الرئيسيةبحث

الكتابة ( Writing )



الكتابة نظام للاتصال الإنساني بوساطة الرموز البصرية أو الإشارة. وترجع أكثر أطوار الكتابة بدائية إلى الإنسان القديم. أما أول نظام متطور للكتابة فلم يظهر إلاَّ منذ 5,500 سنة مضت.

الأدوات الحسابية:

استخدمت في أماكن تمركز الإنسان الأولى. وتضم هذه الأدوات العصي والأحجار والأقراص الصلصالية والخيوط. فعلى سبيل المثال، يستطيع راعي أغنام أن يسجل بدقة عدد الأغنام في قطيعه بعمل علامة واحدة عن كل شاة لديه. ويستطيع أيضًا أن يحتفظ بأحجار أو أقراص صلصالية تمثل نفس الحجم والشكل لتمثيل الأنواع المختلفة من الحيوانات التي يعتني بها. وربط الإنكا في بيرو عقدًا من الخيوط من أطوال وألوان مختلفة لحفظ الحسابات. وهذه الطريقة للحساب لم يكن سهلا تبنيها للكتابة الحقيقية.

الرسومات الصخرية:

أعطت هذه معنى أوضح، ولكنها لم تكن مفيدة للحساب. وقد عثر على رسم صخري بالقرب من طريق شديد الانحدار في نيومكسيكو بالولايات المتحدة الأمريكية. ويظهر في الرسم عنز الجبل ورجل يمتطي حصانًا. وفي الوقت الذي تقف فيه عنز الجبل على أربعها، فإن الحصان وراكبه مقلوبان. فالرسم يوضِّح لراكب الحصان ـ أن عنز الجبل تستطيع تسلق الممر الصخري، ولكن حصانه لا يستطيع ذلك.

الترميز التصويري:

ما يميز الرسومات السابقة، وأي رسومات بدائية أنها تعبر عن مجموعة من الأفكار دون أي ربط واضح بأية لغة، ويمكن لأي شخص يتفحص هذه الرسومات أن يفهمها، بصرف النظر عما إذا كان يتكلم لغة الشخص الذي رسمها. وكانت هذه طريقة للتعبير عن الأفكار، وليس بالضرورة عن الكلمات. وتختلف الصور المرسومة لغرض الاتصال بشكل طفيف عن الصور المرسومة لأغراض فنية. فصور الاتصال مبسطة وتعبر عن صفات عمومية ولا توجد فيها تفاصيل غير ضرورية للاتصال.

الرموز الكلميَّة (اللوغوغراف):

أخذ الناس الخطوة المهمة في تطوير الكتابة الحقيقية حينما تعلموا كيف يعبرون عن أفكارهم بشكل غير مباشر. وقد فعلوا هذا باستخدام إشارات تقُوم مقام الكلمات في لغتهم، وليس الأفكار التي تقُوم الكلمات مقامها. وحتى نرى كيف تُسْتَخدم هذه الطريقة، خذ الرسالة التالية: قتل الملك الأسد. في الكتابة التصويرية تضم الرسالة رسمين، أحدهما يبدو فيها رجل مع شعار لمنصبه، مثل تاج، وممسكا حربة في يده، وفي الرسمة الأخرى أسد. أما الرموز الكلميّة، أو الكتابة الكلميَّة، فيعبّر عن الرسالة نفسها عن طريق إشارات تقوم مقام الكلمات نفسها: إحدى الصور لرجل على رأسه تاج، تمثل كلمة ملك، هناك رمح يمثل كلمة القتل، ورسم للأسد يمثل الأسد. لو أن الملك قتل ثلاثة أسود، فالعبارة (ثلاثة أسود) سيعبَّر عنها بالكتابة الكلميّة عن طريق رمزين، واحد يقوم محل الرقم ثلاثة والآخر محل أسد. أما في الكتابة التصويرية، فإن الرسالة يجب أن تحتوي صورًا أو رسومًا لثلاثة أسود.

وفي الأطوار الأولى لهذا النوع من الكتابة، أصبحت الصور تقليدية، ومبسطة ومعروفة بأشكالها الرسمية. وكثيرًا ما أظهرت هذه الصور جزءًا من الشكل، مثل رسم تاج لكلمة ملك. ولكن الصور لا تستطيع تمثيل كلمات مثل (ال) التعريف أو (فاء) العطف أو النهايات القواعدية مثل (تاء) الفعل الماضي أو (ون) الجمع.

كان السومريون، الذين عاشوا في جنوبي بلاد ما بين النهرين في العراق، أول الذين وصلوا إلى مرحلة الكتابة البدائية، حوالي 3,500 قبل الميلاد. وقد احتفظوا بسجلات ذات عناوين بسيطة مثل 10 أسهم والإشارات إلى اسم الشخص، أو خمس بقرات والإشارة إلى اسم آخر. وكان باستطاعتهم بسهولة استخدام إشارات للأرقام وللأشياء مثل السهام والأبقار. ولكن كان صعبًا عليهم كتابة الأسماء والأفكار المجردة.

علم الأصوات (الصوتيات):

وجد السومريون للتغلب على هذه المشاكل، أنهم يستطيعون استخدام رموز كلمات لأشياء يسهل تصويرها مثل "سهم" ليقوم مقام الكلمات التي لها أصوات شبيهة ولكنها صعبة التصوير. فإشارة "سهم" يمكن أيضًا أن تمثل "الحياة" لأن الكلمة تي لها نفس المعنيين في اللغة السومرية. وهذا المبدأ في الصوتيات غالبا ما يسمى مبدأ تحرير الكلمات وهو واحد من أكثر المبادئ أهمية في تاريخ الكتابة. فإذا كانت إشارة السهم يمكن أن تحل محل سهم وحياة، لأن كليهما تنطقان تي، فلم لا تستخدم إشارة السهم لتدل على صوت تي أينما يقع، وبصرف النظر عن المعنى. وكانت كلمات اللغة السومرية تتألف في معظمها من مقطع واحد، ولذلك لم يكن صعبًا على الناس تكوين نظام مقطعي من حوالي مائة رمز صوتي.

يطلق على الكتابة السومرية الكتابة الكلميَّة المقطعية، وهي تستخدم الرموز الكلمية والرموز المقطعية. وقد عبرت الرموز الكلمية عن معظم الكلمات في اللغة، أما الرموز المقطعية فكانت تعبر عن الكلمات النادرة والمجردة وأسماء العلم. وقد طورت الكتابة السومرية تدريجيًا الشكل الإسفيني أو الكتابة المسمارية. وقد أخذ البابليون والأشوريون المسمارية من السومريين، وتعلمها من السومريين الحيثيون (وهم شعب فتح آسيا الصغرى وسوريا في الألف الثاني قبل الميلاد) وغيرهم. ★ تَصَفح: الكتابة المسمارية.

طوّر المصريون كتابة مهمة أخرى ذات كلمات من مقطع واحد وهي الهيروغليفيَّة حوالي سنة 3000 ق.م. وهي تشبه السومرية في استخدام الرموز الكلميَّة، ولكنها تختلف في اختيار الرموز المقطعيَّة. فالسومريون اعتادوا على الإشارة للاختلافات في حروف الحركة في رموزهم المقطعية، ولكن المصريين لم يفعلوا ذلك. وكان للحيثيين أيضًا كتابتهم الخاصة، وهي الهيروغليفية الحيثية، التي كانت قريبة من بعض الأنظمة المستعملة في الأراضي الواقعة حول بحر إيجة. ★ تَصَفح: الهيروغليفية.

بدأ الصينيون في القرن السادس عشر قبل الميلاد أكثر أنظمة الكتابة الكلميَّة تطورًا في العالم. فالناس في بلاد الرافدين ومصر والشام كانت لديهم بضع مئات فقط من الرموز الكلمية، ولكن الصينيين ربما كان لديهم ما يقارب 50,000 رمزًا كلميَّا. وهم يستخدمون بعض الرموز للمقاطع في أسماء العلم أو في الكلمات الغريبة.

الألفباء:

أخذت الأنظمة الكلميَّة المقطعية في التبسيط تدريجيًا، فمن النظام المصري المعقد، طور الساميون في سوريا وخصوصًا الفينيقيين، أنظمة بسيطة من 22 إلى 30 رمزًا يرمز كل منها لحرف صامت متبوع بصائت (حركة). وقد نجح اليابانيون في تطوير نظام مقطعي به رموز لصامت ساكن مبدئي وصوائت (حركات) مختلفة. واستخدموا أيضًا الكثير من الرموز الكلمية التي استعاروها من الصينيين.

ولما كان الإغريق على اتصال بالتجار الفينيقيين أخذوا عنهم فكرة كتابة رموز الصوائت، وأدخلوا تعديلات عليها ليكوِّنوا الألفباء الإغريقية.

الكتابة العربية

نشأتها:

بدأ اهتمام العرب بالتأريخ للكتابة العربية مع اهتمامهم بكتابة التاريخ، وتأثرت رواياتهم حول نشأتها بمناهج المؤلفين ومصادرهم، واختلفوا في تحديد هذه النشأة تبعًا لاتجاهاتهم، فكان هناك فريقان: نقل لنا الأول منهما أن نشأة الكتابة كانت توقيفية، أوحى بها الله تعالى لآدم أو إدريس أو هود، ووصلت إلى إسماعيل عليه السلام بعد انحسار الطوفان، ثم انتشرت. ورأى الفريق الثاني أن الكتابة العربية اشْتُقَّت من الخط المُسْند الحميري الذي يٌعْرف أيضًا باسم الخط العربي الجنوبي، وأن هذا الخط وصل إلى موطن المَنَاذرة وبلاد الشام عن طريق القوافل التجارية التي كانت تتنقل بين جنوبي الجزيرة العربية وشماليها، ثم انتقل عن طريق الحجاز إلى بقية الجزيرة. وبرغم ماينطوي عليه هذا الرأي من منطق تاريخي فإن النقوش التي اكْتُشِفَت حتى الآن، ويمكن بوساطتها تتبع المراحل المختلفة لتطور الكتابة العربية الشمالية التي تنتمي إليها الكتابة العربية اليوم، قد أضعفت هذا الرأي وغلبت عليه نظرية حديثة اتفق عليها معظم المؤرخين والباحثين.

توصَّل الباحثون والمؤرخون إلى إثبات الصلة الوثيقة بين الكتابة العربية والكتابة النَبَطِية، بل وأثبتوا أن الأولى استمرار متطور للثانية التي انحدرت من الكتابة الآرامية المتطورة عن الكتابة الفينيقية، اعتمادًا على أهم النقوش والمكتشفات الأثرية وهي: نقش أم الجمال (250م) ونقش النمارة (328م) وهما نبطيان لغة وخطاً، ونقش زبد (512م) المكتوب بلغات ثلاث هي: اليونانية والسريانية والعربية، وهو يدل على أن العرب فضَّلوا استخدام الحروف النبطية في كتابتهم، وأن العربية فرضت نفسها لغةً للكتابة، ثم نقش أسيس (528م) ونقش حران (568م) اللَّذان لا تختلف كتابتهما كثيرًا عن الكتابة العربية بصورها التي كانت عليها عند ظهور الإسلام.

حملت هذه النقوش مجموعة العناصر التي تألفت منها الكتابة العربية سواء في رسمها أو إملائها أو اتصال حروفها وانفصالها، وقد رجَّح الباحثون أن الكتابة العربية نشأت ونمت بين عهد نقش النمارة ونقش زبد، واعتبروا أن نقش حرَّان يمثل آخر مراحل الانتقال من الكتابة النبطية إلى الكتابة العربية.

الانتشار:

من المرجح أن الكتابة العربية وصلت إلى الحجاز سالكة أحد طريقين: الأول يبدأ بحوران في جنوب الشام مرورًا بوادي الفرات الأوسط حيث الحيرة والأنبار وبدومة الجندل، وينتهي إلى المدينة فمكة والطائف. والثاني ـ وهو الأَقْصَر ـ يبدأ بحوران فالبتراء ثم العلا ومدائن صالح فشمالي الحجاز ثم المدينة ومكة. وسواء كانت رحلة الكتابة عن هذا الطريق أم ذلك فالثابت أنها تمت بين منتصف القرن الثالث ونهاية القرن السادس الميلاديين.

وتصر كثير من روايات المؤرخين العرب منذ القرون الأولى للهجرة على الطريق الأول، مما يدُل على أن الكتابة العربية مرَّت في الحيرة والأنبار بمرحلة تطور ربما تتعلق بتحديد المقطوع والموصول، وتذكر هذه الروايات أيضًا أسماء أوائل من تعلموا هذا الخط ونشروه بين أهل مكة والحجاز مثل: بِشْر بن عبد الملك الكلبي، وأبي قيس بن عبدمناف بن زهرة، وسفيان بن أمية وأخيه حرب والد أبي سفيان.

ويقول ابن النديم في الفهرست إن وثيقة بخط عبدالمطلب بن هاشم جد الرسول ﷺ كانت محفوظة في خزانة كتب المأمون. ويذكر البلاذري في فتوح البلدان أسماء أربعة وعشرين شخصًا من مكة كانوا يعرفون الكتابة والقراءة في تلك الفترة ؛ سبعة عشر من الذكور وسبع من النساء. أما في يثرب فقد كانت الكتابة أقل انتشارًا ؛ إذ لم يكن فيها ممن يعرفون الكتابة في صدر الإسلام أكثر من سبعة أشخاص. ويعتقد بعض الباحثين أن العرب قبل الإسلام استخدموا الكتابة أكثر مما يُظَن، وأن نصوصًا عربية كانت موجودة كالمعلقات وذكر بعض الأحداث المهمة، بالإضافة إلى الوثائق كالصكوك التجارية والديون ووثائق عتق الرقيق، والعهود والمواثيق والإيلاف والمراسلات وغيرها، وأنهم كانوا يميلون إلى نسبة أساليب الكتابة إلى الحواضر التي انتشرت منها رغم تشابهها واتفاقها في الخصائص. ولهذا سَمُّوها بالخط النبطي والحيري والأنباري، ثم المكي والمدني والكوفي.

كان من الطبيعي أن يقوم الإسلام بدور كبير في تطور الكتابة العربية وانتشارها، فلقد حمل معه العوامل التي فرضت اتساع ساحة استخدامها، وكانت أول سور القرآن الكريم تحض على معرفتها، وشجع النبي ﷺ أصحابه على تعلمها، وجعل فدية كل أسير من أسرى المشركين في معركة بدر ممن يعرفون الكتابة تعليمها لعشرة من صبيان المسلمين، فزاد عدد الكتبة كثيرًا خلال مدة وجيزة، وأصبحت المدينة أول مركز لتطور الكتابة العربية. وازدادت أهمية الكتابة في أيام الخُلَفَاء الراشدين لزيادة استخدامها في الحياة الدينية والإدارية والمعاملات اليومية، ففتح الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه المدارس وعيَّن لها المدرسين، وأخذ الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه المصحف الذي كان زيد بن ثابت قد جمعه على صحف متجانسة في عهد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ونسخ منه مصحفًا عرف بالمصحف الإمام، ثم أمر مجموعة من الصحابة أن ينسخ كل منهم نسخة منه لترسل إلى الأمصار. وقد نسخت هذه المصاحف على الرق بمداد أسود، ولم تكن منقوطة أو مشكولة، وكانت عارية من الزينة والزخرف، ولم تكن تحمل أسماء السوَر أو الفواصل بين الآيات والأجزاء وغيرها، وكان خطها هو الخط الحجازي الذي وصفه ابن النديم في الفهرست بقوله: "في ألفاته تعويج إلى يمنة اليد وأعلى الأصابع، وفي شكله انضجاع يسير". وهذا الوصف على اقتضابه يلقي ضوءًا على أسلوب الكتابة الحجازية، وأن أساليب الكتابة بدأت تتنوع في المراكز الثقافية المختلفة ؛ إلا أن الحروف بأشكالها الأساسية بقيت محافظة على صلتها بالشكل الذي كانت عليه قبل قرن من الزمان، كما أن كثيرًا من الخصائص الإملائية كانت مستمدة من الكتابة النبطية مثل عدم وجود حروف الروادف وإهمال الألفات الممدودة.

تطورها:

كان لخلو الكتابة العربية من النقط والشكل محاذير في القراءة تزايدت مع انتشار الكتابة العربية بين شعوب البلدان التي فتحها المسلمون العرب. وخاف العرب من الخطأ واللحن، فقام أبو الأسود الدؤلي ـ بطلب من زياد ابن أُبيه ـ بأول خطوة لإزالة هذه المحاذير وتطوير الكتابة، كانت في الوقت نفسه بداية لعلم النحو العربي، فابتكر الشكل على هيئة نقاط مستديرة باللون الأحمر لتنوب عن الحركات الثلاث، فوضع نقطة فوق الحرف للدلالة على الفتحة، ونقطة أسفله للدلالة على الكسرة، ونقطة من شماله للدلالة على الضمة، ونقطتين بدلاً من نقطة للدلالة على التنوين في كل موضع، وكتب المصحف كله مشكولاً بهذه الطريقة.

إلا أن هذا الإصلاح لم يحل مشكلة الحروف المتشابهة، فالمصاحف التي نسخها الصحابة لم تكن منقوطة، وكانت النقاط قبل ذلك لاتُثبت إلا في مواضع يرى الكاتب لزومها فيها ؛ تدلُّنا على ذلك رواية تعود إلى عام 22هـ، ونقش مؤرخ في سنة 58هـ. فقام نصر بن عاصم الليثي ويحيى بن يعمر العدواني ـ بتكليف من الحَجَّاج بن يوسف الثقفي ـ بإتمام مابدأه أبو الأسود، فوضعا النقاط على الحروف في المصحف بلون الحبر نفسه الذي كتبت به الحروف.

أدَّى الخوف من التباس نقاط الإعْجَام، ونقاط الشكل، واختلاطهما على القارئ إلى إصلاح وتطوير جديد للكتابة العربية قام به الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي استبدل نقاط الشكل التي وضعها أبو الأسود الدؤلي، فوضع جرَّة بالقلم فوق الحرف للدلالة على الفتح، وجرَّة أسفله للدلالة على الكسر، وواوًا صغيرة فوقه للدلالة على الضم، وكرر هذه الحركات مرتين إذا كان الحرف منونًا، وأضاف أشكالاً أخرى لضبط القراءة ؛ فكتب السكون الخفيف على شكل دائرة صغيرة أو رأس خاء فوق الحرف، والسكون الشديد الذي يصاحب الإدغام على هيئة رأس شين صغير بدون نقاط فوق الحرف، واستعار رأس العين للهمزة، ورأس صاد صغير لألف الوصل، وميمًا صغيرة مع جزء من الدال للمدّ الواجب، فأصبح ممكنًا كتابة نص بنقاطه وشكله بلون واحد من المداد دونما لبس، واستمر الشكل بالطريقة نفسها حتى يومنا هذا بدون تغييرات جوهرية.

أدواتها:

أما المواد التي كان يكتب عليها فقد بدأت باللخاف (الحجارة العريضة البيضاء الرقيقة) والرقاع والعسب (العظام)، واستعمل العرب الرَّق حتى أواسط القرن الثامن الميلادي، ثم استبدلوا به ورق البردي بعد أن فتحوا مصر. وقد استخدموا الورق بعد فتحهم لبلاد المشرق حيث أسسوا أول مصنع للورق في مدينة سمرقند، وما أن أوشك القرن الثامن الميلادي على الانتهاء حتى أنتج الورق في بغداد نفسها، ثم دمشق التي صُدِّر منها الورق المعروف بالورق الدمشقي إلى أوروبا، ثم ظهرت معامل الورق في مصر. أما أوروبا فقد دخلت صناعة الورق إليها عبر المغرب العربي.

من الملاحظ أن استخدام الورق لم يقض على استخدام الرق تمامًا، إذ ظل القرآن ينسخ على الرق وورق البردي لمدة طويلة، ولم يظهر أول كتاب كتب على الورق إلا نحو عام 870م. وظل المسلمون يحتكرون صناعة الورق ما يقرب من خمسة قرون إلى أن ازدهرت صناعته في أوروبا في القرن الثالث عشر الميلادي.

منذ أكثر من قرن أُضيفت علامات الترقيم المستخدمة اليوم لتؤدي دورًا مهمًا في وضوح المعاني وقوة التعبير بما يتفق مع اللغة العربية وكتابتها، وهي الفاصلة ليسكت عندها القارئ سكتة خفيفة، والفاصلة المنقوطة ليقف القارئ وقفة متوسطة، والنقطة وتوضع في نهاية الجملة تامة المعنى، والنقطتان الرأسيتان تستعملان لتوضيح مابعدهما وتمييزه عما قبله، وعلامة الاستفهام، وعلامة التعجُّب أو التأثُّر، والقوسان للجمل التفسيرية، والخطان المعترضان للجملة المعترضة، وعلامتا التنصيص في أول الاقتباس وآخره، والشرْطَة أو الخط، وعلامة الحذف وتوضع مكان المحذوف من الكلام، والنجمة على الكلام للنقل إلى الهامش، وكذلك الرقم بين قوسين فوق الكلام للإحالة إلى الهوامش.

★ تَصَفح أيضًا: الخط العربي.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية