات أيضا علم الوراثة لتربية وتحسين نوعية الأشجار ذات النمو المحسن، وذات المقاومة الجيدة للأمراض والآفات.

أيقونة تكبير طرق قطـع الأشـجار

القطع:

هناك أربعة نظم أو طرق رئيسية لقطع الأشجار: 1- نظام القطع الكلي 2- القطع بنظام أمهات البذور 3- القطع بنظام الأشجار الواقية 4- القطع بنظام الانتخاب الجماعي. وكل طريقة قطع هي أيضا طريقة لاستبدال المحصول. وتنمو الأشجار الجديدة من البذور المتساقطة من الأشجار الباقية، أو الأشجار المحيطة، أو من الخلفات النامية من جذوع الأشجار المقطوعة، أو من البذور أو الشتلات التي يغرسها العاملون في مجال الغابات.

القطع الكلي إزالة كل الأشجار الموجودة في مساحة معينة من الغابة. وتتفاوت المساحات المقطوعة قطعا كليا من هكتارات قليلة إلى 50 هكتاراً أو أكثر. ويجب أن تكون المساحات كبيرة بدرجة تمنع تأثير الغابات المجاورة عليها. والقطع الكلي يستعمل عادة لإعادة تأسيس مجموعة شجرية (مجموعة كبيرة من الأشجار) متساوية العمر وذلك بإزالة مجموعة اكتمل نموها. وهو نفس النظام الذي يتبع عادة عند استبدال غابة عن طريق الغرس أو الخلفات النامية من الجذوع المقطوعة.

القطع بنظام أمهات البذور يشبه القطع الكلي، لكن المختصين في حقل الغابات يتركون بعض الأشجار المتباعدة داخل المساحة المقطوعة لتكون مصدرًا طبيعيًا للبذور. وتزال أمهات البذور هذه بعد تأسيس المجموعة الشجرية الجديدة. ويستعمل القطع بنظام أمهات البذور كثيرا مع الأصناف المختلفة من الصنوبر.

القطع بنظام الأشجار الواقية. تتطلب هذه الطريقة قطع الأخشاب على مراحل لفترة تتراوح بين 10 و 20 عاما يؤسس خلالها المختصون في الغابات مشجرا جديدا مع إزالة المشجر القديم. ويمكن استعمال القطع بنظام الأشجار الواقية في حالة الأشجار ذات الأوراق العريضة مثل البلوط والصنوبريات التي تتطلب ظلاً أثناء السنوات الأولى من نموها. كما أنه يسمح باستمرار نمو بعض الأشجار في المشجر، بعد أن يكون النمو الجيد قد توقف في معظم الأشجار.

القطع بنظام الانتخاب الجماعي. هو قطع مساحات صغيرة من الأشجار التي اكتمل نموها لإفساح المجال للأشجار الصغيرة والنموات الجديدة. وتتم إزالة الأشجار بناء على حجمها وقربها من الأشجار الأخرى. غير أن المختصين يتركون كثيرا من الأشجار الكبيرة لتمدهم بالبذور المطلوبة. وينتج عن القطع بنظام الانتخاب الجماعي فراغات صغيرةفي الغابة ولذلك فإن هذا النوع من القطع يناسب الأشجار المتحملة للظل. ويمكن قطع الغابات بنظام الانتخاب الجماعي في دورات تتراوح بين 5 و 30 سنة.

رجل غابات يزيل الفروع والقلف من أشجار مقطوعة كي تتحلل مخلفات هذه العملية وتزيد من خصوبة تربة أرضية الغابة.

الزراعة:

يزرع المختصون أنواعاً جديدة من الأشجار الخشبية بطريقة تسمى إعادة التشجير الاصطناعي. وتتم الزراعة إما عن طريق البذر المباشر في الأراضي التي قطعت أشجارها، أو بإعداد بادرات في مشتل ثم نقل هذه الأشجار الصغيرة وغرسها في الغابة. وتسمى العملية تشجيرًا عندما تستعمل هذه الطرق لزراعة أشجار على أرض لم يسبق أن غطتها غابات من قبل.

وتعطي طريقة البذر المباشر أحسن النتائج على الأرض المزروعة أو الأرض التي تتعرض فيها الأخشاب للحرائق ويمكن رش البذور بمادة كيميائية طاردة تمنع الحيوانات من أكلها وتزرع في الفترة بين نهاية الخريف وبداية الربيع. وقد تستعمل الطائرات والطائرات المروحية أحيانا لنثر البذور كما يمكن أن تتم عملية البذر بوساطة معدات يدوية. وتبذر عادة حوالي 75,000 بذرة في الهكتار الواحد لتأمين الحصول على عدد كاف من الأشجار. وتزرع الغابات بغرس البادرات في نهاية الشتاء أو بداية الربيع قبل أن تتفتح براعم البادرات لموسم النمو. تنمو البادرات في المشتل لمدة تتراوح بين عام وأربعة أعوام قبل أن يتم نقلها إلى الغابة. يزرع العاملون في مجال الغابات، عادة 2,000 شجرة في الهكتار الواحد تقريبا باستعمال معدات يدوية أو بأنواع مختلفة من الآلات المستعملة في الزراعة. ويمكن أن يزرع الفرد الواحد حوالي0,4 من الهكتار في اليوم بالطريقة اليدوية وهي نفس المساحة التي يمكن أن تزرعها الآلة خلال ساعة.

تحسين نوعية الأشجار:

يتطلب ذلك تربية الأشجار من أجل نمو جيد ومقاومة جيدة للأمراض والآفات. ويبدأ المختصون في الغابات هذه العملية بمسح الغابات بحثا عن أكثر أنواع الأشجار المرغوبة استقامة وأسرعها نموا. ومن الخصائص المتميزة لهذه النوعية، والتي تسمى أحيانا الأشجار المتفوقة، إنتاج نوعية جيدة من الأخشاب السليمة الخالية من الحشرات الضارة والآفات الأخرى المختلفة.

وبعد أن يحصل المختصون في الغابات على الأشجار الجيدة يأخذون من فروعها عقلا تُسمََّى الواحدة منها الطعم. وتؤخذ الطعوم إلى مشتل حيث يتم تطعيمها على جذور أشجار صغيرة من عمر سنتين. ★ تَصَفح: التطعيم. تحصل الطعوم على العناصر الغذائية عبر جذور الأشجار الصغيرة لكنها تحتفظ بخصائص الأشجار التي قُطعت منها. وبعد ذلك يأخذ المختصون في الغابات حبوب اللقاح من الأزهار المذكرة أو مخاريط الطعم ويلقحون بها أزهارا مؤنثة أو مخاريط طعم من أشجار متفوقة أخرى. ويحتفظون بسجلات دقيقة للطعوم المستعملة في عمليات التلقيح المختلفة.

بعد التلقيح، تنتج الأزهار المؤنثة أو المخاريط البذور التي تزرع في المشتل وتنبت وتتحول إلى بادرات. وينقل العاملون في حقل الغابات بادرات ويغرسونها في مزارع خاصة، حيث يقاس نمو الأشجار فيها بدقة ومتابعة. وإذا ظهر تفوق أحد الهجن في إعطاء أشجار سريعة النمو نتيجة لاستخدام أبوين محددين يجب أن يتم الإنتاج التجاري للبذور اللازمة لإعادة التشجير من بذور هذين الأبوين.

إدارة موارد الغابات الأخرى

الغرس الصناعي يشتمل على غرس أشجار جديدة في المساحات العارية. هذا العامل يغرس بادرة صنوبر في مساحة احترقت أشجارها في حريق للغابة.

الماء:

كل الغابات تقريبا تعمل مستجمعات أمطار (مصادر مياه للأنهار والجداول). تجمع تربة الغابات المياه بامتصاص مياه الأمطار والجليد الذائب. وتعمل إدارة مستجمعات الأمطار للمحافظة على نفاذية ترب الغابات لتمتص أكبر قدر ممكن من المياه.

تُغطّى تربة الغابة بطبقة إسفنجية من الأوراق والفروع تسمى النثار كما تعمل حركة الديدان الأرضية والحشرات والقوارض والجذورالمتحللة على خلق فراغات داخل التربة. وعندما يتساقط المطر أو الجليد يتم امتصاص المياه بوساطة النثار والفراغات التي تكونت داخل التربة. وتستعمل كمية كبيرة من هذه المياه بوساطة النباتات وينساب جزء منها تحت سطح الأرض ثم إلى الأنهار والجداول والآبار. وإذا أصبحت تربة الغابة قوية لا مسامية ولا تسمح بانسياب الماء داخل التربة، فإن الماء ينساب فوق سطح التربة حاملاً الطمي ومواد أخرى إلى الأنهار. وسيكون هذا سببا في تدهور ترب أخرى وتلوث مياه بعض الأنهار وحدوث بعض الفيضانات.

يعمل المختصون في الغابات على الحفاظ على نفاذية التربة بعدة طرق ؛ حيث يقومون بغرس الأشجار والشجيرات في المناطق الخالية داخل الغابات لضمان وجود إمداد مستمر من النثار. وينظمون رعي الماشية بهدف المحافظة على غطاء عشبي جيد ويمنعون الماشية من طرق التربة وسد مسامها، كما أنهم يمنعون حدوث أي ضرر للتربة عند تشييد الطرق التي تستخدم في قطع الأخشاب ونقلها.

يعد التحكم في انسياب المياه من أكبر المشاكل في كثير من الغابات خاصة في المناطق الجبلية ؛ إذ لابد من تصريف المياه الفائضة وتوجيهها داخل قنوات مع التأكد من بقاء تربة الغابة على درجة جيدة من النفاذية.

الحياة الفطرية:

توفر الغابات مأوى لأنواع عديدة ومتشعبة من الأحياء الفطرية، تشمل الطيور والأيائل والأسماك والقوارض والثعابين. وتهتم إدارة الحياة الفطرية بالمحافظة على التوازن بين عدد الحيوانات التي تعيش في الغابة وكمية الغذاء والماء والغطاء المتوفرة لها.

والغابات التي تتكون من خليط من الأشجار الصغيرة والكبيرة في أعمارها تؤوي أكثر المجموعات الفطرية تنوعًا. والغابات الكثيفة ذات الأشجار المسنَّة العالية، توفر مواطن جيدة للطيور والحشرات والثدييات المتسلقة مثل السنجاب. ولكن الظل في مثل هذه الغابات يمنع نمو النباتات العشبية والشجيرات والأشجار الصغيرة المغذية للأيائل والحيوانات الكبيرة التي تعيش على الأرض. ولكن الفراغات التي تنشأ في الغابة أثناء عملية قطع الأشجار تسمح بوصول كميات أكبر من أشعة الشمس إلى أرض الغابة. ويمكن ترك الأشجار المجوفة كأوكار أو أماكن آمنة للأعشاش. وسرعان ما تنبت نباتات جديدة في الفراغات الناتجة عن القطع في وقت وجيز ؛ حيث توفر الغذاء للأحياء البرية. وتميل الحيوانات إلى تناول غذائها على حافة هذه الفراغات وعلى مقربة من الغطاء الشجري الواقي.

وتستلزم إدارة الحيوانات البرية التحكَّم في عدد الحيوانات البرية عن طريق تنظيم الصيد. لأن ازديادها في منطقة معينة مع قلة الغذاء يلحق الضرر بالأشجار لأن الحيوانات تلجأ لأكل قلف الشجر والفروع والبراعم الصغيرة.

معسكر الغابة قد تتوافر فيه تسهيلات لإعداد الطعام وتوصيلات كهربائية ومائية. ويخطط إخصائيو الغابات مواقع الترويح لمقابلة احتياجات رواد المعسكرات دون إلحاق أي ضرر بالبيئة.

رعاية الغابات:

نظام من نظم إدارة الغابات يعتبر أرض الغابات مصدرًا مشاعًا. وقد تم تحديد أراضي الغابات منذ القرن السابع عشر الميلادي للاستعمال الجماعي في كثير من أقطار الشمال المعتدلة المناخ مثل أقطار شمال غربي أوروبا وأجزاء من أمريكا الشمالية. أما في الأقطار النامية فنظام رعاية الغابات وتنميتها مازال جديدًا نسبيًا. وفي هذه الأقطار تعلمت المجتمعات الريفية كيف تمارس هذا النوع من إدارة الغابات وسيلة لمقابلة احتياجاتها من حطب الوقود وزيادة إنتاجها من الغذاء. ولسوء الحظ فإن الامدادات من منتجات الغابات يتضاءل بسرعة مع تدهور الغابات وازدياد عدد السكان في البلدان النامية.

تتخذ رعاية المجتمعات الغابية أشكالا عديدة. ففي الغابات القروية تزرع الأشجار على أي مساحة أرض متوفرة لإنتاج حطب الوقود. وفي الزراعة البيتية تزرع الحبوب والخضراوات والفاكهة بين صفوف من الأشجار حديثة الزراعة إلى أن تنمو الأشجار لارتفاعات كبيرة تلقي ظلالها على هذه المحاصيل. وتقتضي الغابات الرعوية إدارة وتنظيم نمو الأشجار ؛ بتنظيم رعي الحيوانات داخل الغابة. ويشتمل علم الغابات متعددة المنتجات على مجموعة من التقنيات اللازمة لزيادة العائد من الفاكهة والصيد والعسل والسلع الأخرى ؛ بجانب منتجات الأخشاب التي توفرها الغابات.

مناطق الترويح:

يوفر جمال المناظر والموارد الطبيعية في الغابات فرصا لكثير من الأنشطة الترفيهية مثل التخييم والتنزه وصيد الأسماك والصيد. ويزور الغابات ملايين البشرسنويًا. كذلك تفتح كثير من شركات منتجات الغابات جزءاً من غاباتها للجمهور في المقام الأول لصيد الحيوانات وصيد الأسماك.

حماية موارد الغابات

لا يمكن الاستفادة التامة من موارد الغابات إلا بحمايتها من الحرائق والأمراض والآفات الحشرية. وتشكل الحرائق تهديدا كبيرا للغابات لما تحدثه من أضرار هائلة لهذه الغابات في وقت وجيز. وتقضي الحرائق على ملايين الهكتارات من الغابات سنويا ؛ لكن الدمار الناتج عن الأمراض والحشرات أكبر حجما ؛ حيث يعادل سبعة أضعاف ما تسببه الحرائق تقريباً.

مكافحة الحرائق في الغابة تتطلب إبعاد الوقود عن طريق النار المشتعلة. ويقوم فريق مكافحة الحرائق بإزالة الأوراق والأخشاب والمواد الأخرى من أرضية الغابة باستعمال الفؤوس والمجارف.

الحرائق:

الجزء الأكبر من الحرائق يسببه الناس ؛ والجزء المتبقي ينتج معظمه بسبب الصواعق عندما تصطدم بالأشجار. ويصعب تفادي الحرائق الناتجة عن الصواعق، بينما يمكن منع حدوث الحرائق التي يسببها البشر. ويتسبب المواطنون في إشعال الحرائق برمي أعقاب السجائر وأعواد الكبريت المشتعلة على أرض الغابة، أو بعدم إخماد نيران المعسكرات جيدا، أو تترك قوارير زجاجية تؤدي دور العدسة الحارقة. كما أن بعض حرائق الغابات تكون متعمدة. وأفضل الطرق لمنع حرائق الغابات تتم عن طريق تثقيف المواطنين ليتفهموا قيمة الغابات وأهمية حمايتها. وخلال مواسم الجفاف، عندما يكون اندلاع الحرائق سهلا، يفضل العاملون في حقل الغابات منع دخول الجمهور للغابة للحد من خطورة الحرائق.

يراقب المختصون في الغابات الحرائق من أبراج للمراقبة موزعة داخل الغابة. وهذه الأبراج مجهزة بمناظير ووصلات وأجهزة أخرى لازمة لتحديد مواقع الحرائق، بالإضافة إلى هاتف أو راديو قصير الموجة لطلب عمال مكافحة الحرائق لموقع الحريق. ولكن كثيرًا من أبراج المراقبة استبدلت بها دوريات جوية.

تلتهم حرائق الغابات الأوراق والفروع المتساقطة والمواد المتحللة الأخرى على أرضية الغابة. وتستلزم عملية إطفاء أي حريق في غابة، إلى حد كبير، إزالة طبقة الوقود هذه. ويقوم فريق مكافحة الحرائق برش المساحات المشتعلة بالماء أو بالمواد الكيميائية ؛ بغرض خفض درجة حرارة النار، والحد من تقدمها وانتشارها. وبعد ذلك يمكنهم الاقتراب من لهب النار لحفر حاجز حريق، وهو شريط من الأرض يقع بين مجموعتين شجريتين أزيلت عنهما الأشجار، ليكون عائقا في طريق انتشار النيران. ويبدأ فريق مكافحة الحرائق في عمل حاجز للحريق بإزالة كل الأغصان المقطوعة، والكتل الخشبية الساقطة والأشجار من شريط واسع حول الحريق. وبعد ذلك يقومون بكشط طبقة النثار مع جزء من التربة ؛ وذلك باستعمال الفؤوس والمجارف والجرافات.

وبعد الفراغ من إعداد حاجز الحريق قد يشعل فريق مكافحة الحرائق حرائق مضادة لحرق المساحة الواقعة بين حاجز الحريق والغابة المشتعلة. وتزيل الحرائق المضادة كميات الوقود الإضافية، وبذلك توسع حاجز النار وتساعد على إيقاف انتشار اللهب. وبعد أن يخمد الحريق ؛ يقوم فريق مكافحة الحرائق بإزالة أي مواد قابلة للاشتعال من حافة المساحة المحترقة. وتمنع هذه العملية إعادة احتراق المادة بدون لهب والتسبب في حرائق جديدة.

يستعمل الحريق في بعض الأحيان وسيلة مفيدة للغابة ويسمى الحريق الموجه. وهنا يشعل العاملون في حقل الغابات حرائق صغيرة في النثار الذي يغطي أرضية الغابة لخفض كمية الوقود الكامنة لأي حريق محتمل. كما يقتل الحريق الموجه الفطريات والآفات الحشرية وبادرات الأشجار غير المرغوبة ؛ لكن يجب استعمال هذه الطريقة بحذر شديد.

الأمراض والآفات:

تنتج معظم أمراض الأشجار عن إصابات فطرية. وتغزو هذه الفطريات الأشجار في الغابة، وتتسبب في إعاقة انسياب النسغ، أو قتل الأوراق أو تعفن الجذور أو الخشب. ومن أكثر الأمراض المدمرة: مرض قلف أشجار الزان، ومرض لفحة الكستناء، ومرض شجرة الدردار الهولندي، وذبول أشجار البلوط، ومرض صدأ الساق النافط والذي يصيب الصنوبريات.

وتشمل الحشرات الضارة بالأشجار خنافس القلف والحشرات الماصة ومزيلة الأوراق. تتغذى خنافس القلف بالقلف الداخلي للشجرة، وتمتص الحشرات الماصة المادة السائلة من الأشجار. أما الحشرات المزيلة للأوراق فتأكل الأوراق. وتتلف الأنواع المختلفة من خنافس القلف ملايين الأشجار الدائمة الخضرة سنويا. كما أن مزيلات الأوراق، التي تشمل دودة براعم الأشجار الراتينجية والحشرة القزية، تصيب الأشجار الدائمة الخضرة. وإحدى مزيلات الأوراق هذه، وهي عثة الغجر، تضر بأشجار البلوط بصفة خاصة. وتتغذى بالحشرات الماصة، مثل قملة النبات والحشرات الصدفية، على جميع أنواع الأشجار.

يكافح المختصون في الغابات الأمراض والآفات بثلاث طرق رئيسية:1- المكافحة الحيوية 2- المكافحة بوسائل التنمية والرعاية 3- المكافحة المباشرة. تُركز وسائل المكافحة الحيوية على مواجهة الأمراض والآفات بأعدائها الطبيعيين، مثل أن يلجأ العاملون إلى زيادة أعداد الطيور في الغابة ؛ بغرض خفض أعداد الحشرات. وللمكافحة بوسائل التنمية والرعاية تستخدم إدارة الغابات وسائل تجعل الغابات غير صالحة لمعيشة مسببات الأمراض والآفات. ويتبع العاملون لذلك عدة أساليب في الإنماء والرعاية ؛مثل إزالة الأشجارالمسنة والضعيفة التي تعتبر فريسة سهلة للأمراض والحشرات. وتستعمل طرق المكافحة المباشرة المبيدات الكيميائية للقضاء على الفطريات والحشرات. ويمكن أن تُخل هذه المواد الكيميائية بالتوازن البيئي داخل الغابة ؛ ولذلك لا تستعمل إلا في حالة فشل جميع الطرق الأخرى للحد من خطورة الآفات والأمراض.

نبذة تاريخية

استعمل الإنسان منتجات الغابات لآلاف السنين. وعاش أناس ماقبل التاريخ منذ العصر الحجري القديم داخل الغابات الطبيعية أو بالقرب منها ؛ حيث كان الناس يصطادون الحيوانات للغذاء ويستعملون الأخشاب للوقود ولعمل المعدات اليدوية والأسلحة. وفي العصر الحجري الأوسط كان الناس يقطعون الأشجار بالفؤوس الحجرية لإيجاد مواقع خالية من الأشجار لإقامة المعسكرات عليها وزراعة المحاصيل. وفي مراحل لاحقة استعملوا الأخشاب لبناء المساكن والقوارب. ومنذ العصر الحجري الحديث ومابعده، ظل المزارعون يقطعون غابات طبيعية كثيرة لإفساح المجال للزراعة. وربما تعلم سكان الشرق الأوسط زراعة الأشجار من البذور أو عن طريق العقل منذ آلاف السنين.

وقد نقل قدماء الرومان الأشجار إلى منطقة البحر المتوسط والدول الأوروبية، خاصة ألمانيا، وكانوا مهتمين بالمحافظة على الأشجار وقاموا بزراعة حدائق شجرية عديدة لأغراض دينية وترويحية. وبعد سقوط الإمبراطورية الرومانية تسبب القطع الجائر للأشجار في تعرية التربة وطمر بعض مجاري المياه. وقد استهدفت قوانين الغابات في القرون الوسطى تأكيد وجود أعداد كافية من حيوانات الصيد لطبقة النبلاء. ولهذا السبب اهتم الرومان بالمحافظة على الغابات الطبيعية بما فيها من أيائل وحيوانات برية أخرى. وقد عانى القرويون الذين خالفوا هذه القوانين العقوبات القاسية التي طُبِّقت عليهم. وفي بعض المناطق قام الرهبان بزراعة مساحات صغيرة من الغابات.

بدأ التوجه النظامي والعلمي في إدارة الغابات يتبلور في القرن السادس عشر الميلادي، حيث بدأ الناس في بعض الولايات الألمانية في ترك أجزاء من المزروعات الشجرية لإنتاج الأخشاب، وأجزاء أخرى لزراعة أشجار جديدة لاستبدال الأشجار التي تم قطعها. وظهرت طرق الإدارة الفنية للغابات المبنية على الإنتاج المستدام، وانتشرت في كل أوروبا. وفتحت أولى كليات علوم الغابات في القرن التاسع عشر الميلادي، في كل من فرنسا وألمانيا.

وفي أمريكا الشمالية تعامل المستوطنون الأوائل مع الموارد الخشبية الهائلة التي وجدوها هناك وكأنها ستستمر إلى الأبد. وباستعمال طرق قطع ذات كفاءة متدنية أزال المستوطنون الأوائل مساحات شاسعة من الغابات، أكثر بكثير من احتياجاتهم لبناء منازلهم ولأغراض الزراعة. وفي القرن التاسع عشر الميلادي، نادى خبراء الغابات بالولايات المتحدة ممن تلقوا تدريبهم في أوروبا بخطط فنية لإدارة الغابات. وشهد القرن العشرون برامج التصنيع في الغابات وتشريع قوانين عديدة لحماية الغابات ومابها من أحياء فطرية، والاعتراف بأهميتها للتوازن البيئي على نطاق العالم.

زرعت أولى أشجار المطاط بماليزيا خلال السبعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي. ونمت المزروعات وازدهرت، والآن ينتج حوالي 85% من إنتاج المطاط الطبيعي في العالم في ماليزيا وإندونيسيا. وهناك منتجات متنوعة أخرى من إنتاج الغابات الطبيعية المحلية.

وخلال القرن العشرين، تحولت ملكية جميع الغابات بالاتحاد السوفييتي (السابق) والصين إلى الدولة. وفي الولايات المتحدة وكندا تؤول ملكية جزء كبير من الغابات، التي تبلغ مساحتها 700 مليون هكتار، للحكومات القومية والمحلية. وتدير دوائر الغابات الأمريكية والكندية مع كثير من المنظمات التطوعية كثيراً من هذه الغابات. وهناك أيضًا غابات ذات ملكيات خاصة وملكيات تجارية. ففي بريطانيا نجد حوالي 60% من مساحة الغابات البالغة مليوني هكتار ملكية خاصة أو تجارية والبقية تدار نيابة عن الدولة، بوساطة هيئة الغابات، وهي إحدى الوكالات الحكومية. وفي أيرلندا الشمالية تمثل دائرة الزراعة الوكالة الحكومية للغابات.

وفي أستراليا تغطي الغابات الطبيعية مساحة تقدر بحوالي 100 مليون هكتار و تمثل حوالي ثلاثة أرباع إنتاج الدولة من الأخشاب. ومنذ ثلاثينيات القرن العشرين بدأت زراعة أشجار الصنوبر السريعة النمو التي جلبت من موطنها الأصلي في أمريكا الوسطى وأمريكا الشمالية. ويعتبر مايقارب ثلاثة أرباع مساحة المزروعات الشجرية بأستراليا والبالغة 750,000 هكتار ملكية حكومية، وتدار بوساطة مجلس الغابات الأسترالي.

تمتلك نيوزيلندا 7 ملايين هكتار من الغابات، وتوجد 88% من هذه المساحة على شكل غابات طبيعية في مناطق جبلية ونائية. وفي هذه المناطق تساعد الأشجار على حماية الأراضي من جرف الأمطار الغزيرة للتربة. وتأتي أخشاب نيوزيلندا من المزروعات التجارية والمزروعات التي تدار بوساطة الدولة والمكونة من أنواع الصنوبر المجلوبة (غير المستوطنة).

وفي الهند تغطي الغابات حوالي 375 مليون هكتار من الأرض. وهذا كل ماتبقى من الغابات الكثيفة التي كانت تغطي معظم أجزاء الهند. وتشمل منتجات الغابات الهندية الأخشاب مثل السال وخشب الصندل والتيك. وتخضع تجارة الصندل لرقابة شديدة من الدولة. وتنتشر معظم غابات الهند على منحدرات جبال الهملايا، أما جوز الهند ونخل التال (التلمير) فالاهتمام به على الساحل الغربي وفي الجنوب. ومعظم الأقطار، التي تحتوي على غابات، لديها هيئات حكومية لإدارة هذه الغابات وإجراء البحوث اللازمة لتطويرها. ونجد في إفريقيا غابات عديدة تمتلكها القبائل المحلية.

بدأ الناس أخيراً بنهاية الثمانينيات من القرن العشرين يدركون أهمية الغابات لحماية البيئة. وقد حدثت تعرية للتربة في الهند بسبب قطع الغابات لإفساح المجال للمحاصيل النقدية، في العملية التي تعرف باسم الزراعة المتنقلة. وكذلك أدت إزالة الغطاء النباتي من سفوح ومنحدرات الهملايا، إلى كوارث الفيضانات في الهند.كما أدت إزالة قطاعات من الغابات الاستوائية بإفريقيا إلى انتشار ظواهر التصحر والجفاف. وفي أمريكا اللاتينية، حيث تغطي الغابات 942 مليون هكتار، أو مايعادل 46% من مساحة الأرض، يبدو أن حرق الغابات الاستوائية فيها، لفتح أراض زراعية جديدة سيقلب موازين المناخ العالمي، ويزيد من مفعول البيوت المحمية. ومازالت أقطار كثيرة في حاجة إلى تحقيق توازن بين الحاجة إلى حماية البيئة، والحاجة إلى إنتاج الغذاء وتوفير الوقود اللازم للتدفئة والطبخ. ★ تَصَفح: الغابة ؛ منتجات الغابة والمقالات ذات الصلة بهما.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية