الرئيسيةبحث

الأنبياء والرسل ( Messengers and Prophets )



الأنبياء والرسل رجال من البشر اصطفاهم الله وأوحى إليهم. الفارق بين الرسل والأنبياء هو أن الله تعالى بعث الأنبياء بشريعة جديدة أو قديمة وأمرهم بالعمل بها ليكونوا قدوة للآخرين، مثل الكثيرين من أنبياء بني إسرائيل، ولكنه لم يأمرهم بدعوة الناس جميعًا إليها لأن كل نبي يُرسل في قومه فحسب. أما الرسل، فقد اصطفاهم الله وأوحى إليهم بشريعة وأمرهم بتبليغها إلى الناس. ولقد أنزل الله تعالى على محمد ﷺ كتابًا هو القرآن، ودعا عيسى عليه السلام إلى التوراة زمانًا ثم أنزل الله تعالى عليه الإنجيل فدعا إليه. وبهذا، فإن لقب الرسول أعم من لقب النبي، فالرسول نبي ورسول لكن النبي قد لا يكون رسولاً.

الإيمان بالأنبياء والرسل:

من أركان الإيمان في العقيدة الإسلامية الإيمان بأنبياء الله ورسله. وعليه، يجب على الإنسان أن يؤمن بجميع رسل الله دون تفريق بينهم، قال تعالى: ﴿ قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أُنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون﴾ البقرة: 136: وإذا آمن الإنسان ببعض الرسل ولم يؤمن بالبعض الآخر، وفرق بينهم في الإيمان بهم، فهو كافر قال تعالى: ﴿ إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً ¤ أولئك هم الكافرون حقًا وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا ¤ والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورًا رحيمًا﴾ النساء: 150-152:

الحكمة من إرسال الرسل:

أرسل الله الرسل لتعريف الناس بربهم وخالقهم، ولدعوتهم إلى عبادة الله وحده والكفر بما يُعبد من دونه. قال تعالى: ﴿ ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت﴾ النحل: 36: .

وأرسلهم لإقامة الدين، وللحفاظ عليه، والنهي عن التفرق فيه، وللحكم بما أنزل الله قال تعالى: ﴿ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه﴾ الشورى: 13: .

وأرسلهم لتبشير المؤمنين بما أعد لهم من نعيم مقيم جزاء طاعتهم، وإنذار الكافرين بعواقب كفرهم وإسقاط كل عذر للناس، وإقامة الحجة عليهم من ربهم، قال تعالى: ﴿ رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزًا حكيمًا﴾ النساء: 165: .

وأرسلهم لتقديم الأسوة الحسنة للناس في السلوك القويم والأخلاق الفاضلة والعبادة الصحيحة، والاستقامة على هدى الله، وقال تعالى في نبينا محمد: ﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا﴾ الأحزاب: 21: .

وأرسلهم الله لإنقاذ البشر من الاختلاف في أصول حياتهم، وهدايتهم إلى الحق الذي يريد خالقهم. قال تعالى: ﴿وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون﴾ النحل: 64:

وأرسلهم لبيان الأعمال الصالحة التي تزكي النفس الإنسانية وتطهرها وتغرس فيها الخير. قال تعالى: ﴿هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين﴾ الجمعة: 2:

صفات الرسول:

لابد أن يكون كل رسول متصفًا بسمو الفطرة وصحة العقل وذكاء التفكير والصدق في القول، والأمانة في تبليغ ما عُهد إليه تبليغه، والعصمة من كل ما يشوه السيرة البشرية، وسلامة البدن مما تنبو عنه الأبصار وتنفر منه الأذواق السليمة، وقوة الروح بحيث لا تستطيع نفس إنسانية أو جِّنية أن تُسيطر عليه بسطوة روحية. ولو أصيب الرسل بنقص في شيء من هذا لما كانوا أهلاً لهذا الاختصاص الإلهي الذي يفوق كل اختصاص، وهو: اختصاصهم بالوحي والكشف لهم عن أسرار علم الله التي أوحيت إليهم، ولما كانوا أهلاً لهذا الاصطفاء الرباني.

وفيما عدا ذلك، فإن الرسول بشر يعتريه ما يعتري سائر أفراد هذا النوع، فهو يأكل ويشرب، وينام وينكح ويمرض، وقد ينسى فيما لا علاقة له بما أمره الله بتبليغه، وقد يخطئ في تصريف بعض الأمور الإنسانية التي تدخل في باب الاجتهاد المأذون به، ولكنه ينبه للخطأ عن طريق الوحي حتى لا يكون الخطأ (بمقتضى وجوب التأسي به) هو الصواب، وقد تمتد إليه أيدي الظَلَمَة، ويناله الاضطهاد والتعذيب وقد يُقتل منهم من يقتل لتبليغه كلام الله.

لكن خاتم الأنبياء عصمه الله من القتل ليتم التبليغ للوحي، قال تعالى: ﴿ يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين ﴾ المائدة: 67:

عدد الأنبياء والرسل وأسماء المذكورين منهم في القرآن الكريم:

يتعين على المسلم أن يؤمن بمن سماهم الله تعالى في كتابه من رسله وأنبيائه، كما يتعين عليه أن يؤمن بأن الله عز وجل أرسل رسلاً سواهم وأنبياء لم يعلم عددهم وأسماءهـم إلا الله تعـالى الذي أرسلهـم. قال جـل وعلا: ﴿ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك، منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك﴾ غافر: 78: .وقال تعالى: ﴿ وإن من أمة إلا خلا فيها نذير﴾ فاطر: 24: . والمذكورون في القرآن الكريم من الأنبياء والرسل خمسة وعشرون، هم: آدم، نوح، إدريس، صالح، إبراهيم، هود، لوط، يونس، إسماعيل، إسحاق، يعقوب، يوسف، أيوب، شعيب، موسى، هارون، اليسع، ذو الكفل، داود، زكريا، سليمان، إلياس، يحيى، عيسى، محمد ﷺ وعليهم سلامه تعالى أجمعين.

وهؤلاء الرسل والأنبياء يجب الإيمان برسالتهم ونبوتهم بوجه عام، بمعنى أن الإنسان لو عُرض عليه واحد منهم لم ينكر نبوته، ولا رسالته إن كان رسولاً، فمن أنكر نبوة واحد منهم، أو أنكر رسالة من بعث منهم برسالة، كفر.

أما الأنبياء والرسل الذين لم يقصهم القرآن علينا، فقد أمرنا أن نؤمن بهم إجمالاً. وليس لنا أن نقول بنبوة أحد من البشر أو أنه رسول ما دام القرآن لم يذكره في عداد الأنبياء والرسل، ولم يخبرنا به نبي الإسلام محمد ﷺ.

ومحمد ﷺ هو خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام. ويجب علينا أن نؤمن بأن محمد بن عبد الله ﷺ نبي الله ورسوله وعبده وصفيه، وأن نؤمن بأنه خاتم الأنبياء، لما ورد في كتاب الله تعالى وسنة الرسول ﷺ. فأما في القرآن، فقد جاء في محكم تنزيله ﴿ولكن رسول الله وخاتم النبيين﴾ الأحزاب: 40: . وأما السنة، فقد أثر عنه ﷺ قوله: (مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانًا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة، قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين). متفق عليه واللفظ لمسلم.

كما يجب أن نعـتقـد بأنه مبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى بالحق والهدى، فقد جاء في محكم التنزيل قول الجن : ﴿ يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم﴾ الأحقاف: 31: . وأنه صـلوات الله وسلامه عليه مبعوث للناس جميعًا، وقد جاء في ذلك قوله تعالى: ﴿ وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرًا ونذيرًا﴾ اسبأ : 28: . ويجب علينا أن نقدم محبته على الوالد والولد والنفس، وذلك لحديث أنس رضي الله عنه: قال رسول الله ﷺ(لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) متفق عليه. كذلك يجب علينا أن نؤمن بأن الله جل وعلا قد أيده بالمعجزات الدالة بيقين على صدقه ﷺ في كل ما جاء به وبأن القرآن العظيم معجزته الباهرة، تحدى به العالمين، فعجزوا عن الإتيان بمثله أو بمثل بعضه.

وقد بشّر الرسل عليهم السلام برسالة محمد ﷺ من قبل، وتتبع علماء الإسلام فيما بعد بمساعدة من أسلم من علماء اليهود والنّصارى نُسَخَ التوراة والزبور والإنجيل فوجدوا فيها نحوًا من ثماني عشرة بشارة نورد هنا بعضها وهي:

في إنجيل يوحنا:

في الباب السادس عشر منه ¸لكني أقول لكم الحق: إنه خير لكم أن أنطلق، لأني إن لم أنطلق لم يأتكم الفار قليط فأما إن انطلقت أرسلته إليكم·. و¸الفار قليط·، هو تعريب للّفظ اليوناني (بيركلوطوس)، قريب من معنى: ¸محمد وأحمد·. ويقوِّي هذا أن ابن هشام وابن خالويه ذكرا أن اسم النبي ¥ بالرومية البَرَقْلِيطَس.

في سفر التثنية:

جاء في الباب الثالث والثلاثين منه: (جاء الرب من سيناء، وأشرق لنا من ساعير، واستعلن من جبال فاران ومعه ألوف الأطهار).

وسيناء محل مناجاة موسى باتفاق. وساعير هو المكان الذي ظهرت فيه نبوة عيسى، لأن عيسى عليه السلام كان يسكن في قرية الناصرة من أرض الجليل في ساعير، وهذا محل اتفاق أيضًا. وأما ¸فاران· فهي مكة، وليس في هذا خلاف بين المسلمين وأهل الكتاب، ففي التوراة تصريح بأن الله أسكن هاجر وإسماعيل في فاران.

في إنجيل برنابا:

وفي إنجيل برنابا بشارات كثيرة وصريحة واضحة باسم محمد وأحمد، ولكن هذا الإنجيل لا يعترف به معظم النصارى، وقد عُثر على أول نسخة منه في سنة 1907م مكتوبة باللغة الإيطالية، عثر عليها كريمير أحد مستشاري ملك بروسيا. وقد كان ذلك سبب إيمانه.

المعجزات:

آيات المعجزات، التي أيد الله بها رسله، اختلفت أنواعها، وتباينت مظاهرها وأشكالها، إلا أنها تجتمع في أن كلا منها قد عجز البشر عن أن يأتوا بمثله، منفردين أو مجتمعين، فكانت بذلك شاهد صدق على الرسالة، وحجة قاطعة تخرس الألسنة، وينقطع عنها الخصوم، ويجب لها التسليم والقبول. ويغلب أن تكون معجزة كل رسول مناسبة لما انتشر في عصره، وبرز فيه قومه، وعُرفوا بالمهارة فيه، ليكون ذلك أدعى لفهمها، وأعظم لدلالتها على المطلوب، وأمكن في الالتزام بمقتضاها، ففي عهد موسى (عليه السلام) انتشر السحر، ومهر فيه قومه حتى أثروا به على النفوس، فكان ما آتاه الله نبيه موسى فوق ما تبلغه القوى، ومالا يدرك بالأسباب والوسائل.

وفي عهد المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام) برع بنو إسرائيل في الطب، فكان مما آتاه الله أن يصّور من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله، وإبراء الأكمه والأبرص بإذن الله، وإحياء الموتى بإذن الله، إلى غير ذلك من الآيات التي ثبتت بها رسالته، وقامت بها الحجة على قومه.

وفي عهد محمد ﷺ كان العرب قد بلغوا الغاية في فصاحة اللسان وقوة البيان، وجرت الحكمة على ألسنتهم حتى اتخذوا ذلك ميدانًا للسباق والمباراة، فأنزل الله القرآن على رسوله محمد ﷺ فكانت بلاغته وبيانه وما تضمنه من الحِكم والأمثال جانبًا من جوانب إعجازه، قال ﷺ: (ما من الأنبياء نبي إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليَّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة ) رواه أبو هريرة رضي الله عنه. وليست معجزات موسى وعيسى ومحمد ﷺ مقصورة على ما ذُكر فلهؤلاء وغيرهم من الأنبياء كثير من الآيات البينات والعلامات الواضحات التي دلت على صدقهم سوى ما تحدى به كل نبي قومه.

★ تَصَفح أيضًا: النبوة ؛ النبي ؛ الإسلام ؛ النصرانية ؛ اليهودية ؛ القرآن الكريم ؛ الكتاب المقدس.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية