معركة جالديران | |||
---|---|---|---|
النصب التذكاري لمعركة جالديران وقد بني على حافة ارض المعركة الصورة بتاريخ 2003 |
|||
الصراع: معارك الدولة العثمانية | |||
التاريخ: الأربعاء 2 رجب 920 هجري الموافق 23 اغسطس آب عام 1514 | |||
المكان: جالديران على أطراف تركيا مع ايران. | |||
النتيجة: إنتصار العثمانيين على الصفويين | |||
المتحاربون | |||
الإمبراطورية العثمانية | الدولة الصفوية | ||
القادة | |||
سليم الأول | إسماعيل الأول | ||
القوى | |||
60,000[1] ← 200,000 [2][3] |
50,000 ← 80,000[2][3] | ||
الخسائر | |||
غير معروف | غير معروف ولكن ضخم | ||
|
معركة جالديران هي معركة وقعت في 23 أغسطس 1514 في جالديران بين قوات الدولة العثمانية بقيادة السلطان سليم ياوز الأول ضد قوات الدولة الصفوية بقيادة إسماعيل الأول إنتهت بإنتصار القوات العثمانية وأحتلالها تبريز عاصمة الدولة الصفوية وأدت إلى وقف التوسع الصفوي لمدة قرن من الزمان وجعلت العثمانيون سادة الموقف, وانهت ثورات العلويين داخل الإمبراطورية.
وترتب على المعركة الأستيلاء تبريز عاصمة الدولة الصفوية وأخذهم مناطق من عراق العجم وأذربيجان ومناطق الأكراد وشمال عراق العرب, ثم توجه صوب الشام فأكمل انتصاراته على المماليك حلفاء الصفويين بمعركة مرج دابق. كفة المعركة كانت منذ البداية لصالح الجيش العثماني فقد كانوا أكثر عددا وافضل تسليحا من الصفويين, وقد اصيب الشاه إسماعيل وإن كاد أن يقضى عليه لولا فراره من المعركة تاركا كل مايملكه لقمة سائغة لسليم وجنده, كما وقعت زوجته في أسر القوات العثمانية[6] ولم يقبل السلطان أن يردها لزوجها بل زوجها لأحد كاتبي يده انتقاما من الشاه[7].
فهرس |
حينما فرض الشاه إسماعيل المذهب الشيعي على شعبه, وأعلنه مذهبا رسميا للدولة في ايران, وكانت ردود الفعل عنيفة خاصة وإن كثيرا من سكان المدن الرئيسية في إيران مثل تبريز كانوا سنة[8]. فقام باستمالة قبائل القزلباش التركية العلوية المذهب إلى جانبه مما جعلهم عماد جيشه, وهي كانت بالأساس متذمرة من التدابير المالية والإدارية العثمانية بل وهيأت السبيل لحدوث اضطرابات كبيرة في الأناضول[9] مما جعله يعتمد عليهم بالقضاء على جميع معارضيه وفرض المذهب الشيعي بالقوة, فقضى على دولة آق قويونلو وقد كانت حاجزة مابينه وبين العثمانيين. فباتت الدويلات الكردية والقبائل التركية في جبال طوروس الصغرى, والأقليات المسيحية في ارمينية كلها من ممتلكات الشاه حسب ادعائهم[10]. حتى احتل بغداد عام 1508 فهدم ماكان فيها من قبور أئمة سنة وذبح جماعة من علمائهم, فسرت شائعة في البلاد التركية بأن مذبحة عظيمة اصابت السنة ببغداد على يد الصفويين[11].
في هذه الفترة اتسمت العلاقات بين الصفويين والعثمانيين بالفتور، فمنذ بداية تسلم السلطان سليم الحكم وصله سفراء البندقية والمجر ومصر وروسية لتقديم التهاني له وابرم معهم جميعهم هدنة لمدد طويلة[12] ولم يصله سفير من ايران, فأدرك الجميع في هذا الوقت بالذات أن الحرب ستقع بين سليم وخصمه الشاه اسماعيل[13]. وكان سليم الأول ينظر بعين الارتياب إلى تحركات الصفويين، لاسيما بعد إرسال الشاه إسماعيل وفدا ضخما إلى قانصوه الغوري سلطان مصر ضم 200 عبد لإبلاغه عن تلك الحرب المتوقعة ودعوته للتحالف معه ضد السلطان سليم[14], بين له إنه إن لم يتفقا حاربت الدولة العثمانية كلا منهما على حدة وقهرته وسلبت أملاكه[15], فعزم على مهاجمة خصمه الصفوي وتسديد ضربة قوية قبل أن يستعد للنزال. لذلك أرسل هو الآخر وفدا إلى المماليك دعاهم إلى التحالف, لكن المماليك بعد مباحثات طويلة آثروا التزام الحياد[16], وإن كانوا يميلون لجانب الصفويين.
بعدما فرغ السلطان سليم من مشاكله مع اخوته وعقد الصلح مع جيرانه الأوربيين لاسيما مع المجر, امر بحصر عدد الشيعة المنتشرين في الولايات المتاخمة لبلاد العجم بشرق الأناضول وقتلهم جميعا ويقال ان عددهم حوالي 40 الفا من القزل باش[17] ردا على مجازر الصفويين للسنة بالعراق وتبريز واذربيجان[18], وحتى يقضي على أي تمرد قد يحدث بالمستقبل.
ثم جمع السلطان سليم الأول رجال الحرب والعلماء والوزراء في مدينة أدرنة في (19 من المحرم 920هـ= 16 من شهر مارس 1514م)، وذكر لهم خطورة إسماعيل الصفوي في إيران، وأنه اعتدى على حدود الدولة العثمانية، وأنه عامل بعنصرية في دولته أهل السنة والجماعة في وسط آسيا والهند وأفغانستان ويجب الذب عن إخوانهم في تركيا والعراق ومصر. ولهذا يرى ضرورة الجهاد المقدس ضد الدولة الصفوية[19]. ولم يجد السلطان العثماني صعوبة في إقناع الحاضرين بضرورة محاربة الصفويين ، وخرج بعد 3 أيام من هذا الاجتماع على رأس جيش كبير من أدرنة إلى استانبول ثم متجها إلى الأناضول الشرقي فتبريز بعد أن أوكل امر استانبول لإبنه سليمان[20].
لم ينس السلطان سليم وهو في طريقه إلى الحرب أن يكتب إلى عبيد الله خان الأوزبك يذكره بقتل عمه شيباني، ويحثه على الانتقام من إسماعيل الصفوي، ويعلمه عن نوايا بالتحرك تجاه ايران, ويوصيه بمهاجمة خراسان بمجرد وصول الجيش العثماني إلى إيران، وكان هدف سليم من ذلك أن يجعل إيران بين شقي الرحى من الغرب بهجومه، ومن الشرق بهجوم عبيد الله خان على خراسان. فكان رد عبيدالله خان على سفارة السلطان بعد أشهر بسفارة أخرى, يعلمه بالموافقة وأنه انتصر على القوات الصفوية في سمرقند[21].
تحرك السلطان سليم على رأس جيش تبلغ قوته مائة وأربعين ألف مقاتل من مدينة "أدرنه" في 22 من المحرم 920هـ= 19 من مارس 1514م, فسار بجيشه حتى وصل قونية في 7 من ربيع الآخر 920= 1 من يونيو 1514م, فاستراح لمدة ثلاثة أيام، ثم واصل سيره حتى وصل آرزنجان في أول جمادى الآخرة 920 هـ= 24 من يوليو 1514م، ثم واصل المسير نحو أرضروم، فبلغها في 13 من جمادى الآخرة 920 هـ= 5 من أغسطس 1514. وحين وصل إلى مشارف قيصرية, بعث برسوله إلى علاء الدولة ذلقادر حاكم مرعش وألبستان, طالبا منه المساهمة في حرب الصفويين, لكن علاء الدولة تخلق الأعذار في عدم المجيء إليه, متعللا بكبر سنه وإنه لايستطيع القيام بأي مجهود لكونه تحت الحماية المملوكية. وماأن مضى السلطان في طريقه حتى هاجم علاء الدولة ساقة الجيش بإيعاز من السلطان قانصوه الغوري[22]. وبسبب ذلك ترك السلطان سليم 40 ألفا من جنده مابين سيواس وقيصرية, للحفاظ على الأمن بالأناضول من أي اختراق قد يحصل من أي جهة من الجهات التي تنافسه, ولحماية مؤخرة الجيش من أنصار الشاه وقوات ذلقادر[23], مع ذلك فالسلطان لم ينس فعلة ذلقادر فانتقم منه عند عودته[24].
قبل وصوله لجالديران ارسل السلطان إلى قانصوه الغوري رسالة فيها تهديد مبطن يخبره بأن الدولة الصفوية غدت قاب قوسين أو أدنى من الزوال[25].
وقد تبادل مع الشاه إسماعيل عدة رسائل. ففي 23 محرم 920 هـ الموافق 19 مارس 1514 أرسل رسالة بالفارسية من اسكدار مع من يدعى قليج بعد أن تحرك قاصدا بلاد فارس[26], ثم أرسل رسالة أخرى بالفارسية من ازميد في شهر صفر 920 هـ إلى الشاه مفادها:
...إن علمائنا ورجال القانون قد حكموا عليك بالقصاص يا إسماعيل, بصفتك مرتدا, وأوجبوا على كل مسلم حقيقي أن يدافع عن دينه, وأن يحطم الهراطقة في شخصك, انت وأتباعك البلهاء, ولكن قبل ان تبدأ الحرب معكم فإننا ندعوكم لحظيرة الدين الصحيح قبل أن نشهر سيوفنا وزيادة على ذلك فإنه يجب عليك أن تتخلى عن الأقاليم التي اغتصبتها منا اغتصابا, ونحن حينئذ على استعداد لتأمين سلامتك...[27] |
وأرسل مع رسالته خرقة ومسبحة وكشكول وعصا رمز فرق الدراويش يذكره بأصله, فكان رد إسماعيل شاه على هذا الخطاب بأن ارسل إليه هدية عبارة عن علبة من الذهب مليئة بالأفيون قائلا: اعتقد أن هذا الخطاب كتب تحت تأثير المخدر[27][28][29].
وجاء في خطاب آخر ارسله يقول فيه:
... أنا زعيم وسلطان آل عثمان, أنا سيد فرسان هذا الزمان, أنا الجامع بين شجاعة وبأس افريدون الحائز لعز الإسكندر, والمتصف بعدل كسرى, أنا كاسر الأصنام ومبيد أعداء الإسلام, أنا خوف الظالمين وفزع الجبارين المتكبرين, أنا الذي تذل أمامه الملوك المتصفون بالكبر والجبروت, وتتحكم لدى قوتي صوالج العزة والعظموت, أنا الملك الهمام السلطان سليم خان ابن السلطان الأعظم مراد خان, أتنازل بتوجيه إليك أيها الأمير اسماعيل, يازعيم الجنود الفارسية... ولما كنت مسلما من خاصة المسلمين وسلطانا لجماعة المؤمنين السنيين الموحدين... وإذ أفتى العلماء والفقهاء الذين بين ظهرانينا بوجوب قتلك ومقاتلة قومك فقد حق علينا أن ننشط لحربك ونخلص الناس من شرك..[30] |
مع ذلك لم يبد إسماعيل الصفوي حماسا للمعركة بسبب التفوق العددي، وحاول أن يتجنب ملاقاة العثمانيين فأرسل إليه بطلب الهدنة وتجديد علاقات السلم والصداقة بين الدولتين[31], فلم يقبل سليم وقتل الرسول وأرسل إليه برسالة إعلان الحرب بشكل رسمي يقول فيها وباللغة التركية:
إن كنت رجلا فلاقني في الميدان, ولن نمل انتظارك.[32] |
وارفقها بمجموعة من الألبسة النسائية والعطور وأدوات الزينة وذلك استهزاءا بشخص الشاه لتهربه وتقاعسه من المسير إليه ويستعجله بالحرب[33][34], مماحدا بالشاه إسماعيل بقبول التحدى وواعده بجالديران قائلا له:
وأنا ايضا أعد العدة للحرب.[35] |
وبدأت حرب استطلاع بين الطرفين, وبدأ سليم بالتحرك وعسكر في صحراء ياس جمن على مقربة من جالديران, ووصلته الأنباء التي اتت بها عيونه وجواسيسه تقول: إن الشاه إسماعيل الصفوي لاينوي القتال وإنه يؤخره إلى أن يحل الشتاء كي يهلك العثمانيون بردا وجوعا.
أسرع السلطان سليم بالمسير إلى جالديران بعدما علم أن الشاه على وشك الوصول إليها, وقد وصلها في اغسطس 1514 واحتل المواقع الهامة بها واعتلى الأماكن الهضبية فيها, مما مكنه من السيطرة على مجرى المعركة بعد ذلك[36].
في صبيحة يوم الأربعاء 2 رجب 920 هـ/ الموافق 23 اغسطس 1514 م, كان الطرفان قد أعدا العدة للحرب واصطفا استعدادا لبدء المعركة. وماأن أعلنت ساعة البدء حتى هدرت المدافع العثمانية وتعالت أصوات الجند من كلا الفريقين. وبعد معركة حامية الوطيس, انتصر العثمانيون بمساعدة الطوبجية (رماة البنادق), وانكسر جيش القزلباش وسقط أقوى قواده محمد خان استاجلو صريعا في أرض المعركة ووقع الكثير من قواده بالأسر, وأسرت أيضا احدى زوجاته وتسمى تاجلو خانم[37], فلم يقبل السلطان أن يردها لزوجها بل زوجها للأحد كاتبي يده تشفيا بالشاه, وأما الشاه فقد جرح في ذراعه وفر من المعركة متجها صوب تبريز بعد أن أنقذه أحد ضباطه ويدعى ميرزا سلطان علي من الأسر, مما حدا السلطان بأمر قائده أحمد باشا دوقاقين أوغلو بتعقب الشاه, الأمر الذي جعله يترك تبريز ويلوذ بخوي[38][39][40].
دخل السلطان سليم مدينة تبريز واستولى على خزائن الشاه, ولكنه لم يستطع التقدم أكثر من ذلك, فقد لقي معارضة شديدة من أمراء جيشه, وكان المحرض الأول لهم قاضي عسكر الإنكشارية جعفر چلبي, فأعدمه السلطان. ورغم ذلك فقد كانت الظروف غير مواتية للسلطان بسبب قلة المؤن لديه, وخلو تبريز من الأطعمة لجيشه الضخم, وهجوم الشتاء عليه, وعدم وجود الألبسة الملائمة لجنده لهذا الفصل[41][42], لذلك فقد قرر إخلاء المدينة ناقلا معه آلافا من أبرز تجارها وحرفييها وعلمائها إلى الأستانة.
وترتب على انتصار سليم الأول أن نهض رؤساء كردستان -وكانوا من السنة- لمساندة العثمانيين وأعلنوا ولائهم له، ولم يمض وقت طويل حتى انضمت 23 مدينة للحكم العثماني, على الرغم من الاستحكامات العسكرية التي أقامها الصفويون بها, فعقد السلطان معهم اتفاقية صداقة وتحالف وذلك بفضل جهود الشيخ ادريس البدليسي[43][44] والذي نصبه السلطان كمفوض للأدارة الأهلية بتلك الأقاليم كمكافأة لما قدمه من خدمات للسلطنة.
توسع العثمانيون فضموا إليهم أرمينيا وسائر مدن كردستان من ديار بكر وماردين والموصل و سنجار و حصن كيفا والعمادية وجزيرة ابن عمر[45] حتى أصبح الجزء الأكبر من مناطق الأكراد سواءا بالعراق أو بإيران في يد العثمانيين، وأصبح الصفويون وجها لوجه أمام العثمانيين، فبات من الصعب عليهم التوسع على حساب العثمانيين.
مكنت تلك المعركة للعثمانيين من التحكم بالطرق الرئيسية الإستراتيجية من الأناضول عبر القوقاز وسوريا وايران[46], كما مكنهم من تنظيم خطوط الدفاع والهجوم لتلك المناطق, وكذلك السيطرة على طرق التجارة العالمية وخاصة الحرير الفارسي من تبريز إلى حلب وبورصة مما در عليهم دخلا مهما من المكوس المفروضة من تلك التجارة, وأخيرا فبسيطرته على المصدر الرئيسي لتجارة الرقيق في القوقاز أمكنه أن يضغط على المماليك من عدة اتجاهات خلال تلك الفترة المهمة[47].
ليس ثمة شك في أن إسماعيل الصفوي كان يتمتع بصفات مؤسس الدولة الصفوية من الذكاء والصبر والقدرة على التحمل، والقيادة والشجاعة، والقدرة على حشد الأتباع والتأثير فيهم والسيطرة عليهم، ووضع نظم الإدارة، وكان حظه من ذلك موفورا
ولكن يؤخذ عليه إدمانه الخمر، وغلبة طابع الفجور على كثير من فترات حياته، وقسوته البالغة مع أعدائه وخصومه، وميله إلى التشفي والانتقام منهم حتى بعد وفاتهم.
معارك الدولة العثمانية | ||
---|---|---|
معركة ماريتزا | معركة قوصوة | معركة أنقرة | معركة فارنا | فتح القسطنطينية | معركة ديو | معركة جالديران| معركة مرج دابق | معركة الريدانية | حصار فيينا | معركة موهاكس | معركة بروزة | معركة ليبانتو | معركة فيينا | مذبحة الإنكشارية | معركة نافارين | حرب القرم | حملة ترعة السويس الأولى | معركة جاليبولي | حملة ترعة السويس الثانية | معركة رمانة |