الفكاهة ( Humour )
☰ جدول المحتويات
الفكاهة لا أحد يعرف بالضبط لماذا نضحك، أو لماذا تجعلنا بعض الأشياء نضحك ونخرِج مثل هذه الضجة الغريبة. ولكن عندما نصادف أي شيء مضحك، فإنّ حجابنا الحاجز يعلو وينخفض ومن ثم نضحك.
يظهر الدافع إلى الضحك في سن مبكرة جداً ؛ فالأطفال الرضع يبتسمون، ثم يناغون، وأخيراً يضحكون بصوت خافت عندما يشعرون بالرضا. وإذا داعبت الأصابع أو دغدغت أجزاء معينة من الجسم فإن ذلك يضحك الأطفال وكثيرًا من البالغين على حد سواء. ولكن بمرور الوقت عندما يبلغ الأطفال سن المدرسة فإنّهم يضحكون أيضا على أشياء يسمعونها ويرونها.
تعد القصص أكثر أشكال الفكاهة رواجاً. وتكون القصة دون المستوى الجيد إذا جعلت شخصًا ما يحمر خجلاً من الحرج، أو إذا أدت إلى فقدان شيء ما لقدسيته، أو إذا جعلت من ضعف شخص محورًا للضحك، أو إذا جعلت من الامتهان والسوقية أمرين مضحكين، أو إذا لم يستطع كل شخص أن يشترك في الاستمتاع بالنكتة.
الفُكاهة عند العرب
عرف العرب الفكاهة، كما عرفتها الأمم الأخرى، وبخاصة بعد فتحهم العراق وفارس والشام ومصر، حيث تأثروا بما لدى تلك الأمم من حياة اجتماعية وثقافية جديدة، جعلتهم يصيرون إلى شيء من حياة الترف والبذخ، قادتهم إلى الاهتمام بألوان الفكاهة والترويح المختلفة، وقد شغف الخاصة والعامة على حدٍّ سواء بمجالس القصص والحكايات والهزل والنوادر.
ظهرت في التراث العربي كثير من الشخصيات الفكاهية، وقد اشتهر منها أشعب وأبودلامة وأبو العِبَر. وتناول كثير من الأدباء العرب الفكاهة، لما لها من مزايا، واتخذ التأليف في هذا الباب صورتين: فريق من الكتاب عرض للفكاهة في ثنايا كتبه، كما فعل الجاحظ في كتاب الحيوان، وأبوحيان التوحيدي في كتابه الإمتاع والمؤانسة، وأبو الفرج الأصفهاني في كتابه: الأغاني، وغيرهم.
وهناك فريق آخر من الكُتَّاب، أفردوا الفكاهة بكتب خاصة، منهم: الجاحظ في كتابه: البخلاء وأبو الطيب محمد بن إسحاق الوشاء، في كتابه: الموشى أو الظَّرف والظُّرفاء. وأبو منصور الثعالبي في كتابه: لطائف اللطف. وأبو الفرج عبدالرحمن بن علي ابن الجوزي في كتابيه: أخبار الحمقى والمُغفلين، وأخبار الظُّراف والمُتماجنين، والخطيب البغدادي في كتابه: التطفيل وحكايات الطُّفيليين وأخبارهم ونوادر كلامهم وأشعارهم.
صور من الفكاهة عند العرب:
ذكر الرُّواة أنَّه مات لبشار بن برد حمار، فلمّا زاره أصدقاؤه للعزاء، أظهر لهم أنَّه مغموم محزون، فألحّوا عليه في السؤال يريدون أن يعرفوا سبب حزنه وغمّه، فقال لهم: إنَّني رأيت حلمًا مزعجًا، رأيت حماري في النَّوم، فقلت له: ويلك! مالك مِتّ؟. قال: إنَّك ركبتني يوم كذا، فمررنا على باب الأصبهاني، فرأيت أتانًا (أُنثى الحمار) عند بابه، فعشقتها فمِتُّ. وزعم بشّار أنَّ حماره أنشده المقطوعة التّالية:
|
فقال له أحد جلسائه: ما الشَّيفران ؟!. قال: ما يُدريني؟! هذا من غريب الحمر، فإذا لقيتم حمارًا فسلوه.
ونُقل عن الجاحظ أنه قال: ما أخجلني قط إلاّ امرأة أخذت بيدي إلى نجّار وقالت: مثل هذا، ومضت، فسألت النجار عن قولها، فقال: أتت إليَّ، وطلبت أن أصنع لها صورة تخوِّف بها أولادها، وأتت بك مثالاً.
ذُكر أن أبا العبر العباسي، سأله مرة ثعلب العالم النحوي المشهور: الظَّبي معرفة أو نكرة؟ فأجابه: إن كان مشويًا على المائدة فمعرفة، وإن كان في الصحراء، فهو نكرة. فقال له ثعلب: ما في الدنيا أعرف منك بالنحو.
ومن فكاهة أشعب قوله: وهب لي غلام، فجئت إلى أُمِّي، وخفت أن أخبرها بالقصة، فتموت فرحًا، فقلت لها: وهبوا لي، فقالت: أيّ شيء؟ قلت: غين. قالت: أيّ شيء غين؟ قلت: لام. قالت أي شيء لام؟. قلت: ألف. قالت أي شيء ألف؟. قلت: ميم. قالت: أيِّ شيء ميم. قلت: غلام. فَغُشي عليها، ولو لم أقطع الحروف، لماتت فرحًا.
أنواع الفكاهة
تأخذ الفكاهة الكلامية عدة أشكال، فقد تكون هذه الفكاهة لطيفة ورقيقة أو قد تكون فظّة ولاذعة ولايوجد فرق واضح بين مختلف أنواع الفكاهة هذه.