الرئيسيةبحث

تنظيم النسل ( Birth control )



تنظيم النسل مصطلحٌ يُطلق على تنظيم ولادة الأطفال أو منعها. وهناك مصطلحات أخرى تعطي المعنى نفسه مثل: تنظيم الولادة، تنظيم الأسرة، التّحكّم في الخصوبة، الأبوة المنظَّمة.

عندما يتحدث الناس عن تنظيم النسل، فإنهم يشيرون في العادة إلى الوسائل الاصطناعية منها. ويمارس الأزواج عملية تنظيم النسل لأسباب مختلفة ؛ فقد يريدون أحيانًا تحديد عدد أطفالهم، أو المباعدة بين الولادات، وقد لايريدون إنجاب الأطفال على الإطلاق. وفي البلاد الغربية وغير الإسلامية بصفة عامة ـ في أغلب الأحوال ـ يؤجل الأزواج الشباب الإنجاب لكي تتمكن الزوجة من العمل وزيادة دخل الأسرة. كما يريد أزواج آخرون المباعدة بين أطفالهم لكي يتمكنوا من إعطاء الاهتمام اللازم لكل منهم. وقد ينصح الأطباء بعض النساء بأن يتجنبن الحمل لأسباب صحية. وتُشَجِّع الكثير من الحكومات الأزواج في الأقطار ذات النمو السكاني السريع على تنظيم عدد أفراد أسرهم.

يتفق معظم الناس في الغرب على أن بعض أشكال تنظيم الأسرة أو المباعَدة بين ولادات الأطفال، مرغوب فيه لصالح الأسرة نفسها ولصالح المجتمع. لكن أفراداً وجماعات ـ خصوصًا المجتمعات المتدينة ـ يختلفون بشدة حول أساليب تنظيم النسل التي قد يعتبرها غيرهم أخلاقية ومقبولة. وتناقش هذه المقالة تنظيم النسل في البلدان غير الإسلامية بصفة عامة، كما تناقش الحجج الرئيسية لمؤيدي تنظيم النسل والحجج التي تعارضه، وأساليبه الرئيسية، وأنماط برامجه، أما رأي الإسلام فقد ورد في نهاية المقالة.

حركة تنظيم النسل:

لقي تنظيم النسل، لآلاف السنين، اهتماماً شعبياً طفيفًا. كانت معدلات الوفاة عالية جداً وخاصة في مرحلتي الطفولة والرضاعة. وكان من الضروري معالجة هذا الأمر.

أدى التقدم العلمي والتقني في الدول الصناعية خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين إلى زيادة توفير الغذاء والسيطرة على الأمراض، وزيادة فرص العمل، وبدأ معدل الوفاة في الانخفاض.

نشر عالم الاقتصاد البريطاني توماس روبرت مالتوس في سنة 1798م مقالته المشهورة في مبادئ علم السكان. حاول فيها أن يبرهن على أن نمو السكان يتزايد أسرع من تزايد الطعام المتوافر لهم، ونصح مالتوس الشباب من الرجال والنساء بتأجيل الزواج لتقليل الولادات. وعلى هذا، قام عدد من الناس في أوروبا خلال القرن التاسع عشر بتشجيع تنظيم النسل. وقد حدث نتيجة جهودهم، هبوط جزئي في معدلات الولادة في الدول الصناعية أدّى إلى المعدلات المنخفضة الحالية. ★ تَصَفح: مالتوس، توماس روبرت.

استمر معدل المواليد مرتفعًا في معظم الدول النامية ؛ ففي بنغلادش وباكستان كانت الزيادة السنوية في عدد السكان بمعدل 4% وانخفض معدل المواليد في الدول الصناعية فقد كانت نسبة الزيادة السنوية في الولايات المتحدة 1,5% وفي اليابان 0,8 % وأخذ معدل المواليد في الانخفاض في الدول النامية منذ منتصف الأربعينيات من القرن العشرين بسبب زيادة الوعي الصحي. ويؤثر معدل المواليد المرتفع ومعدل الوفيات المنخفض على النمو السكاني في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

في الوقت الراهن، يولد كثير من الأطفال في العديد من الدول دون أن يُكفل لهم مايكفيهم من الطعام والسكن والتعليم أو حتى العمل. والواقع أنَّ الخوف من الانفجار السكاني يدفع الآن إلى الاهتمام بتنظيم النسل. لقد بلغ سكان العالم في الثمانينيات من القرن العشرين خمسة بلايين نسمة. ووصل إلى ستة بلايين نسمة في نهاية تسعينيات القرن العشرين. وبالمعدل الحالي للتزايد السكاني، سيكون المجموع سنة 2030م عشرة بلايين نسمة.

تنظيم النسل اليوم

تبنت كثير من الدول خلال الستينيات من القرن العشرين برامج حكومية لتنظيم الأسرة. وقد ألغت هذه الدولُ ـ حيثما اقتضت الضرورة ـ القوانين التي تقيِّد نشر معلومات تخص تنظيم النسل أو تتعلق بنصائح حوله. وهناك اليوم، في حوالي 80 دولة، قوانين لبرامج وطنية لتنظيم النسل. وقد منحت السويد والولايات المتحدة ودول أخرى مساعدات تقنية واعتمادات مالية للأقطار النامية،كما قامت منظمات خاصة وهيئات دولية كالأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، بمساعدة الدول التي أعدت برامج لتنظيم النسل.

كانت اليابان سنة 1948م أول دولة اتخذت إجراءً وطنياً لتنظيم الأسرة، فقد أجازت الحكومة اليابانية في ذلك العام الإجهاض ومنع الحمل، وجعلتهما متاحين ويسيرين. فانخفض معدل المواليد سنويًا في اليابان خلال السنوات العشر التالية من 3,3% إلى 1,7% وذلك نتيجة للانتشار الواسع لعمليات الإجهاض. وقد أصبح الإجهاض القانوني وسيلة رئيسية لتنظيم النسل في دول أوروبا الشرقية.

بدأت الصين ـ أكبر دول العالم من حيث عدد السكان ـ إجراءات لتنظيم النسل في الخمسينيات من القرن العشرين. وانخفض معدل المواليد في الصين بحلول الثمانينيات من القرن العشرين إلى حوالي 2,1% سنويًا. ومن المعروف أن هدف الصين هو الوصول إلى توقف النمو السكاني بحلول سنة 2025م.

بدأت الهند في مساندة البرنامج الوطني لتنظيم النسل في بداية الخمسينيات من القرن العشرين. وطوّرت ولايات هندية عديدة برنامجاً يدعو إلى العُقْم الطوعي للذكور. كما بدأت باكستان برنامج تنظيم النسل سنة 1959م. وفي وقت مبكر من الستينيات من القرن العشرين بدأت كوريا الجنوبية وتايوان برامج مماثلة. وطُوِّرتْ برامجُ مشابهة في دول آسيوية وإفريقية عديدة وفي دول أمريكا اللاتينية. وقد اعتمدت معظم هذه البرامج بشكل كبير على تعاطي النساء حبوب منع الحمل. ويستعمل أزواج عديدون في الولايات المتحدة وكندا الأسلوب نفسه. وفي بريطانيا، تُعدُّ خدمات تنظيم الأسرة جزءاً من خدمات الصحة الوطنية.

★ تَصَفح أيضاً: الإجهاض.

وسائل تنظيم النسل

لفهم تنظيم النسل، لابد من معرفة بعض المعلومات حول التكاثر البشري. تنطلق بيضة واحدة من أحد المِبْيضيْن عند المرأة مرّةً كل أربعة أسابيع، وتمر البيضة من خلال قناة فالوب. وإذا لم تُخصَّب أو تلقح في قناة فالوب، فإنها تذهب إلى الرّحم حيث تموت وتتحلل ثم تخرج إلى خارج جسم المرأة ضمن النزيف الشهري الدوري الذي يدعى الحيض. ★ تَصَفح: الحيض.

تنطلق ملايينُ النطاف (الحيوانات المنوية) من الرجل إلى مهبل المرأة خلال عملية الجِماع. وتذهب بعض النطاف من خلال الرَّحم إلى قناة فالوب، فإن اتحدت بيضة مع إحدى النطاف في إحدى القناتين تَحْدُث عمليةُ الإخصاب (تخصيب البيضة). وحين تلتصق البيضة بجدار الرحم، يبدأ نمو إنسان جديد. وبعد نحو تسعة أشهر يولد الطفل. ★ تَصَفح: التكاثر ؛ الجنين.

وغالبًا ما تكون وسائل تنظيم النسل هي وسائل منع الحمل. ويُعْتَبر التعقيم الجراحي أكثر وسائل منع الحمل تأثيرًا، إذ يمكن أن تُجرى العملية للرجل أو المرأة على حد سواء. تجعل هذه العملية الحَمْلَ مستحيلاً بسدّ قنوات النطاف في الرِّجال أو قناة فالوب في النِّساء. ويُطلق على هذه العملية في الذكور اسم استئصال الحبل المنوي (قطع القناة الدافقة). ويُطلق عليها في الإناث اسم التعقيم بالتنظير الجوفي أو ربط القناة، وتعتمد التسمية على الطريقة المستعملة. ويصعب إبطال مفعول هذه العمليات فيما بعد، إذا رغب الزوجان في إنجاب الأطفال.

والأدوية الهورمونية من الوسائل الفاعلة لمنع الحمل. وتحتوي حبوب منع الحمل الفموية على أدوية الهورمونات التي تمنع الإفراز الدوري للبيضة (مرة كل شهر)، كما تمنع التصاق البيضة بالرحم. لكن حبوب منع الحمل غالية نسبيًا، وتتطلب استعمالاً منتظمًا لمنع الحمل. كما يمكن أن تُسبب هذه الحبوب أعراضًا جانبية مؤلمة لبعض النساء. وفي العديد من الدول النامية، قد تحقن الأدوية الهورمونية في جسم الإنسان. وفي هذه الحالة، يجب أن تُعطى الحُقن مرة كل 90 يومًا، حتى يكون لها تأثير حبوب منع الحمل. وتتوافر الغرسات المانعة للحمل، التي تحتوي على هورمونات في بعض البلدان. وهي تحتوي على كبسولات توضع جراحيًا تحت الجلد، حيث تُطلِق هذه الكبسولات ببطء أدوية هورمونية إلى داخل الجسم. ويجب أن تُوضع هذه الحقن بمعرفة طبيب، ويمكن إزالتها عند الرغبة في الإنجاب.

موانع الحمل الرحمية:

ثمة وسيلة أخرى مؤثرة جداً في منع الحمل. وتعرف باسم اللولب، وهو قطعة معدنية أو بلاستيكية تدخل في الرحم. ولايزال الأطباء غير متأكدين من طريقة عملها في منع الحمل. وعندما ترغب المرأة في الحمل، تُزِيلَ الأداة. و الأدوات الرحمية لمنع الحمل ليست غالية نسبيًا، وتحتاج إلى انتباه أقل من معظم النساء. وقد عانت منها بعض النساء نتيجة لتأثيرات جانبية.

هناك أيضًا وسائل أخرى متعددة لمنع الحمل مثل الرفال (العازل الطبي). وهو غلاف رقيق يُلبس على القضيب خلال عملية الجماع ليتجمع السائل المنوي داخله. والحجاب والغطاء العنقي من النبائط التي تولج في المهبل. ويجب أن توضع مادة قاتلة المنيّ على الحجاب أوالغطاء العنقي قرب فتحة المهبل. وفي نبيطة قاتلة المني، يُستخدم الإسفنج المهبلي الذي يعمل بمبدأ مشابه للحجاب وللغطاء العنقي. وتكون قاتلة المني المهبلية على شكل مادة هلامية أو تحاميل، ويمكن أن تُستعمل بنفسها، إلا أنها أقل فاعلية في منع الحمل. وقد يكون العزل أو السَّحْب الطريقة الأقل تأثيراً، حيث يحاول الرجل القذف خارج المهبل.

التنظيم الطبيعي للأسرة:

يتضمن وسائل متعددة يمكن أن تستعمل لمنع الحمل. ويدعو أسلوب التخمين إلى تجنب الاتصال الجنسي خلال فترة توقع نزول البيضة ضمن كل دورة شهرية. ويُفيد هذا الأسلوب بعض الأزواج، ولكنه طريقة غير معتمدة للنساء اللاتي تكون دوراتهن الشهرية غير منتظمة، وهو بصورة عامة أقل فاعلية من الأساليب المتعددة الأخرى التي نوقشت. وتظل المشكلة الرئيسية هي تنظيم فترة خصوبة المرأة. وتعتمد طريقة أخرى، في التنبؤ بفترة خصوبة المرأة على ملاحظة التغيرات الدورية في المادة المخاطية في عنق الرحم. ومن الأساليب المستعملة الأخرى قياسات درجة حرارة الجسم.وتجمع الطريقة الأعراضية الحرارية بين أخذ الحرارة وفحص المادة المخاطية، وملاحظات أخرى تتعلق بالتغيرات في عنق الرحم.

ويمكن إنهاء الحمل بعملية إجهاض مبكر بوساطة إزالة الجنين. وتمنع عديد من الدول الإجهاض إلا عندما يكون ضروريًا لإنقاذ حياة المرأة، لكن بعض الدول غيرت قوانينها خلال السبعينيات من القرن العشرين لتسهيل الترخيص بالإجهاض. ★ تَصَفح: الإجهاض.

معارضة تنظيم النسل

مازالت المعارضة ضد تنظيم النسل مستمرة، مع أن تطبيقها نال بعض القبول. ويخشى البعض من أن تنظيم النسل قد يشجع العلاقات الجنسية غير المشروعة أو أن تستخدمه الحكومات أسلوبًا للسيطرة السياسية. وقد عارضت الأديان تنظيم النسل على أسس أخلاقية.

الإسلام وتنظيم النسل:

في الشريعة الإسلامية، لابد من التمييز بين تنظيم النسل بمعنى منع الحمل، وتنظيم النسل بمعنى التحكم في عدد الأولاد، ولابد من التمييز بين أن يكون التنظيم علاجًا لحالات فردية وأن يكون التنظيم سياسة عامة للدولة. ولاشك أن منع الحمل أو تنظيم النسل على إطلاقه مخالف للشريعة الإسلامية التي تعتبر النسل نعمة من النعم التي منَّ الله بها على عباده. إذ يقول الله تعالى ﴿يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرًا ونساءً، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا ﴾ النساء: 1 ويقول جل شأنه ﴿والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا﴾ الفرقان: 74 ولذلك رغبت الشريعة في تكثير النسل وزيادته وانتشاره فقد قال ﷺ(تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة) رواه الإمام احمد بإسناد حسن .

فالإسلام لا يقر ّ منع الإنجاب على إطلاقه أو تنظيم النسل بصورة عامة، كما لايقبل الحجج التي يقدمها بعض الناس في هذا الصدد، مثل القول بضيق الأرض وقصور خيراتها عن الوفاء بحاجة الأعداد المتكاثرة من الناس. أو أن تنظيم النسل يحفظ للمرأة نضارتها وجمالها وحسنها. لأن القول بضيق الأرض وقلة خيراتها غير صحيح إضافة إلى أنه مخالف لما يقرره الإسلام من أن الله خلق الأشياء وقدرها وحدد أعداد الخلق ومقاديرهم، قال سبحانه: ﴿إنا كل شيءٍ خلقناه بقدر﴾ القمر: 49 ﴿وكل شيءٍ عنده بمقدار﴾ الرعد: 8 و ﴿لله ملك السموات والأرض، يخلق ما يشاء، يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور¦أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا، إنه عليم قدير﴾ الشوري 49 ، 50 كما أنّ الرزق بيد الله، يرزق من يشاء بغير حساب. قال تعالى: ﴿ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم﴾ الأنعام: 151 ﴿ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم، إن قتلهم كان خطئًا كبيرًا﴾ الإسراء: 31 أما دعوى أن تنظيم النسل يحفظ للمرأة جمالها ورونقها فموضع نظر ؛ إذ يؤدي عدم الإنجاب إلى حرمان المرأة وعزلها عن أداء وظيفتها الفطرية التي خلقها الله لها، مما يُحْدِث في نفسها اكتئابًا، ويولد فيها عُقدًا نفسية ويورثها بؤسًا وكآبة يذهبان بجمالها وحسن رونقها. وهذا ما أكده بعض العلماء من أمثال ألكسيس كاريل في كتابه الإنسان ذلك المجهول.

ويُجيز الإسلام منع الحمل والولادة أو تأخيرهما إذا كان هناك خطر على حياة المرأة، وذلك دفعًا للضرر الأعظم وتجنبًا للتهلكة قال تعالى: الن ﴿ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما﴾ ساء: 29 ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾ البقرة : 195.

أما تنظيم النسل فقد أباحه الشرع في حالة الخشية على صحة الأولاد أو تربيتهم، أو العناية بتنشئتهم إذا كثر عددهم. ففي هذه الحالة يمكن أن تتخذ الوسائل التي يؤخر بموجبها الحمل. وقد ورد في صحيح مسلم عن أسامة بن زيد أن رجلاً جاء إلى رسول الله ﷺ فقال: يارسول الله إني أعزل عن امرأتي، فقال له رسول الله ﷺ: لم تفعل ذلك؟ قال الرجل: أشفق على ولدها، فقال رسول الله ﷺ: لو كان ذلك ضارًا لضرّ فارس والروم.

كما يجيز الإسلام أيضًا تنظيم النسل إذا خشي الزوج على الطفل الرضيع من حمل جديد، فيعزل عن المرأة منعًا لذلك. ويُعرف الوطء في حال الرضاع بوطء الغِيلة أو الغَيْل لما يترتب عليه من حمل يفسد اللبن ويضعف الولد. وإنما سُمِّي غَيْلاً أو غِيلة لأنه جناية خفية على الرضيع فهو أشبه بالقتل سرًا.

وفي مثل هذه الحالات التي رخَّص فيها الإسلام تنظيم النسل، كانت الوسيلة المستخدمة لذلك هي العزل (وهو قذف النطفة خارج الرحم عند الإحساس بنزولها). وقد كان الصحابة يفعلون ذلك، كما روي في الصحيحين عن جابر، رضي الله عنه، أنه قال: (كنا نعزل على عهد رسول الله ﷺ فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فلم ينهنا).

وقد استحدثت في هذا العصر وسائل ليست لتنظيم النسل بل لمنع الحمل كتعاطي العقاقير أو وضع لبوس في الفرج ونحوها. وقد كانت لها آثار سلبية ونتائج خطيرة. فهي أولا ليست وسائل سليمة تمامًا، وقد تنتج عنها أو عن بعضها أضرار ومخاطر على المرأة كما يقول بذلك الأطباء ويعبِّر أحد المختصين في هذا المجال قائلاً: ¸ليست عندنا حتى اليوم أية وسيلة سهلة أو رخيصة غير ضارة يمكن استخدامها لتنظيم النسل·. كما أن استخدام تلك الوسائل بصورة عامة دون قيد أو ضرورة، وشيوعها في بعض المجتمعات نتجت عنه مخاطر اجتماعية وانحرافات أخلاقية كثيرة كانتشار جريمة الزنا، وانتهاك المحرَّمات، وما تبع ذلك من انتشار الأمراض الجنسية كالزُّهري والسيلان والإيدز، مما دفع بعض الأطباء وعلماء النفس إلى أن يقودوا حملات واسعة يحذرون فيها من استعمال تلك الوسائل.

تنظيم النسل في الأديان الأخرى:

تعتبر الكنيسة الرومانية الكاثوليكية الأساليب الاصطناعية لتنظيم النسل غير أخلاقية بسبب أنها تحول دون الغرضين الأساسيين من الزواج: - الحب المتبادل بين الزوجين وإنجاب الأطفال. كرر البابا بول السادس سنة 1968م وجهة النظر التقليدية للرومان الكاثوليك وذلك في المنشور البابوي، وكتب يقول: "وكلُّ عملية زواج يجب أن تكون مجالاً لبعث الحياة". واعتبرت كنيسة الرومان الكاثوليك التنظيم الطبيعيَّ للأسرة مقبولاً بالرغم من أنها عارضت جميع وسائل تنظيم النسل الاصطناعية.

عارضت معظم الأديان في الماضي تنظيم النسل أو التَزَمت الصمت بشأنه. واليوم، تؤيد معظم جماعات البروتستانت والديانة اليهودية منع الحمل. كما يساند العديد من البروتستانت واليهود الإجهاض. أما الزعماء الدينيون من الهندوس والبوذيين، فلم يجدوا أي مشكلة دينية في تطوير البرامج الحكومية لتنظيم النسل في الدول الآسيوية.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية