الرئيسيةبحث

مجموع الفتاوى/المجلد الثامن/سئل عن أفعال العبد الاختيارية

سئل عن أفعال العبد الاختيارية

ما قول أهل الإسلام الراسخين في جذر الكلام، الباسقين في فن الأحكام، حياكم العلام في صدور دار السلام وحباكم القيام بتوضيح ما استبهم على الأفهام في معتقد أهل السنة والجماعة نضر الله أرواح السلف، وكثر أعداد الخلف وأمدهم بأنواع اللطف، بأن الأفعال الاختيارية من العباد تحصل بخلق الله تعالى وبخلق العبد، فحقيقة كسب العبد ما هي؟ وبعد هذا هل هو مؤثر في وجود الفعل؟ أم غير مؤثر؟ فإن كان فيصير العبد مشاركًا للخالق في خلق الفعل، فلا يكون العبد كاسبًا بل شريكًا خالقًا وأهل السنة بررة برآء من هذا القول وإن لم يكن مؤثرًا في وجود الفعل فقد وجد الفعل بكماله بالحق سبحانه وتعالى، وليس للعبد في ذلك شيء، فلزم الجبر الذي يطوي بساط الشرع، وأهل السنة الغراء والمحجة البيضاء فارون من هذه الكلمة الشنعاء والعقيدة العوراء، ولم ينسب إلى العبد الطاعة والعصيان والكفر والإيمان، حتى يستحق الغضب والرضوان، فكيف السلوك أيها الهداة الأدلاء على اللحب المستقيم والمنهج القويم؟ وطرفي قصد الأمور ذميم.

فبينوا بيانًا يطلق العقول من هذا العقال، ويشفى القلوب من هذا الداء العضال. أيدكم بروح القدس من له صفات الكمال.

فأجاب الشيخ الإمام العالم الرباني، المقذوف في قلبه النور الإلهي، الجامع أشتات الفضائل، مفتى المسلمين، تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية رحمه الله تعالى قال رضي الله عنه:

تلخيص الجواب: إن الكسب هو الفعل الذي يعود على فاعله بنفع أو ضر، كما قال تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [1]، فبين سبحانه أن كسب النفس لها أو عليها، والناس يقولون: فلان كسب مالا أو حمدًا أو شرفًا كما أنه ينتفع بذلك، ولما كان العباد يكملون بأفعالهم ويصلحون بها، إذ كانوا في أول الخلق خلقوا ناقصين صح إثبات السبب، إذ كمالهم وصلاحهم عن أفعالهم، والله سبحانه وتعالى فعله وصنعه عن كماله وجلاله، فأفعاله عن أسمائه وصفاته ومشتقة منها، كما قال سبحانه وتعالى: «أنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها من اسمي»، والعبد أسماؤه وصفاته عن أفعاله فيحدث له اسم العالم والكامل بعد حدوث العلم والكمال فيه.

ومن هنا ضلت القدرية حيث شبهوا أفعاله سبحانه وتعالى عما يقولون علوًا كبيرًا بأفعال العباد، وكانوا هم المشبهة في الأفعال، فاعتقدوا إن ما حسن منهم حسن منه مطلقًا، وما قبح منهم قبح منه مطلقًا بقدر علمهم وعقلهم، أو ما علموا أنها إنما حسنت منهم لإفضائها إلى ما فيه صلاحهم وفلاحهم، وقبحت لإفضائها إلى ما فيه فسادهم، والله سبحانه متعال عن أن يلحقه مالا يليق به سبحانه.

وأما قوله: هل هو مؤثر في وجود الفعل أو غير مؤثر؟

فالكلام في مقامين:

أحدهما: أن هذا سؤال فاسد، إن أخذ على ظاهره؛ لأن كسب العبد هو نفس فعله وصنعه، فكيف يقال: هل يؤثر كسبه في فعله، أو هل يكون الشيء مؤثرًا في نفسه؟ وإن حسب حاسب أن الكسب هو التعاطي والمباشرة وقصد الشيء ومحاولته، فهذه كلها أفعال يقال فيها ما يقال في أفعال البدن من قيام وقعود.

وأظن السائل فهم هذا وتشبث بقول من يقول: إن فعل العبد يحصل بخلق الله عز وجل وكسب العبد.

وتحقيق الكلام أن يقال: فعل العبد خلق لله عز وجل وكسب للعبد، إلا أن يراد أن أفعال بدنه تحصل بكسبه، أي بقصده وتآخيه، وكأنه قال: أفعاله الظاهرة تحصل بأفعاله الباطنة، وغير مستنكر عدم تجديد هذا السؤال، فإنه مزلة أقدام، ومضلة إفهام، وحسن المسألة نصف العلم. إذا كان السائل قد تصور السؤال. وإنما يطلب إثبات الشيء أو نفيه، ولو حصل التصور التام لعلم أحد الطرفين.

والمقام الثاني في تحرير السؤال وجوابه: وهو أن يقال: هل قدرة العبد المخلوقة مؤثرة في وجود فعله؟ فإن كانت مؤثرة لزم الشرك، وإلا لزم الجبر، والمقام مقام معروف، وقف فيه خلق من الفاحصين والباحثين والبصراء والمكاشفين، وعامتهم فهموا صحيحًا ولكن قل منهم من عبر فصيحًا.

فنقول: التأثير اسم مشترك قد يراد بالتأثير الانفراد بالابتداع والتوحيد بالاختراع، فإن أريد بتأثير قدرة العبد هذه القدرة، فحاشا لله لم يقله سنى، وإنما هو المعزو إلى أهل الضلال.

وإن أريد بالتأثير نوع معاونة إما في صفة من صفات الفعل، أو في وجه من وجوهه كما قاله كثير من متكلمي أهل الإثبات. فهو أيضا باطل بما به بطل التأثير في ذات الفعل، إذ لا فرق بين إضافة الانفراد بالتأثير إلى غير الله سبحانه في ذرة أو فيل. وهل هو إلا شرك دون شرك وإن كان قائل هذه المقالة ما نحا إلا نحو الحق.

وإن أريد بالتأثير أن خروج الفعل من العدم إلى الوجود كان بتوسط القدرة المحدثة. بمعنى أن القدرة المخلوقة هي سبب وواسطة في خلق الله سبحانه وتعالى الفعل بهذه القدرة. كما خلق النبات بالماء، وكما خلق الغيث بالسحاب، وكما خلق جميع المسببات والمخلوقات بوسائط وأسباب، فهذا حق وهذا شأن جميع الأسباب والمسببات. وليس إضافة التأثير بهذا التفسير إلى قدرة العبد شركا، وإلا فيكون إثبات جميع الأسباب شركًا. وقد قال الحكيم الخبير: {فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [2] {فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ} [3]، وقال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ الله بِأَيْدِيكُمْ} [4].

فبين أنه المعذب، وأن أيدينا أسباب وآلات وأوساط وأدوات في وصول العذاب إليهم، وقال ﷺ: «لا يموتن أحد منكم إلا آذنتموني حتى أصلي عليه، فإن الله جاعل بصلاتي عليه بركة ورحمة». فالله سبحانه هو الذي يجعل الرحمة، وذلك إنما يجعله بصلاة نبينا ﷺ، وعلى هذا التحرير فنقول:

خلق الله سبحانه أعمال الأبدان بأعمال القلوب، ويكون لأحد الكسبين تأثير في الكسب الآخر بهذا الاعتبار، ويكون ذلك الكسب من جملة القدرة المعتبرة في الكسب الثاني، فإن القدرة هنا ليست إلا عبارة عما يكون الفعل به لا محالة، من قصد وإرادة وسلامة الأعضاء والقوى المخلوقة في الجوارح وغير ذلك، ولهذا وجب أن تكون مقارنة للفعل، وامتنع تقديمها على الفعل بالزمان.

وأما القدرة التي هي مناط الأمر والنهي، فذاك حديث آخر ليس هذا موضعه.

وبالتمييز بين هاتين القدرتين يظهر لك قول من قال: القدرة مع الفعل، ومن قال: قبله، ومن قال: الأفعال كلها تكليف ما لا يطاق، ومن منع ذلك، وتقف على أسرار المقالات. وإذا أشكل عليك هذا البيان فخذ مثلا من نفسك، أنت إذا كتبت بالقلم وضربت بالعصا ونجرت بالقدوم. هل يكون القلم شريكك أو يضاف إليه شيء من نفس الفعل وصفاته؟ أم هل يصلح أن تلغي أثره وتقطع خبره وتجعل وجوده كعدمه؟ أم يقال: به فعل وبه صنع ولله المثل الأعلى فإن الأسباب بيد العبد ليست من فعله وهو محتاج إليها لا يتمكن إلا بها، والله سبحانه خلق الأسباب ومسبباتها، وجعل خلق البعض شرطًا وسببًا في خلق غيره، وهو مع ذلك غني عن الاشتراط والتسبب، ونظم بعضها ببعض، لكن لحكمة تتعلق بالأسباب، وتعود إليها والله عزيز حكيم.

وأما قوله: إذا نفينا التأثير لزم انفراد الله سبحانه بالفعل، ولزم الجبر، وطي بساط الشرع الأمر والنهي.

فنقول: إن أردت بالتأثير المنفي، التأثيرعلى سبيل الانفراد في نفس الفعل، أو في شيء من صفاته، فلقد قلت الحق، وإن كان بعض أهل الاستنان يخالفك في القسم الثاني.

وإن أردت به أن القدرة وجودها كعدمها، وإن الفعل لم يكن بها ولم يصنع بها، فهذا باطل كما تقدم بيانه، وحينئذ لا يلزم الجبر بل ينبسط بساط الشرع، وينشر علم الأمر والنهي، ويكون لله الحجة البالغة.

فقد بان لك أن إطلاق القول، بإثبات التأثير أو نفيه دون الاستفصال، وبيان معنى التأثير ركوب جهالات واعتقاد ضلالات، ولقد صدق القائل أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء وبان لك ارتباط الفعل المخلوق بالقدرة المخلوقة، ارتباط الأسباب بمسبباتها، ويدخل في عموم ذلك جميع ما خلقه الله تعالى في السموات والأرض والدنيا والآخرة، فإن اعتقاد تأثير الأسباب على الاستقلال، دخول في الضلال، واعتقاد نفي أثرها وإلغاؤه ركوب المحال، وإن كان لقدرة الإنسان شأن ليس لغيرها كما سنومئ إليه إن شاء الله تعالى.

فلعلك أن تقول بعد هذا البيان: أنا لا أفهم الأسباب، ولا أخرج عن دائرة التقسيم والمطالبة بأحد القسمين، وما أنت إن قلت هذا إلا مسبوق بخلق من الضلال: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَالله يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} [5]، وموقفك هذا مفرق طرق، إما إلى الجنة وإما إلى النار، فيعاد عليك البيان بأن لها تأثيرًا من حيث هي سبب، كتأثير القلم وليس لها تأثير من حيث الابتداع والاختراع، ونضرب لك الأمثال، لعلك تفهم صورة الحال، ويبين لك أن إثبات الأسباب مبتدعات هو الإشراك، وإثباتها أسبابًا موصولات هو عين تحقيق التوحيد. عسي الله أن يقذف بقلبك نورًا ترى هذا البيان {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ الله لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [6].

فإن قلت: إثبات القدرة سبب نفي للتأثير في الحقيقة، فما بال الفعل يضاف إلى العبد؟ وما باله يؤمر وينهى؟ ويثاب ويعاقب وهل هذا إلا محض الجبر؟ وإذا كنت مشبهًا لقدرة الإنسان بقلم الكاتب، وعصا الضارب، فهل رأيت القلم يثاب أو العصا تعاقب؟ وأقول لك الآن إن شاء الله وجب هداك بمعونة مولاك، وإن لم تطلع من أسرار القدر إلا على مثل ضرب الأثر وألق السمع وأنت شهيد، عسى الله أن يمدك بالتأييد.

اعلم أن العبد فاعل على الحقيقة وله مشيئة ثابتة، وله إرادة جازمة وقوة صالحة، وقد نطق القرآن بإثبات مشيئة العباد في غير ما آية كقوله: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ. وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الله رَبُّ الْعَالَمِينَ} [7] {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [8]. {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ. وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الله هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [9].

ونطق بإثبات فعله في عامة آيات القرآن يعملون، يفعلون، يؤمنون، يكفرون، يتفكرون، يحافظون، يتقون.

وكما أنا فارقنا مجوس الأمة بإثبات أنه تعالى خالق، فارقنا الجبرية بإثبات أن العبد كاسب فاعل صانع عامل، والجبر والمعقول الذي أنكره سلف الأمة وعلماء السنة هو أن يكون الفعل صادرًا علي الشيء، من غير إرادة ولا مشيئة ولا اختيار، مثل حركة الأشجار بهبوب الرياح، وحركة. . . بإطباق الأيدي. ومثله في الأناسي حركة المحموم والمفلوج والمرتعش فإن كل عاقل يجد تفرقة بديهية بين قيام الإنسان وقعوده وصلاته وجهاده، وزناه وسرقته وبين انتعاش المفلوج وانتفاض المحموم، ونعلم أن الأول قادر على الفعل مريد له مختار. وأن الثاني غير قادر عليه ولا مريد له ولا مختار.

والمحكي عن جهم وشيعته الجبرية أنهم زعموا، أن جميع أفاعيل العباد قسم واحد، وهو قول ظاهر الفساد، وبما بين القسمين من الفرقان انقسمت الأفعال، إلى اختياري، واضطراري، واختص المختار منها بإثبات الأمر والنهي عليه، ولم يجئ في الشرائع ولا في كلام حكيم أمر الأعمى بنقط المصحف، والمقعد بالاشتداد أو المحموم بالسكون، وشبه ذلك، وإن اختلفوا في تجويزه عقلا أو سمعا فإنما منع وقوعه بإجماع العقلاء أولى العقل من جميع الأصناف.

فإن قيل: هب أن فعلي الذي أردته واخترته هو واقع بمشيئتي وإرادتي أليست تلك الإرادة وتلك المشيئة من خلق الله تعالى؟ وإذا خلق الأمر الموجب للفعل. فهل يتأتى ترك الفعل معه؟ أقصى ما في الباب أن الأول جبر بغير توسط الإرادة من العبد، وهذا جبر بتوسط الإرادة.

فنقول: الجبر المنفي هو الأول كما فسرناه، وأما إثبات القسم الثاني، فلا ريب فيه عند أهل الاستنان والآثار، وأولى الألباب والأبصار، لكن لا يطلق عليه اسم الجبر خشية الالتباس بالقسم الأول، وفرارًا من تبادر الأفهام إليه، وربما سمى جبرًا إذا أمن من اللبس وعلم القصد، قال علي رضي الله عنه في الدعاء المشهور عنه في الصلاة على النبي ﷺ: اللهم داحي المدحوات، وباري المسموكات، جبار القلوب على فطراتها شقاها أو سعدها.

فبين أنه سبحانه جبر القلوب على ما فطرها عليه، من شقاوة أو سعادة وهذه الفطرة الثانية ليست الفطرة الأولى، وبكلا الفطرتين، فسر قوله ﷺ: «كل مولود يولد على الفطرة. وتفسيره بالأولى واضح قاله محمد بن كعب القُرظِيّ وهو من أفاضل تابعي أهل المدينة وأعيانهم، وربما فضل على أكثرهم في قوله: الجبار، قال: جبر العباد على ما أراد، وروى ذلك عن غيره، وشهادة القرآن والأحاديث، ورؤية أهل البصائر والاستدلال التام لتقليب الله سبحانه وتعالى قلوب العباد، وتصريفه إياها وإلهامه فجورها وتقواها، وتنزيل القضاء النافذ من عند العزيز الحكيم، في أدنى من لمح البصر على قلوب العالمين، حتى تتحرك الجوارح بما قضي لها وعليها بين غاية البيان، إلا لمن أعمى الله بصره وقلبه.

فإن قلت: أنا أسألك علي هذا التقدير بعد خروجي عن تقدير الجبر الذي نفوه وأبطلوه وثباتي على ما قالوه وبينوه كيف انبنى الثواب والعقاب على فعله، وصح تسميته فاعلا على حقيقته وانبنى فعله على قدرته؟

فأقول والله الهادي إلى سواء الصراط: اعلم أن الله تعالى خلق فعل العبد سببًا مقتضيًا لآثار محمودة أو مذمومة، والعمل الصالح مثل صلاة أقبل عليها بقلبه ووجهه وأخلص فيها وراقب، وفقه ما بنيت عليه من الكلمات الطيبات، والأعمال الصالحات، يعقبه في عاجل الأمر نور في قلبه، وانشراح في صدره، وطمأنينة في نفسه ومزيد في علمه، وتثبيت في يقينه، وقوة في عقله إلي غير ذلك من قوة بدنه، وبهاء وجهه، وانتهائه عن الفحشاء والمنكر، وإلقاء المحبة له في قلوب الخلق، ودفع البلاء عنه وغير ذلك مما يعلمه ولا نعلمه.

ثم هذه الآثار التي حصلت له من النور والعلم واليقين وغير ذلك أسباب مفضية إلى آثار أخر من جنسها ومن غير جنسها أرفع منها وهلم جرا، ولهذا قيل: إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، وإن من عقوبة السيئة السيئة بعدها، وكذلك العمل السيئ مثل الكذب مثلا يعاقب صاحبه في الحال بظلمة في القلب وقسوة وضيق في صدره، ونفاق واضطراب ونسيان ما تعلمه، وانسداد باب علم كان يطلبه، ونقص في يقينه وعقله، واسوداد وجهه وبغضه في قلوب الخلق، واجترائه على ذنب آخر من جنسه أو غير جنسه، وهلم جرا، إلا أن يتداركه الله برحمته.

فهذه الآثار هي التي تورثها الأعمال، هي الثواب والعقاب، وإفضاء العمل إليها واقتضاؤه إياها، كإفضاء جميع الأسباب التي جعلها الله سبحانه وتعالى أسبابًا إلى مسبباتها، والإنسان إذا أكل أو شرب حصل له الري والشبع، وقد ربط الله سبحانه وتعالى الري والشبع بالشرب والأكل ربطًا محكمًا، ولو شاء ألا يشبعه ويرويه مع وجود الأكل والشرب فعل. أما ألا يجعل في الطعام قوة، أو يجعل في المحل قوة مانعة، أو بما يشاء سبحانه وتعالى ولو شاء أن يشبعه ويرويه بلا أكل ولا شرب أو بأكل شيء غير معتاد فعل.

كذلك في الأعمال: المثوبات والعقوبات حذو القذة بالقذة، فإنه إنما سمى الثواب ثوابًا؛ لأنه يثوب إلى العامل من عمله، أي يرجع. والعقاب عقابًا؛ لأنه يعقب العمل، أي يكون بعده، ولو شاء الله ألا يثيبه على ذلك العمل، إما بألا يجعل في العمل خاصة تفضي إلى الثواب، أو لوجود أسباب تنفي ذلك الثواب، أو غير ذلك لفعل سبحانه وتعالى وكذلك في العقوبات.

وبيان ذلك: أن نفس الأكل والشرب باختيار العبد ومشيئته. التي هي من فعل الله سبحانه وتعالى أيضا، وحصول الشبع عقب الأكل ليس للعبد فيه صنع البتة، حتى لو أراد دفع الشبع بعد تعاطي الأسباب الموجبة له لم يطق، وكذلك نفس العمل هو بإرادته واختياره، فلو شاء أن يدفع أثر ذلك العمل وثوابه بعد وجود موجبه لم يقدر.

فهذه حكمة الله تعالى ومشيئته في جميع الأسباب في الدنيا والآخرة، لكن العلم بالأعمال النافعة في الدار الآخرة، والأعمال الضارة أكثره غيب عن عقول الخلق، وكذلك مصير العباد ومنقلبهم بعد فراق هذه الدار، فبعث الله سبحانه وتعالى رسله، وأنزل كتبه مبشرين ومنذرين؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وحكمته في ذلك تضارع حكمته في جميع خلق الأسباب والمسببات.

وما ذاك إلا أن علمه الأزلي ومشيئته النافذة وقدرته القاهرة اقتضت ما اقتضته، وأوجبت ما أوجبته من مصير أقوام إلى الجنة، بأعمال موجبة لذلك منهم. وخلق أعمالهم وساقهم بتلك الأعمال إلى رضوانه، وكذلك أهل النار كما قال: الصادق المصدوق ﷺ لما قيل له: ألا ندع العمل ونتكل على الكتاب؟ فقال: «لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له. أما من كان من أهل السعادة، فييسر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة، فييسر لعمل أهل الشقاوة».

فبين ﷺ أن السعيد قد ييسر للعمل الذي يسوقه الله تعالى به إلى السعادة، وكذلك الشقي، وتيسيره له هو نفس إلهامه ذلك العمل وتهيئة أسبابه، وهذا هو تفسير خلق أفعال العباد، فنفس خلق ذلك العمل هو السبب المفضي إلى السعادة أو الشقاوة، ولو شاء لفعله بلا عمل بل هو فاعله. فإنه ينشئ للجنة خلقًا لما يبقى فيها من الفضل.

يبقى أن يقال: فالحكمة الكلية التي اقتضت ما اقتضته من الأسباب الأول وحقائق ما الأمر صائر إليه في العواقب، والتخصيصات والتمييزات الواقعة في الأشخاص والأعيان، إلي غير ذلك من كليات القدر، التي لا تختص بمسألة خلق أفعال العباد. وليس هذا الاستفتاء معقودًا لها، وتفسير جمل ذلك لا يليق بهذا الموضع، فضلا عن بعض تفصيله.

ويكفي العاقل أن يعلم أن الله عز وجل عليم حكيم رحيم، بهرت الألباب حكمته ووسعت كل شيء رحمته، وأحاط بكل شيء علمه، وأحصاه لوحه وقلمه وإن لله تعالى في قدره سرًا مصونًا، وعلمًا مخزونًا احترز به دون جميع خلقه، واستأثر به على جميع بريته، وإنما يصل به أهل العلم وأرباب ولايته إلى جمل من ذلك، وقد لا يؤذن لهم في ذكر ما، وربما كلم الناس في ذلك على قدر عقولهم، وقد سأل موسى وعيسى وعزير ربنا تبارك وتعالى عن شيء من سر القدر، وأنه لو شاء أن يطاع لأطيع وأنه مع ذلك يعصى، فأخبرهم سبحانه وتعالى أن هذا سره.

وفي هذا المقام، تاهت عقول كثير من الخلائق، وفيه ضل القائلون بقدم العالم، وأن صانعه موجب بذاته، ومقتضى بنفسه اقتضاء العلة للمعلول، وأنه ليس في الإمكان أبدع مما صنع، ودب بعض هذا الداء إلى بعض أهل الكتاب وأتباع الرسل، فقد قرروا انحصار الممكن في الموجود وكل ذلك طلبًا للاستراحة من مؤمنة تعليل الأفعال الإلهية، ووجود الأسباب الحادثة للأمور الحادثة، وعلله أهل القدر بعللهم العائلة في التعديل والتجويز ووجوب رعاية الصالح، أو الأصلح، ولم يستقم لواحد من الفريقين أصلهم، ولم يطرد لهم.

ومن هنا ذهب أهل التثنية والتمجس إلى الأصلين، والقول بقدم النور والظلمة، وسلم بعض السلامة وإن كان فيه نوع من ظن السوء بالله وضرب من الجفاء أكثر متكلي أهل الإثبات حيث ردوا الأمر إلى محض المشيئة، وصرف الإرادة، وإن إنشاءها جميع الجائزات واقتضاءها كل الممكنات على نحو واحد ووتيرة واحدة وإنها بذاتها تخصص وتميز.

ولو خلط بهذا الكلام ضرب من وجوه الرحمة، وأنواع الحكمة علمناها أو جهلناها لكان أقرب إلى القبول.

وبكل حال فلام التعليل في فعله سبحانه وتعالى ليست على ما يعقله أكثر الخلق من لام التعليل في أفعالهم، ووراء ما يعلمه هؤلاء ويقولون: مما أنار الله سبحانه وتعالى به قلوب أوليائه، وقذف في أفئدة أصفيائه، ممن استمسك فيما يظهر من الكلام بسبيل أهل الآثار، واعتصم فيما يبطن عن الإفهام، بحبل أهل الإبصار.

وفي هذا المقام تعرف أولو الألباب سر قوله: «سبقت رحمتي غضبي»، وقوله: «الشر ليس إليك»، وقوله: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ} [10]، وقوله: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [11]. وقوله: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [12]، {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [13]، وما شاكل ذلك من أن الشر إما أن يحذف فاعله، أو يضاف إلى الأسباب، أو يندرج في العموم، وأما إفراده بالذكر مضافًا إلى خالق كل شيء، فلا يقتضيه كلام حكيم، لما توجبه الحقيقة المقتضية للأدب المؤسس لا لمحض. . . متميز.

وهنا يعرف سبب دخول خلق كثير الجنة بلا عمل. وإنشاء خلق لها، وأما النار فلا تدخل إلا بعمل، ولن يدخلها إلا أهل الدنيا، ويعرف حقيقة: {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [14]، {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [15]، مع أن السيئة من القدر، وقول الصديق وغيره من الصحابة: إن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطئًا فمنى ومن الشيطان، إلى غير ذلك مما فيه ما قد لحظ كل ناظر منه شعبة من الحق، وتعلق بسبب من الصواب وما يتبع وجوه الحق، ويؤمن بالكتاب كله، إلا أولو الألباب وقليل ما هم، فهذه إشارة يسيرة إلى كلي التقدير.

وأما كون قدرة العبد، وكسبه له شأن من بين سائر الأسباب، فإن الله عز وجل خص الإنسان بأن علمه يورثه في الدنيا أخلاقًا وأحوالا وآثارًا. وفي الآخرة أيضا أمورًا أخر لم يحصل هذا لغيره من مخلوقاته، والوجوه التي خص بها الإنسان في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله شخصًا ونوعًا أكثر من أن تحصى، وما من عاقل إلا وعنده منها طرف؛ ولهذا حسن توجيه الأمر والنهي إليه، وصح إضافة الفعل إليه حقيقة وكسبًا، مع أنه خلق الله تعالى، فإن الله تعالي خلق العبد وعمله وجعل هذا العمل له عملا قام به وصدر عنه، وحدث بقدرته الحادثة.

وأدنى أحوال الفعل، أن يكون بمنزلة الصفات، والأخلاق المخلوقة في العبد، إذا جعلت مفضية إلى أمور أخر، فهل يصح تجريد العبد عنها؟ كلا ولما.

وأما الأمر، فإنه في حق المطيعين من الأسباب التي بها يكون الفعل منهم، فإنه يبعث داعيتهم، ثم أنه يوجب لهم الطاعة ومحض الانقياد والاستسلام فهو من جملة القدر السابق لهم إلي السعادة، وفي حق العاصين هو السبب الذي يستحقون به العصيان، إذ لولا هو لما تميز مطيع من عاص.

وأيضا، في حقهم من القدر السابق لهم إلى المعصية؛ ليضل به كثيرًا ويهدي به كثيرا، عن إدخال الأمر والنهي في جملة المقادير. . . ، يحل عقدة كثيرة هذا. . . سبحانه وتعالى؛ لعلمه بالعواقب، وأما أمر العباد فظاهر العدم. . . من المعاصي في علمهم وإن قصدهم نفس صدور الفعل من الجميع فهو. . . في ظاهر الأمر الشرعي على لسان المرسلين بالكتب المنزلة والله كله. . . مظهر أمر وحكم يمضيه، فالإرادة والأمر كل منهما منقسم. . . عام الوقوع جامع للقسمين، وإلى شرع وبما بعد وربما وقف. . . القدر له والخير كل الخير في نفوذه، وهو خاص الوقوع بفرق إلى القسمين، واضع الأشياء في مراتبها.

وإذا صح نسبة الطاعة والمعصية إلى من خلقت فيه، ولو أنه بخلق الصفات. أفيحسن بالإنسان أن يقول: أسود وأحمر وطويل، وقصير، وذكي، وبليد، وعربي، وعجمي، فيضيف إليه جميع الصفات التي ليس للإنسان فيها إرادة أصلا البتة لقيامها به. وتأثيرها فيه، تارة بما يلائمه وتارة بما ينافره، ثم يستبعد أن يضاف إليه ما خلق فيه من الفعل بواسطة قصده وإرادته المخلوقين أيضا؟ ثم يقول: ليس للعبد في السيئ شيء، فهل الجميع إلا له؟ بل ليست لأحد غيره، لكن الله سبحانه وتعالى خلقها له، وإضافة الفعل إلى خالقه ومبدعه لا تنافى إضافته إلى صاحبه، ومحله الذي هو فاعله وكاسبه وقد بينا الجبر المذموم ما هو.

ونختم الكلام بكلام وجيز في سبب الفرق بين الخلق والكسب. فنقول:

الخلق يجمع معنيين: أحدهما: الإبداع والبرء، والثاني: التقدير والتصوير.

فإذا قيل: خلق، فلا بد أن يكون أبدع إبداعًا مقدرًا، ولما كان سبحانه وتعالى أبدع جميع الأشياء من العدم وجعل لكل شيء قدرًا، صح إضافة الخلق إليه بالقول المطلق. والتقدير في المخلوق لازم، إذ هو عبارة عن تحديده والإحاطة به وهذا لازم لجميع الكائنات، لا كما زعم، من حسب أن الخلق في. . . ذوات المساحة وهي الأجسام مفرقًا بين الخلق والأمر بذلك، فإنه قول باطل مبتدع والأمر هو كلامه كما فسره الأولون، والخلق مفسر. . . يجعل الخلق بإزاء إبداع الصور الذهنية وتقديرها ومنه تسمية. . . اختلافًا إذ هو صور ذهنية ليس لها حقيقة خارجة عن الذهن و. . . جعل الخلق بمعنى التقدير فقط مقطوعًا عنه النظر إلى الإبداع بما قال. . . سدى ما خلقت، وكما قال على في تمثال صنعه: أنا خلقته والفرق. . . الأولى، من حيث أن تلك الصورة مبتدعة، لكان قولا. . . يكون إلا الله سبحانه وتعالى صح وصفه سبحانه، بأنه خالق كل شيء.

وأما الكسب فقد ذكرنا أنه إنما ينظر فيه إلى تأثيره في محله، ولو لم يكن له عليه قدرة حتى يقال: الثوب قد اكتسب من ريح المسك، والمسجد قد اكتسب الحرمة من أفعال العابدين، والجلد قد اكتسب الحرمة لمجاورة المصحف، والثمرة قد اكتسبت لونًا وريحًا وطعمًا، فكل محل تأثر عن شيء مؤثر، وملائمًا، ومنافرًا صح وصفه بالاكتساب بناء على تأثره، وتغيره، وتحوله من حال إلى حال، والإنسان يتأثر عن الأفعال الاختيارية، ولا يتأثر عن الأفعال الاضطرارية، فتورثه أخلاقًا وأحوالا على أي حال كان، حتى على رأى من يطلق اسم الجبر على مجموع أفعاله، فإنه يستيقن تأثير الأفعال الاختيارية في نفسه، بخلاف الاضطرارية، اللهم إلا من حيث قد توجب الأفعال الاضطرارية أمرًا في نفسه، فيكون ذلك اختيارًا.

ثم اعلم أن الاضطرار، إنما يكون في بدنه دون قلبه، إما بفعل الله تعالي كالأمراض والأسقام، وإما بفعل العباد كالقيد والحبس، وإما أفعال روحه المنفوخة فيه، إذا حركت يديه فهي كلها اختيارية، ومن وجه قد بيناه كلها اضطرارية، فاضطرارها هو عين. . . ، واختيارها إنما هو بالاضطرار، وحقيقة الاضطرار هو أن اضطرار. . . وربما أحبت من وجه وكرهت من وجه آخر، وهذا كله لا يمنع ورود التكليف، واقتضاء الثواب والعقاب.

هذا الذي تيسر كتابته في الحال: {وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [16]، والحمد لله وحده.

هامش

  1. [البقرة: 286]
  2. [الأعراف: 57]
  3. [النمل: 60]
  4. [التوبة: 14]
  5. [البقرة: 113]
  6. [النور: 40]
  7. [التكوير: 28، 29]
  8. [الإنسان: 29]
  9. [المدثر: 55، 56]
  10. [ آل عمران: 26 ]
  11. [الفلق: 2]
  12. [الشعراء: 80]
  13. [الجن: 10]
  14. [النساء: 79]
  15. [الشورى: 30]
  16. [ الأحزاب: 4 ]


مجموع الفتاوى لابن تيمية: المجلد الثامن
كتاب القدر | فصل في قدرة الرب عز وجل | سئل عن تفصيل الإرادة والإذن وغير ذلك | سئل عن أقوام يقولون المشيئة مشيئة الله في الماضي والمستقبل | سئل عن جماعة اختلفوا في قضاء الله وقدره | سئل عن حديث: إن الله قبض قبضتين | سئل عن الباري سبحانه هل يضل ويهدي | سئل عن حسن إرادة الله تعالى لخلق الخلق وإنشاء الأنام | تابع مسألة حسن إرادة الله تعالى لخلق الخلق وإنشاء الأنام | سئل هل أراد الله تعالى المعصية من خلقه | سئل عن قول علي: لا يرجون عبد إلا ربه | سئل عن قوله تعالى: إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون | فصل في اللام التي في قوله: ليعبدون | فصل فيما ورد من الأخبار والآيات في الرضا بقضاء الله | فصل في قوله تعالى: ادعوني أستجب لكم | سئل عن الأقضية هل هي مقتضية للحكمة أم لا | سئل عن الأقضية هل هي مقتضية للحكمة | قوله في الفروق التي يتبين بها كون الحسنة من الله والسيئة من النفس | سئل عمن يعتقد أن الخير من الله والشر من الشيطان | سئل عن الخير والشر والقدر الكوني، والأمر والنهي الشرعي | قوله في معنى قول علي: إنما أنفسنا بأيديينا | سئل عن القصيدة التائية في القدر | فصل في أصناف القدرية | سئل عن أقوام يحتجون بسابق القدر | فصل احتجاجهم بقوله إن الذين سبقت لهم منا الحسنى | فصل قول القائل: ما لنا في جميع أفعالنا قدرة | فصل قول القائل: الزنا وغيره من المعاصي مكتوب علينا | فصل من قال: إن آدم ما عصى فهو مكذب للقرآن | فصل احتجاجهم بحديث من قال لا إله إلا الله دخل الجنة | سئل عن قوم قد خصوا بالسعادة وقوم قد خصوا بالشقاوة | لو لم يأت العبد بالعمل هل كان المكتوب يتغير | فصل تكليف ما لا يطاق | فصل في قوله فحج آدم موسى لما احتج عليه بالقدر | فصل الصواب في قصة آدم وموسى | فصل آدم حج موسى لما قصد موسى أن يلوم من كان سببا في مصيبتهم | فصل الذين يسلكون إلى الله محض الإرادة والمحبة والدنو | فصل في استطاعة العبد هل هي مع فعله أم قبله | فصل في السؤال عن تعليل أفعال الله | فصل في دعاء: اللهم بقدرتك التي قدرت بها | سئل عن أفعال العبد الاختيارية | سئل عن أفعال العباد هل هي قديمة أم مخلوقة حين خلق الإنسان | فصل الاستثناء في الماضي المعلوم المتيقن | فصل مسألة تحسين العقل وتقبيحه | سئل عن العبد هل يقدر أن يفعل الطاعة إذا أراد أم لا | سئل عن أبيات في الجبر | فصل السلف على أن العباد مأمورون منهيون | فصل أن العباد لهم مشيئة وقدرة وفعل | فصل في إثبات الأمر والنهي والوعد والوعيد لله | فصل قول القائل كيف يكون العبد مختارا لأفعاله وهو مجبور عليها | فصل قول الناظم السائل لأنهم قد صرحوا أنه على الإرادات لمقسور | قول السائل ولم يكن فاعل أفعاله حقيقة والحكم مشهور | قول السائل ومن هنا لم يكن للفعل في ما يلحق الفاعل تأثير | فصل قوله تعالى: وما تشاءون إلا أن يشاء الله | قول السائل وكل شيء ثم لو سلمت لم يك للخالق تقدير | قول السائل أو كان فاللازم من كونه حدوثه والقول مهجور | قول السائل ولا يقال علم الله ما يختار فالمختار مسطور | قول السائل والجبر إن صح يكن مكرها وعندك المكره معذور | سئل عن المقتول هل مات بأجله أم قطع القاتل أجله | سئل عن الغلاء والرخص هل هما من الله تعالى | سئل عما قاله أبو حامد الغزالي في الرزق المضمون والمقسوم | فصل من السالكين طريق الله من يكون مع قيامه بما أمره الله عاجزا عن الكسب | فصل قول القائل: إن الأنبياء والأولياء لم يطلبوا رزقا | سئل عن الرزق هل يزيد أو ينقص وهل هو ما أكل أو ما ملكه العبد | فصل والرزق يراد به شيئان | سئل عن الرجل إذا قطع الطريق وسرق هل هو رزقه الذي ضمنه الله تعالى له | سئل عن الخمر والحرام هل هو رزق الله للجهال | سئل عن قول: نازعت أقدار الحق بالحق للحق | سئل عن قول: أبرأ من الحول والقوة إلا إليه