أشرف أبو الوفا مروان (1945-2007) رجل أعمال مصري وهو زوج منى جمال عبد الناصر، ابنة الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر. توفي في 27 يونيو 2007 إثر سقوطه من شرفة منزله بلندن.
ولد مروان في عام 1945 لأب كان ضابطا بالجيش . حصل على بكالوريوس العلوم في عام 1965 و عمل بالمعامل المركزية للقوات المسلحة ثم مساعدا لجمال عبد الناصر. في سنة 1970 أصبح المستشار السياسي والأمني للرئيس الراحل أنور السادات و ذلك بعد وفاة عبد الناصر.
ترأس الهيئة العربية للتصنيع بين عامي 1974 و1979، وتوجه إلى بريطانيا بعد تقاعده كرجل أعمال و توفي فيها في 27 يونيو 2007.
فهرس |
توفي بعد أن سقط من شرفة منزله في لندن. وقد وقع الحادث بعد ظهر الأربعاء، وقد ذكر بيان صادر عن الشرطة أن التحقيقات حول ظروف حادث سقوطه من شرفة منزله لا تزال مستمرة.
أعلنت شرطة اسكوتلانديارد ، ان التحقيقات ما زالت مستمرة في حادثة سقوط رجل الاعمال المصري أشرف مروان من شرفة منزله بمنطقة سانت جيمس بارك، بوسط العاصمة البريطانية ، ليلقى حتفه على الفور.واوضحت الشرطة البريطانية، في بيان اصدرته ان: "الطب الشرعي لم ينته من عمله بعد، وتقريره النهائي هو الذي سيحسم الامر"
اهتمت الصحف العبرية اهتمام كبير بوفاة أشرف مروان واتهامه بإنه عميل مزدوج فقد كتبت صحيفة يديعوت احرونوت : أن هناك غموضا يكتنف وفاة مروان، الذي وصفته بانه كان عميلا مزدوجا ما بين المخابرات المصرية والاسرائيلية، وانه كان يخشى على حياته منذ أن كشفت إسرائيل عام 2003 انه عميل كبير للموساد. وذكرت الصحيفة: أن ايلي زريعي رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي أثناء حرب أكتوبر 1973 وكبار قادة الموساد في ذلك الوقت والشاباك اعتبروا أن اشرف مروان كان عميلا مزدوجا، وانه سبب إخفاقا تاما وكبيرا لمؤسسة الموساد، لكن هناك منتقدين لهذا التوجه قالوا انه لا يوجد أساس لهذه النظرية.
وكتبت صحيفة معاريف: "اشرف مروان عميل مزدوج أفشلنا في حرب أكتوبر، وأيا تكون الأسباب وراء موته فانه ترك بقعة سوداء تلوث تاريخ الجاسوسية في إسرائيل بعد أن خدعها وجعل من هذه المؤسسة أضحوكة". وانتقدت معاريف بشدة "الكشف عن اسم مصدر من قبل الدولة وهو على قيد الحياة".
قال اللواء إيلي زيرا، الذي طرد من منصبه كرئيس للاستخبارات العسكرية بعد فشل إسرائيل في التنبؤ بالحرب عليها، في كتاب صدر في العام 1993، إن إسرائيل فوجئت بالحرب لأنها وقعت ضحية عميل مزدوج. غير أنه لم يذكر اسمه في ذلك الكتاب، لكن الصحافة الإسرائيلية قامت بنشر اسم مروان.
وتردد أن مروان كان يحمل لدى الاستخبارات الإسرائيلية إسما حركيا هو "بابل". ووفقا لصحيفة التايمز فانه تردد أن مروان عرض خدماته على إسرائيل عام 1969 وظل يمدها في السنوات التالية بالمعلومات عن مصر والعالم العربي، وهي المعلومات التي وصفها مسئولون إسرائيليون بأنها لا تقدر بثمن.
وذكر الرئيس المصري حسنى مبارك : أن مروان كان وطنيا مخلصا وقام بالعديد من الأعمال الوطنية لم يحن الوقت للكشف عنها مشددا على انه لم يكن جاسوسا لإي جهة على الإطلاق .ونفى أنه ابلغ إسرائيل بموعد حرب أكتوبر وذكر أنه لا أساس له من الصحة .
شيعت الجنازة الأحد من مسجد عمر بن عبد العزيز بمصر الجديدة حيث أقيمت صلاة الجنازة التي أمها فضيلة الإمام الأكبر د. محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر .وقد شارك في الجنازة صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى و فتحى سرور رئيس مجلس الشعب و جمال مبارك وعدد من الوزراء وكبار المسئولين .
أشرف مروان.. غموض الحياة والممات
ما بين 5 شارع الحكماء بحي مصر الجديدة حيث ولد، و24 كارلتون هاوس في منطقة جيمس القريبة من القصر الملكي البريطاني ببكنجهام بالعاصمة البريطانية لندن حيث لقي حتفه الأسبوع الماضي، مسافة قدرها 63 عاما من الغموض هي عمر أشرف مروان زوج منى الابنة المدللة للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وواحد من أقرب المقربين من الرئيس أنور السادات، بالإضافة إلى شهرته في دنيا المال والأعمال. طوال حياته وهو رجل الألغاز العصية على الحل.. طوال عمره وهو يدمن السير على الحبل.. المقامرة حتى بحياته.. الرقص على حواف الجمر؛ ولذلك دخل بقوة عالم تجارة السلاح التي لا ترحم.. بالإضافة إلى ادعاء إسرائيل بأنه كان العميل "بابل" الذي عرض عليهم خدماته في عام 1968 لدرجة أنهم ادعوا أنه أخبرهم بموعد ساعة الصفر في حرب أكتوبر 1973. فتجارة السلاح التي عمل فيها تجبره على أن يحمل كفنه على كتفه على الدوام؛ حيث عمره لا يساوي أكثر من ضغطة على زناد مسدس كاتم للصوت، والجاسوسية التي يقال إنه عمل فيها تعني أنه يلف بنفسه حبل المشنقة حول رقبته في حال اكتشافه من أي الأطراف التي يلعب معها، لكنه لم يمت بهذه الطريقة أو تلك.. سقط من شرفة منزلة القريب من القصر الملكي البريطاني مواصلا مسلسل الغموض الذي كان العنوان الأبرز في حياته.
أشرف مروان من مواليد 2 من فبراير 1944، والده كان ضابطا كبيرا بالجيش المصري، هو اللواء أبو الوفا مروان الذي تولى إدارة سلاح الحرب الكيماوية قبل أن يخرج للتقاعد ويتولى شركة مصر للأسواق الحرة.
داخل هذه الأسرة التي تقدس النظام عاش الشاب مروان حتى حصل على بكالوريوس العلوم من جامعة القاهرة في عام 1965، ثم الدكتوراة في نفس التخصص من جامعة لندن عام 1974، وكان قد التحق بالقوات المسلحة منذ عام 1965؛ حيث كان الأمر بالنسبة له سهلا بالنظر لمكانة والده كأحد القادة فيها آنذاك.
لكن مروان رأى أن المكانة التي يحظى بها في المجتمع عادية آنذاك، بالنظر إلى سلم طموحاته اللامحدودة التي يرنو إليها، فأقدم على الخطوة التي ستختصر المسافات.. وتفتح الأبواب المغلقة.
كانت هذه الخطوة هي ابنة الرئيس عبد الناصر نفسه.. وتقدم للزواج من منى الابنة المدللة للرئيس وتم قبوله، ومن هنا كانت بداية ظهوره في الحياة العامة في مصر، حيث انتقل وهو خريج العلوم للعمل في رئاسة الجمهورية كمساعد محدود الاختصاصات لسامي شرف مدير مكتب عبد الناصر. عاش الملك.. مات الملك أشرف مروان في يوم زفافه فور أن مات عبد الناصر في سبتمبر 1970 سارع مروان للدفاع بقوة عن الخطوات التي حصل عليها بالزواج من ابنته على محدوديتها، وببراعة الطموحين قرأ المشهد جيدا.. أيقن أن عهد ناصر ولى بغير رجعة.. وأن لكل زمان دولة ورجالا؛ فعمل بكل ما يملك ليكون واحدا من رجال الزمان القادم، وسارع بتقديم الدعم للسادات، وانضم للفريق المؤيد له، برغم درجة النسب التي تربطه بعبد الناصر. بدأ مروان يعزف على نغمات الرئيس الجديد؛ فأحلام سيادته أوامر.. الأفكار الاشتراكية.. بالية، الاقتصاد الحر.. فيه الخلاص، ومصر.. أخطأت كثيرا بالارتماء في حضن السوفيت ومعادة الغرب.. فهكذا كان السادات يرى الأمور.
وكان نتيجة هذه المعطيات أن وثق السادات في مروان أيما ثقة؛ للدرجة التي جعلته يقوم بتعيينه سكرتيرا خاصا له لشئون المعلومات في 13 من مايو 1971، أي قبل يومين من عمليات الاعتقال الجماعية لرموز الحقبة الناصرية التي أسماها السادات بـ "ثورة التصحيح"، التي لعب فيها مروان والفريق الليثي ناصف قائد الحرس الجمهوري آنذاك الدور الأكبر في تصفية خصوم السادات.
ومن عجيب الأمور أن الليثي لقي حتفه من شرفة الطابق العاشر بعمارة شهيرة في لندن اسمها "ستيورت تاور" -وهي ذات العمارة التي سقطت الفنانة سعاد حسني في يونيو 2001 من شرفة طابقها السادس- وبعد أكثر من 34 عاما لحق مروان برفيقه في الولاء للسادات (ناصف) وبذات الطريقة وفي نفس عاصمة الضباب (لندن)!
ارتماء مروان في حضن السادات جعل علاقته (مروان) تسوء مع عائلة عبد الناصر، لدرجة أن قاطعته السيدة تحية كاظم (حماته) وهدى (أخت زوجته) وزوجها حاتم صادق، وكان هو يتربح من هذه المقاطعة عند السادات الذي كان يشعر بتعاطف خاص معه جراء هذه الأمور التي تحدث معه بسبب انضمامه إلى فريقه.
مع الوقت علا نجم مروان في الحياة السياسية المصرية، نتيجة تزايد ثقة السادات الكبيرة فيه؛ فجعله عضوا في لجنة الإشراف على التطوير وصناعة الأسلحة في مصر وليبيا، وعضوا في المجلس الأعلى للمشروعات الطبية في مجال الطاقة النووية عام 1973، ثم سكرتيرا للرئيس للاتصالات الخارجية في عام 1974.
وفي 29 من يونيو 1974 عين مقررا للجنة العليا للتسليح والتصنيع الحربي. وفي 1975 عين رئيسا للهيئة العربية للتصنيع، وفي 1987 عين سفيرا بالخارجية ثم اتجه للعيش في لندن، والعمل في الأعمال الحرة كمستثمر، وكان رئيس الجالية المصرية في لندن.
لم يخل هذا الصعود السريع لمروان من شائعات طالت ذمته المالية، وعلاقته التجارية بالمليونير السعودي كمال أدهم، ويحكي الصحفي المقرب من السادات موسى صبري في كتابه "الحقيقة والأسطورة" أنه دار بينه وبين السادات حديث وديٌّ حول مروان سأله فيه عن سر تمسكه بالأخير برغم هذه الشائعات المحيطة به فأجابه السادات بالقول: "أنا لا أقبل أن أمد يدي لأي حاكم عربي، لكننا نتعرض لمآزق مالية خطيرة، وأشرف يقوم بهذه المهمة، كما أنه قدم خدمات ممتازة في موضوع الأسلحة، واستطاع بجهده الشخصي أن يذلل كثيرا من العقبات مع المصانع الفرنسية بالذات، وتم هذا في أوقات حرجة وقبل حرب أكتوبر 1973".
مروان يتسلم وساما من السادات كان كل شيء يَسِير على ما يرام في حياة مروان بعد أن منحه الرئيس السادات "وساما" كتكريم له على ما قدمه من خدمات للوطن في حرب أكتوبر 1973، وبعد أن اتجه بقوة لعالم المال والأعمال في عدد من عواصم العالم أهمها لندن، إلى أن جاء العام 2002 حاملا له زلزالا بدرجات مرتفعة من المقاييس التي تجعل من سمعة الإنسان وشرفه ووطنيته موضعا للتشكيك. ففي هذا العام نشر المؤرخ اليهودي المقيم في لندن "أهارون بيرجمان" كتابا بعنوان "تاريخ إسرائيل" أشار فيه إلى أن أشرف مروان -دون ذكر الاسم- عمل جاسوسا للموساد الإسرائيلي، وأنه ذهب بنفسه للسفارة الإسرائيلية في لندن عام 1968 عارضا خدماته على الموساد ليكون رجلهم في بيت عبد الناصر ورئاسة الجمهورية التي يعمل بها.
أصيب الإسرائيليون بصدمة بعدما عرفوا شخصيته، لكنهم رحبوا به وكانوا يدفعون له 100 ألف جنيه إسترليني عن المقابلة الواحدة، وأنه منذ هذه اللحظة حمل أسماء حركية في سجلات الموساد مثل: "الصهر" أو "العريس" أو "رسول بابل"، ولم تكن تقاريره يقرؤها إلا كبار رجال الحكم في إسرائيل من عينة جولدا مائير رئيسة الوزراء وموشي ديان وزير الدفاع بالإضافة إلى كبار رجال الموساد.
وذكر المؤرخ اليهودي أن مروان سلم الموساد نسخة مكتوبة من حوار جمال عبد الناصر مع القادة السوفيت في 22 من يناير 1970 يطالبهم فيها بقاذفات (طائرات) بعيدة المدى، كما سلمهم نسخة من رسالة سرية بعث بها السادات إلى الرئيس السوفيتي ليونيد بريجينيف في 30 من أغسطس 1972 طالبه فيها بصواريخ بعيدة المدى من طراز "سكود" ويقول فيها إنه من دون هذه الصواريخ لا يستطيع شن حرب لتحرير سيناء.
ويضيف المؤرخ اليهودي في كتابه أن مروان أبلغ الموساد بمعلومات عن الخلية الفلسطينية الفدائية بقيادة أمين الهندي التي كانت تنوي تفجير طائرة "العال" المدنية في روما ردا على قيام إسرائيل بإسقاط الطائرة المدنية الليبية، وقد أفشلت إسرائيل العملية بفضل المعلومات التي قدمها "بابل" أو مروان.
لكن القنبلة المدوية التي فجرها كتاب بيرجمان هي أن "بابل" طلب في 4 من أكتوبر 1973 مقابلة رئيس الموساد "تسفي زمير"؛ فطار إليه الأخير خصيصا في اليوم التالي (5 من أكتوبر)، والتقاه في إحدى الدول الأوروبية فوجده غاضبا "لأن إسرائيل تتجاهل تحذيراته ولا تعمل شيئا لمواجهة خطر الحرب". وفي مساء اليوم نفسه اتصل "بابل" وأبلغ إسرائيل بأن موعد الهجوم المصري السوري سيكون قبل حلول المساء من يوم 6 أكتوبر.
ويقول رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) إبان حرب أكتوبر إيلي زعيرا في تحقيقات لجنة "أجرانات" الإسرائيلية التي حققت مع القادة الإسرائيليين في أسباب هزيمتهم في أكتوبر 1973 والتي أفرجت إسرائيل عنها مؤخرا وتنشرها صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مترجمة للعربية على حلقات هذه الأيام: إن بابل نقل معلومات دقيقة إلى إسرائيل لكي يحظى بثقتها.
ولكن الهدف من تشغيله من قبل المصريين كان في الواقع التضليل؛ فهو أبلغ عن رسالة السادات إلى بريجنيف فقط لكي يقنع إسرائيل بأن السادات لن يحارب إلا إذا حصل على صواريخ (سكود)، وفي الحقيقة أنه لم يحصل عليها؛ ولذلك سادت القناعة في إسرائيل بأن مصر لن تجرؤ على إعلان الحرب، مما أدى إلى سواد نظرية "الفرضية" المشهورة لدى الاستخبارات العسكرية.
وتقول "الفرضية" وفق تقارير لجنة أجرانات: "إن مصر لن تحارب إلا إذا تمت الحرب بالاشتراك مع سوريا وبالحصول على طائرات حديثة، وأسلحة أخرى تضمن تفوقا مصريا على سلاح الجو الإسرائيلي".
ويضيف زعيرا: "كيف يمكن لمسئول مصري رفيع كهذا أن يأتي إلى السفارة الإسرائيلية في لندن في وضح النهار، في الوقت الذي يعرف هو وقادته بأن هذه السفارة مثل غيرها من السفارات الإسرائيلية في الخارج مراقبة من عشرات أجهزة المخابرات في العالم؟".
ويعتبر رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية السابق بأن أهم مهمة قام بها "بابل" هي عندما أبلغ إسرائيل بموعد الحرب. فهو قال إنها ستتم قبيل حلول المساء وبذلك خدع إسرائيل لأن الحرب بدأت في الثانية من بعد الظهر. فقد فهم منه الإسرائيليون أن الحرب ستقع في السادسة مساء، وخلال الساعات الأربع كانت القوات المصرية قد أتمت عبور القنال، ولذلك فإنه نجح في تضليل إسرائيل.
ويقول أنصار رؤية زعيرا من القادة الإسرائيليين: "إن ما قامت به المخابرات المصرية بزرع "بابل" كعميل مزدوج هو تكتيك روسي تقليدي يتمثل في "زرع عميل مزدوج يغذونه بـ 95% معلومات دقيقة وفي اللحظة الحاسمة ينقلون عبره معلومات كاذبة".
لكن في الموساد من يردون على هذا الزعم بأنه ليس هناك في مصر، ولا حتى السادات نفسه، من كان على استعداد لتحمل مسئولية تسليم معلومات مركزية وهامة عن مصر كالتي سلمها "بابل" طوال أكثر من 4 سنين فقط من أجل التضليل في لحظة معينة.
وقد استمر النقاش في إسرائيل حول مدى مصداقية "بابل"، وأجرت المخابرات الإسرائيلية على اختلاف أجهزتها أبحاثا رسمية حول الموضوع استنتجت منها أنه "كان جاسوسا لها ولم يكن مبعوثا من المخابرات المصرية بهدف التضليل".
في حين يرى المخالفون -وبينهم إيلي زعيرا- أن الثقة في "بابل" كانت "أكبر هزيمة تحققت لإسرائيل في تاريخها" بابل وأكتوبر العام 2004 جاء حاملا مفاجئة مدوية ليست لمروان هذه المرة لكنها للذين يعتقدون داخل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أن "بابل" أو مروان كان مخلصا لهم، ولم يكن "طُعْمًا" من المخابرات المصرية ابتلعوه للنهاية؛ حيث شاهد أحد العاملين في جهاز مخابرات إسرائيلي على مراقبة شبكات التلفزيون العربية بثا لإحدى القنوات المصرية الرئيس المصري حسني مبارك وهو يصافح مروان في احتفالات ذكرى حرب أكتوبر في العام 2004.
وقام رجل المخابرات الإسرائيلي بتسجيل مقطع المصافحة والذي تخلله أيضا عناق على شريط فيديو، وبعد أن تأكد من الشخص المقصود هو فعلا أشرف مروان أبلغ المسئولين عنه بالأمر.
ونشرت صحيفة يديعوت أحرونوت في مايو 2005 تقريرًا عن هذا الشريط الذي يجمع مبارك ومروان اعتبر فيه محرر الصحيفة لشئون أجهزة الاستخبارات والقضايا الإستراتيجية أنه "سينهي الجدل الدائر منذ 32 عامًا في إسرائيل حول مروان بأنه بطل قومي مصري".
وكتب المحلل يقول: "بعد الآن لا يتبقى أي مكان للشك.. فالرئيس المصري لا يتعامل على هذا النحو مع أكبر خائن عرفته مصر، بل هكذا يتم التعامل مع بطل قومي".
وجاء تأكيد إضافي لمن يرى في مروان بطلا قوميا أنه منذ الحرب وحتى وفاته، وبعد ما نشره أهارون برجمان، حظي مروان بالازدهار والأمن، وبالقدرة على دخول مصر والخروج منها كما يشاء. وهناك من يرون في ذلك برهانا آخر على أن قادة الحكم المصري والسادات كانوا يعرفون أنه عميل مزدوج، وأنهم زرعوه في الموساد لهذا الغرض.
وفضلا عن ذلك فإن عمرو موسى وزير الخارجية المصري السابق، سمح لابنته بالزواج من ابن مروان، في الوقت الذي كان فيه موسى في منصب يسمح له بالاطلاع على المعلومات الأشد سرية في الاستخبارات المصرية بحكم عمله في الخارجية.
ويقول رجل من وحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات الإسرائيلية تعليقا على هذا الأمر بحسب برجمان: "لو كان مروان خائنا حقا، فإن موسى لم يكن أبدا ليسمح بهذا الزواج". علما بأن هانيا عمرو موسي انفصلت عن أحمد أشرف مروان بعد زواج دام 15 عامًا، وله منها ولد وبنت اسمهما محمد وأمينة".
رحل أشرف مروان، ورحلت معه أسراره، خاصة أنه لم يعلق على كل ما أثير من كونه جاسوسًا سوى بقوله: "إنها قصة بوليسية سخيفة" عام 2002. لكن الرجل أصر ألا يرحل إلا بطريقه تتناسب مع غموضه.. يا له من غموض الذي يحيط دوما برحيل الأبطال الخالدين.