الرئيسيةبحث

الحركة الإسلامية في إسرائيل

الحركة الإسلامية في إسرائيل أو الحركة الإسلامية في فلسطين 48 هي حركة دينية سياسية أقيمت في 1971 على يد عبد الله نمر درويش في منطقة المثلث بإسرائيل وتنشط في الجماهير المسلمين من عرب الـ48 (العرب الذين يملكون الجنسية الإسرائيلية). ليست للحركة علاقة مباشرة بحركة الإخوان المسلمين، ولكن المبادئ التي تتبعها تشابه مبادئ الإخوان المسلمين. يقول قادة الحركة إنهم يعملون في إطار القانون الإسرائيلي، ولكن في بعض الأحيان تم محاكمة قادتها بتهمة التعاون مع عناصر مضادة للدولة أو فعليات غير قانونية.

في 1989 شاركت الحركة الإسلامية في الانتخابات للمجالس المحلية في بعض التجمعات العربية بإسرائيل وحصلت على رئاسة المجالس في 6 تجمعات، من بينها بلدية أم الفحم، وإدخال نواب إلى بعض المجالس في تجمعات أخرى.

بعد توقيع إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية على اتفاقية أوسلو، والاعتراف المتبادل بينهما، وقع خلاف بين قادة الحركة بشأن تأييد المبادرة السلمية. في 1996 تشدد الخلاف وتقسمت الحركة إلى قسمين - الجناح الشمالي بقيادة رائد صلاح، والجناح الجنوبي بقيادة إبراهيم صرصور - بشأن المشاركة في الانتخابات البرلمانية للكنيست الإسرائيلي. بينما يدعو الجناح الشمالي الجمهور الإسلامي إلى مقاطعة الانتخابات، أنشأ الجناح الجنوبي "القائمة العربية الموحدة" بتعاون مع سياسيين عرب، وحصل على 4 مقاعد في الكنيست.

جذور الحركة

تعود الجذور الأولى للحركة الإسلامية في إسرائيل إلى أوائل السبعينيات؛ حيث تضافرت عدة عوامل أدت إلى تصاعد التيار الإسلامي لدى عرب الـ48، من أهمها:

1- حرب 1967 التي أدت إلى فقدان الثقة بالأنظمة السياسية العربية القائمة. 2- استئناف الاتصال المباشر بالفلسطينيين وعلماء الدين في الضفة الغربية وقطاع غزة إثر حرب 1967 بشكل أوجد حوافز منشطة للعودة إلى الدين، وساعد على هذا نشاط الحركات الإسلامية في الضفة والقطاع، مثل حركات: الإخوان المسلمين، وحزب التحرير الإسلامي، والجهاد.

3- توجه عدد كبير من الشباب العربي إلى الدراسة في الكليات الإسلامية في الضفة الغربية، مثل كلية الشريعة في الخليل، المعهد الديني في نابلس الذي تخرج فيه الشيخ عبد الله نمر درويش أحد أقطاب الحركة الإسلامية في أوائل عهدها.

4- الثورة الإسلامية في إيران، وتحقيقها لفكرة إقامة الدولة الإسلامية.

5- تراجع الفكر اليساريٍٍٍٍ في الدول العربية لحساب الاتجاه الإسلامي، وتعاظم دور الحركات الإسلامية في العالم العربي.

وقد ظهرت النواة الأساسية للحركة الإسلامية في إسرائيل بمنطقة المثلث عام 1971، وهي منطقة أكثرية سكانها عرب مسلمين، تمتد بين كفر قاسم وأم الفحم على الحدود بين إسرائيل والضفة الغربية. ثم توسعت الحركة بعد ذلك وأقامت مراكز في منطقتي الجليل والنقب، وكان الشيخ "عبد الله نمر درويش" من أوائل المبادرين إلى تأسيس الحركة الإسلامية.

ففي هذا العام (1971) تخرج عبد الله نمر درويش في المدرسة الإسلامية (المعهد الديني) في نابلس، وبدأ يدعو إلى العودة إلى الإسلام ويعمل على بناء جيل يحمل الإسلام عقيدة وشريعة ونظام حياة، في عام 1972 أقام أول نواة للحركة الإسلامية في كفر قاسم؛ حيث اقتصر على نشر الدعوة حتى عام 1974، وبدأت دعوته (العودة إلى الإسلام) تصل إلى القرى المجاورة (كفر برا وجلجولية والطيبة).

وفي عام 1978 وصلت الدعوة إلى مدن أم الفحم وباقة الغربية وجت شمالي منطقة المثلث، وفي عام 1979 وصلت إلى النقب، أما في عام 1980 فقد وصلت إلى الناصرة وبعض قرى الجليل. وقد ألقي القبض على الشيخ درويش عام 1981، وحُكم عليه بالسجن 4 سنوات، أمضى منها 3، وأفرج عنه عام 1984، وكانت التهمة التي أدين بها صلته بتنظيم سري إسلامي (أسرة الجهاد) بعدما اتُهم أعضاء هذا التنظيم بحيازة أسلحة ومتفجرات وإشعال النيران في ممتلكات يهودية، وحكم على زعيم التنظيم (فريد أبو مخ) بالسجن 10 أعوام، وأطلق سراحه مع آخرين في إطار صفقة جبريل عام 1985.

وقد تأسست "أسرة الجهاد" (منظمة سرية شبه عسكرية) التي سُجن بسببها الشيخ درويش عام 1979 من مجموعة من الشبان من تيار سمي "التائبين" بقيادة فريد أبو مخ من مدينة باقة الغربية، دعوا إلى تحرير فلسطين بالجهاد المسلح بما في ذلك الحرب الاقتصادية ونُسبت لهم عمليات إحراق ممتلكات يهودية.

بيد أن السلطات الإسرائيلية اعتقلت معظم أعضاء التنظيم في يناير عام 1980، وكان من بين المعتقلين فريد أبو مخ، والشيخ عبد الله نمر درويش. وقد عاد الشيخ نمر درويش بعد الإفراج عنه إلى قرية كفر قاسم ليتزعم الحركة الإسلامية التي اهتمت بالبنية التحتية الاجتماعية، فأقامت شبكة من عشرات الجمعيات والروابط القانونية التي أسست بدورها رياض الأطفال، عيادات، نوادٍ رياضية، كلية دينية.

وأسس "حركة الشباب المسلم" التي ركزت نشاطها بشكل أساسي على السلطات المحلية، وحددت آلية عملها على النهوض بأوضاع فلسطينيي 48 ورعاية شئونهم بأنفسهم؛ بحيث يقوم المشاركون فيها بأعمال عامة مثل شق الشوارع والطرقات وإقامة محطات الوقوف والمواصلات العامة وترميم المدارس وتنظيف المقابر وبناء الصفوف الدراسية، كما تمت إقامة رياض أطفال وخدمات للمسنين ومكتبات عامة للكتب الدينية.

وكان من الطبيعي أن تدرس الحركة المستجدات، وأن تتبنى مبدأ العمل في ظل القانون، وأن تعود إلى ما بدأت به من إقامة القاعدة الأساسية، فكثفت في الثمانينيات والتسعينيات من إنشاء المؤسسات الدينية التي تقدم خدمات حيوية لفلسطينيي 48؛ الأمر الذي زاد من شعبية هذه الحركة داخل صفوف الفلسطينيين، ونظرًا لما تستغله الحركة من مفهوم ديني حول تحرير القدس والمسجد الأقصى (القبلة الأولى للمسلمين).

وقد جعلت هذه المبادئ التي رفعتها الحركة الإسلامية بجناحيها خاصة جناح الشيخ رائد التيار "المعتدل" فيها يفوز في انتخابات الكنيست 96 و1999 بمقعدين في كل مرة.

أيديولوجية الحركة

وتؤمن الحركة الإسلامية لفلسطينيي 48 بأن الإسلام هو الحل لمشكلات الجماعات البشرية والأفراد، وقد عبر أحد كبار الحركة وهو الشيخ عاطف الخطيب عن ذلك بقوله: "إن الحركة الإسلامية تؤمن بأفضلية الحل الإسلامي للقضية الفلسطينية عن طريق إقامة حكومة إسلامية على أرض فلسطين ينعم تحت حكمها المرتكز على شريعة الله اليهود والنصارى والمسلمون".

ولأن هذا الحل يبدو غير واقعي ويدرك قادة الحركة الإسلامية ذلك جيدًا؛ فقد قال الشيخ الخطيب (قبل إتفاق أوسلو): "إنهم لا يمانعون حلا وسطا مع المنظمة (منظمة التحرير الفلسطينية) يجرى من خلاله تحرير أي بقعة من فلسطين وإقامة السيادة الفلسطينية عليها".

أما نمر درويش فكان يقول: "إنهم يقبلون بالحل السياسي الذي يتم التوصل إليه عن طريق التفاوض بين القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني ودولة إسرائيل، إنهم يقبلون بإقامة دولة فلسطينية على أي جزء من فلسطين، حتى لو كانت هذه الدولة في مدينة واحدة".

الحركة الإسلامية والانتخابات للكنيست

ضمن سعيها لتحسين أحوال فلسطينيي 1948 شاركت الحركة الإسلامية منذ عام 1984 في انتخابات المجالس المحلية العربية، أما انتخابات الكنيست فقد رفضت الحركة الإسلامية في بداية الأمر المشاركة فيها؛ لأن ذلك يعني إضفاء الشرعية من قبلها على دولة إسرائيل.

وقد فازت الحركة في أول انتخابات محلية تشارك فيها برئاسة مجلس محلي "كفر برا"، وحصلت على تمثيل في عضوية مجلس كفر قاسم والطيبة، وفي الانتخابات المحلية التالية عام 1989 فازت الحركة الإسلامية برئاسة 5 سلطات محلية في كل من أم الفحم وكفر قاسم وجلجولية وراهط وكفر برا، وحصلت على عضوية بعض المجالس البلدية في الناصرة وكفر كنا والفريدس والطيبة والطيرة وقلنسوة.

وقبيل انتخابات 1996 وقعت تطورات سياسية في الحركة الإسلامية يمكن أن نطلق عليها "انشقاقا" في صفوف الحركة، بعد أن قام عبد الله نمر درويش بتأسيس ما سُمي "التيار المعتدل للحركة" الذي تحالف مع الحزب الديمقراطي العربي في وقت لاحق، وخاض انتخابات الكنيست الرابعة عشرة 1996 معه في قائمة واحدة.

ومنذ ذلك الحين انقسمت الحركة الإسلامية إلى 3 تيارات قوية مرتبطة بـ3 شخصيات قيادية، هي:

1- التيار الأول يمثله عبد الله نمر درويش، وهو تيار براجماتي (يعايش الواقع) يمتنع عن الاحتكاك بالسلطات، ويميل إلى الاندماج في الواقع الإسرائيلي؛ ولذلك فقد دفع هذا الاتجاه نحو المشاركة في الانتخابات عن طريق التصويت لمصلحة قائمة عربية حليفة. وهذا التيار أكثر وضوحا وعلانية في التعبير عن دعمه لعملية السلام واتفاق أوسلو، وذو علاقات قوية بالسلطة الوطنية الفلسطينية.

2- التيار الثاني يقوده الشيخ رائد صلاح، وهو يقيم علاقات قوية بالحركات الإسلامية في الضفة والقطاع، وكان موقفه من الانتخابات العامة الإسرائيلية وسطًا بين رفض المشاركة فيها كحركة مع السماح لأنصار الحركة بالتصويت فيها لبناء قوة تصويت عربية، وقد حافظ هذا التيار على علاقات جيدة بالسلطات الإسرائيلية بعد أن أصبح يحكم العديد من البلديات كي يحصل على موارد لتمويل المشاريع التطويرية المحلية والخدمات.

3- أما التيار الثالث فكان بقيادة الشيخ كمال الخطيب، وهو ذو مواقف علنية متشددة ضد المشاركة في الانتخابات الإسرائيلية.

وقد انضم التياران الأخيران في حركة واحده أُطلق عليها "الحركة الإسلامية.. الفرع الشمالي جناح الشيخ رائد"، أما التيار الأول فأصبح يحمل اسم "الحركة الإسلامية.. الفرع الجنوبي جناح الشيخ إبراهيم صرصور".

بداية الصدام مع الاحتلال

بتاريخ 5-9-1999 وقع حادثَا تفجير في مدينتي طبريا وحيفا؛ حيث انفجرت سيارتان مفخختان قيل كان يقودهما فلسطينيون من سكان قريتي دبورية والمشهد في الجليل الشمالي، اتهمتهم الشرطة الإسرائيلية بالانتماء للحركة الإسلامية (الجناح الشمالي بزعامة الشيخ رائد صلاح)، ومنذ ذلك الحين بدأت موجة من التحريض الموجه والعدائي من قبل الأجهزة الأمنية واليمين الإسرائيلي ضد الحركة الإسلامية (جناح الشيخ رائد صلاح).

وتبع ذلك تقديم توصيات من جهاز الأمن العام والشرطة تبناها وزير الأمن الداخلي شلومو بن عامي ضد الحركة الإسلامية، وتتلخص هذه التوصيات فيما يلي:

1- تُمنع خطب الجمعة في المساجد لرجال حماس أو مقربيهم داخل إسرائيل.

2- يُمنع دخول رئيس الحركة الشيخ رائد صلاح ونائبه الشيخ كمال الخطيب إلى قطاع غزة أو الضفة الغربية، كما يتم منعهما من الخروج من البلاد.

3- يجرى فحص المصادر المالية التي تمول الحركة ومراقبة الأموال التي تدخل إلى المناطق الفلسطينية.

4- تمنع المهرجانات والتجمعات الكبيرة للحركة الإسلامية.

5- يجرى إغلاق صحيفة "صوت الحق والحرية" الناطقة بلسان الحركة، ويجرى إغلاق محطة الكوابل في أم الفحم.

6- إغلاق المؤسسات التربوية التعليمية التابعة للحركة والتي لا تحمل ترخيصًا، مثل الكلية الإسلامية في أم الفحم.

وردًّا على ذلك أكدت "لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل" في بيان أصدرته في 30-9-1999 رفضها لقرارات المجلس الوزاري المصغر المتعلقة بتحديد نشاط الحركة الإسلامية في إسرائيل، واعتبارها عودة للتعامل الأمني مع الجماهير العربية، كما استنكرت جميع القوى والشخصيات السياسية العربية لفلسطينيي 48 حملة التحريض التي تمارسها السلطات الإسرائيلية ضد الحركة الإسلامية.

وبشكل عام أصبح الفرع الشمالي بقيادة الشيخ رائد صلاح يواجه مشاكل ومعوقات كبيرة وكثيرة مع السلطات الإسرائيلية بسبب نشاط مؤسسات حركته، والتي يزيد عددها عن 22 مؤسسة خدمية في جميع المجالات.

دوافع حملة التحريض الأخيرة

يمكن تلخيص أهم دوافع حملة التحريض الإسرائيلية الأخيرة ضد الحركة والتحقيق الموسع من أعضائها فيما يلي:

"مهرجان الأقصى في خطر" الذي ترى "إسرائيل" أنه المسبب الأول لانتفاضة الأقصى الحالية حيث بدأت الانتفاضة –كما يقولون- بعد المهرجان بأسبوعين فقط، وجاء اقتحام "شارون" للمسجد الأقصى الذي تجند فيه أبناء الحركة الإسلامية في الليلة السابقة للزيارة ليشعل المواجهة.

1- دعوة الحركة الإسلامية إلى المظاهرات في الشارع الفلسطيني داخل "إسرائيل" للتضامن مع فلسطينيي الضفة والقطاع؛ الأمر الذي سبب مشاكل أمنية وأحرج إسرائيل أمام الرأي العام العالمي؛ حيث استشهد في هذه المظاهرات 13 فلسطينيا من فلسطينيي 48 يحملون الجنسية الإسرائيلية.

2- موقف الحركة الإسلامية من الانتفاضة ونشاطاتها في دعم ومساعدة أسر الشهداء والجرحى وكفالة أبناء الشهداء والذين ينفذون عمليات استشهادية داخل "إسرائيل"، وكان قمة نشاط الحركة من خلال مؤسستها "لجنة الإغاثة الإنسانية" في مخيم جنين؛ حيث كانت الحركة أكبر جهة إغاثة على الإطلاق قامت بمساعدة وإغاثة مخيم جنين وإقامة مخيمات عاجلة لأهله وأهل المناطق المجاورة، وأعلنت الحركة أنها على استعداد لإعادة إعماره بالكامل؛ وهو ما يتناقض مع سياسة "إسرائيل" القاضية بالهدم والقتل، ومن ثم التهجير (الترانسفير).

3- مهرجان "صندوق طفل الأقصى" الذي أقامته الحركة للمرة الأولى داخل المسجد الأقصى من أسابيع قليلة، والذي شهد حضورًا عالميًّا لأجهزة الإعلام، وأعلن خلاله قادة الحركة أن الأقصى مسجد إسلامي بكامل مكوناته ويخص المسلمين فقط، وقد انتهى المهرجان باقتحام الشرطة الإسرائيلية لساحات الأقصى واعتقال أفراد منتمين للحركة.

4- "مسيرة البيارق" وما حققته من ربط وتواصل بين الأقصى وفلسطينيي 48 حيث وصل عدد الحافلات التي قامت بنقل الفلسطينيين من جميع مدن وقرى منطقة 48 خلال سبتمبر الماضي فقط 457 حافلة تحمل أعدادًا ضخمة تقوم بالصلاة داخل المسجد الأقصى، إضافة إلى مصاطب الأقصى التي تم إحياؤها لمواصلة الدروس الدينية، كما كان في الأقصى قديما، وهذا في حد ذاته يتعارض مع السياسة الإسرائيلية القاضية بتفريغ الأقصى من التواجد الإسلامي، ومنع أي نشاطات إسلامية داخله.

5- تحريض البدو في أنحاء فلسطين المحتلة عام 1948 على عدم الخدمة في الجيش الإسرائيلي، وإقامة ندوات ونشاطات متنوعة للتوعية بخطورة التجنيد في الجيش الإسرائيلي على القضية الفلسطينية؛ وهو ما نتج عنه ازدياد ما يسمى بـ"قوافل الرافضين والتائبين"؛ الأمر الذي أدى إلى انخفاض واضح وملحوظ في نسبة البدو المنضمين للجيش الإسرائيلي، وقد صدرت إحصائيات عسكرية رسمية تفيد بتراجع نسبة المجندين من البدو، محذرة من خطورة ذلك في ظل تراجع المجندين اليهود وهروب نسبة كبيرة أخرى، خاصة أن البدو يؤدون دورًا هاما في حماية المستوطنات والتفتيش على المعابر ووحدات حرس الحدود.

6- أسلمة الداخل الفلسطيني في "إسرائيل" وإفشال مخطط "الأسرلة"؛ حيث أفاد استطلاع إسرائيلي للرأي نُشر منتصف العام الماضي 2002 أعده معهد "داحاف" أن 44% من مسلمي عرب فلسطين المحتلة عام 1948 عادوا إلى حظيرة الالتزام الديني خلال العامين الأخيرين بسبب تعاظم قوة الحركة الإسلامية في الدولة العبرية، وأكد ذلك تقرير أعده بعض كبار المسؤولين في جهاز الأمن العام الداخلي "شاباك"، وأرسلوه إلى وزير الأديان "آشر أوحنا"، ومفاده أن الحركة الإسلامية ماضية في بسط سيطرتها على المساجد في فلسطين المحتلة عام 1948, وأنها تستغل نفوذها القوي للتحريض ضد الدولة العبرية.

7- موقف الحركة ونشاطها من قضية (الوقف الشهابي) في الناصرة والوقوف ضد الحكومة الإسرائيلية لمنع مصادرتها أوقاف المسلمين، وسعيها للإيقاع بين المسلمين والمسيحيين بالمدينة.

8- النشاط الدولي للحركة؛ حيث أصبحت عضوة في عدد من المؤسسات الإسلامية والعالمية تقوم من خلالها بفضح العنصرية الإسرائيلية تجاه فلسطينيي 48، وتوضيح حقيقة الوضع داخل إسرائيل وكذب ديمقراطيتها، إضافة إلى كسب الحركة تعاطف بعض المؤسسات العربية والإسلامية، والحصول على دعم منها لاستكمال مشاريع إعمار المسجد الأقصى والمقابر والمقامات الإسلامية التي تحاول إسرائيل الاستيلاء عليها.

9- دعوة الحركة إلى مقاطعة الانتخابات الإسرائيلية العامة.

"إسرائيل" والخيار المر!!

وإزاء ذلك ما زالت المؤسسة الصهيونية تواصل حربها الإعلامية والنفسية ضد الحركة الإسلامية، وتحرض على استمرار إغلاق بعض مؤسساتها، فما زالت تغلق "جمعية الإغاثة الإسلامية" و"جمعية رعاية السجين واليتيم"، وتحارب كلية الدعوة والعلوم الإسلامية، وتسعى إلى عرقلة كل فرصة لنجاحها، وما زالت تضيق الخناق على بعض مؤسساتها الأخرى مثل جمعية الإغاثة الإنسانية ومؤسسة الأقصى.

كما ترصد المؤسسة الصهيونية تحركات أبناء الحركة في الحل والترحال، وتحاول تصفية بعض القيادات كما جرى في "أيام الروحة" و"انتفاضة الأقصى"، ويلوح القادة الإسرائيليون بقوانين تستهدف إخراج الحركة الإسلامية عن أي دائرة شرعية بهدف حلها ومصادرة حقها في الوجود والنماء.

لكن أمام كل ذلك لم يتبق لإسرائيل إلا خياران، أحلاهما مر: فإما أن تقوم بتركيع الحركة الإسلامية وتعمل على الحد من نشاطها، وإما أن "تستسهل" الأمر وتقوم بحظرها وإخراجها من دائرة الشرعية وإغلاق مؤسستها، وكلاهما يضر الدولة العبرية من عدة زوايا داخليا وخارجيا، ويصعد دور الحركة الإسلامية والمقاومة ليس فقط في أرض 67، ولكن داخل البيت الإسرائيلي ذاته.

وتشرح الدكتور "سارة أوستسكي لازر" -باحثة إسرائيلية تدير المركز اليهودي العربي للسلام- مخاطر هذه الخيارات بقولها: إن قيادة الحركة الإسلامية ستحاول مواصلة العمل في إطار القانون حتى بعد إخراجها عن إطاره؛ لأنها لا ترغب في التنازل عن مراكز القوة التي راكمتها خلال السنين، وستواصل المشاركة في اللعبة تحت أسماء وأقنعة أخرى.

والخطر الكبير ينبع -حسب رأي" لازر"- من تلاشي الخط الأخضر بصورة متزايدة، والمقصود هو أن إخراج الحركة عن القانون سيزيل العائق الرئيسي الذي يفصل بين أغلبية مؤيدي الحركة والذراع العسكرية لحماس تماما مثلما يحدث مع المستوطنين؛ لأن الحركة قد عملت حتى الآن سرًا وعلنيا وفقا للقانون الإسرائيلي، وإخراجها عن هذا الإطار سيغير من طابعها، كما أن هذه الخطوة ستدفع قسمًا ملموسًا من الحركة للعمل "الإرهابي" الحقيقي من وجهة النظر الإسرائيلية.

وقد وصل المأزق الإسرائيلي لحد قول الباحث الدكتور "إسحاق ريتر": إن دولة إسرائيل تقف اليوم أمام معضلة واجهتها أنظمة عربية في السابق تتعلق بالتعامل مع الحركة الإسلامية؛ إذ إن إخراج الحركة الإسلامية عن القانون هو بمثابة السير في الطريق الأسهل الذي ستكون إحدى نتائجه توجه قسم من أفراد الحركة إلى العمل "الإرهابي" كما حدث مع تجربة الدول العربية؛ وهو ما يُدخل "إسرائيل" في دوامة أخرى وجحيم لا يطاق، وهي حاليا لم تتخلص بعدُ من "كابوس الانتفاضة المزعج"، ولا تريد فتح أبواب أخرى عليها!

ويبقى رغم ذلك خيار أن تستغل "إسرائيل" عملية غزو العراق المحتملة في تصفية بعض الملفات العالقة، ومنها الحركة الإسلامية، ولكنها في هذه الحالة عليها أن تتوقع كارثة أكبر مما يتوقع خبراؤها؛ لأن الخطر هذه المرة سيكون من الداخل، ولديها أكثر من مليون وربع قنبلة موقوتة (تعداد فلسطينيي 48) قد تعجل بنهاية سريعة لإسرائيل؛ وهو ما قد يجعل أولئك الخبراء يفكرون آلاف المرات قبل المس بالحركة الإسلامية (جناح الشيخ رائد)، خاصة أنها صاحبة القوة الشعبية الأولى في الداخل الفلسطيني.