Miguel Servet ميخائيل سيرفيتوس أو ميغيل سيرفيت (فيلانويفا دي سخينا، إسبانيا، 29 سبتمبر 1511 – جينيف، سويسرا، 27 أكتوبر 1553) ، كان عالم دين، وطبيب، وإنساني. تضمنت اهتماماته العديد من العلوم: علم الفلك وعلم الأرصاد الجوية؛ والجغرافية، وعلم التشريع، ودراسة التوراة، والرياضيات، وعلم التشريح، والطب. يعد معروفاً في تواريخ بعض من تلك الحقول، خصوصاً في الطب وعلم اللاهوت.
فهرس
|
ولد ميخائيل سيرفيتوس في فيلانويفا دي سيخينا، هويسكا، إسبانيا، في عام 1511. تعطي بعض المصادر تواريخ أسبق لميلاد سيرفيتوس مستندة على إدعائه الخاص بأنه ولد في 1509. قدم أجداده من قرية سيرفيتو، في جبال البايرينيز الأراغونية، والتي أعطت العائلة هذا اللقب. في عام 1524، بعث والده أنطونيو سيرفيت (اسم الشهرة: "Revés")، والذي كان كاتب عدل في الدير الملكي لسيخينا، ميخائيل حينما كان شاباً إلى الكليّة، من المحتمل أن تكون في جامعة سرقسطة أو ليردا. كان لسيرفيتوس أخوين: أصبح الأول كاتب عدل مثل أبيه، وكان الآخر كاهناً كاثوليكياً. كان سيرفيتوس موهوب جدا في اللغات، وقد درس العبرية، واليونانية، واللاتينية. في سن الخامسة عشر، انضم ميخائيل لخدمة راهباً فرانسيسكانياً باسم خوان دي كوينتانا، والذي كان إيرازموسياً، وقد قرأ كامل التوراة بلغاتها الأصلية من المخطوطات التي كانت متوفرة في ذلك الوقت. حضر جامعة تولوز لاحقا في عام 1526 حيث درس القانون. أصبح هناك مشتبه به بالمشاركة في الإجتماعات السرية ونشاطات الطلاب البروتستانتيين.
في عام 1529، سافر سيرفيتوس إلى ألمانيا وإيطاليا مع كوينتانا، الذي أصبح بعد ذلك كاهن اعتراف تشارلز الخامس في الحاشية الإمبراطورية. في أكتوبر/تشرين الأول عام 1530، زار يوهانز أوكولامباديوس في بازل، وبقي هناك لمدة عشرة أشهر تقريباً، وقد دعم نفسه كقارئ تصحيحي لإحدى الطابعات المحلية. في ذلك الوقت كان ينشر إعتقاداته. في مايو/مايس 1531 قابل مارتن بوسير وفابريسيوس كابيتو في ستراسبورغ. بعد شهرين، أي في يوليو/تموز 1531، قام بنشر "دي ترينيتاتيس إروريبوس" (De Trinitatis Erroribus، أي "حول أخطاء الثالوث"). في العام التالي (عام 1532) نشر "ديالوغوروم دي ترينيتات" (Dialogorum de Trinitate، أي "حوارات حول الثالوث")، كما نشر "دي إيوستيتيا ريغني كرستي" (De Iustitia Regni Christi، أي "حول عدالة عهد السيد المسيح").
في تلك الكتب، ألف سيرفيتوس علم لاهوت يزعم بأن اعتقاد الثالوث ليس مستنداً على التعليمات التوراتية ولكن بالأحرى على ما رآه كتعليمات مخادعة من الفلاسفة اليونانيين. رأى نفسه يقود عودة لبساطة وأصالة الإنجيل وآباء الكنيسة الأوائل. جزئيا تمنى بأن طرد العقيدة الثالوثية سيزيد من مناشدة المسيحية لليهودية والإسلام.
أكد سيرفيتوس بأن الشعارات القدسية، والتي كانت توضيحاً لله ولم تكن شخصية قدسية منفصلة، وحدت لإنسان، وهو السيد المسيح، عندما جاءت روح الله إلى مريم العذراء. من ذلك المفهوم فقط يخلق الإبن في الحقيقة. لذا فإن الإبن لم يكن أبدياً، ولكن الشعارات التي منها تشكل أبدية. لهذا السبب، رفض سيرفيتوس دائماً أن يكون السيد المسيح "الابن الأزلي للرب"، ولكن بالأحرى كان ببساطة "الابن للرب الأزلي". علم اللاهوت هذا، بالرغم من كونه أصلياً بالكامل، كان في أغلب الأحيان يقارن مع التبني (Adoptionism) ومع السابيليانية (Sabellianism)، واللتان كانتا بدعاً مسيحية قديمة. تحت الضغط الحاد من الكاثوليك والبروتستانتيين على حد سواء، عدل سيرفيتوس هذا التفسير بطريقة ما في كتابه الثاني، "حوارات" (Dialogues)، لجعل الشعارات ذوات حدود مشتركة مع السيد المسيح. هذا جعل أفكاره مماثلة تقريباً لوجهة النظر قبل عقيدة نايسين، ولكنه لا زال يتهم بالبدع بسبب إصراره على إنكار عقيدة الثالوث وفردية الأشخاص الثلاثة القدسيين في الإله الواحد.
أخذ الاسم المستعار "ميتشل دي فيلنيوف" (أو بمعنى آخر: "ميخائيل من فيلانويفا")، لكي يتفادى إضطهاد الكنيسة بسبب هذه الأعمال الدينية. درس في كلية كالفي في باريس عام 1533. بعد فترة، عاد إلى باريس لدراسة الطب في 1536. في باريس، كان من ضمن معلميه سيلفيوس، وفرنيل، وغوينتر.
بعدما درس الطب، بدأ بممارسة هذه المهنة. أصبح الطبيب الشخصي لكبير الأساقفة بالميير من فيين، كما كان طبيباً لغاي دي ماوجيرون، نائب حاكم دوفينيه. حينما كان يمارس مهنة الطب قرب ليون لخمسة عشر عاماً، نشر عملين حول جغرافية بتوليمي. أهدى الطبعة الأولى من بتوليمي، وطبعته من الإنجيل إلى هوغو دي لا بورت، وأهدى الطبعة الثانية من جغرافية بتوليمي لكبير الأساقفة بالميير.
بينما عمل كقارئ تصحيحي نشر عدة كتب أخرى حول الطب وعلم العقاقير. في عام 1553 نشر عملاً دينياً آخراً يحتوي على وجهات نظر معايدة للثالوث وهو "Christianismi Restitutio". قبل بضعة سنين أرسل نسخة من العمل إلى جون كالفين لبدأ المراسلات بين الطرفين. في هذه المراسلات استخدم سيرفيتوس الاسم المستعار "ميتشل دي فيلنيوف".
في 16 فبراير 1553، بينما كان سيرفيتوس في فيين، شجب كزنديق بواسطة غيلوم تري، وهو تاجر غني في جنيف وصديق جيد لكالفين[1]، في رسالة أرسلها إلى أنتوين آرنيس، في ليون. بالنيابة عن المحقق الفرنسي ماثيو أوري، استوجب سيرفيتوس بالإضافة إلى آرنولي، وهو طابع "كرستيانيسمي ريستيتوتيو" (Christianismi Restitutio)، لكنهم أنكروا كل التهم وأطلق سراحهم لنقص الأدلة. طلب أوري من أنتوين آرنيس الرد إلى غيلوم تري، وطلب البراهين.
في 26 مارس 1553، بعث الكتاب والرسائل من سيرفيتوس إلى كالفين وتم إعادة إرسالها إلى ليون من قبل غيلوم تري. في 4 أبريل من نفس العام، إعتقل سيرفيتوس بواسطة السلطات الكاثوليكية الرومانية، وسجن في فيين. هرب من السجن في 7 أبريل. وفي 17 يونيو كان مداناً بالبدع بواسطة الإستقصاء الفرنسي، وحكم عليه بالحرق هو وكتبه. تم حرق تمثال له وكذلك كتبه في أثناء غيابه.
بقصد الهروب إلى إيطاليا، توقف سيرفيتوس في جنيف، حيث شجبه كالفين ومصلحوه. في 13 أغسطس 1553 حضر خطبة لكالفين في جنيف. عرف فورا وإعتقل[2]، ثم سجن ثانية وتم مصادرة كل ممتلكاته.
لسوء حظ سيرفيتوس، كان كالفين في هذا وقت يحارب لإبقاء قوته الضعيفة في جنيف. صحة كالفين وفائدته للدولة جعلتاه لم يظهر شخصيا ضد سيرفيتوس[3]. إستعمل معارضو كالفين أيضا سيرفيتوس كذريعة لمهاجمة حكومة إصلاح جنيف الثيوقراطية. أصبحت المسألة مسألة سمعة لكالفين ليكون محرضاً لمحاكمة سيرفيتوس. ولكن نيقولاس دي لا فونتين لعب الدور الأكثر نشاطا في محاكمة سيرفيتوس وتسجيل النقاط التي أداناه به.
في أثناء محاكمته، أدين ميخائيل سيرفيتوس بتهمتين، إنشار اللاثالوثية (Nontrinitarianism) والإيصاء بها، ومعاداة معمودية الطفل[4] (paedobaptism). قال ميخائيل سيرفيتوس أن ذلك "هو عمل من الشيطان، وتزييف جهنمي لدمار المسيحية"[5]. بغض النظر عن السبب قوله لذلك، تصريحاته بأن التقاليد المسيحية المشتركة كانت "من الشيطان" عرقلت قدرته على التحالف بشكل كبير. على الرغم من هذا، شجب سيباستيان كاستيليو إعدامه وأصبح ناقداً قاسياً لكالفين بسبب كامل القضية.
بالرغم من أن كالفين اعتقد بأن سيرفيتوس يستحق الموت، تمنى على الرغم من ذلك بألا يكون بالحرق، بل بطريقة أرحم[6]. أبدى كالفين هذه المشاعر في رسالة إلى فاريل، كتبها بعد أسبوع من اعتقال سيرفيتوس. في العالم البروتستانتي بازل تم منع بيع كتابه. آدان مارتن لوثر كتابته بتعابير صريحة. سيرفيتوس وفيليب ميلانختون كان لها وجهات نظر معاكسة بينهما. رأى أغلب المصلحين البروتستانتيين سيرفيتوس كشخص ثوري خطير، ولم يكن مفهوم الحرية الدينية موجوداً في ذلك الوقت. العالم الكاثوليكي أراد سجنه أيضاً وحكم عليه بالموت، مما دفع كالفين لمساواة صرامتهم.
في 24 أكتوبر 1553 حكم على سيرفيتوس بالإعدام حرقاً لإنكار الثالوث ومعمودية الطفل. حينما طلب كالفين بأن يعدم سيرفيتوس بالسيف بدلا من الحريق، وبخه وليام فاريل، في رسالة بتاريخ 8 سبتمبر 1553، للتساهل الذي اعتبره لا داعٍ له[7]. في 27 أكتوبر أحرق ميخائيل سيرفيتوس خارج جنيف. سجل المؤرخون كلماته الأخيرة وهي: "السيد المسيح، ابن الله الأزلي، ارحمني". لم يبدي كالفين أي ندم لتدخله في موت سيرفيتوس. لقد كان ذلك الرجل مثالا لمن فكر بعقله واهتدى إلى ما يشبه الحق