→ باب التشهد والتسليم | كتاب الأحكام الشرعية الكبرى – كتاب الصلاة باب الخطبة بعد صلاة الكسوف عبد الحق الإشبيلي |
باب رفع اليدين في الدعاء عند الكسوف ← |
باب الخطبة بعد صلاة الكسوف
مسلم: حدثنا محمد بن العلاء، ثنا ابن نمير، ثنا هشام، عن فاطمة، عن أسماء قالت: " خسفت الشمس على عهد رسول الله ﷺ فدخلت على عائشة وهي تصلي، فقلت: ما شأن الناس يصلون؟! فأشارت برأسها إلى السماء، فقلت: آية؟ قالت: نعم. فأطال رسول الله ﷺ القيام جدا حتى تجلاني الغشي، فأخذت قربة من ماء إلى جنبي، فجعلت أصب على رأسي أو على وجهي من الماء، قالت: فانصرف رسول الله وقد تجلت الشمس، فخطب رسول الله ﷺ الناس فحمد الله وأثنى عليه فقال: أما بعد، ما من شيء لم أكن رأيته إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار، وإنه قد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور قريبا أو مثل فتنة المسيح الدجال - لا أدري أي ذلك قالت أسماء - فيؤتى أحدكم فيقال: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن - لا أدري أي ذلك قالت أسماء - فيقول: هو محمد، هو رسول الله ﷺ، جاءنا بالبينات والهدى، فأجبنا وأطعنا - ثلاث مرار - فيقال له، نم قد كنا نعلم أنك لتؤمن به فنم صالحا. وأما المنافق أو المرتاب - لا أدري أي ذلك قالت أسماء - فيقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلت ".
مسلم: ثنا أبو أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبد الله بن نمير.
وثنا محمد بن عبد الله بن نمير - وتقاربا في اللفظ - ثنا أبي، ثنا عبد الملك، عن عطاء، عن جابر قال: " انكسفت الشمس في عهد رسول الله ﷺ يوم مات إبراهيم ابن رسول الله، فقال الناس: إنما انكسفت لموت إبراهيم، فقام النبي ﷺ فصلى بالناس ست ركعات بأربع سجدات، بدأ فكبر ثم قرأ فأطال القراءة، ثم ركع نحوا مما قام، ثم رفع رأسه من الركوع فقرأ قراءة دون القراءة الأولى، ثم ركع نحوا مما قام، ثم رفع رأسه من الركوع، ثم انحدر بالسجود فسجد سجدتين، ثم قام فركع أيضا ثلاث ركعات ليس فيها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها، وركوعه نحوا من سجوده، ثم تأخر وتأخرت الصفوف حتى انتهينا - وقال أبو بكر: حتى انتهى إلى النساء - ثم تقدم وتقدم الناس معه، حتى قام في مقامه فانصرف وقد آضت الشمس، فقال: يا أيها الناس، إنما الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس - وقال أبو بكر: لموت بشر - فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلي، ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه، لقد جيء بالنار وذلك حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها، وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار، كان يسرق الحاج بمحجنه، فإن فطن له قال: إنما تعلق بمحجني، وإن غفل عنه ذهب به، وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها فلم تطعمها، ولو تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعا، ثم جيء بالجنة وذلكم حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي، ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه، ثم بدا لي أن لا أفعل، فما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه ".
وللبخاري في هذا الحديث: " دنت مني الجنة حتى لو اجترأت عليها لجئتكم بقطاف من قطافها، ودنت مني النار حتى قلت: أي رب أو أنا معهم؟ "
رواه عن ابن أبي مريم، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، عن أسماء، عن النبي ﷺ.
وزاد ابن أبي شيبة في مسنده في خبر الهرة: " فهي تنهش قبلها ودبرها " رواه عن شريك، عن أبي إسحاق، عن السائب بن مالك، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ.
وقال النسائي في هذا الحديث: " ولقد رأيتها تنهشها إذا أقبلت، وإذا ولت تنهش [أليتها]، وحتى رأيت فيها صاحب الشعبتين أخا بني الدعدع يدفع بعصا ذات شعبتين في النار ". رواه عن هلال بن بشر، عن عبد العزيز بن عبد الصمد، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ.
وفي حديث آخر: " رأيت فيها أخا بني دعدع سارق الحجيج ". رواه من طريق شعبة، عن عطاء، وقد تقدم قبل صلاة الكسوف.
مسلم: حدثني سويد بن سعيد، ثنا حفص بن ميسرة، حدثني زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس قال: " انكسفت الشمس على عهد رسول الله ﷺ، فصلى رسول الله ﷺ والناس معه، فقام قياما طويلا قدر نحو سورة البقرة، ثم ركع ركوعا طويلا، [ثم] رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا [طويلا] وهو دون الركوع الأول، [ثم سجد، ثم قام قياما طويلا، وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا، وهو دون الركوع الأول] ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام [الأول]، ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم انصرف وقد انجلت الشمس فقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله - عز وجل - لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله. قالوا: يا رسول الله، رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا ثم رأيناك كففت. فقال: إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقودا، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار فلم أر كاليوم منظرا قط، ورأيت أكثر أهلها النساء. قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: بكفرهن. قيل: أيكفرن بالله؟ قال: (يكفرن) العشير و (يكفرن) الإحسان، ولو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيت خيرا قط ".
مسلم: ثنا أبو عامر الأشعري عبد الله بن براد ومحمد بن العلاء قالا: ثنا أبو أسامة، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: " خسفت الشمس في زمن النبي ﷺ فقام فزعا يخشى أن تكون الساعة، حتى أتى المسجد، فقام يصلي بأطول قيام وركوع وسجود، [ما] رأيته يفعله في صلاة قط، ثم قال: إن هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد، ولا لحياته، ولكن الله يرسلها يخوف بها عباده، فإذا رأيتم منها شيئا فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره ". وفي رواية ابن العلاء: " كسفت " وقال: " يخوف عباده ".
مسلم: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، ثنا سليمان بن بلال، عن يحيى، عن عمرة " أن يهودية أتت عائشة تسألها فقالت: أعاذك الله من عذاب القبر. قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، يعذب الناس في القبور؟ قالت عمرة: فقالت عائشة: قال رسول الله: عائذا بالله. ثم ركب رسول الله ذات غداة مركبا فخسفت الشمس، قالت عائشة: فخرجت في نسوة بين ظهري الحجر في المسجد، فأتى رسول الله من مركبه حتى انتهى إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه.... " فذكرت الحديث وصلاة النبي ﷺ، قالت: " ثم رفع وقد تجلت الشمس فقال: إني رأيتكم تفتنون في القبور كفتنة الدجال. قالت عمرة: فسمعت عائشة تقول: فكنت أسمع رسول الله ﷺ بعد ذلك بتعوذ من عذاب النار وعذاب القبر ".
وقال البخاري في هذا الحديث: " ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر ".
وقال النسائي: " فلما انصرف قعد على المنبر ".