ميراث المجوس |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وقلنا: إذا أسلم المجوسي وابنة الرجل امرأته، أو أخته أمه نظرنا إلى أعظم السببين فورثناها به وألغينا الآخر وأعظمهما أثبتهما بكل حال، وإذا كانت أم أختا ورثناها بأنها أم وذلك أن الأم قد تثبت في كل حال والأخت قد تزول وهكذا جميع فرائضهم على هذه المنازل، وقال بعض الناس أورثها من الوجهين معها فقلنا له أرأيت إذا كان معها أخت وهي أخت أم؟ قال أحجبها من الثلث بأن معها أختين وأورثها من الوجه الآخر؛ لأنها أخت قلنا أرأيت حكم الله عز وجل إذ جعل للأم الثلث في حال ونقصها منه بدخول الإخوة عليها أليس إنما نقصها بغيرها لا بنفسها؟ قال: بلى بغيرها نقصها فقلنا وغيرها خلافها؟ قال: نعم قلنا، فإذا نقصتها بنفسها أفليس قد نقصتها بخلاف ما نقصها الله عز وجل به؟ وقلنا أرأيت إذا كانت أما على الكمال فكيف يجوز أن تعطيها بنقصها دون الكمال وتعطيها أما كاملة وأختا كاملة وهما بدنان، وهذا بدن؟ قال: فقد دخل عليك أن عطلت أحد الحقين قلنا لما لم يكن سبيل إلى استعمالهما إلا بخلاف الكتاب وخلاف المعقول لم يجز إلا تعطيل أصغرهما لا أكبرهما قال: فهل تجد علينا شيئا من ذلك؟ قلنا نعم قد تزعم أن المكاتب ليس بكامل الحرية، ولا رقيق وأن كل من لم تكمل فيه الحرية صار إلى حكم العبيد؛ لأنه لا يرث، ولا يورث، ولا تجوز شهادته، ولا يحد من قذفه، ولا يحد هو إلا حد العبيد فتعطل موضع الحرية منه قال: إني أحكم عليه أنه رقيق قلت: أفي كل حال، أو في بعض حال دون بعض؟ قال: بل في بعض حاله دون بعض؛ لأني لو قلت: لك في كل حاله قلت لسيد المكاتب أن يبيعه ويأخذ ماله، قلت: فإذا كان قد اختلط أمره فلم يمحض عبدا، ولم يمحض حرا فكيف لم تقل فيه بما رويته عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه يعتق منه بقدر ما أدى وتجوز شهادته بقدر ما أدى ويحد بقدر ما أدى ويرث ويورث بقدر ما أدى؟ قال: لا تقول به قلنا وتصير على أصل أحكامه، وهو حكم العبيد فيما نزل به وتمنعه الميراث؟ قال: نعم قلنا فكيف لم تجز لنا في فرض المجوس ما وصفنا؟ وإنما صيرنا المجوس إلى أن أعطيناهم بأكثر ما يستوجبون فلم نمنعهم حقا من وجه إلا أعطيناهم ذلك الحق، أو بعضه من وجه آخر وجعلنا الحكم فيهم حكما واحدا معقولا لا متبعضا لا أنا جعلنا بدنا واحدا في حكم بدنين.