→ سنة 1169 | حوادث دمشق اليومية سنة 1170 المؤلف: أحمد البديري |
سنة 1171← |
ثم دخلت سنة سبعين ومئة وألف نهار السبت في طالع يمن وفرح وسرور إن شاء الله. ولكن الغلاء واقع في البضائع وغيرها كما أسلفنا، فلا عود ولا إعادة.
وبهذه الأيام انفصل مصطفى باشا أخو أسعد باشا العظم من صيدا ووُجهت عليه ولاية أدَنة. وبتلك الأيام صار انقطاع نهر القنوات بعد عيد الزبيب. وبنصف محرم جاء من إسلامبول قاضي الشام محمد أفندي. وبهذه الأيام سمّروا خبازاً بباب الجابية.
وفي سابع وعشرين محرم دخل جوقدار الحج الدالي علي باش ومعه جماعة، وبشَّر بالخبر وأن حضرة الباشا والحجاج سالمين. وفي يوم الثلاثاء جاء كتّاب حماة وحلب، ويوم الأربعاء جاء نصراني في بعض مكاتيب، وأخبر أن كتّاب الشام جرحوه العرب. وبتلك الأيام أتت السماء بمطر كأفواه القرب، حتى ظنت الناس أن الحج قد غرق، وكان بمنزلة الصنمين. وقد تأخر دخول الحج عن ميعاده نحو جمعة. ونهار الثلاثاء ثاني عشر صفر دخل الحج الشريف، وثاني يوم دخل أمير الحاج وحاكم الشام الحاج أسعد باشا العظم في موكب الحج والمحمل الشريف. وهذه السنة الرابعة عشر كما قدمنا من سنين حججه المتواليات التي ما عُهدت لغيره. أدام الله أيام وجوده آمين. ودامت هذه الفتنة أياماً بين صلح وقيل وقال، حتى صار الديوان عند الأغوات وأكابر الشام، وبُت القرار على إخراج غريب كيت من الشام، وأن يخرج ولي الذي كان سبب الفتنة. فأخرجوهم كذا الأغوات، ومعهم علي أفندي المرادي تطييباً لخاطر أهل البلد، ولم يزالوا خارجين بهم إلى خارج البلد، فرجعت الأغوات والأفندي المرادي وبقي الوجل على حاله، ثم صارت أهل كل حارة تسهر كل ليلة. وبقي الأمر على ذلك إلى أن وصل الخبر إلى الشام بأن الذين خرجوا نهبوا القرايا وقتلوا النفوس، وهتكوا الحريم. فأرسلت الحكومة أوراقاً إلى أهل البر والقرايا أن يقتلوهم أو يطردوهم، فتعصّبوا عليهم وطردوهم، ولكن بعدما قتلوا ونهبوا. ثم رأوا القبجي في طريقهم فشلحوه، وقتلوا بعض جماعته. وبقيت أهل الشام بين خوف وأهوال، إلى أن كان يوم الاثنين سابع والعشرين من ذي الحجة وصل خبر إلى الشام بأن موسى باشا باشة الجردة لما وصل إلى القطرانة خرجت عليه العرب شلحوه ونهبوا الجردة وكل ما فيها، حتى شلحوه لباسه وخاتمه من إصبعه، وأنزلوه من تخته، وركبوا مكانه في التخت، وأخذوا طبوله وأطواخه ومدافعه. وكان كبيرهم يقال له قعدان الفايز. ثم تفرقت الجماعة الذين كانوا في الجردة، فرجعت منهم أناس إلى الشام، ومنهم ناس انقطعوا في حوران، ومنهم ناس هربوا إلى غزة، وناس إلى القدس، وناس إلى معان مع ابن موسى باشا، لأنها قريبة من الموضع الذي نهبت فيه الجردة. وأما الباشا فإنه رجع إلى قرية داعل وأقام بها مدة أيام. فأرسلوا له تختاً ليحملوه به، فوجدوه قد مات، فحملوه وجاؤوا به إلى الشام. وكان دخلوه على البلد في أول الليل، وثاني يوم دفنوه في تربة سيدي خمار رضي الله عنه.