الرئيسيةبحث

الهيروغليفية ( Hieroglyphics )



الكتابة الهيروغليفية المصرية إلى اليمين داخل قبر ابن الملك الفرعوني رمسيس الثالث في القرن الثاني عشر قبل الميلاد. ونرى فيها الملك الفرعوني مع الإلاهة المصرية إيزيس. أما الرسم التوضيحي إلى أعلى فيفسر الكتابة الهيروغليفية المنقوشة بالقرب من رأس رمسيس.
الهيروغليفـية شكل من أشكال الكتابة التي تستـخدم فيها الرموز التصويرية لتمثل أفكاراً وأصواتاً معينة. وتدل الهيروغليفية في الأعم الأغلب على الكتابة المستخدمة في مصر القديمة. ومع ذلك قد استخُدمت أيضاً أشكال من الكتابة بالصور في حضارات قديمة أخرى، وبالذات من قبل الحيثيين الذين عاشوا فيما يعرف الآن بتركيا، وقبائل المايا والأزتك الهندية التي عاشت في أمريكا الوسطى.

استخدم المصريون القدماء الكتابة الهيروغليفية لمدة تزيد على 3000 عام. وقد استخدموا تلك الكتابة بدرجة رئيسية في النقوش الدينية على المعابد والنصب التذكارية الحجرية ولتسجيل كلمات وأفعال الشخصيات والأسر الملكية. وفي الحقيقة،كان المصريون القدماء يسمون أحيانًا كتابتهم كلمات الإله، وكانت النقوش تكتب أو تنحت من قبل رجال ذوي تدريب عالٍ يدعون بالناسخين. وبعد انقضاء القرن الثالث الميلادي، استبدل المصريون بالكتابة الهيروغليفية ألفباء أبسط ولكن سرعان مافُقدت المعرفة بهذه الرموز وبقي معنى الكتابة الهيروغليفية لغزاً مبهماً حتى أوائل القرن التاسع عشر الميلادي عندما تمكن الباحثون من فك رموزها.

الكتابة الكهنوتية شكل مبسط من أشكال الكتابة الهيروغليفية المصرية، يمثل النص أعلاه، الذي يعود إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد، جزءاً من دعوى قضائية رفعها دائن ملتمسًا العدالة بشأن الإيفاء بالدين.
الكتابة الديموطية كانت شكلاً من أشكال الكتابة الهيروغليفية، وكان يستخدمها غالبية المصريين بعد عام 700 ق.م تقريباً، والمثال الموضح أعلاه هو جزء من عقد زواج كتب حوالي عام 365 ق.م.

تطور الكتابة الهيروغليفية:

اقتبس المصريون القدماء فكرة الكتابة الهيروغليفية من السومريين الذين قامت حضارتهم في بلاد مابين النهرين حوالي عام 3000 ق.م. وضمت الكتابة الهيروغليفية في آخر الأمر حوالي 700 رمز. ولتلك الرموز خاصية الأناقة والوضوح اللذين يعتبران نموذجاً للفن المصري القديم.

وكانت هذه الرموز تمثيلاً حرفيًا (الكتابة التصويرية) للأفكار ؛ فعلى سبيل المثال، إذا رغب المصريون في التعبير عن فكرة امرأة قاموا برسم صورة امرأة.

اشتملت الكتابة الهيروغليفية المصرية على المحددات وهي تدل على أصناف الأشياء التي ينتمي إليها رمز هيروغليفي مكتوب بجانبها. ومن الأمثلة على المحددات رمز للماء يوضع بعد اسم بحيرة أو نهر معين. وقد ساعدت تلك المحددات على توضيح وتأكيد معنى الكتابة الهيروغليفية.

تُقرأ بعض النصوص الهيروغليفية من اليمين إلى اليسار وبعضها من اليسار إلى اليمين وفقاً لاتجاه ونوع الحرف الهيروغليفي. وقد كتب النساخون أيضاً بشكل أعمدة تقرأ من أعلى إلى أسفل. تجدر الإشارة إلى أن الكتابة الهيروغليفية استخدمت لغرض التزيين والزخرفة. وفي بعض الأحيان، كانت الرموز تُطلى بألوان رائعة أو تُغطى بالذهب.

عندما أصبحت الكتابة أكثر شيوعاً نشأت الحاجة لمادة أفضل من الحجر من حيث سهولة الكتابة عليها وحفظها ونقلها، ولهذا الغرض اخترع المصريون ورق البردي وهو مادة شبيهة بالورق تُصنع من نبات البردي، كان النساخون يكتبون على ورق البردي بأقلام مصنوعة من قصب حاد، كما كانت هناك أقلام ذات رؤوس معدنية، واستخدم السّخام المخلوط بالماء حبرًا. وقد استحدث المصريون أيضاً الكتابة الهيروغليفية الصوتية التي تسمى أيضاً الفونوغرامات. وفي هذا النوع من الكتابة الهيروغليفية نجد تمثيلاً لأصوات اللغة كما هو الحال في حروف الألفباء الحديثة. فبعض الرموز الهيروغليفية مثلت صوتاً واحداً وبعضها الآخر مثل مجموعة من صوتين أو أكثر شكلت مقاطع، غير أن تلك الرموز الصوتية كانت تمثل الصوامت فقط، حيث إن المصريين لم يكتبوا الصوائت. ولهذا السبب بقي الباحثون غير متأكدين من كيفية نطق اللغة المصرية القديمة. ثم استحدث المصريون كتابة متصلة منسابة مبسطة تُدعى بالكتابة الكهنوتية ملائمة للكتابة السريعة على ورق البردي. وكانت الكتابة الكهنوتية تشبه الكتابة الهيروغليفية بالقدر نفسه الذي نجد فيه الكتابة العادية الحديثة مشابهة للطباعة. استخدم النساخون الكتابة الكهنوتية للأغراض الدينية وغير الدينية.

وفي فترة لاحقة، حوالي عام 700 ق.م، استحدث المصريون الكتابة الديموطية وهي أبسط وأسرع في الكتابة من الكتابة الكهنوتية. واستخدم غالبية المصريين الكتابة الديموطية، كما استعملها أيضًا النساخون لأغراض المراسلة وحفظ السجلات.

الهيروغليفية الحيثية كانت تمثل كلمات أو مقاطع صوتية. استحدث الحيثيون نظامهم الكتابي حوالي عام 1500ق.م. عندما كانوا قوة مؤثرة.

فك رموز الكتابة الهيروغليفية:

استبدل المصريون بالكتابة الهيروغليفية ألفباء صوتية في وقت غير محدد بعد القرن الثالث الميلادي. وسرعان ما أصبح معنى الحروف الهيروغليفية منسياً. وبدأ الناس يعتقدون بأن الحروف الهيروغليفية مثلت في واقع الأمر نظامًا شفويًا سحرياً مقدساً لكهنة المصريين.

في عام 1799م، اكتشف أحد الضباط الفرنسيين في جيش نابليون الأول لوحًا حجريًا بالقرب من مصب نهر النيل في رشيد بمصر. وقد احتوى هذا اللوح الحجري الذي سمي بحجر رشيد على نقش مكتوب بثلاثة خطوط: الخط الهيروغليفي المصري، والخط الديموطي المصري، والخط الإغريقي. وبقراءة الجزء الإغريقي في الحجر، عرف الباحثون بأن النص احتوى على مرسوم صادر في عام 196ق.م تشريفاً للملك بطليموس الخامس.

حاول الباحثون ترجمة الكتابة المصرية باستخدام طرق مشابهة للكتابة بالشفرة المستخدمة في العصر الحديث. في 1814م، اكتشف توماس يونج، وهو طبيب وباحث إنجليزي أن بعض الحروف الهيروغليفية هي إشارات صوتية. كما عرف الباحثون أيضاً أن الحروف الهيروغليفية تكون محصورة في حلقة بيضية تمثل أسماء أشخاص معينين. وفي عام 1822م، حقق العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبليون إنجازاً مفاجئاً لفك رموز الكتابة الهيروغليفية في حجر رشيد، فبدراسته لموقع وتكرار أسماء الأعلام في النص الإغريقي تمكن من معرفة وتمييز نفس الأسماء في النص المصري. بالإضافة إلى ذلك، ساعدت معرفة شامبليون بالقبطية، وهي لغة مصرية حديثة، على تمكينه من التعرف على كثير من الكلمات المصرية القديمة في القسم الهيروغليفي من النص. وفي آخر الأمر فك شامبليون رموز النص كاملاً.

وفي الوقت الحاضر، تُمكِّن كتب القواعد والمعاجم الباحثين من قراءة الكتابة الهيروغليفية بسهولة ويسر. إن الحصول على المعارف المتعلقة بالتاريخ المصري القديم كان سيصبح مستحيلاً تقريبًا لو لم يتمكن الباحثون من قراءة الكتابة الهيروغليفية.

هيروغليفية المايا كانت تتألف عموماً من حروف مصورة تمثل أفكاراً وأشياءً. نقش شعب المايا الحروف الهيروغليفية على الحجر في المكسيك وأمريكا الوسطى من حوالي عام 300م إلى 900م.

كتابات هيروغليفية أخرى:

تعود أقدم الأمثلة على هيروغليفية المايا في أمريكا الوسطى إلى نحو عام 300م.

وكانت حروف هذه الكتابة تتألف أساسًا من رموز تعتبر تمثيلاً حرفياً للأفكار، إلا أن بعض الباحثين يعتقدون أن عدداً من الإشارات تمثل أصواتًا. ولم يتم حتى الآن فك رموز معظم حروف هيروغليفية المايا. وتتناول النصوص التي تمكن الباحثون من فك رموزها أمورًا تتعلق بالدين والفلك وتسجيل الوقت. كانت الحروف الهيروغليفية الأزتكية تتألف من صور تمثل أفكاراً ولها أيضًا قيم صوتية. لقد دمجت الأزتكية رموز أشياء متعددة لتكوين صوت أو اسم لشيء أو فكرة مجردة لم يتم تمثيلها بصورة. وتشبه تلك الرموز الكتابة الحديثة التي تستخدم فيها (الكتابة عن كلمة أو عبارة برسم يذكر المرء بها أو بمقطع منها) واستحدث الحيثيون أيضاً نظام كتابة هيروغليفيًا نحو عام 1500ق.م. وقد مثلت بعض الرموز الحيثية كلمات بينما مثلت الرموز الأخرى مقاطع صوتية.


المصدر: الموسوعة العربية العالمية