النشر ( Publishing )
☰ جدول المحتويات
النشـر هو عملية إعداد وتصنيع وتسويق الكتب والمجلات والصحف أو أي مطبوعات أخرى. تختص هذه المقالة بعملية نشر الكتب فقط. وللحصول على معلومات عن نشر المجلات والصحف. ★ تَصَفح: المجلة ؛ الصحيفة اليومية.
نشر الكتب صناعة صغيرة نسبيًا، ولكنها ذات أهمية بالغة في الحياة التعليمية والثقافية للجميع. فالكتب هي السجل الحيوي للتاريخ والمعرفة الإنسانية. وهي الوسائل الأساسية التي من خلالها تنتقل المعالم الأساسية للحضارة من جيل إلى جيل. بالإضافة إلى أن الكتب مصدر للمتعة والترويح لدى الكثير من الناس ؛ فهي، أي الكتب، مصدر العديد من الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفازية.
وتطلق كلمة الناشر على الشخص أو الجماعة الذين يباشرون مهمة نشر كتاب ما. والناشر مسؤول عن الحصول من المؤلف أو المؤلفين على النص الأصلي، وعن القيام بالتحرير، كما أنه يشرف على طبع وتجليد الكتاب حتى يتم توزيعه على الجمهور. ويطلق اسم دار النشر على الجهة التي تؤدي معظم هذا العمل. وهي إما بناية ضخمة تضم المئات من الموظفين، أو مجرد غرفة واحدة فيها شخص واحد ينجز العمل بأكمله.
ويرجع تاريخ صناعة وبيع الكتب إلى عصور ماضية. إلا أن طبع الكتب، كصناعة ضخمة، لم يبدأ إلا في القرن التاسع عشر.
أنـواع نشـر الكتب
تنقسم الكتب من حيث نشرها إلى ثلاثة أنواع يختص كل منها بكتب معينة. وهذه الأنواع هي: 1ـ كتب تجارية. 2ـ كتب تعليمية. 3ـ كتب المراجع.
الكتب التجارية:
يعدها الناشرون للقراء عمومًا، وتشمل: القصص، وكتب الأطفال المصورة، وكتب السير الشخصية، وكتب الأحداث الجارية، وكتب التاريخ، والأدب والثقافة العامة وكتب علم النفس، والأدلة السياحية، وكتب الطهي، وكتب "اصنع بنفسك".ويوزع الناشرون التجاريون معظم كتبهم عن طريق المكتبات، أو أقسام بيع الكتب، كما يقوم بعضهم بتوزيع الكتب عبر نوادي الكتاب التي ينتمي إليها الناس بغية الحصول على كتب معينة وبأسعار مخفضة غالبًا.
الكتب التعليمية:
يقوم بطبعها وتوزيعها ناشرون متخصصون، أو الأقسام التعليمية لدى الناشرين التجاريين. وتتمثل في الكتب التعليمية المقررة على طلاب المدارس والجامعات. ويوظف ناشرو الكتب التعليمية ـ غالبًا ـ مدرسين ومثقفين لإعداد وتأليف الكتب المدرسية. ولكي تكون المادة المقدمة للطلاب متجددة دائمًا، يحرص هؤلاء الناشرون على إصدار طبعات حديثة من الكتب المدرسية المقررة بصفة منتظمة. ويبيعون بعض هذه الكتب إلى المدارس مباشرة، كمايتم البيع عن طريق مكتبات الكليات والجامعات.وتحقق الكتب المدرسية ـ غالبًا ـ أكبر قدر من الأرباح، حيث يسعى لشرائها عدد كبير من المدرسين والطلاب. فالكتاب الناجح تباع منه ملايين النسخ على مدى سنوات عديدة. ويستخدم معظم الناشرين العائد من أرباح الكتب التعليمية للإنفاق منه على طبع ونشر الكتب التجارية، غير مضمونة العائد، إذ إنها قد لا تلقى رواجًا سريعًا.
كتب المراجع:
وتشمل الموسوعات والمعاجم والحوليات وما يماثلها من الكتب، التي تحوي معلومات عن مجموعة موضوعات متعددة الأغراض. وقد نظمت مادتها العلمية، ليتمكن الباحث من العثور على ضالته بسرعة وسهولة. ويتعاقد معظم ناشري كتب المراجع مع متخصصين للعمل كمؤلفين، أو مستشارين في مختلف فروع المعارف العامة.ويكلف إنتاج كتب المراجع مبالغ باهظة، خاصة إذا كانت تتطلب العديد من المجلدات، ولكنها تحقق مبيعات ضخمة للمكتبات العامة التي يؤمها الناس للبحث عن المعلومات. كما تباع المراجع للأفراد والأسر الذين ينشدون اقتناء منابع المعرفة لتكون في متناول أيديهم بسهولة. ويستخدم ناشرو كتب المراجع مندوبين عنهم لترويج وبيع الكتب في شتى أرجاء الوطن. كما يتيح بعض الناشرين لعملائهم الفرصة لسداد قيمة المراجع بنظام التقسيط.
نشر كتاب
يجتاز النص الأصلي للمؤلف في البلاد الغربية عدة مراحل من الإعداد قبل أن يصبح في متناول القراء على شكل كتاب، ويسلك معظم الناشرين الخطوات الأساسية نفسها.
الحصول على النص الأصلي:
يستأجر بعض المؤلفين وكلاء ثقافيين ممثلين عنهم. وأول ما يسعى إليه الوكيل الثقافي هو العثور على الناشر المناسب للكتاب، ثم يجري هو والمؤلف مفاوضات مع الناشر حول الشؤون المالية. ويقوم بعض الوكلاء بنشر الكتاب كله أو فصول منه في المجلات وعرضه على شاشة التلفاز، أو إخراجه كفيلم سينمائي. وفي مقابل تلك الخدمات يدفع المؤلف للوكيل الثقافي نسبة تتراوح بين 10-15% من دخله المتحصل من الكتاب.وتوظف معظم دور النشر محررين ممن يوثق بكفاءتهم للحصول على نصوص أصلية من المؤلفين لنشرها، ويترقب هؤلاء المحررون ما يحتمل صدوره من موضوعات، ليتفاوضوا على شرائها من المؤلفين أو الوكلاء الثقافيين، كما يناقشون الأسس التي بمقتضاها تقوم الجهة بإنتاج وتسويق الكتاب.
ويوقع الناشر عقدًا مع المؤلف تحدد فيه المبالغ التي تدفع مقدمًا، والعائد من قيمة المبيعات، والمقدم هو مبلغ من المال يعرضه الناشر للمؤلف خلال فترة الإعداد، على أن يقتطع هذا المبلغ من مستحقات المؤلف من قيمة النسخ المباعة فعلاً، والتي يدفعها له الناشر كنصيبه من الأرباح المتحصلة من توزيع الكتاب. كما يدفع الناشر للمؤلف نسبة مئوية معينة من ثمن كل نسخة تباع من الكتاب. ويحدد العقد أيضًا تاريخ النشر، وكذلك مالك حق النشر وما يتعلق به من حقوق قانونية، لإحكام الرقابة على نشر الكتاب. ★ تَصَفح: حق المؤلف.
صياغة (تحرير) النص الأصلي:
بعد الحصول من المؤلف على النص الأصلي يقوم المحرر بإعداد الكتاب للنشر. ويقصد بالتحرير هنا تلك العملية التي يتم من خلالها وضع كتابات المؤلف في صيغة النشر.فالمحرر يحقق أجزاء النص الأصلي التي تتطلب توضيحًا أو تنظيمًا. فالهجاء والنحو، وعلامات الترقيم، وغيرها من الجوانب اللغوية قد تحتاج إلى تصحيح أو تعديل. ويستعين بعض الناشرين أيضًا بقواعد وإرشادات عملية لتحديد طول ونظام ومحتويات الكتب التي ينشرونها. وينبغي على المحرر أن يتحقق من صحة الموضوعات الواردة بالنص الأصلي، وقد يعني التحرير إضافة أجزاء أو حذف أخرى، أو حتى إعادة صياغة النص الأصلي بالكامل.
ويقوم بعض الناشرين بتوزيع مسؤوليات التحرير بين عدد من الأفراد. فمثلاً: يتولى محرر مسؤولية الحصول على النص الأصلي من المؤلف وتوضيح مضمونه، ويقوم آخر بمهمة الصياغة بالأسلوب الأمثل، ويكون دور الثالث هو التأكد من صحة الحقائق علميًا.
تصميم وطباعة الكتاب:
بعد الانتهاء من صياغة النص الأصلي للكتاب يأتي دور المصمم، والذي يكون مسؤولاً عن المظهر الكلي للكتاب، بما في ذلك الغلاف، فالغلاف الجذاب قد يستثير اهتمام الفرد لشرائه. وهو أيضًا ـ المصمم ـ الذي يستطيع تزويد الكتاب برسوم وصور توضيحية مصاحبة لمادة الكتاب، وفضلاً عن الصور الفوتوغرافية والرسوم توضع الجداول والخرائط والرسوم البيانية. وفي معظم الكتب يقوم المصحح التابع لدار النشر بتدقيق المادة لغويًا، كما يكلف فنان متخصص بمهمة الرسوم والصور وتصميم الغلاف. ولكي يحقق الكتاب المتعة المنشودة للقارئ، فإن على المصمم المواءمة بين العمل الفني والمادة التحريرية للكتاب. وفي أحوال كثيرة يعمل المصمم مع المؤلف وآخرين بغية إعداد الكتاب للنشر.بانتهاء المصمم من عمله، يغدو الكتاب مُهَيّأً للطباعة. وكان الناشرون من قبل يطبعون ويجلدون كتبهم في مؤسساتهم الطباعية الخاصة، ولكن بعد ازدهار الصناعة، والتطور الهائل في آلات الطباعة، أصبحت المطابع الحديثة تنتج آلاف النسخ في الساعة الواحدة، ولذا يبعث معظم الناشرين بأصول كتبهم إلى خارج دور النشر، حيث المطابع الضخمة.
تقوم المطبعة بإعداد البروفة الأولى (تجربة الطبع) ويتم إرسال نسخ منه إلى دور النشر. وهناك يقوم مصححو تجارب الطبع بمراجعتها لاكتشاف الأخطاء الطباعية، ويستطيع المؤلف ـ كذلك ـ أن يضيف معلومات جديدة. ثم يعيد الناشر البروفات المصححة نهائيًا إلى المطابع موقعة منه كأمر للطبع والتغليف.
يخرج الكتاب من المطابع إما: مجلد التغليف أو عادي التغليف. ومعظم الكتب الـمجلدة التغليف أو المجلدة الكعب يكسوها غطاء من قماش أو بلاستيك أو جلد فوق الورق المقوى. أما الكتب عادية التغليف أو عادية الكعب فتكسوها أغطية ورقية، وتخرج المطابع بعض الكتب مجلدة التغليف في البداية، ثم لا تلبث أن تعيد طبعها ـ فيما بعد ـ وتخرجها عادية التغليف، بينما تصدر كتب أخرى عادية التغليف منذ البداية، والتي يمكن شراؤها ـ عادة ـ بأسعار أقل لضآلة تكاليفها بالنسبة للكتب مجلدة التغليف.
تسويق الكتاب:
تبدأ الخطط للإعلان عن الكتاب وتوزيعه قبل الانتهاء من طباعته بوقت طويل. ويحاول المتخصصون في شؤون المبيعات تقدير العدد المحتمل لقراء الكتاب، ويمكنهم حينئذ تحديد عدد النسخ التي يجب على المطبعة إنجازها في الموعد المواكب لتاريخ النشر، كما يقدر المحاسبون قيمة المبالغ التي يدفعها الناشر مقابل الإعلان عن الكتاب لترويجه.ويسلك الناشرون العديد من السبل المنوعة للإعلان عن الكتاب. يبرمج متخصصو الدعاية إجراء مقابلات مع المؤلف في الصحف والمجلات وفي برامج الإذاعة والتلفاز، كما يقدمون نسخًا من بروفات الكتاب النهائية إلى الصفوة من النقاد الأدبيين، أملاً في أن يقدم بعضهم عرضًا صحفيًا للكتاب في صحيفة أو مجلة في وقت متزامن مع نشره.
وعندما يقترب موعد صدور ونشر الكتاب، يبدأ مندوبو المبيعات في الحصول على طلبات الشراء من المكتبات الخاصة والعامة والمدارس، وكبار العاملين في مجال بيع الكتب بالجملة، والأفراد الراغبين. وتهدي مؤسسات النشر نسخًا من الكتاب إلى الشخصيات السياسية البارزة والمشاهير بالإذاعة والتلفاز، وغيرهم من الشخصيات ذوي النفوذ الذين يتوقع تزكيتهم الكتاب لدى الجمهور. وربما يطلب الناشر من المؤلف القيام بجولات يطوف خلالها على المكتبات، ويهدي لعملائه نسخًا موقعة منه. هذا ويراقب المندوبون حركة نمو المبيعات ليحددوا: هل ينبغي على الناشر إصدار طبعة جديدة لنسخ أخرى من الكتاب، ومتى يكون ذلك؟