→ الباب الحادي عشر | شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل الباب الثاني عشر المؤلف: ابن قيم الجوزية |
الباب الثالث عشر ← |
الباب الثاني عشر: في ذكر المرتبة الثالثة من مراتب القضاء والقدر وهي مرتبة المشيئة
وهذه المرتبة قد دل عليها إجماع الرسل من أولهم إلى آخرهم وجميع الكتب المنزلة من عند الله والفطرة التي فطر الله عليها خلقه وأدلة العقول والعيان وليس في الوجود موجب ومقتض إلا مشيئة الله وحده فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن هذا عموم التوحيد الذي لا يقوم إلا به والمسلمون من أولهم إلى آخرهم مجمعون على أنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وخالفهم في ذلك من ليس منهم في هذا الموضع وأن كان منهم في موضع آخر فجوزوا أن يكون في الوجود ما لا يشاء الله وأن يشاء ما لا يكون وخالف الرسل كلهم وأتباعهم من نفى مشيئة الله بالكلية ولم يثبت له سبحانه مشيئة واختيارا أو جدبها الخلق كما يقوله طوائف من أعداء الرسل من الفلاسفة وأتباعهم والقرآن والسنة مملوآن بتكذيب الطائفتين فقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ الله مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ الله مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ الله يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} وقال تعالى: {كَذَلِكَ الله يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} وقال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} وقال: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعا} وقال: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} وقال: {وَلَوْ شَاءَ الله لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} وقال: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} وقال: {وَلَوْ يَشَاءُ الله لانْتَصَرَ مِنْهُمْ} وقال: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْك} وقال: {فَإِنْ يَشَأِ الله يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِك} وقال: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ الله عَلَى ذَلِكَ قَدِيراً} وقال: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ الله آمِنِينَ} وقال عن نوح أنه قال لقومه: {إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ الله إِنْ شَاءَ} وقال إمام الحنفاء وأبو الأنبياء لقومه: {وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} وقال الذبيح له: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ الله مِنَ الصَّابِرِينَ} وقال خطيب الأنبياء شعيب: {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الله رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى الله تَوَكَّلْنَا} وقال الصديق الكريم ابن الكريم ابن الكريم: {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ الله آمِنِينَ} وقال حمو موسى: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ الله مِنَ الصَّالِحِينَ} وقال كليم الرحمن للخضر: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ الله صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً} وقال قوم موسى له: {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ الله لَمُهْتَدُونَ} وقال لسيد ولد آدم وأكرمهم عليه: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ الله} وقال: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلا نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاءَ الله} وقال عن أهل الجنة: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ} وعن أهل النار كذلك ليبين أن الأمر راجع إلى مشيئته ولو شاء لكان غير ذلك وقال: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ} وقال: {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} وقال: {وَلَوْ بَسَطَ الله الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاء} وقال: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} وقال: {يَمْحُوا الله مَا يَشَاءُ وَيُثْبِت} وقال: {مَنْ يَشَأِ الله يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ الله مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} وقال: {وَيُضِلُّ الله الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ الله مَا يَشَاءُ} وقال: {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} وقال: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وقال: {قُلْ لَوْ شَاءَ الله مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ} وقال: {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً} وقال: {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الله} وفي الآية الأخرى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الله} فأخبر أن مشيئتهم وفعلهم موقوفان على مشيئته لهم هذا وهذا وقال: {قُلِ اللهمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاء} وقال: {وَالله يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وقال: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} وقوله: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاء} وقوله: {وَلَكِنَّ الله يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} وقوله: {وَالله يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} وقوله: {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ} وقوله: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} وقوله: {ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} وقوله: {وَلَكِنَّ الله يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} وقوله: {فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ} وقوله: {فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ} وقوله: {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاء} وقوله: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} وقوله: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ} وقوله: {وَلَوْ شَاءَ الله لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} وقوله: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيح} وقوله: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاما}: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً} وقوله: {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ} وقوله: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ} وقوله: {وَلَوْ شَاءَ الله لأَعْنَتَكُم} وقوله: {الله يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ} وقوله عن كليمه موسى: {إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاء} وهذه الآيات ونحوها تتضمن الرد على طائفتي الضلال نفاة المشيئة بالكلية ونفاة مشيئة أفعال العباد وحركاتهم وهداهم وضلالهم وهو سبحانه تارة يخبر أن كل ما في الكون بمشيئته وتارة أن ما لم يشأ لم يكن وتارة أنه لو شاء لكان خلاف الواقع وأنه لو شاء لكان خلاف القدر الذي قدره وكتبه وأنه لو شاء ما عصى وأنه لو شاء لجمع خلقه على الهدى وجعلهم أمة واحدة فتضمن ذلك أن الواقع بمشيئته وأن ما لم يقع فهو لعدم مشيئته وهذا حقيقة الربوبية وهو معنى كونه رب العالمين وكونه القائم بتدبير عباده فلا خلق ولا رزق ولا عطاء ولا منع ولا قبض ولا بسط ولا موت ولا حياة ولا إضلال ولا هدى ولا سعادة ولا شقاوة إلا بعد إذنه وكل ذلك بمشيئته وتكوينه إذ لا مالك غيره ولا مدبر سواه ولا رب غيره قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَار} وقال: {وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ} وقال: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} وقال: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً} وقال: {يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} وتقدم في حديث حذيفة بن أسيد في صحيح مسلم في شأن الجنين "فيقضي ربك ما يشاء ويكتب الملك" وفي صحيح البخاري من حديث أبي موسى عن النبي ﷺ: "اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما يشاء" وفي صحيح البخاري من حديث علي بن أبي طالب حين طرقه النبي ﷺ وفاطمة ليلا فقال: "ألا تصليان علي إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا" وفي صحيحه أيضا في قصة نومهم في الوادي عنه ﷺ: "أن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها حين شاء" وفي حديث ابن مسعود الذي في المسند وغيره في قصة رجوعهم من الحديبية ونومهم عن صلاة الصبح فقال النبي ﷺ: "إن الله لو شاء لم تناموا عنها ولكن أراد أن تكون لمن بعدكم فهكذا لمن نام ونسي" وفي لفظ آخر: "إن الله سبحانه وتعالى لو شاء أيقظنا ولكنه أراد أن يكون لمن بعدكم" وفي مسند الإمام أحمد عن طفيل بن سخيرة أخي عائشة لامها أنه رأى فيما يرى النائم كأنه مر برهط من اليهود فقال: من أنتم قالوا: نحن اليهود قال: إنكم أنتم القوم لولا أنكم تزعمون أن عزيرا ابن الله فقالت اليهود: وأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد ثم مر برهط من النصارى فقال: من أنتم قالوا: نحن النصارى قال: إنكم أنتم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله قالوا: وأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد فلما أصبح أخبر بها من أخبر ثم أتى النبي ﷺ فأخبره فقال: أخبرت أحدا؟ قال: نعم فلما صلوا خطبهم فحمد الله وأثنى عليه فقال إن طفيلا رأى رؤيا فأخبر بها من أخبر منكم وإنكم تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم" زاد البيهقي: "فلا تقولوها ولكن قولوا ما شاء الله وحده لا شريك له" وروى جعفر عن عون عن الأجلح عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس قال: "جاء رجل إلى النبي ﷺ يكلمه في بعض الأمر فقال الرجل لرسول الله: ما شاء الله وشئت فقال رسول الله ﷺ: "أجعلتني لله عدلا بل ما شاء الله وحده" وروى سعيد عن منصور عن عبد الله بن يسار عن حذيفة عن النبي ﷺ قال: "لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان" قال الشافعي في رواية الربيع عنه: "المشيئة إرادة الله قال الله عز وجل: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ الله} فأعلم الله خلقه أن المشيئة له دون خلقه وأن مشيئتهم لا تكون إلا أن يشاء الله فيقال لرسول الله ﷺ ما شاء الله ثم شئت ولا يقال ما شاء الله وشئت قال ويقال من يطع الله ورسوله فإن الله تعبد العباد بأن فرض عليهم طاعة رسوله فإذا أطيع رسول الله فقد أطيع الله بطاعة رسوله" وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ: "قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفها كيف يشاء" ثم قال رسول الله ﷺ: "يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك" وفي حديث النواس بن سمعان سمعت النبي ﷺ يقول: "ما من قلب إلا بين أصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه" وكان رسول الله ﷺ يقول: "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك والميزان بيد الرحمن يرفع أقواما ويخفض آخرين إلى يوم القيامة" وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو سمعت النبي ﷺ وهو قائم على المنبر يقول: "إنما بقاؤكم فيما سلف من الأمم قبلكم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس" وذكر الحديث وقال في آخره "فذلك فضلي أوتيه من أشاء" وفي صحيح البخاري مرفوعا: "مثل الكافر كمثل الأرزة صماء معتدلة حتى يقصمها الله إذا شاء وقال عبد الرازق عن معمر عن همام هذا ما حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "قال الله تبارك وتعالى: لا يقل ابن آدم يا خيبة الدهر فاني أنا الدهر أرسل الليل والنهار فإذا شئت قبضتهما" قال الشافعي تأويله والله أعلم أن العرب كان شأنها أن تذم الدهر وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم من موت أو هرم أو تلف أو غير ذلك فيقولون إنما يهلكنا الدهر وهو الليل والنهار ويقولون أصابتهم قوارع الدهر وأبادهم الدهر فيجعلون الليل والنهار يفعلان الأشياء فيذمون الدهر بأنه الذي يفنيهم ويفعل بهم فقال رسول الله ﷺ: "لا تسبوا الدهر على أنه الذي يفنيكم والذي يفعل بكم هذه الأشياء فإنكم إذا سببتم فاعل هذه الأشياء فإنما تسبون الله تبارك وتعالى فإنه فاعل هذه الأشياء" وفي حديث أنس يرفعه: "اطلبوا الخير دهركم كله وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله عز وجل سحائب من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم" وفي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت قال كنا عند النبي ﷺ فقال: "تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تسرقوا فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له" وفيهما أيضا من حديث احتجاج الجنة والنار: "قول الله للجنة أنت رحمتي أرحم بك من أشاء وللنار أنت عذابي أعذب بك من أشاء" وفيه أيضا من حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ: "لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت وارحمني إن شئت وارزقني إن شئت ليعزم مسألته إنه يفعل ما يشاء لا مكره له" وفي صحيح مسلم عنه يرفعه: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير إحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان" وفي حديث أبي ذر: "يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته" الحديث وفي آخره "ذلك بأني جواد أفعل ما أشاء عطائي كلام فإذا أردت شيئا فإنما أقول له كن فيكون" وفي حديث أنس بن مالك عن النبي ﷺ: "ما أنعم الله على عبد من نعمة من أهل وولد فيقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله فيرى فيه آية دون الموت" وهذا الحديث الصحيح مشتق من قوله تعالى: {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ الله لا قُوَّةَ إِلاَّ بِالله} وفي حديث الشفاعة: "فإذا رأيت ربي وقعت له ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني" وفي حديث آخر أهل الجنة دخولا إليها "فيسكت ما شاء الله أن يسكت وفيه قوله سبحانه لا أهزأ بك ولكني على ما أشاء قدير" والحديثان في الصحيحين وفيهما من حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ: "لكل نبي دعوة فأريد إن شاء الله أن أختبي دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة" وقال: "لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة الذين بايعوا تحتها أحد" وقال: "إني لأطمع أن يكون حوضي إن شاء الله أوسع ما بين أيلة إلى كذا" وقال في المدينة: "لا يدخلها الطاعون ولا الدجال إن شاء الله" وقال في زيارة المقابر: "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون" وقال لما حاصر الطائف: "إنا قافلون غدا إن شاء الله" وقال لما قدم مكة: "منزلنا غدا إن شاء الله بخيف بني كنانة" وقال يوم بدر: "هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله وهذا مصرع فلان إن شاء الله" وقال في بعض أسفاره: "إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم ثم إنكم تأتون الماء غدا إن شاء الله" وقال للأعرابي الذي عاده من الحمى: "لا بأس طهور إن شاء الله" وأخبر عن سليمان بن داود أنه قال: "لأطوفن الليلة على سبعين امرأة كل واحدة تأتي بفارس يقاتل في سبيل الله فقال له الملك قل إن شاء الله فلم يقل فطاف عليهن جميعا فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل وأيم الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون" وقال: "من حلف فقال إن شاء الله فإن شاء مضى وإن شاء رجع غير حنث" وقال: "لأغزون قريشا ثم قال في الثالثة إن شاء الله" وقال: "ألا مشمر للجنة فقالت الصحابة نحن المشمرون لها يا رسول الله فقال قولوا إن شاء الله" وقال تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} قال الحسن: "إذا نسيت أن تقول إن شاء الله" وهذا هو الاستثناء الذي كان يجوزه ابن عباس متراخيا ويتأول عليه الآية لا الاستثناء في الإقرار واليمين والطلاق والعتاق وهذا من كمال علم ابن عباس وفقهه في القرآن وقد أجمع المسلمون على أن الحالف إذا استثنى في يمينه متصلا بها فقال لأفعلنّ كذا أو لا أفعله إن شاء الله إنه لا يحنث إذا خالف ما حلف عليه لأن من أصل أهل الإسلام أنه لا يكون شيء إلا بمشيئة الله فإذا علق الحالف الفعل أو الترك بالمشيئة لم يحنث عند عدم المشيئة ولا تجب عليه الكفارة ولو ذهبنا نذكر كل حديث أو أثر جاء فيه لفظ المشيئة وتعليق فعل الرب بها لطال الكتاب جدا وأما الإرادة فورودها في نصوص القرآن والسنة معلوم أيضا كقوله: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا}: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً}: {يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}: {وَمَنْ يُرِدِ الله فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ الله شَيْئاً} وقول نوح: {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ الله يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} وقوله: {فَمَنْ يُرِدِ الله أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} وقوله: {وَإِذَا أَرَادَ الله بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ} وقوله: {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا} وأخبر أنه إذا لم يرد تطهير قلوب عباده لم يكن لهم سبيل إلى تطهيرها فقال: {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم} وقال: {وإن الله يهدي من يريد}: {وإن الله يحكم ما يريد} وقال: {مَا يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} وقوله: {فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ الله شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} وقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} وقوله: {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ الله إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} وقول صاحب يس: {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ} وقوله: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله إِنْ أَرَادَنِيَ الله بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِه} وقوله: {يُرِيدُ الله أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ} وقوله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} والنصوص النبوية في إثبات إرادة الله أكثر من أن تحصر كقوله "من يرد الله به خيرا يفقه في الدين" "من يرد الله به خيرا يصب منه" "إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق" "إذا أراد الله رحمة أمة قبض نبيها قبلها" "إذا أراد الله هلكة أمة عذبها ونبيها حي فأقر عينه بهلكها" "إذا أراد الله بعبد خيرا عجل له العقوبة في الدنيا" "إذا أراد الله بعبد شرا أمسك عنه توبته حتى يوافي يوم القيامة كأنه عير" "إذا أراد الله قبض عبد بأرض جعل له إليها حاجة" "إذا أراد الله بأهل بيت خيرا أدخل عليهم باب الرفق" "إذا أراد الله بقوم عذابا أصاب من كان فيهم ثم بعثوا على نياتهم" والآثار النبوية في ذلك أكثر من أن نستوعبها.
فصل: وههنا أمر يجب التنبيه عليه والتنبه له وبمعرفته تزول إشكالات كثيرة تعرض لمن لم يحط به علما وهو أن الله سبحانه له الخلق والأمر وأمره سبحانه نوعان: أمر كوني قدري، وأمر ديني شرعي فمشيئته سبحانه متعلقة بخلقه وأمره الكوني وكذلك تتعلق بما يحب وبما يكرهه كله داخل تحت مشيئته كما خلق إبليس وهو يبغضه وخلق الشياطين والكفار والأعيان والأفعال المسخوطة له وهو يبغضها فمشيئته سبحانه شاملة لذلك كله وأما محبته ورضاه فمتعلقة بأمره الديني وشرعه الذي شرعه على ألسنة رسله فما وجد منه تعلقت به المحبة والمشيئة جميعا فهو محبوب للرب واقع بمشيئته كطاعات الملائكة والأنبياء والمؤمنين وما لم يوجد منه تعلقت به محبته وأمره الديني ولم تتعلق به مشيئته وما وجد من الكفر والفسوق والمعاصي تعلقت به مشيئته ولم تتعلق به محبته ولا رضاه ولا أمره الديني وما لم يوجد منها لم تتعلق به مشيئته ولا محبته فلفظ المشيئة كوني ولفظ المحبة ديني شرعي ولفظ الإرادة ينقسم إلى إرادة كونية فتكون هي المشيئة وإرادة دينية فتكون هي المحبة إذا عرفت هذا فقوله تعالى: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} وقوله: {لا يُحِبُّ الْفَسَاد} وقوله: {وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} لا يناقض نصوص القدر والمشيئة العامة الدالة على وقوع ذلك بمشيئته وقضائه وقدره فإن المحبة غير المشيئة والأمر غير الخلق ونظير هذا لفظ الأمر فإنه نوعان أمر تكوين وأمر تشريع والثاني قد يعصي ويخالف بخلاف الأول فقوله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا} لا يناقض قوله: {إِنَّ الله لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} ولا حاجة إلى تكلف تقدير أمرنا مترفيها فيها بالطاعة فعصونا وفسقوا فيها بل الأمر ههنا أمر تكوين وتقدير لا أمر تشريع لوجوه أحدها: أن المستعمل في مثل هذا التركيب أن يكون ما بعد الفاء هو المأمور به كما تقول أمرته فقام وأمرته فأكل كما لو صرح بلفظة أفعل كقوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا} وهذا كما تقول دعوته فأقبل وقال تعالى: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} الثاني: أن الأمر بالطاعة لا يخص المترفين فلا يصح حمل الآية عليه بل تسقط فائدة ذكر المترفين فإن جميع المبعوث إليهم مأمورون بالطاعة فلا يصح أن يكون أمر المترفين علة إهلاك جميعهم الثالث: أن هذا النسق العجيب والتركيب البديع مقتض ترتب ما يعد الفاء على ما قبلها ترتب المسبب على سببه والمعلول على علته ألا ترى أن الفسق علة حق القول عليهم وحق القول عليهم علة لتدميرهم فهكذا الأمر سبب لفسقهم ومقتض له وذلك هو أمر التكوين لا التشريع الرابع: أن إرادته سبحانه لإهلاكهم إنما كانت بعد معصيتهم ومخالفتهم لرسله فمعصيتهم ومخالفتهم قد تقدمت فأراد الله إهلاكهم فعاقبهم بأن قدر عليهم الأعمال التي يتحتم معها هلاكهم فإن قيل فمعصيتهم السابقة سبب لهلاكهم فما الفائدة في قوله: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا} وقد تقدم الفسق منهم قبل المعصية السابقة وإن كانت سببها للهلاك لكن يجوز تخلف الهلاك عنها ولا يتحتم كما هو عادة الرب تعالى المعلومة في خلقه أنه لا يتحتم هلاكهم بمعاصيهم فإذا أراد إهلاكهم ولا بد أحدث سببا آخر يتحتم معه الهلاك ألا ترى أن ثمود ألم يهلكهم بكفرهم السابق حتى أخرج لهم الناقة فعقروها فأهلكوا حينئذ وقوم فرعون لم يهلكهم بكفرهم السابق بموسى حتى أراهم الآيات المتتابعات واستحكم بغيهم وعنادهم فحينئذ أهلكوا وكذلك قوم لوط لما أراد هلاكهم أرسل الملائكة إلى لوط في صورة الأضياف فقصدوهم بالفاحشة ونالوا من لوط وتواعدوه وكذلك سائر الأمم إذا أراد الله هلاكهم أحدث لها بغيا وعدوانا يأخذها على أثره وهذه عادته مع عباده عموما وخصوصا فيعصيه العبد وهو يحلم عنه ولا يعاجله حتى إذا أراد أخذه قيض له عملا يأخذه به مضافا إلى أعماله الأولى فيظن الظان أنه أخذه بذلك العمل وحده وليس كذلك بل حق عليه القول بذلك وكان قبل ذلك لم يحق عليهم القول بأعماله الأولى حيث عمل ما يقتضي ثبوت الحق عليه ولكن لم يحكم به أحكم الحاكمين ولم يمض الحكم فإذا عمل بعد ذلك ما يقرر غضب الرب عليه أمضى حكمه عليه وأنفذه قال تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} وقد كانوا قبل ذلك أغضبوه بمعصية رسوله ولكن لم يكن غضبه سبحانه قد استقر واستحكم عليهم إذ كان بصدد أن يزول بإيمانهم فلما أيس من إيمانهم تقرر الغضب واستحكم فحلت العقوبة فهذا الموضع من أسرار القرآن وأسرار التقدير الإلهي وفكر العبد فيه من أنفع الأمور له فإنه لا يدري أي المعاصي هي الموجبة التي يتحتم عندها عقوبته فلا يقال بعدها والله المستعان وسنعقد لهذا الفصل بابا في الفرق بين القضاء الكوني والديني نشبع الكلام فيه إن شاء الله لشدة الحاجة إليه إذ المقصود في هذا الباب مشيئة الرب وأنها الموجبة لكل موجود كما أن عدم مشيئته موجب لعدم وجود الشيء فهما الموجبتان ما شاء الله وجب وجوده وما لم يشأ وجب عدمه وامتناعه وهذا أمر يعم كل مقدور من الأعيان والأفعال والحركات والسكنات فسبحانه أن يكون في مملكته ما لا يشاء أو أن يشاء شيئا فلا يكون وإن كان فيها ما لا يحبه ولا يرضاه وإن كان يحب الشيء فلا يكون لعدم مشيئته له ولو شاءه لوجد.
شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل لابن قيم الجوزية | |
---|---|
مقدمة المؤلف | الباب الأول: في تقدير المقادير قبل خلق السماوات والأرض | الباب الثاني: في تقدير الرب تعالى شقاوة العباد وسعادتهم وأرزاقهم وآجالهم قبل خلقهم | الباب الثالث: في ذكر احتجاج آدم وموسى في ذلك وحكم النبي ﷺ لآدم | الباب الرابع: في ذكر التقدير الثالث والجنين في بطن أمه | الباب الخامس: في التقدير الرابع ليلة القدر | الباب السادس: في ذكر التقدير الخامس اليومي | الباب السابع: في أن سبق المقادير بالسعادة والشقاوة لا يقتضي ترك الأعمال بل يوجب الاجتهاد والحرص لأنه تقدير بالأسباب | الباب الثامن: في قوله تعالى إن الذين سبقت لهم منا الحسنى | الباب التاسع: في قوله إنا كل شيء خلقناه بقدر | الباب العاشر: في مراتب القضاء والقدر التي من استكمل معرفتها والإيمان بها فقد آمن بالقدر وذكر المرتبة الأولى | الباب الحادي عشر: في ذكر المرتبة الثانية من مراتب القضاء والقدر وهي مرتبة الكتابة | الباب الثاني عشر في ذكر المرتبة الثالثة وهي مرتبة المشيئة | الباب الثالث عشر: في ذكر المرتبة الرابعة وهي مرتبة خلق الأعمال | الباب الرابع عشر: في الهدي والضلال ومراتبهما | الباب الخامس عشر: في الطبع والختم والقفل والغل والسد والغشاوة ونحوها وأنه مفعول الرب | الباب السادس عشر: في تفرد الرب بالخلق للذات والصفات والأفعال | الباب السابع عشر: في الكتب والجبر ومعناهما لغة واصطلاحا وإطلاقهما نفيا وإثباتا | الباب الثامن عشر: في فعل وافعل في القضاء والقدر وذكر الفعل والانفعال | الباب التاسع عشر: في ذكر مناظرة بين جبري وسني | الباب العشرون: في مناظرة بين قدري وسني | الباب الحادي والعشرون: في تنزيه القضاء الإلهي عن الشر ودخوله في المقضي | الباب الثاني والعشرون: في طرق إثبات حكمة الرب تعالى في خلقه وأمره واثبات الغايات المطلوبة والعواقب الحميدة التي فعل وأمر لأجلها | الباب الثالث والعشرون: في استيفاء شبه نفاة الحكمة وذكر الأجوبة المفصلة عنها | الباب الرابع والعشرون: في معنى قول السلف في الإيمان بالقدر خيره وشره وحلوه ومره | الباب الخامس والعشرون: في بيان بطلان قول من قال إن الرب تعالى مريد للشر وفاعل له وامتناع إطلاق ذلك نفيا وإثباتا | الباب السادس والعشرون: فيما دل عليه قوله ﷺ: "أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بعفوك من عقوبتك وأعوذ بك منك" من تحقيق القدر وإثباته وأسرار هذا الدعاء | الباب السابع والعشرون: في دخول الإيمان بالقضاء والقدر والعدل والتوحيد تحت قوله: "ماض في حكمك عدل في قضاؤك" وما تضمنه الحديث من قواعد الدين | الباب الثامن والعشرون: في أحكام الرضا بالقضاء واختلاف الناس في ذلك وتحقيق القول فيه | الباب التاسع والعشرون: في انقسام القضاء والقدر والإرادة والكتابة والحكم والأمر والإذن والجعل والكلمات والبعث والإرسال والتحريم والعطاء والمنع إلى كوني يتعلق بخلقه وديني يتعلق بأمره وما في تحقيق ذلك من إزالة اللبس والإشكال | الباب الموفي ثلاثين: في الفطرة الأولى التي فطر الله عباده عليها وبيان أنها لا تنافي القضاء والعدل بل توافقه وتجامعه |