Rimini ريميني . مدينة إيطالية بإقليم إميليا رومانيا و عاصمة مقاطعة ريميني ، يبلغ عدد سكانها 138.148 نسمة .
تعد هنا الملاحة و صيد الأسماك صناعات تقليدية . تشكل مع ريتشوني و كاتوليكا وجهة سياحة بحرية في غاية الأهمية إيطالياً و أوروبياً عموماً (خاصة السياح القادمين من ألمانيا و في السنوات الأخيرة من شرق أوروبا).
ثروات ريميني السياحية بدأت في القرن التاسع عشر.
تقع ريميني في منطقة سهلية على ساحل البحر الأدرياتي في الجزء الجنوبي الشرقي من إقليم إميليا رومانيا . و بها نهران : أوزا و ماريكيا ، الذي ينسب له اسم هذا الجزء من المقاطعة (فالماريكيا ، الجزء الآخر يسمى فالكونكا ، نسبة لمسار مائي آخر). تم تعديل مسار نهر ماريكيا قبل سنوات للتخلص من الفيضانات الدورية. تم استصلاح الجزء الأخير من النهر بالكامل : كان مستنقعاً (حتى داخل المدينة) هو الآن حديقة خضراء شاسعة تعبرها مسارات للدراجات الهوائية ، و زُودت بمساحات لعب للأطفال و بحيرة اصطناعية ، في حين تم الإبقاء على المصب مغموراً حتى و إن كان على شكل قناة "عمياء" بطول حوالي 500 م ، ليستمر مرفأ المدينة القنالي في الحياة .
و هي أقرب المدن الإيطالية إلى جمهورية سان مارينو ، التي يربطها بها طريق سريع أُنشأ بتمويل أمريكي بعد الحرب العالمية الثانية فوق الطريق القديمة . يتمثل الساحل بشاطئ طويل جداً ، و حيث المياه ضحلة مما جعله مناسباً للسياحة البحرية.
عاش الإنسان البدائي منذ 800000 عام في المنطقة الساحلية بقِدَم تلة كوفينيانو .
أسس الرومان مستعمرة أريمينوم Ariminum في عام 268 ق.م عند مصب نهر أريمينوس (يعرف حاليا باسم ماريكيا) ، في منطقة سكنها سابقاً الإتروسكان و الأومبريين و الإغريق و الغال . اعتبرت حصناً ضد الغزو الغالي و كذلك نقطة انطلاق للاستيلاء على وادي بو . كانت ريميني نقطة تقاطع طرق تتصل بوسط إيطاليا (طريق فلامينيا) و شمال إيطاليا (طريق إميليا المؤدي إلى بياشنسا و طريق بوبيليا) كما انفتحت تجارياً عبر البحر و النهر .
أخذها الغال في القرن السادس قبل الميلاد ؛ و بعد هزيمتهم الأخيرة (283 ق.م) ، عادت للأومبريين و أصبحت مستعمرة لاتينية عام 263 ق.م ، ساعدت الرومان كثيراً خلال حروب الغالية المتأخرة .
شاركت المدينة في الحروب الأهلية و لكنها ظلت وفية للحزب الأكثر شعبية و قادته ، أولا لغايوس ماريوس ثم ليوليوس قيصر . بعد اجتياز الروبيكوني وجه هذا الأخير نداءه الأسطوري إلى الجحافل في ساحة ريمينى الرومانية .
استرعت ريميني اهتمام العديد من الأباطرة ، خصوصاً أوغسطس الذي عمل الكثير للمدينة و هادريان ، و عاشت فترة عظيمة من تاريخها ، مجسدةً في تشييد معالم مرموقة مثل قوس أوغسطس و جسر تيبيريو و المدرج ، و قد بَنَت غالا بلاسيديا كنيسة سانتو ستيفانو .
شهد العالم الروماني أزمة مدمـّرة تسببت فيها الحروب والغزوات ، و ساهمت فيها أيضا قصور قادة الإمبراطورية و الكنائس الأولى ، رمز انتشار النصرانية و التي عقدت في مجلساً هاماً لها في ريميني عام 359.
باستيلاء القوط الشرقيين بقيادة ثيودوريك العظيم على ريميني سنة 493 أُحكم الحصار على أودواكر في رافينا فاضطر إلى الإذعان . أخذت ريميني و استـُعيدت مرات عديدة خلال الحرب القوطية . في جوارها صدّ الجنرال البيزنطي نارسيس هجوم الألامانيين عام 553 . تحت الهيمنة البيزنطية انتمت ريميني إلى البينتابولس جزءاً من إكسرخسية رافينا .
عام 728 بسط ليوتبراند ملك اللومبارديين سيطرته عليها مع العديد من المدن الأخرى ، بيد أنها عادت إلى البيزنطيين حوالي عام 735 . أعطاها الملك بيبين القصير للدولة البابوية ، و لكنّها أثناء حروب البابوات و المدن الإيطالية ضد الأباطرة ، صفت إلى جانب الأباطرة .
عانت ريميني في القرن الثالث عشر من النزاعات بين عائلتي غامباكاري أنسيديي . صارت المدينة بلدية في القرن الرابع عشر ، و بأوامر دينية بنيت العديد من الأديرة و الكنائس ، موفرةً عملاً لكثير من الفنانين المشهورين . و في الواقع ألهم الفنان جوتو دي بوندوني مدرسة ريميني في القرن الرابع عشر و التي كانت تعبيراً عن اختمار ثقافي أصلي .
بزرعت عائلة مالاتيستا في الصراعات بين فصائل البلدية من خلال مالاتيستا دا فيروكيو ، و الذي سـُميَ بودستا على المدينة عام 1239 . و رغم بعض التقطعات أمسكت عائلته بالسلطة حتى عام 1528 . و في عام 1312 خلفه مالاتيستا الثاني أول سيد (signore) للمدينة ، و شقيقه باندولفو الأول سمـّاه الإمبراطور لويس البافاري نائب إمبراطورياً في منطقة رومانيا الإيطالية . عُورِضَ فيرانتينو ابن مالاتيستا الثاني (1335) من قِبَل ابن عمه رامبيرتو و من قبل الكاردينال بيرتاندو دل بودجيتو (1331) مندوب البابا يوحنا الثانى والعشرين . كان مالاتيستا الثالث (1363) أيضا سيد بيزارو . و قد خلفه مالاتيستا الرابع (1373) ، و غاليوتو الأول عم السابق (1385) كان أيضاً سيد فانو (من 1340) ، ثم بيزارو و تشيزينا (1378).
و كان ابنه كارلو الأول مالاتيستا أحد أكثر الكوندوتييريين المحترمين في زمنه ، و قد وسـّع الممتلكات الريمينية حتى لومبارديا و جَـدّد الميناء . مات كارلو دون ذرية في سنة 1429 ، فانقسمت السيادة إلى ثلاثة أجزاء ، و ذهبت ريميني إلى غاليوتو روبيرتو الذي عجز تماما عن أداء هذا الدور . فحاول الفرع البيزاري من آل مالاتيستا استغلال ضعفه للإستيلاء على المدينة ، و لكن سيجيسموندو باندولفو مالاتيستا ابن أخ كارلو تدخل لإنقاذها و الذي كان آنذاك في الرابعة عشرة من عمره . اعتزل غاليوتو في الدير و تحصـّل سيجيسموندو على حكم ريميني .
و كان سيجيسموندو باندولفو أشهر سـادة ريميني . في سنة 1433 أقام الإمبراطور سيغيسموند في المدينة و كان لبعض الوقت القائد الأعلى للجيوش البابوية . لطالما تصرف الجنرال الماهر ككوندوتييرو لحساب الدول أخرى لكسب المال لتزيينها (كما كان شاعراً). و قد أعاد بناء كاتدرئية تيمبيو مالاتيستيانو الشهيرة بإشراف ليوني باتيستا ألبيرتي . و لكن بعد صعود البابا بيوس الثاني اضطر للقتال باستمرار من أجل استقلال المدينة . و في سنة 1463 اضطر للخضوع لبيوس الثاني الذي ترك له ريميني و أكثر قليلا ؛ ابنه روبيرتو مالاتيستا (1482) كاد أن يخسر دولته في عهد البابا بولس الثاني ، و لكنـّه في ظِـل البابا سيكتوس الرابع صار قائد الجيش البابوي ضد قوات فرديناندو الاول ملك نابولي ، و انتصر عليهم في معركة كامبومورتو (1482) . فقد ابنه باندولفو الرابع (1500) ريميني لصالح تشيزاري بورجا ، ثم تركها تسقط بيد البندقية (1503-1509) ، و لكن البابا يوليوس الثاني استعادها و ضمها إلى الدولة البابوية . بعد وفاة البابا ليو العاشر ، عاد باندولفو لعدة أشهر ، و حكم مع ابنه سيجيسموندو . طرده البابا هادريانوس السادس مرة أخرى و أعطى ريمينى إلى دوق أوربينو نائب البابا في منطقة رومانيا الإيطالية . و في عام 1527 تمكن سيجيسموندو من استعادة المدينة ، و لكن في العام التالي تلاشت سيادة آل مالاتيستا إلى الأبد .
صارت ريميني بداية القرن السادس عشر مدينة ثانوية في الدولة بابوية ، بحكومة محلية يقودها مندوب بابوي (Legatus Pontificius) . قبل نهاية القرن السادس عشر أعيد تصميم ساحة البلدية (ساحة كافور) حتى بلغ حدها موقع مسرح بوليتي الذي بُـنِـيَ لاحقاً . و في سنة 1614 وُضِـع تمثال البابا بولس الخامس بمنتصف الساحة بجوار النافورة.
و أيضاً في القرن السادس عشر ، خضعت الساحة الكبرى (تعرف الآن بساحة الشهداء الثلاثة تكريماً لثلاثة مدنيين شنقهم النازيون المتقهقرون في نهاية الحرب العالمية الثانية) لتغييرات مختلفة ، و التي أقيمت فيها أسواق و بطولات . و قد بُـنِـيَ على سبيل المثال : معبد صغير كـُرس للقديس أنطونيو دي بادوفا ، و برج الساعة مُعطِياً الساحة شكلها و حجمها الحاليين.
حتى القرن الثامن عشر ، خـَرّبَت المدينة اجتياحات الجيوش و الزلازل و المجاعات و الفيضانات و هجمات القراصنة . في هذه الحالة الكئيبة و بسبب انهاك الاقتصاد المحلي ، أخذ صيد الأسماك أهمية كبرى ، و يشهد على هذه الحقيقة تشييد المباني الوظيفية مثل سوق السمك و المنارة .
في سنة 1797 ، تأثرت ريميني كما بقية منطقة رومانيا بمرور القوات الفرنسية و أصبحت جزءاً من الجمهورية الألبية . قمعت الحكومة النابليونية النظام الرّهباني ، و صادرت ممتلكاتهم و بالتالي تبديد تراث كبير ، و هدم العديد من الكنائس بما في ذلك كاتدرائية سانتا كولومبا القديمة . في الثلاثين من آذار مارس سنة 1815 وجّه جواكينو مورات خطابه إلى الشعب الايطالي من ريميني ، محرضاً إيّهم على الوحدة والإستقلال . في سنة 1845 دخلت المدينةَ زمرة ُمغامرين بقيادة ريبورتي و أعلنت دستوراً ما لبث أن أُلغي . و اتحدت ريميني و منطقة رومانيا بمملكة إيطاليا الموحدة عام 1860 .
تعطينا القصور التي بنيت على طول شارع أوغوستو فكرةً عن المدينة في القرن التاسع عشر و خاصة المسرح ، الذي صممه لويجي بوليتي ناجحاً في ترجمة طموحات الطبقات الحاكمة في شكل تقليدي حديث.
بيد أن أكبر عنصر ثوري للمدينة كان تأسيس أول مؤسسة اصطياف و منتجع في سنة 1843 ، شـُيّد لاستضافة المناسبات الاجتماعية ذات الأبهة ، و أصبح رمزاً لسياحة ريميني . في غضون بضع سنوات ، خضعت المارينا لقدر كبير من بناء مما جعل ريميني 'مدينة الفيلات الصغيرة' . في بداية القرن العشرين ، بُـنِـيَ الغراند أوتيل ، أول مرافق الإقامة المهمة بالمدينة ، بالقرب من الشاطئ ، و سرعان ما أصبح شعار لنوع جديد من السياحة.
مزّق القصف الثقيل المدينة خلال الحرب العالمية الثانية و لمرورها أمام و على طول ما عُرف بالخط القوطي و لكن بعد التحرير في يوم 21 سبتمبر ايلول 1944 ، بدأت عملية إعادة إعمار كبيرة ، أدت إلى ازدهار كبير في اقتصاد المدينة السياحي و الذي خلق واقعاً حضارياً جديداً .
أقيمت مسابقة بطولة مستر أوليمبيا في ريميني سنة 1989 .