→ تابع مسألة حسن إرادة الله تعالى لخلق الخلق وإنشاء الأنام | مجموع فتاوى ابن تيمية سئل هل أراد الله تعالى المعصية من خلقه ابن تيمية |
سئل عن قول علي: لا يرجون عبد إلا ربه ← |
سئل هل أراد الله تعالى المعصية من خلقه
وسئل:
هل أراد الله تعالى المعصية من خلقه أم لا؟
فأجاب:
لفظ الإرادة مجمل له معنيان: فيقصد به المشيئة لما خلقه، ويقصد به المحبة والرضا لما أمر به.
فإن كان مقصود السائل: أنه أحب المعاصي ورضيها وأمر بها فلم يردها بهذا المعنى، فإن الله لا يحب الفساد، ولا يرضى لعباده الكفر، ولا يأمر بالفحشاء، بل قال لما نهى عنه: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [1]. وإن أراد أنها من جملة ما شاءه وخلقه، فالله خالق كل شيء وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا يكون في الوجود إلا ما شاء.
وقد ذكر الله في موضع أنه يريدها، وفي موضع أنه لا يريدها، والمراد بالأول أنه شاءها خلقًا، وبالثاني أنه لا يحبها ولا يرضاها أمرًا، كما قال تعالى: {فَمَنْ يُرِدْ الله أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [2]، وقال نوح: {وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ الله يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ} [3]، وقال في الثاني: {يُرِيدُ الله بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} [4]، وقال تعالى: {يُرِيدُ الله لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَالله عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَالله يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا. يُرِيدُ الله أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا} [5]، وقال: {مَا يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ} [6]، وقال: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [7].
هامش
- ↑ [الإسراء: 38]
- ↑ [الأنعام: 125]
- ↑ [هود: 34]
- ↑ [البقرة: 185]
- ↑ [النساء: 26-28]
- ↑ [المائدة: 6]
- ↑ [الأحزاب: 33]