الرئيسيةبحث

حوادث دمشق اليومية/سنة 1172

حوادث دمشق اليومية
سنة 1172
المؤلف: أحمد البديري


ثم دخل شهر رمضان المبارك نهار الخميس، وصار العيد يوم الجمعة، فصار عيداً للأموات والأحياء، لكنه للأموات أكثر. فقبل عيد الفطر بيومين وبعده بيومين يخرج من كل باب من أبواب دمشق ممن مات مطعونا في كل يوم نحواً من ألف جنازة والعياذ بالله.

وهذا شيء ما سمع من عهد الطاعون عمواس، نسأله تعالى اللطف فيما جرت به المقادير. وصار النقص أيضاً في الفاكهة، حتى صارت أوقية الجانرك بمصريتين، والمشمش رطله بأربعة وعشرين مصرية، ورطل التوت بثمانية مصاري، ورطل التفاح بأربعة وعشرين مصرية، ورطل الأنجاص بثلاثين مصرية، ورطل الثوم بثلاثين مصرية، ورطل البصل بسبعة مصاري، واللحم والأرز وغيره على نحو ما قدمنا، وقد طال الأمر وكثر القهر وزال السرور، وزادت البغضاء والشرور، ولم يدر الإنسان أين يدور، من شدة البكاء والنفور، ولله عاقبة الأمور.

وفي يوم الجمعة الخامس عشر من شوال سار محمد باشا الشالك بالركب الشامي إلى الحرمين الشريفين. وبعد يومين سار الحاج بمهماته وبعد أيام جاء عثمان باشا والي مدينة طرابلس سردار الجردة، وكان نزوله مدة إقامته في قرية من القرايا من غير أسف ولا ندم، وسار مسافراً في ذي الحجة مع كواخي صيدا ونابلس.

وفي نصف ذي الحجة توفي الشيخ أحمد بن سوار شيخ المحيا، وكان علاّمة زمانه ووقته، وله شجاعة زائدة وبراعة في العلوم متزايدة، وصار له مشهد عظيم، ودفن في تربة قبر السيدة عاتكة. وبعده توفي ابن عمه الحسيب النسيب الشيخ سليمان، وكان يعمل المحيا في جامع الأموي وفي جامع البزوري الذي في محلتهم. وبهذا الشهر أيضاً توفي العالم العلامة مفتي السادة المالكية الشيخ يوسف أفندي، وصار له مشهد عظيم، ودفن بمرج الدحداح، رحمه الله تَعالى.