الرئيسيةبحث

بحر إيجة، حضارة ( Aegean civilization )



ازدهرت حضارة بحر إيجة في جزر وشواطئ بحر إيجة بين عامي 3000 ق.م. و1200 ق.م. وتطورت هناك أربع ثقافات هي السيكلادية، والمينوية، والمسينية، والطروادية.
بحر إيجة، حضارة. تتكوَّن حضارة بحر إيجة من أربع ثقافات ازدهرت في جُزُر وشواطئ بحر إيجة بين عامي 3000 ق.م.، و1200 ق.م. وتسمَّى تلك الثقافات بالثقافات السِيكلادية، والمينوية، والمسِينية والطروادية. تطورت الثقافة السيكلادية في مجموعة من الجُزر تُسمَّى الجزر السيكلادية. أما الثقافة المِينَوية، فقد نشأت في جزيرة كريت، بينما ازدهرت الثقافة المِسينية في أرض اليونان. وتمركزت الثقافة الطروادية في مدينة طروادة القديمة شمال غربي تركيا الحالية.

نشأت حضارة بحر إيجة بعد اكتشاف شعب المنطقة لكيفية صنع البرونز. وأثناء تلك الفترة، التي تسمَّى العصر البرونزي الإيجي اكتسب الناس مهارة عالية في فن المعمار، والتصوير الزيتي والحِرَف المختلفة. وقاموا بتشييد قصور كثيرة الزخرفة ؛ كما استخدموا أنظمة للكتابة. ويُصَنَّف العصر البرونزي الإيجي كأحد أعظم العصور الفنية والثقافية في التاريخ. وقد دام ذلك العصر من عام 3000 ق.م. إلى عام 1100 ق.م. تقريبًا.

انهارت حضارة بحر إيجة في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، حينما نُسيت وأهملت المهارات الحرفية، وأنظمة الكتابة، والمعرفة بالبناء، وتوقفت معظم الأنشطة التجارية. وقد أحرزت المنطقة تقدمًا ضئيلاً خلال القرون الثلاثة التالية.

لم يخلِّف الشعب الإيجي أيَّ تاريخ مكتوب ؛ غير أن سلالته رَوَتْ قصصًا عن الآلهة، والملوك، والأبطال المشاهير، والحروب الدموية. وقد تكون بعض تلك القصص قائمة على أناس حقيقيين، وأحداث حقيقية. وقد شكَّلت تلك الأحداث الأساس لملحمتَي الإلياذة والأوديسَّة، المنسوبتين للشاعر الإغريقي هومر. كما حفظ الشعب الإيجي بعض السجلات المكتوبة على ألواح من الصلصال التي لم تُحل رموزها إلا عام 1953م.

كشف علماء الآثار النقاب عن معظم المعلومات المعروفة عن حضارة بحر إيجة. وفي سبعينيات القرن التاسع عشر، شَرَع عالِم الآثار الألماني هِنْريش شليمان في إجراء البحوث حول تلك الحضارة. وكان يؤمن بأن معظم قصص الأدب اليوناني القديم مبنية على أحداث واقعية، ومن ثم بحث عن مواقع المدن الأسطورية. وفي عام 1870م، قام شليمان ـ مستخدما الأساطير كدليل ـ بعملية التنقيب الرئيسية الأولى في موقع طروادة. واستهل دراسة الثقافة المسينية عام 1876م. كما اكتشف شليمان قبورًا ملكية في مدينة مسِّيني بأرض اليونان.

في الثمانينيات من القرن التاسع عشر، قام العالِم البريطاني جيمس ت. بِنْت، باستكشاف الثقافة السيكلادية. وفي عام 1900م، بدأ عالِم بريطاني آخر هو السير آرثر إيفانز، في حفر قصر مينوس، بمدينة كنُوسوس، بجزيرة كريت. وقد زوَّدتنا بحوثه بمعظم ما نعرفه حاليا عن الثقافة المينوية.

الثقافة السيكلادية:

ازدهرت في عدد من جزر بحر إيجة ؛ تتضمن كوس، وميلوس، وسيروس، وتيرا. وكان الكثير من السيكلاديين يكسبون عيشهم بصيد الأسماك ؛ بينما كان آخرون يعملون بحارة وتجارًا ؛ ومع ذلك كان آخرون يعملون مزارعين يزرعون العنب لاستخدامه في إنتاج الخمور. كما كان الحرفيون السيكلاديون يصنعون أواني خزفية، وتماثيل حجرية صغيرة، متميزة التصميم. وبعد عام 1900 ق.م. انحطَّتْ الثقافة السيكلادية، ومن ثمَّ تبنَّت مقوِّمات عديدة من الثقافتين المينوية والمسينية.

الشعب الإيجي كان يزخر بمعماريين وفنانين وحرفيين بارعين للغاية. أنتج المينويون بجزيرة كريت أعمالا مثل المنظر الموضح أعلاه، وتوضح الصورة التي يرجع تاريخها إلى ما بين عام 1600 ق.م وعام 1400ق.م. أناسًا يقدمون الهدايا لأحد الآلهة.

الثقافة المِينَوية:

نشأت في كريت وسميت باسم ملك الجزيرة الأسطوري مينوس. ووفقًا للعُرْف، حكَم مينوس بحر إيجة، واستبقى تحت تصرفه المينطور، وهو وحش نصفه إنسان ونصفه ثور .★ تَصَفح: المينطور، وحش.

كان المِيْنَويون فنانين ومعماريين بارعين، وتجارًا نشطين. وقد شيدوا قصر مينوس في كْنُوسوس، إلى جانب قصور في كاتا زكروس، وماليَّا، وفايستوس. كما أسسوا مراكز تجارية في جميع أرجاء منطقة بحر إيجة، وفي مصر. وقامت شعوب المنطقة الأخرى بتقليد التصميمات المينوية في صناعة الأواني الخزفية، والحرف الأخرى. طوَّر المينويون نظامًا عشريًا واستخدموا نظامًا للكتابة تُمثل فيه رموز معقَّدة مقاطع للألفاظ. وفي وقت لاحق قام المسينيون، القاطنون في أرض اليونان، بتكييف نظام الكتابة المينوي على لغتهم.

بعد عام 1450 ق.م، دمرت الحرائق كافة مدن وقصور جزيرة كريت تقريبًا إلاَّ أن القصر في كنوسوس صمد، وتمكَّن المسِّينيون من السيطرة عليه. تمَّ إحراق القصر بأيدي شعب آخر من اليونان في أوائل القرن الرابع عشر قبل الميلاد. بدأ انحطاط الثقافة المينوية بعد إحراق القصر، واندثرت في أواسط القرن الثاني عشر قبل الميلاد.

الثقافة المسِّينية:

تسمَّى الثقافة الهيلادية أيضًا. تمركزت في مسِّيني، المدينة القوية بأرض اليونان. وبحلول عام 2000 ق.م، كانت جماعة من الناس قد انتقلت إلى بيلوبونيز، شبه الجزيرة الجنوبية لليونان، وأسَّست مسيني. ولا يعرف علماء الآثار الجهة التي قَدم منها أولئك الناس. وأدخل المسينيون أساليب جديدة لصنع الفخار بالمنطقة، كما شيَّدوا بيوتًا ذات حجرات مركزية كبيرة. يعتقد العلماء بأن المسينيين كانوا يتحدثون لهجة تطوَّرت فيما بعد إلى اللغة اليونانية.

بحلول القرن السادس عشر قبل الميلاد تعاظمت ثروات وقوة المسِّينيين، كما أثَّروا بدرجة كبيرة في الثقافة اليونانية. ولهذا السبب يُطْلِق علماء الآثار على العصر البرونزي المتأخر اسم الحقبة المِسينية. استخدم المسينيون العمارة المينوية كأنموذج لقصورهم. وأثناء القرن الرابع عشر قبل الميلاد، شيدوا قصورًا في مسيني، وفي أماكن أخرى مثل أثينا، وطيبة، وبيلوس، وتيرينس. وكان القصر في مسيني محاطًا بأسوار ضخمة ذات مدخل كبير يسمَّى بوابة الأسد.

بحلول 1200 ق.م. انهارت الحضارة المسينية، ودُمِّرت مراكزها الرئيسية. ولا يعرف العلماء ما إذا كان سبب سقوط تلك الحضارة هو اضطرابات داخلية، أم اجتياح خارجي. ووفقًا لرواية متوازنة، فإن المسينيين تعرَّضوا لهجوم من الدوريين ـ وهم شعب قَدِم من شمال غربي اليونان ـ إلا أن خبراء عديدين يعتقدون الآن بأن الدوريين لم يصِلوا إلا بعد سقوط الثقافة المسينية.

الثقافة الطروادية:

تطوّرت في طروادة والمناطق المحيطة بها. وكشف علماء الآثار النقاب عن آثار تِسْع مُدُن في موقع طروادة. وقد شُيدت كل مدينة لاحقة فوق حطام المدينة التي سبقتها. ويعتقد علماء الآثار أن المدينة السابعة هي طروادة الأسطورية، الموصوفة في الإلياذة، والأوديسة. وربما تكون تلك المدينة قد شُيِّدت أوائل القرن الثالث عشر قبل الميلاد وأُحرقت ودُمِّرت في منتصف القرن نفسه، بوساطة غزاة قدموا من أرض اليونان.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية