→ السابق | معالم السنن للإمام الخطابي
|
اللاحق ← |
6/10م ومن باب في الرفق
1323- قال أبو داود: حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة ومحمد بن الصباح البزاز قالوا حدثنا شريك عن المقدام بن شريح عن أبيه قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن البداوة فقالت كان رسول الله ﷺ يبدو إلى هذه التِّلاع وأنه أراد البداوة مرة فأرسل إليَّ ناقة مُحرَّمة من إبل الصدقة فقال لي يا عائشة ارفقي فإن الرفق لم يكن في شيء قط إلا زانه ولا نزع من شيء قط إلا شانه.
قال الشيخ: البداوة الخروج إلى البادية والمقام بها وفيها لغتان فتح الباء وكسرها والتلاع مجاري الماء من فوق إلى أسفل واحدتها تلعة.
والمحرمة هي التي قد اقتضبت ركوبها لم تذلل ولم ترض، ومن هذا قولهم أعرابي محرم إذا كان أول ما يدخل المصر لم يخالط الناس ولم يجالسهم.
7/11م ومن باب شكر المعروف
1324- قال أبو داود: حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا الربيع بن مسلم عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال لا يشكر الله من لا يشكر الناس.
قال الشيخ: هذا الكلام يتأول على وجهين أحدهما أن من كان طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم كان من عادته كفران نعمة الله وترك الشكر له سبحانه.
والوجه الاخر أن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس ويكفر معروفهم لاتصال أحد الأمرين بالآخر.
1325- قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن الجراح حدثنا جرير عن الأعمش، عن أبي سفيان عن جابر عن النبي ﷺ قال من أُبلي فذكره فقد شكره وإن كتمه فقد كفره.
الإبلاء الانعام ويقال أبليت الرجل وأبليت عنده بلاء حسنا قال زهير:
فأبلاهما خير البلاء الذي يبلوا
8/14م ومن باب في التحلق
1326- قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن الأعمش حدثنا المسيب بن رافع عن تميم بن طَرفة عن جابر بن سمرة قال دخل رسول الله ﷺ المسجد وهم حِلَق فقال ما لي أراكم عِزينَ.
قال الشيخ: قوله عزين يريد فرقا مختلفين لا يجمعكم مجلس واحد.
وواحد العزين عزة يقال عزة وعزون كما قالوا ثِبة وثبون، ويقال أيضاَ ثبات وهي الجماعات المتميزة بعضها عن بعض.
1327- قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان حدثنا قتادة حدثني أبو مجلز عن حذيفة أن رسول الله ﷺ لعن من جلس وسط الحلقة.
قال الشيخ: هذا يتأول فيمن يأتي حلقة قوم فيتخطى رقابهم ويقعد وسطها ولا يقعد حيث ينتهي به المجلس فلعن للأذى، وقد يكون في ذلك أنه إذا قعد وسط الحلقة حال بين الوجوه وحجب بعضهم من بعض فيتضررون بمكانه وبمقعده هناك.
9/16م ومن باب من يؤمر أن يُجالس
1328- قال أبو داود: حدثنا عمرو بن عون أنبأنا ابن المبارك عن حيْوة بن شُريح عن سالم بن غَيلان عن الوليد بن قيس عن أبى سعيد أو، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد عن النبي ﷺ قال لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي.
قال الشيخ: هذا إنما جاء في طعام الدعوة دون طعام الحاج وذلك أن الله سبحانه قال {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} [1] ومعلوم أن أسراهم كانوا كفارا غير مؤمنين ولا أتقياء.
وإنما حذر من صحبة من ليس بتقي وزجر عن مخالطته ومؤاكلته فان المطاعمة توقع الالفة والمودة في القلوب يقول لا تؤالف من ليس من أهل التقوى والورع ولا تتخذه جليسا تطاعمه وتنادمه.
1329- قال أبو داود: حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء حدثنا أبي حدثنا جعفر، يَعني ابن برقان عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة يرفعه قال: الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
قال الشيخ: معنى الحديث الاخبار عن مبدأ كون الأرواح وتقدمها الأجساد التي هي ملابستها على ما روي في الحديث ان الله خلق الأرواح قبل الأجساد بكذا كذا عاما فأعلم النبي ﷺ أنها خلقت أول ما خلقت على قسمين من ائتلاف أو اختلاف كالجنود المجندة إذا تقابلت وتواجهت.
ومعنى تقابل الأرواح ما جعلها الله عليه من السعادة والشقاوة في مبدأ الكون والخلقة كما روي في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال إن الملك إذا أراد أن ينفخ الروح في النسمة قال يا رب أسعيد أم شقي، أكافر أم مؤمن. يقول ﷺ إن الأجساد التي فيها الأرواح تلتقي في الدنيا فتأتلف وتختلف على حسب ما جعلت عليه من التشاكل أو التنافر في بدء الخلقة ولذلك ترى البَر الخير يحب شكله ويحن إلى قربه وينفر عن ضده، وكذلك الرَّهِق الفاجر يألف شِكله ويستحسن فعله وينحرف عن ضده.
وفي هذا دليل على أن الأرواح ليست بأعراض وأنها كانت موجودة قبل الأجساد وأنها تبقى بعد فناء الأجساد ويؤيد هذا المعنى قوله ﷺ أرواح الشهداء في صور طير خضر تَعلق من ثمر الجنة.
10/17م ومن باب في كراهية المراء
1330- قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثني إبراهيم بن المهاجر عن مجاهد عن قائد السائب قال أتيت النبي ﷺ فجعلوا يثنون عليّ ويذكرونني فقال رسول الله ﷺ أنا أعلمكم، يَعني به فقلت صدقت بأبي وأمي كنت شريكي فنعم الشريك كنت لا تُداري ولا تُماري.
قال الشيخ: قوله لا تداري، يَعني لا تخالف ولا تمانع، وأصل الدرء الدفع يصفه ﷺ بحسن الخلق والسهولة في المعاملة.
وقوله لا تماري يريد المراء والخصومة.
11/18م ومن باب الهدي في الكلام
1331- قال أبو داود: حدثنا أبو توبة قال زعم الوليد عن الأوزاعي عن قُرة عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم.
قال الشيخ: قوله أجذم معناه المنقطع الأبتر الذي لا نظام له وفسره أبوعبيد فقال الأجذم المقطوع اليد.
وقال ابن قتيبة الأجذم بمعنى المجذوم في قوله ﷺ من تعلم القرآن ثم نسيه لقي الله وهو أجذم.
12/22م ومن باب جلوس الرجل
1332- قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا عبد الله بن حسان العنبري حدثتني جدتاي صفية ودُحيبة ابنتا عليبة وكانتا ربيبتي قيلة بنت مخرمة وكانت جدة أبيهما أنها أخبرتهما أنها رأت النبي ﷺ وهو قاعد القرفصاء وذكر الحديث.
القرفصاء جلسة المحتبي وليس هو الذي يحتبي بثوبه لكنه الذي يحتبي بيديه.
13/24م ومن باب التناجي
1333- قال أبو داود: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن شقيق عن الأعمش عن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ لا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه.
قال الشيخ: إنما يحزنه ذلك لأحد معنيين إحداهما أنه ربما يتوهم أن نجواهما إنما هو لتبييت رأي فيه أو دسيس غائلة له.
والمعنى الآخر أن ذلك من أجل الاختصاص بالكرامة وهو محزن صاحبه.
وسمعت ابن أبي هريرة يحكي، عن أبي عبيد بن حرب أنه قال هذا في السفر وفي الموضع الذي لا يأمن الرجل فيه صاحبه على نفسه. فأما في الحضر وبين ظهراني العمارة فلا بأس به والله أعلم.
14/25م ومن باب إذا قام من مجلسه ثم رجع
1334- قال أبو داود: حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن عجلان عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال من قعد مقعدا لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله تِرة.
قال الشيخ: أصل الترة النقص ومعناها ههنا التبعة يقال وترت الرجل ترة على وزن وعدته عدة، ومنه قول الله سبحانه {ولن يتركم أعمالكم} [2].
وقد روي في هذا الحديث من طريق آخر ما من قوم يقومون عن مجلس لا يذكرون الله إلا قاموا عن مثل جيفه وكان لهم حسرة.
15/29م ومن باب في الحذر
1335- قال أبو داود: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا نوح بن يزيد بن سيار المؤدب حدثنا إبراهيم بن سعد قال حدثنيه ابن إسحاق عن عيسى بن معمر عن عبد الله بن عمر بن الفغواء الخزاعي عن أبيه قال دعاني رسول الله ﷺ وقد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان يقسمه في قريش بمكة بعد الفتح، فقال التمس صاحبا قال فجاءني عمرو بن أمية الضمري فقال بلغني أنك تريد الخروج وتلتمس صاحبا قلت أجل قال فأنا لك صاحب، قال فجئت رسول الله ﷺ فأخبرته فقال إذا هبطت بلاد قومه فاحذره فإنه قد قال القائل أخوك البكري فلا تأمنه وذكر القصة إلى أن قال فشددت على بعيري حتى خرجت أوضعه حتى إذا كنت بالأصافر إذا هو يعارضني في رهط قال وأوضعت فسبقته.
قال الشيخ: الإيضاع الاسراع في السير، وقوله أخوك البكري فلا تأمنه مثل مشهور للعرب.
وفيه إثبات الحذر واستعمال سوء الظن وأن ذلك إذا كان على وجه طلب السلامة من شر الناس لم يأثم به صاحبه ولم يحرج فيه.
1336- قال أبو داود: حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن عقيل عن الزهري عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين.
قال الشيخ: هذا يروى على وجهين من الإعراب أحدهما بضم الغين على مذهب الخبر ومعناه أن المؤمن الممدوح هو الكيس الحازم الذي لا يؤتى من ناحية الغفلة فيخدع مرة بعد أخرى وهو لا يفطن بذلك ولا يشعر به.
وقيل أنه اراد به الخداع في أمر الاخرة دون أمر الدنيا.
والوجه الآخر أن يكون الرواية بكسر الغين على مذهب النهي يقول لا يخدعن المؤمن ولا يؤتين من ناحية الغفلة فيقع في مكروه أو شر وهو لا يشعر وليكن متيقظا حذرا، وهذا قد يصلح أن يكون في أمر الدنيا والآخرة معا والله أعلم.
16/30م ومن باب في هدي الرجل
1337- قال أبو داود: حدثنا حسين بن معاذ حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد الجريري، عن أبي الطفيل قال رأيت رسول الله ﷺ قلت كيف رأيته قال كان أبيض مليحا إذا مشى كأنما يهوي في صَبُوب.
قال الشيخ: الصبوب إذا فتحت الصاد كان اسما لما يصب على الإنسان من ماء ونحوه ومما جاء على وزسنه الطهور والغسول والفطور لما يفطر.
ومن رواه الصبوب بضم الصاد على أنه جمع الصبب وهو ما انحدر من الأرض فقد خالف القياس لأن باب فعل لا يجمع على فعول وإنما يجمع على أفعال كسبب وأسباب وقتب وأقتاب، وقد جاء في أكثر الروايات كأنه يمشي في صبب وهو المحفوط.
وقوله يهوي معناه ينزل ويتدلى وذلك مشية القوي من الرجال يقال هوى الشيء يهوي إذا نزل من فوق إلى أسفل وهوى يهوي بمعنى صعد، وإنما يختلفان في المصدر فيقال هَوى هويا بفتح الهاء إذا نزل وهُويا بضمها إذا صعد.
أنشدني أبو رجاء الغنوي قال أنشدني أبو العباس أحمد بن يحيى.
والدلو في اصعادها عجل الهوي
17/31م ومن باب الرجل يضع إحدى رجليه على الأخرى
1338- قال أبو داود: حدثنا قتيبة حدثنا الليث، عن أبي الزبير عن جابر قال نهى رسول الله ﷺ أن يرفع إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلق على ظهره.
1339- قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب أراه عن سعيد بن المسيب عن عبادة بن تميم عن عمه أنه رأى النبي ﷺ مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى.
قال الشيخ: يشبه أن يكون إنما نهى عن ذلك من أجل انكشاف العورة إذ كان لباسهم الازر دون السراويلات. والغالب أن ازرهم غير سابغة والمستلقي إذا رفع إحدى رجليه على الأخرى مع ضيق الإزار لم يسلم أن ينكشف شيء من فخذه والفخذ عورة، فأما إذا كان الإزار سابغا أو كان لابسه عن التكشف متوقيا فلا بأس به وهو وجه الجمع بين الخبرين والله أعلم.
18/33م ومن باب في القتات
1340- قال أبو داود: حدثنا مسدد وأبو بكر بن أبي شيبة قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همام عن حذيفة قال: قال رسول الله ﷺ لا يدخل الجنة قتات.
قال الشيخ: القتات النمام وهو للقساس أيضا، والنميمة نقل الحديث على وجه التضرية بين المرء وصاحبه.
قلت وإذا كان الناقل لما يسمعه آثما فالكاذب القائل ما لم يسمعه أشد إثما وأسوأ حالا.
19/41م ومن باب الانتصار
1341- قال أبو داود: حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا ابن عون حدثني علي بن زيد بن جدعان عن أم محمد امرأة أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن زينب بنت جش أقبلت تقحم لعائشة رضي الله عنها فنهاها رسول الله ﷺ فأبت فقال لعائشة سبيها فسبتها فغلبتها.
قال الشيخ: قولها تقحم معناه تعرض لشتمها وتتدخل عليها، ومنه قولهم فلان يتقحم في الأمور إذا كان يقع فيها من غير تثبت ولا روية.
وفيه من العلم إباحة الانتصار بالقول ممن سبك من غير عدوان في الجواب.
20/44م ومن باب الحسد
1342- قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء أن سهل بن أبي أمامة حدثه أنه دخل هو وأبوه على أنس بن مالك بالمدينة فإذا هو يصلي صلاة خفيفة ذفيفة وذكر الحديث.
قال الشيخ: والذفيفة الخفيفة يقال رجل خفيف ذفيف وخفاف ذفاف بمعنى واحد.
21/46م ومن باب الرجل يدعو على من ظلمه
1343- قال أبو داود: حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا سفيان عن حبيب عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها أنها سُرق لها شيء فجعلت تدعو عليه فقال لها رسول الله ﷺ لا تسبخي عنه.
قال الشيخ: قوله لا تسبخي معناه لا تخففي عنه العقوبة بدعائك عليه، ومن هذا سبائخ القطن وهي القطع المتطايرة عن الندف، وقال أعرابي في كلامه الحمد لله على تسبيخ العروق وإساغة الريق.
22/47م ومن باب النهي عن التهاجر
1344- قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قال لا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال.
قال الشيخ: قوله لا تدابروا معناه التهاجر والتصارم مأخوذ من تولية الرجل دبره أخاه إذا رآه وإعراضه عنه.
وقال مؤرخ قوله ولا تدابروا معناه آسوا ولا تستأثروا واحتج بقول الأعشى:
ومستدبر بالذي عنده... عن العاذلات وارشادها
وقال بعضهم إنما قيل للمستاثر مستدبر لأنه يولي أصحابه إذا استأثر بشيء دونهم.
وأما الهجران أكثر من ذلك فإنما جاء ذلك في هجران الرجل أخاه في عتب وموجدة أو لنبوة تكون منه فرخص له في مدة ثلاث لقلتها وجعل ما وراءها تحت الحظر.
فأما هجران الولد الوالد والزوج الزوجة ومن كان في معناهما فلا يضيق أكثر من ثلاث وقد هجر رسول الله ﷺ نساءه شهرا.
23/48م ومن باب الظن
1345- قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك، عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولاتحسسوا.
قال الشيخ: قوله إياكم والظن يريد إياكم وسوء الظن وتحقيقه دون مبادىء الظنون التي لا تملك. وقوله لا تجسسوا معناه لا تبحثوا عن عيوب الناس ولا تتبعوا أخبارهم، والتحسس بالحاء طلب الخبر ومنه قوله سبحانه {يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه} [3] ويقال تجسست الخبر وتحسست بمعنى واحد.
24/50م ومن باب اصلاح ذات البين
1346- قال أبو داود: حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي حدثنا أبو الأسود عن نافع يعنى ابن يزيد عن ابن الهاد أن عبد الوهاب بن أبي بكر حدثه عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أمه أم كلثوم بنت عقبة قالت ما سمعت رسول الله ﷺ يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث كان رسول الله ﷺ يقول لا أعده كذبا الرجل يصلح بين الناس ويقول القول لا يريد به إلا الإصلاح والرجل يقول في الحرب والرجل يحدث امرأنه والمرأة تحدث زوجها.
قال الشيخ: هذه أمور قد يضطر الإنسان فيها إلى زيادة القول ومجاوزة الصدق طلبا للسلامة ودفعا للضرر عن نفسه، وقد رخص في بعض الأحوال في اليسير من الفساد لما يؤمل فيه من الصلاح. والكذب في الإصلاح بين اثنين هو أن ينمي من أحدهما إلى صاحبه خيرا أو يبلغه جميلا وإن لم يكن سمعه منه ولا كان إذنا له فيه يريد بذلك الإصلاح. والكذب في الحرب هو أن يظهر من نفسه قوة ويتحدث بما يشحذ به بصيرة أصحابه ويقوي منتهم ويكيد به عدوهم في نحو ذلك من الأمور.
وقد روي عن النبي وص أنه قال الحرب خدعة وكان علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كثيرا ما يقول في حروبه صدق الله ورسوله فيتوهم أصحابه أنه يحدث عن رسول الله ﷺ وكان يقول إنما أنا رجل محارب.
فأما كذب الرجل زوجته فهو أن يعدها ويمنيها ويظهر لها من المحبة أكثر مما في نفسه يستديم بذلك محبتها ويستصلح به خلقها.
25/52م ومن باب كراهية الغناء والزمر
1347- قال أبو داود: حدثنا أحمد بن عبد الله الغداني حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن نافع قال سمع ابن عمر رضي الله عنه مزمارا فوضع اصبعيه في أذنيه ونأى عن الطريق، فقال يا نافع هل تسمع شيئا قال فقلت لا، قال فرفع اصبعيه من أذنيه وقال إذ كنت مع النبي ﷺ فسمع مثل هذا صنع مثل هذا.
قال الشيخ: المزمار الذي سمعه ابن عمر رضي الله عنه هو صفارة الرعاة، وقد جاء ذلك مذكورا في هذا الحديث من غير هذه الرواية، وهذا وإن كان مكروها فقد دل هذا الصنع على أنه ليس في غلظ الحرمة كسائر الزمور والمزاهر والملاهي التي يستعملها أهل الخلاعة والمجون ولو كان كذلك لأشبه أن لا يقتصر في ذلك على سد المسامع فقط دون أن يبلغ فيه من النكير مبلغ الردع والتنكيل والله أعلم.
26/54م ومن باب اللعب بالبنات
1348- قال أبو داود: حدثنا محمد بن عوف حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا يحيى بن أيوب حدثنا عمارة بن غزية أن محمد بن إبراهيم حدثه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت قدم رسول الله ﷺ من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر. وذكر الحديث.
قال الشيخ: السهوة عن الأصمعي كالصفة تكون بين يدي البيت، وقال غيره السهوة شبيهة بالرف والطاق يوضع فيه الشيء.
27/55م ومن باب الأرجوحة
1349- قال أبو داود: حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا محمد، يَعني ابن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن قال قالت عائشة رضي الله عنها قدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن الخزرج قالت فوالله إني لعلى أرجوحة بين عذقين فجاءتني أمي فأنزلتني ولي جميمة وذكر الحديث.
قال الشيخ: تريد بالعذقين نخلتين، والعذق بفتح العين النخلة ؛ العذق بكسرها الكباسة والجميمة تصغير الجمة من الشعر.
28/59م ومن باب النصيحة
1350- قال أبو داود: حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا سهيل بن أبي صالح عن عطاء بن يزيد عن تميم الداري قال: قال رسول الله ﷺ إن الدين النصيحة إن الدين النصيحنة، إن الدين النصيحة، قالوا لمن يا رسول الله قال: لله ولكتابه ورسوله وأئمة المؤمنين وعامتهم.
قال الشيخ: النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له وليس يمكن أن يعبر هذا المعنى بكلمة واحدة تحصرها وتجمع معناها غيرها، وأصل النصح في اللغة الخلوص يقال نصحت العسل إذا خلصته من الشمع.
فمعنى نصيحة لله سبحانه صحة الاعتقاد في وحدانيته وإخلاص النية في عبادته والنصيحة لكتاب الله الإيمان به والعمل بما فيه، والنصيحة لرسوله التصديق بنبوته وبذل الطاعة له فيما أمر به ونهى عنه والنصيحة لأئمة المؤمنين أن يطيعهم في الحق وأن لا يرى الخروج عليهم بالسيف إذا جاروا والنصيحة لعامة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم.
29/61م ومن باب تغيير الأسماء
1351- قال أبو داود: حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا هشام بن سعيد الطالقاني أنبأنا محمد بن المهاجر حدثني عقيل بن شبيب، عن أبي وهب الجشمي وكانت له صحبة قال: قال رسول الله ﷺ تسموا بأسماء الأنبياء وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة.
قال الشيخ: إنما صار الحارث من أصدق الأسماء من أجل مطابقة الاسم معناه الذي اشتق منه وذلك أن معنى الحارث الكاسب يقال حرث الرجل إذا كسب واحتراث المال كسبه ومنه قول امرىء القيس:
ومن يحترث حرثي وحرثك يُهزل
وقال سبحانه {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها} [4].
وأما همام فهو من هممت بالشيء إذا أردته وليس من أحد إلا وهو يهتم بشيء وهو معنى الصدق الذي وصف به هذان الاسمان، وأقبحها حرب لما في الحرب من المكاره وفي مرة من البشاعة والمرارة، وكان ﷺ يحب الفأل الحسن والاسم الحسن.
1352- قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت عن أنس قال ذهبت بعبد الله بن أبي طلحة إلى النبي ﷺ حين ولد والنبي ﷺ في عباءة يهنأ بعيرا له وذكر الحديث.
قال الشيخ: قوله يهنأ معناه يطليه بالقطران ويعالجه به والهناء القطران.
30/62م ومن باب تغيير الاسم القبيح
1353- قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا بشر حدثني بشير بن ميمون عن عمه أسامة بن اخدري أن رجلا يقال له اصرم كان في النفر الذين أتوا رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ ما اسمك قال أنا أصرم قال بل أنت زرعة.
قال الشيخ: إنما غير اسم الأصرم لما فيه من معنى الصرم وهو القطيعة يقال صرمت الحبل إذا قطعته وصرمت النخلة إذا جذذت ثمرها.
قال أبو داود: وغير النبي ﷺ اسم العاص وعزيز وعتلة وشيطان والحكم وغراب وحُباب وشهاب وارض تسمى عفرة فسماها خضرة.
قال الشيخ: أما العاص فانما غيره كراهة لمعنى العصيان وإنما سمة المؤمن الطاعة والاستسلام، وعزيز إنما غيره لأن العزة لله سبحانه وشعار العبد الذلة والاستكانة وقد قال سبحانه عندما يقرع بعض أعدائه {ذق إنك أنت العزيز الكريم} [5] وعتلة معناها الشدة والغلظة، ومنه قولهم رجل عتل أي شديد غليظ ومن صفة المؤمن اللين والسهولة، وقال ﷺ المؤمنون هينون، وشيطان اشتقاقه من الشطن وهو البعد من الخير، وهو اسم المارد الخبيث من الجن والانس، والحكم هو الحاكم الذي إذا حكم لم يرد حكمه، وهذه الصفة لا تليق بغير الله سبحانه ومن أسمائه الحكم.
وغراب مأخوذ من الغرب وهو البعد. ثم هوحيوان خبيث الفعل خبيث الطعم وقد أباح رسول الله ﷺ قتله في الحل والحرم.
وحباب نوع من الحيات وقد روي أن الحباب اسم الشيطان فقيل أنه أراد به المارد الخبيث من شياطين الجن، وقيل إن نوعا من الحيات يقال لها الشياطين ومن ذلك قوله تبارك وتعالى {طلعها كأنه رؤوس الشياطين} [6] والشهاب شعلة من النار والنار عقوبة الله سبحانه وهي محرقة مهلكة.
وأما عفرة فهي نعت للأرض التي لا تنبت شيئا أخذت من العفرة وهي لون الأرض فسماها خضرة على معنى التفاؤل لتخضر وتمرع.
1354- قال أبو داود: حدثنا النفيلي أنبأنا زهير حدثنا منصور بن المعتمر عن هلال بن يساف عن ربيع بن عميلة عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله ﷺ لا تسمين غلامك يسارا ولا رباحا ولا نجيحا ولا أفلح فانك تقول اثم هو فيقول لا إنما هن أربع فلا تزيدن عليّ.
قال الشيخ: قد بين النبي ﷺ المعنى في ذلك وذكر العلة التي من أجلها وقع النهي عن التسمية بها وذلك أنهم كانوا يقصدون بهذه الأسماء وبما في معانيها أما التبرك بها أو التفاؤل بحسن ألفاظها فحذرهم أن يفعلوه لئلا ينقلب عليهم ما قصدوه في هذه التسميات إلى الضد وذلك إذا سألوا، فقالوا اثم يسار اثم رباح فإذا قيل لا تطيروا بذلك وتشاءموا به واضمروا على الأياس من اليسر والرباح، فنهاهم عن السبب الذي يجلب لهم سوء الظن بالله سبحانه ويورثهم الأياس من خيره.
1355- قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة يبلغ به النبي ﷺ أخنع اسم عند الله يوم القيامة رجل تسمى بملك الأملاك.
قال الشيخ: قوله أخنع معناه أوضع وأذل والخنوع الذلة والاستكانة.
وأخبرني أبو محمد عبد الله بن شبيب حدثنا زكريا المنقري حدثنا الأصمعي قال سمعت أعرابيا يدعو فيقول: اللهم إني أعوذ بك من الخنوع والقنوع وما يغض طرف المرء ويغري به لئام الناس، فالخنوع الذل والقنوع المسألة.
ومنه قول الله تعالى {وأطعموا القانع والمعتر} [7].
31/69م ومن باب الرجل يتكنى وليس له ولد
1356- قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أنبأنا ثابت عن أنس قال كان رسول الله ﷺ يدخل علينا ولي أخ صغير يكنى أبا عمير وكان له نُغر يلعب به فمات فدخل النبي ﷺ ذات يوم فرآه حزينا فقال ما شأنه قالوا مات نغره فقال يا أبا عمير ما فعل النغير.
قال الشيخ: النغر طائر صغير ويجمع على النغران وأنشدني أبو عمر:
يحملن أوعية السلاف كأنما... يحملنه بأكارع النغران
وفيه من الفقه أن صيد المدينة مباح، وفيه إباحة السجع في الكلام.
وفيه جواز الدعابة ما لم يكن آثما. وفيه إباحة تصغير الأسماء. وفيه أنه كناه ولم يكن له ولد فلم يدخل في باب الكذب.
وقوله يلعب به أي يتلهى بحبسه وإمساكه.
32/72م ومن باب الرجل يقول زعموا
1357- قال أبو داود: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن الأوزاعي عن يحيى، عن أبي قلابة قال: قال أبو مسعود لأبي عبد الله أو قال أبو عبد الله لأبي مسعود ما سمعت النبي ﷺ يقول في زعموا قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: بئس مطية الرجل زعموا.
قال الشيخ: أصل هذا أن الرجل إذا أراد الظعن في حاجة والمسير إلى بلد ركب مطيته وسار حتى يبلغ حاجته فشبه النبي ﷺ ما يقدمه الرجل أمام كلامه ويتوصل به إلى حاجته من قولهم زعموا بالمطية التي يتوصل بها إلى الموضع الذي يؤمه ويقصده، وإنما يقال زعموا في حديث لا سند له ولا ثبت فيه وإنما هو شيء يحكى عن الألسن على سبيل البلاغ فذم ﷺ من الحديث ما كان هذا سبيله وأمر بالثبت فيه والتوثق لما يحكيه من ذلك فلا يرويه حتى يكون معزيا إلى ثبت ومرويا عن ثقة وقد قيل الراوية أحد الكاذبين.
33/74م ومن باب في حفظ المنطق
1358- قال أبو داود: حدثنا سليمان بن داود حدثنا ابن وهب أخبرني الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج، عن أبي هريرة عن رسول الله قال: لا يقولن أحدكم الكرم فإنما الكرم الرجل المسلم ولكن قولوا حدائق الأعناب.
قال الشيخ: إنما نهاهم عن تسمية هذه الشجرة كرما لأن هذا الاسم عندهم مشتق من الكرم، والعرب يقول رجل كرم بمعنى كريم وقوم كرم أي كرام ومنه قول الشاعر:
فتنبو العين عن كرم عجاف
ثم تسكن الراء منه فيقال كرم فأشفق ﷺ أن يدعوهم حسن اسمها إلى شرب الخمر المتخذة من ثمرها فسلبها هذا الاسم وجعله صفة للمسلم الذي يتوقى شربها ويمنع نفسه الشهوة فيها عزة وتكرما، وقد ذكرت هذا في كتاب غريب الحديث وأشبعت شرحه هناك.
34/86 م ومن باب لا يقال خبثت نفسي
1359- قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه أن رسول الله ﷺ قال: لا يقولن أحدكم خبثت نفسي وليقل لقِست نفسي.
قال الشيخ: قوله لقست نفسي وخبثت معناهما واحد وإنما كره من ذلك لفظ الخبث وبشاعة الاسم منه وعلمهم الأدب في المنطق وأرشدهم إلى استعمال الحسن وهجران القبيح منه.
1360- قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان بن سعيد حدثني عبد العزيز بن رفيع عن تميم الطائي عن عدي بن حاتم أن خطيبا خطب عند النبي ﷺ فقال من يطع الله ورسوله ومن يعصهما فقال قم أو قال اذهب فبئس الخطيب أنت.
قال الشيخ: إنما كره من ذلك الجمع بين الاسمين تحت حرفي الكناية لما فيه من التسوية.
1361- قال أبو داود: حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا شعبة عن منصور عن عبد الله بن بشار عن حذيفة عن النبي ﷺ قال: لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان.
قال الشيخ: فهذا قريب المعنى من الأول وذلك أن الواو حرف الجمع والتشريك وثم حرف النسق بشرط التراخي فأرشدهم إلى الأدب في تقديم مشيئة الله سبحانه على مشيئة من سواه.
1362- قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن سهيل بن صالح، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم.
قال الشيخ: معنى هذا الكلام أن لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم ويقول قد فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك من الكلام يقول ﷺ إذا فعل الرجل ذلك فهو أهلكهم وأسوأهم حالا مما يلحقه من الإثم في عيبهم والازراء بهم والوقيعة فيهم، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه فيرى أن له فضلا عليهم وأنه خير منهم فيهلك.
35/78م ومن باب في صلاة العتمة
1363- قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا سفيان عن ابن أبي لبيد، عن أبي سلمة قال سمعت ابن عمر رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم الا وأنها العشاء ولكنهم يعتمون بالإبل.
قال الشيخ: قوله يعتمون معناه يؤخرون حلب الإبل ويسمون الصلاة باسم وقت الحلاب، ويقال فلان عاتم القرى إذا كان إذا نزل به الأضياف لم يعجل قراهم.
1364- قال أبو داود: حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس قال كان فزع بالمدينة فركب رسول الله ﷺ فرسا لأبي طلحة، فقال ما رأينا شيئا أو ما رأينا من فزع وإن وجدناه لبحرا.
قال الشيخ: في هذا إباحة التوسع في الكلام وتشبيه الشيء بالشيء الذي له تعلق ببعض معانيه وإن لم يستوف أوصافه كلها.
وقال إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي إنما شبه الفرس بالبحر لأنه أراد أن جريه كجري ماء البحر أو لأنه أراد أن جريه كجري ماء البحر أو لأنه يسبح في جريه كالبحر إذا ماج فعلا بعض مائه فوق بعض.
قلت: ويقال في نعوت الفرس بحر وحت وسكب إذا كان واسع الجري قاله الأصمعي.
هامش