→ ميراث المجوس | كتاب الأم - كتاب الفرائض المؤلف: الشافعي |
ميراث المشركة ← |
ميراث المرتد |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أن رسول الله ﷺ قال: (لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم).
[قال الشافعي]: وبهذا نقول فكل من خالف دين الإسلام من أهل الكتاب ومن أهل الأوثان فإن ارتد أحد من هؤلاء عن الإسلام لم يرثه المسلم لقول رسول الله ﷺ، وقطع الله الولاية بين المسلمين والمشركين، فوافقنا بعض الناس على كل كافر إلا المرتد وحده فإنه قال ترثه ورثته من المسلمين فقلنا فيعدو المرتد أن يكون داخلا في معنى الكافرين، أو يكون في أحكام المسلمين؟ فإن قلت: هو في بعض حكمه في أحكام المسلمين، قلنا أفيجوز أن يكون كافرا في حكم مؤمنا في غيره؟ فيقول لك غيرك فهو كافر حيث جعلته مؤمنا ومؤمن حيث جعلته كافرا، قال: لا، قلنا أفليس يجوز لك من هذا شيء إلا جاز عليك مثله؟ قال: فإنا إنما صرنا في هذا إلى أثر رويناه أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قتل المستورد وورث ميراثه ورثته المسلمين قلنا، فقد زعم بعض أهل الحديث منكم أنه غلط ونحن نجعله لك ثابتا أفرأيت حكمه في سوى الميراث أحكم مشرك، أو مسلم؟ قال: بل حكم مشرك قلنا فإن حبست المرتد لقتله أو لتستتيبه فمات ابن له مسلم أيرثه؟ قال: لا، قلنا أفرأيت أحدا قط لا يرث ولده إلا أن يكون قاتله ويرثه ولده؟ إنما أثبت الله عز وجل المواريث للأبناء من الآباء حيث أثبت المواريث للآباء من الأبناء وقطع ولاية المسلمين من المشركين وسن رسول الله ﷺ أن (لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم) فإن كان المرتد خارجا من معنى حكم الله تبارك وتعالى وحكم رسوله ﷺ من بين المشركين بالأثر الذي زعمت لزمك أن تكون قد خالفت الأثر؛ لأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يمنعه ميراث ولده لو ماتوا، وهو لو ورث ولده منه انبغى أن يورثه ولده إذا كان عنده مخالفا لغيره من المشركين، ولو جاز أن يرثوه، ولا يرثهم كان في مثل معنى ما حكم به معاوية بن أبي سفيان وتابعه عليه غيره فقال: نرث المشركين، ولا يرثونا كما تحل لنا نساؤهم، ولا تحل لهم نساؤنا أفرأيت إن احتج عليك أحد بهذا من قول معاوية ومن تابعه عليه منهم سعيد بن المسيب ومحمد بن علي بن الحسين وغيرهما، وقد روي عن معاذ بن جبل شبيهه. وقد قاله معاوية ومعاذ في أهل الكتاب، وقال: لك إن النبي ﷺ إنما كان يحكم به على أهل الأوثان والنساء اللاتي يحللن للمسلمين نساء أهل الكتاب لا نساء أهل الأوثان فقال: لمعاذ بن جبل ولمعاوية ولهما فقه وعلم فلم لم توافق قولهما؟ وقد يحتمل قول النبي ﷺ (لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم) أن يكون أراد به الكفار من أهل الأوثان وأتبع معاوية ومعاذا في أهل الكتاب فأورث المسلم من الكافر، ولا أورث الكافر من المسلم كما أقول في نكاح نسائهم قال: لا يكون ذلك له؛ لأنه إذا قال: النبي ﷺ (لا يرث المسلم الكافر) فهذا على جميع الكفار، قلنا ولم لا تستدل بقول من سمينا مع أن الحديث محتمل له؟ قال إنه قل حديث إلا وهو يحتمل معاني والأحاديث على ظاهرها لا تحال عنه إلى معنى تحتمله إلا بدلالة عمن حدث عنه قلنا، ولا يكون أحد من أصحاب النبي ﷺ وإن كان مقدما حجة في أن يقول بمعنى يحتمله الحديث عن رسول الله ﷺ قال: لا قلنا فكل ما قلت: من هذا حجة عليك في ميراث المرتد، وفيما رويت عن علي بن أبي طالب مثله.
[قال الشافعي]: وقلنا لا يؤخذ مال المرتد عنه حتى يموت أو يقتل على ردته، وإن رجع إلى الإسلام كان أحق بماله. وقال بعض الناس إذا ارتد فلحق بدار الحرب قسم الإمام ميراثه كما يقسم ميراث الميت وأعتق أمهات أولاده ومدبريه وجعل دينه المؤجل حالا وأعطى ورثته ميراثه فقيل: له عبت أن يكون عمر وعثمان رضي الله تعالى عنهما حكما في دار السنة والهجرة في امرأة المفقود الذي لا يسمع له بخبر والأغلب أنه قد مات بأن تتربص امرأته أربع سنين ثم أربعة أشهر وعشرا ثم تنكح فقلت: وكيف نحكم بحكم الوفاة على رجل امرأته، وقد يمكن أن يكون حيا؟ وهم لم يحكموا في ماله بحكم الحياة إنما حكموا به لمعنى الضرر على الزوجة، وقد نفرق نحن وأنت بين الزوج وزوجته بأقل من هذا الضرر على الزوجة فنزعم أنه إذا كان عنينا فرق بينهما ثم صرت برأيك إلى أن حكمت على رجل حي لو ارتد بطرسس فامتنع بمسلحة الروم ونحن نرى حياته بحكم الموتى في كل شيء في ساعة من نهار خالفت فيه القرآن ودخلت في أعظم من الذي عبت. وخالفت من عليك عندك اتباعه فيما عرفت وأنكرت. قال: وأين القرآن الذي خالفت؟ قلت: قال الله عز وجل: {إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك} وقال: جل وعز {ولكم نصف ما ترك أزواجكم} فإنما نقل ملك الموتى إلى الأحياء والموتى خلاف الأحياء، ولم ينقل بميراث قط ميراث حي إلى حي فنقلت ميراث الحي إلى الحي، وهو خلاف حكم الله تبارك وتعالى. قال: فإني أزعم أن ردته ولحوقه بدار الحرب مثل موته، قلت: قولك هذا خبر؟ قال: ما فيه خبر، ولكني قلته قياسا. قلت: فأين القياس؟ قال: ألا ترى أني لو وجدته في هذه الحال قتلته فكان ميتا، قلت: قد علمت أنك إذا قتلته مات فأنت لم تقتله فأين القياس؟ إنما قتله لو أمته فأنت لم تمته. ولو كنت بقولك لو قدرت عليه قتلته كالقاتل له لزمك إذا رجع إلى بلاد الإسلام أن يكون حكمه الميت فتنفذ عليه حكم الموتى. قال: ما أفعل وكيف أفعل، وهو حي؟ قلت: قد فعلت أولا، وهو حي ثم زعمت أنك إن حكمت عليه بحكم الموتى فرجع تائبا وأم ولده قائمة ومدبره قائم، وفي يد غريمه ماله بعينه الذي دفعته إليه، وهو إلى عشر سنين، وفي يد أبيه ميراثه فقال: لك رد علي مالي، وهذا غريمي يقول هذا مالك بعينه لم أغيره، وإنما هو لي إلى عشر سنين وهذه أم ولدي ومدبري بأعيانهما. قال: لا أرده عليه؛ لأن الحكم قد نفذ فيه، قلنا فكيف رددت عليه ما في يدي وارثه، وقد نفذ له به الحكم؟ قال: هذا ماله بعينه، قلنا: والمال الذي في يد غريمه وأم ولده ومدبره ماله بعينه، فكيف نقضت الحكم في بعضه دون بعض؟ هل قلت: هذا خبرا، أو قياسا قال: ما قلته خبرا، ولكن قلته قياسا، قلنا فعلى أي شيء قسته؟ قال على أموال أهل البغي يصيبها أهل العدل، فإن تاب أهل البغي فوجدوا أموالهم بأعيانها أخذوها، وإن لم يجدوها بأعيانها لم يغرمها أهل العدل، وكذلك ما أصاب أهل العدل لأهل البغي، قلنا فهذا وجد ماله بعينه فرددت بعضه، ولم تردد بعضه فأما أهل العدل لو أصابوا لأهل البغي أم ولد، أو مدبرة رددتهما على صاحبهما وقلت: لا يعتقان، ولا يملكهما غير صاحبهما وليس هكذا قلت: في مال المرتد.