الجيولوجيا ( Geology )
☰ جدول المحتويات
الجيولوجيا دراسة معالم الأرض، وتكوينها والقوى التي تغيرها. في الصورة اليمنى، تغطي التربة معظم سطح الأرض. وفي الصورة اليسرى العليا، تحوَّلت الحمم المتدفقة من البركان إلى صخر. وفي الصورة اليسرى السفلى، تتحرك المثلجة (النهر الجليدي) ببطء على مساحات شاسعة من الأرض، وتحفر في طريقها بحيرات وودياناً. وتغير الصخور والتربة التي تخلفها المثلجة وراءها سطح اليابسة. |
تتدفق من البراكين صخور منصهرة ساخنة تسمى الحمم، وبعدئذ تبرد وتتصلب إلى بلورات مكونة طبقة من الصخر. وتزحف أنهار كبيرة من الجليد، تسمى المثالج، وتترك خلفها الصخور والتربة في المناطق المنخفضة في المحيط.
يغيِّر الماء أيضا الأرض. فتقوم الأمواج على طول الشواطئ بغمر مساحات من اليابسة، وتأكل الأنهار الجبال شيئًا فشيئًا وتحمل الوحل والرمل إلى المحيطات. وتفرش حركة الماء قاع المحيط بطبقات الوحل والرمل التي تتصلب تدريجيًا إلى حجارة. كما تحمل الأنهار أيضًا التربة إلى المناطق المنخفضة حيث تنشئ أرضًا زراعية خصبة.
يدرس بعض الجيولوجيين الأحافير، وهي بقايا الحيوانات والنباتات التي عاشت وماتت على الأرض. وتساعد الأحافير الناس على معرفة كيف تطورت الحياة على الأرض.
يوجد مجالان رئيسيان للجيولوجيا : 1- الجيولوجيا الطبيعية. 2- الجيولوجيا التاريخية. والجيولوجيا الطبيعية هي دراسة المواد التي تكوِّن الأرض والقوى التي تشكلها. وتعالج الجيولوجيا التاريخية تاريخ الأرض، كما أن هناك مسائل عديدة تكون جزءاً من كلا الحقلين، وعادة ما تُدرس كل من الجيولوجيا الطبيعية والتاريخية معًا.
تبحث هذه المقالة في الجيولوجيا بوصفها مجالاً للدراسة، ولكي تعرف ما اكتشفه الجيولوجيون والعلماء الآخرون عن المواد التي تكوِّن الأرض، وعن تاريخ الأرض ★ تَصَفح: الأرض.
نُبذة تاريخية
الإغريق القدماء:
أول من كتب عن الأرض هم الإغريق القدماء. وقد كان العديد من كتاباتهم مزيجًا من الحقائق والخرافات والأساطير والتخمينات ومعتقدات ذلك العصر. ففي القرن السادس قبل الميلاد، أعلن الفيلسوفان طاليس وأناكسمندر أن أحافير السمك هي بقايا لحياة سالفة. وأدْركا أيضًا أن الماء يسهم في تشكيل مناطق اليابسة بترسيب الرمل والوحل في مصبّات الأنهار. وفي القرن الخامس قبل الميلاد لاحظ المؤرخ هيرودوت كيف يشكّل الماء اليابسة، واعتقد أن الأحافير البحرية في مصر السفلى، كانت دليلاً على أن البحر قد غطى هذه اليابسة فيما مضى. وقد اعتقد أمبيدوقليز ـ وهو فيلسوف ـ في القرن الخامس قبل الميلاد، أن باطن الأرض كان سائلاً ساخنًا، وأن جميع الأشياء أتت من الأرض أو الهواء أو النار أو الماء. واعتقد الفيلسوف أرسطو ـ الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد ـ أن الأرض قد نمت حتى وصلت إلى حجمها الحالي مثل الشيء الحي. وكتب تلميذه سقراط مقالة بعنوان ما يتعلق بالأحجار، وقد جمع هذا العمل، ولأول مرة ـ جميع المعلومات المعروفة آنذاك عن الصخور والمعادن والأحافير. وفي عام 7 ق.م تقريبًا كتب الجغرافي والمؤرخ سترابو مجلد ـ 17 الجغرافيا. وقد أدرك أن ارتفاع الأراضي وهبوطها ينتج جزئيًا من البراكين والزلازل.الرومان:
أضاف الرومان كتابات عن الجيولوجيا، كانت أكثر إقناعًا من تلك التي كتبها الإغريق. وتضمنت كتابات الرومان أيضًا كثيرًا من الْخُرافات والتخمين، والعديد من تلك الكتابات وصف الخامات المعدنية وتجارة المعادن والتعدين في الإمبراطورية الرومانية المترامية الأطراف. ففي عام60م كتب الفيلسوف لوسيوس أنايوس سنيكا مقالته مسائل طبيعية. وقد حوت معلومات تفصيلية عن الزلازل والبراكين وكذلك عن المياه السطحية والجوفية.شمل المجلد ـ 37 تاريخ طبيعي الذي كتبه بليني الأكبر، كل المعرفة الرومانية عن الصخور والمعادن والأحافير. وقد توفي بليني في عام 79م عندما كان يراقب ثورة بركان فيزوف الذي دمّر مدينتي بومبي وهيركولانيم. وقدم ابن أخيه وابنه بالتبني بليني الأصغرمساهمات غير متوقعة في مجال الجيولوجيا. فقد كتب في رسائل عن موت عمه، وعن وصف ثورة البركان والزلزال الذي صاحبه.
العرب والمسلمون:
بنيت جهود العلماء العرب والمسلمين في الجيولوجيا على المنطق والدقة والتجربة بخلاف من سبقهم من الإغريق والرومان ؛ ففي عام 210هـ، 825م قاسوا محيط الأرض وقطرها، وكان قياسهم قريبًا لما يقرره العلم الحديث، وكتب الكندي عن كروية الأرض وكروية سطح الماء في الفترة من 230 - 250هـ، 845 - 864م.تناول ابن سينا كثيرًا من آرائه الجيولوجية في كتابه الشفاء في الجزء الذي سماه المعادن والآثار العلوية ؛ فقد تحدث عن الزلازل وأسبابها وما يصاحبها، وقسم الزلازل إلى أنواع. وكان أول من أشار إلى أنّ خسف الأرض (الهبوط) يسببه خروج الحمم البركانية، كما أن الزلازل تفتح عيون الماء في المناطق التي تحدث فيها، كما أشار إلى قانون تعاقب الطبقات، وبذا يسبق الدنماركي نيكولاس ستينو في هذا الصدد. أشار ابن سينا أيضًا إلى سببين من أسباب تكون الجبال وهما: الحركات الأرضية الرافعة، وعوامل التعرية.
كان كتاب الشفاء منطلقًا للجيولوجيا في أوروبا، فقد ترجم ألفرد سيريشل الجزء الخاص بالمعادن منه عام 1200م ونسبه إلى أرسطو، وكان ذلك دأب كثير من المترجمين بل والدارسين الغربيين إذ ذاك، حيث كانوا ينسبون أعمال العلماء العرب لأنفسهم أو لآخرين، وقد اعترف ليوناردو دافينشي نحو عام 900هـ، 1494م أنه استقى معلوماته عن الأحجار والأحافير من الكتب المشهورة لابن سينا.
كان للعرب والمسلمين نظريات عديدة عن أصل الصخور وكيفية تكونها، وخصوا بالذكر الصخور الرسوبية وتعاقب الطبقات بعضها فوق بعض، والنيازك، واقترحوا لها تصنيفات فئوية ؛ فقد قسموا النيازك إلى فئتين: حجرية وحديدية، وهو نفس التقسيم المتبع حاليًا. ولعل أول تلميح للتقسيم الحالي لما يسمى الصخور النارية، والرسوبية والمتحركة جاء في كتابات جابر بن حيان قبل عام 200هـ، 815م. وبذا يكون علماء الجيولوجيا العرب أسبق من غيرهم إلى ذلك، إذ نجد أن هذا الأمر لم يثر انتباه الجيولوجيين إلا في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر الميلاديين، فيما سمي بالجدل بين البلوتونيين والنبتونيين. ★ تَصَفح: الجدل حول الصخر في هذه المقالة.
عصر النهضة:
كان عصر النهضة الأوروبية فترة لتجدد الاهتمام في مجالات عديدة للمعرفة، شملت دراسة الأرض. وأثناء عصر النهضة الأوروبية، قدم الطبيب السكسوني جورجيوس أجريكولا أهم المساهمات للجيولوجيا، حيث نشر أعماله عن المعادن والأحافير والتعدين وعلم الفلزات. وتضمنت كتب أجريكولا طبيعة الأحافير (1546م) ؛كتابه الفلزات (1556م) والذي أصبح الأساس للكتب الحديثة عن علم الفلزات والتعدين.اعتقد الفلكي البولندي نيكولاس كوبرنيكوس أن الأرض كوكب متحرك، وقدم فكرة عن أنها تدور حول محورها كل 24 ساعة، وتدور حول الشمس مرة كل عام. وذكر كوبرنيكوس أيضًا: أن الكواكب تدور حول الشمس وأن القمر يدور حول الأرض. وفي أوائل القرن السابع عشر الميلادي أيد الفلكي الإيطالي جاليليو هذه الأفكار عن طريق اكتشافات قام خلالها باستخدام التلسكوب (المقراب). كما اكتشف جاليليو أن الجاذبية تشد الأشياء نحو الأرض بنفس التسارع (معدل تجميع السرعة) دون اعتبار لوزنها. وكانت تجارب جاليليو الأساس الذي طوَّر على ضوئه العالم الإنجليزي السير إسحق نيوتن قانون الجاذبية الكونية في عام 1687م. ★ تَصَفح: الجاذبية.
وفي عام 1669م، قدَّم الطبيب الدنماركي نيكولاوس ستينو مساهمة جيولوجية كبيرة. فقد أوضح أن طبقات الصخور تترسَّب دائمًا، بحيث تكون أقدم الطبقات في القاع وأحدثها في القمة. ويساعد قانون التطبق هذا، العلماء على تحديد الترتيب الذي حدثت فيه الأحداث الجيولوجية.
فروع الجيولوجيا | ||||||||||||||||||||
الجيولوجيـا الطبيعيـة | ||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||
الجيولوجيا الطبيعية والتاريخية | ||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||
الجيولوجيـا التاريخـية | ||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||
الجيولوجيا تُقسم ـ عادة ـ إلى مجالين رئيسيين. الجيولوجيا الطبيعية، وهي دراسة المواد التي تكوِّن الأرض، وكذلك القوى التي تشكلها، والجيولوجيا التاريخية، وهي دراسة تاريخ الأرض. وفي الشكل أدناه 17 فرعًا للجيولوجيا. ويرتبط العديد من هذه الفروع بعضه ببعض ارتباطًا شديدًا، وتعتبر أربعة فروع جزءًا من كلٍّ من الجيولوجيا الطبيعية والتاريخية. وتوضح القائمة أيضًا أن الجيولوجيا ترتبط مع العلوم الأخرى. |
جيولوجيو النفط يستخدمون طرقًا مختلفة لتحديد تكوينات النفط والغاز تحت سطح الأرض. وهذه الجيولوجية تفجر طبقة من الصخور لاكتشاف النفط. |
الجدل حول الصخر:
في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر الميلادي، نشأ جدل بين الجيولوجيين عن كيفية تكوُّن الصخور. فقد اعتقد عالم المعادن الألماني أبراهام جوتلوب فيرنر، أن المحيط قد غطى الأرض بالكامل في الماضي. واستنتج فيرنر وأتباعه أن المواد الكيميائية في الماء ترسبت ببطء على القاع حيث شكَّلت طبقات. وتتكون أقدم الطبقات المزعومة، (الطبقة السفلى) من الجرانيت. وقد اعتقد واضعو النظريات أن الأرض تشكَّلت بالكامل عن طريق ترسيب المواد الكيمائية المذابة في مياه المحيط وتبخرها تدريجيًّا. واعتقدوا أيضًا أنه لن يحدث للأرض أي تغيُّرات إضافية على الإطلاق. فقد انطلقت أفكار فيرنر وغيره على أساس افتراض أن جميع الصخور تشكَّلت من محيط كبير، وسمي هؤلاء بالنبتونيين، نسبةً إلى نبتون إله البحر عند الرومان.قدم الطبيب الأسكتلندي جيمس هتون فكرة مختلفة إلى حدٍّ بعيد، حيث اعتقد هتون ومؤيدوه أن بعض الصخور تشكَّلت نتيجة برودة الحمم الساخنة من البراكين. وأطلق على هؤلاء اسم البلوتونيين نسبة إلى بلوتو إله الجحيم عند الإغريق. وفي عام 1785م قدم هتون مبدأ قانون التناسق في عمل اسمه نظرية الأرض. فقد ادعى أن الأرض تتغيّر تدريجيًا، وسوف تستمر في التغيُّر بنفس المنوال. وقال: إن هذه التغيُّرات من الممكن أن تُستخدم لشرح الماضي. مات هتون عام 1797م قبل أن تنال أفكاره قبول العلماء الآخرين. وبعد ذلك، وفي عام 1802م، نشر عالم الرياضيات الأسكتلندي جون بلافير رسومًا توضيحية جميلة، وأصبحت دليلاً يقتدى به في الفكر الجيولوجي.
وحتى في ذروة الجدل أهمل النبتونيون أعمال الجيولوجي الفرنسي نيكولاس ديسمارست. ففي عام 1765م أوضح ديسمارست أن صخور منطقة أوفيرن في وسط فرنسا الجنوبي كانت بركانية. وفي أوائل القرن التاسع عشر، حُسمَت القضية على يد اثنين من أشهر تلاميذ فيرنر، انضما للبلوتونيين، وهما ليوبولد فون بوخ وألكسندر فون همبولت. فقد غير فون بوخ وهمبولت وجهات نظر البلوتونيين، بعد زيارة أماكن متعددة منها منطقة أوفيرن وجبل فيزوف، (البركان الإيطالي). وأصبح الفكر البلوتوني، منذ ذلك الحين، هو الاعتقاد الأكثر قبولاً لدى معظم العلماء.
الجيولوجيا التجريبية:
بدأت الجيولوجيا التجريبية نتيجة للزمالة بين هتون والجيولوجي والفيزيائي الأسكتلندي السير جيمس هول. أصبح هول مهتمًا بإثبات أفكار هتون، فقد قام بإجراء تجارب حيث صهر صخورًا في أفران ضخمة، كما لو كانت قد انصهرت في بركان. وجد هول أن الحجر الجيري المنصهر كوَّن عند تبريده رخامًا، وأن الصخر البركاني كوَّن جرانيتًا. وأوضح عمله هذا أن فكرة هتون التي تقول إن الأرض تتغير بالتدريج، فكرة صحيحة.كان المهندس المدني الإنجليزي وليم سميث أول من استخدم الأحافير لمعرفة عمر الطبقات الصخرية. وقد أثبت أن نفس الأنواع من الأحافير توجد في نفس النوع من الطبقات، حتى وإن كانت في أماكن مختلفة. وفي عام 1815م نشر سميث أول الخرائط الجيولوجية موضحًا طبقات إنجلترا.
وفي عام 1822م، نشر كلٌّ من عالم التاريخ الطبيعي الفرنسي البارون جورج كوفييه، والجيولوجي الفرنسي الإسكندر برونجنيارت، كتابًا وصف جيولوجية وأحافير منطقة باريس. وقد وجدا أن كل طبقة من الصخر تحوي مجموعات معينة من الأحافير، وأنه من الممكن تتبع هذه الطبقات عبر المنطقة كلها.
وفي عام 1830م نشر الجيولوجي الأسكتلندي تشارلز لايل أول مجلدٍ من كتاب مكوَّن من ثلاثة مجلدات اسمه أسس الجيولوجيا. ولقد كان هذا المجلد من أكثر الأحداث أهمية في تطور الجيولوجيا، كما أثّر كثيرًا في العلماء الآخرين. أيَّد لايل مبدأ التناسق لهتون الذي لم يكن إلى حدٍّ ما مقبولاً لدى العلماء. وخلال العقدين الرابع والخامس من القرن التاسع عشر الميلادي درس عالم التاريخ الطبيعي السويسري لوي أجاسي المجلدات الأوروبية. وقد اعتقد أن لوحًا ضخمًا من الجليد قد امتد فيما مضى من القطب الشمالي إلى وسط أوروبا. وشرح أجاسي كيف تغَير الحركة البطيئة لكتل الجليد سطح الأرض.
وفي عام 1846م بدأ المهندس الأيرلندي روبرت ماليت دراسة علمية للزلازل. وقد اكتشف كيفية قياس سرعة الذبذبات التي تنتج من انفجار بارود بندقية بالأرض. وقدم عالم الفيزياء الإنجليزي إرنست رذرفورد في عام 1905م فكرة عن أن نصف عمر المعادن المشعة يمكن استخدامه لقياس عمر المعادن. ★ تَصَفح: الكربون المشع. نشر الجيولوجي الأسكتلندي أرثر هولمز عام 1915م مقالاً عن الإشعاعية وقياس العمر الجيولوجي. وقد كان هذا العمل الأول من بين العديد من الأعمال التي تهتم باستخدام المواد المشعة للتعرف على عمر الصخور.
افترضت مجموعة من العلماء الأمريكيين عام 1968م نظرية مفادها أن الغلاف الخارجي للأرض يتكوَّن من صفائح صلبة كبيرة، وهي في حركة مستمرة. وتُسمى هذه النظرية تكتونية الصفائح، وقد ساعدت في تأكيد فكرة أن القارات تتحرك حول سطح الأرض. وهذه إحدى الأفكار الأكثر إثارة في عالم الجيولوجيا، لأنها تساعد في توضيح المعالم الجيولوجية مثل ظهور الجبال، والبراكين، والزلازل. وتعتبر نظرية تكتونية الصفائح بمثابة تطوير للنظرية القديمة عن الزحف القاري. ★ تَصَفح: تشكل الصخور، علم.
للحصول على معلومات تفصيلية عن الأرض، ★ تَصَفح: الأرض والمقالات ذات الصلة بها.