→ السابق | معالم السنن للإمام الخطابي
|
اللاحق ← |
11/16م ومن باب القدر
1664- قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال القدَرية مجوس هذه الأمة إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم.
قال الشيخ: إنما جعلهم مجوسا لمضاهاة مذهبهم مذهب المجوس في قولهم بالأصلين وهما النور والظلمة يزعمون إن الخير من فعل النور، والشر من فعل الظلمة فصاروا ثانوية، وكذلك القدرية يضيفون الخير إلى الله عز وجل والشر إلى غيره والله سبحانه خالق الخير والشرلا يكون شيء منهما إلا بمشيئته. وخلقه الشر شرا في الحكمة كخلقه الخير خيرا، فالأمران معا مضافان إليه خلقا وايجادا وإلى الفاعلين لهما من عباده فعلا واكتسابا.
1665- قال أبو داود: حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا المعتمر قال سمعت منصور بن المعتمر يحدث عن سعد بن عبيدة عن عبد الله بن حبيب أبي عبد الرحمن عن علي كرم الله وجهه قال: كنا في جنازة فيها رسول الله ﷺ ببقيع الغَرْقد فجاء رسول الله ﷺ فجلس ومعه مخصرة فجعل ينكث بالمخصرة في الأرض ثم رفع رأسه فقال ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب مكانها من النار أو الجنة إلا قد كتبت شقية أو سعيدة، قال فقال رجل من القوم يا نبي الله أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل فمن كان من أهل السعادة ليكونن إلى السعادة، ومن كان منا من أهل الشقوة ليكونن إلى الشقوة، قال اعملوا فكل ميسر، أما أهل السعادة فييسرون للسعادة، وأما أهل الشقوة فييسرون للشقوة ثم قرأ نبي الله ﷺ {أما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى، وأن من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى} [1].
قال الشيخ: المخصرة عصا خفيفة يختصر بها الإنسان يمسكها بيدها والنفس المنفوسة هي المولودة، والمنفوس الطفل الحديث الولادة، يقال نُفست المرأة إذا ولدت، ونفست إذا حاضت، ويقال إنما سميت المرأة نفسا لسيلان الدم، والنفس الدم.
قلت فهذا الحديث إذا تأملته أصبت منه الشفاء فيما يتخالجك من أمر القدر وذلك أن السائل رسول الله ﷺ والقائل له أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل لم يترك شيئا مما يدخل في أبواب المطالبات والأسئلة الواقعة في باب النجويز والتعديل إلا وقد طالب به وسأل عنه فأعلمه ﷺ أن القياس في هذا الباب متروك والمطالبة عليه ساقطة وأنه أمر لا يشبه الأمور المعلومة التي قد عقلت معانيها وجرت معاملات البشر فيما بينهم عليها وأخبر أنه إنما أمرهم بالعمل ليكون أمارة في الحال العاجلة لما يصيرون إليه في الحال الآجلة فمن تيسر له العمل الصالح كان مأمولا له الفوز، ومن تيسر له العمل الخبيث كان مخوفا عليه الهلاك، وهذه أمارات من جهة العلم الظاهر وليست بموجبات فإن الله سبحانه طوى علم الغيب عن خلقه وحجبهم عن دركه كما أخفى أمر الساعة فلا يعلم أحد متى أبان قيامها ؛ ثم أخبر على لسان رسول الله ﷺ بعض أماراتها وأشراطها فقال من أشراط الساعة أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة يتطاولون في البنيان ومنها كيت وكيت.
1666- قال أبو داود: حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا كهمس، عن أبي بريدة عن يحيى بن يعمر قال: كان أول من قال بالقدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين فوفق لنا عبد الله بن عمر رضي الله عنه فقلت أبا عبد الرحمن أنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم يزعمون أن لا قدر والأمر أُنُف فقال إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وهم براء مني والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر. ثم قال حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال بينا نحن عند رسول الله ﷺ إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا نعرفه حتى جلس إلى رسول الله ﷺ فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله ﷺ الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا، قال صدقت، قال فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال فأخبرني عن الإيمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال صدقت، قال فأخبرني عن الإحسان قال ان تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال فأخبرني عن الساعة، قال ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، قال فأخبرني عن أماراتها، قال أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، قال ثم انطلق فلبثت ثلاثا ثم قال يا عمر تدري من السائل، قلت الله ورسوله أعلم، قال فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم.
قال الشيخ: قوله يتقفرون العلم معناه يطلبون ويتبعون أثره، والتقفر تتبع أثر الشيء. وقوله والأمر أنف يريد مستأنف لم يتقدم فيه شيء من قدر أو مشيئة، يقال كلأ أنف إذا كان وافيا لم يرع منه شيء. وروضة أنف بمعناه، قال عمر بن أبي ربيعة:
في روضة أنف تيممنا بها... ميثاء رائقة بُعيد سماء
وفي قول ابن عمر رضي الله عنهما إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وهم براء مني دلالة على أن الخلاف إذا وقع في أصول الدين وكان مما يتعلق بمعتقدات الإيمان أوجب البراءة وليس كسائر ما يقع فيه الخلاف من أصول الأحكام وفروعها التي موجباتها العمل في أن شيئا منها لا يوجب البراءة ولا يوقع الوحشة بين المختلفين فقد جاء في هذا الحديث التفريق بين الإسلام والإيمان فجعل الإسلام في العمل والإيمان في الكلمة على ضد ما قاله الزهري في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الذي ذكرناه في الباب، فقال يرى الإسلام الكلمة والإيمان العمل.
قلت وهذا عندي تفصيل لجملة كلها شيء واحد وليس بتفريق بين شيئين مختلفين، وقد روينا في باب قبل هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما أن وفد عبد القيس قدموا على رسول الله ﷺ فأمرهم بالايمان ثم قال أتدرون ما الإيمان قالوا الله ورسوله أعلم، فقال شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ؛ وصوم رمضان، وأن تعطوا الخمس من المغنم. فضم هذه الأعمال إلى كلمة الشهادة وجعلها كلها إيمانا، وهذا يبين لك أن اسم الإيمان قد يدخل على الإسلام واسم الإسلام يدخل على الإيمان، وذلك لأن معنى الإيمان التصديق ومعنى الإسلام الاستسلام، وقد يتحقق معنى القول بفعل الجوارح ثم يتحقق الفعل ويصح بتصديق القلب نية وعزيمة، وجماع ذلك كله الدين، وهو معنى قوله جبريل أتاكم يعلمكم دينكم.
وأما قوله ما الإحسان فإن معنى الإحسان ههنا الإخلاص وهو شرط في صحة الإيمان والإسلام معا، وذلك أن من وصف الكلمة وجاء بالعمل من غير نية وإخلاص لم يكن محسنا ولا كان إيمانه في الحقيقة صحيحا كاملا وإن كان دمه في الحكم محقونا وكان بذلك في جملة المسلمين معدودا.
ويحكى عن سفيان بن سعيد الثوري أنه كان يقول في الإيمان قول ومعرفة وعمل ونية، وأحسبه تأول هذا المعنى واعتبره بالحديث.
وكان أحمد بن حنبل يزيد فيها شرطا خامسا وهو السنة فيقول: في الإيمان قول ومعرفة وعمل ونية وسنة.
قلت: واسم الإسلام يشتمل على هذه الخصال كلها، ألا تراه يقول هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم، وقد قال سبحانه {إن الدين عند الله الإسلام} [2].
وقوله وأن تلد الأمة ربتها معناه أن يتسع الإسلام ويكثر السبي ويستولد الناس أمهات الأولاد فتكون ابنة الرجل من أمته في معنى السيدة لأمها إذ كانت مملوكة لأبيها، وملك الأب راجع في التقدير إلى الولد.
وقد يحتج بهذا من يرى بيع أمهات الأولاد ويعتل في أنهن إنما لا يبعن إذا مات السادة لأنهن قد يصرن في التقدير ملكا لأولادهن فيعتقن عليهم لأن الولد لا يملك والدته وهذا على تخريج قول وأن تلد الأمة ربتها وفيه نظر.
والعالة الفقراء واحدهم عائل يقال عال الرجل يعيل إذا افتقر. وعال أهله يعولهم إذا مار أهله، وأعال الرجل يعيل إذا كثر عياله.
1667- قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع طاوسا يقول سمعت أبا هريرة يخبر عن النبي ﷺ قال احتج آدم وموسى، فقال موسى يا آدم إنك أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة، فقال آدم أنت موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك، يَعني التوراة بيده تلومني على أمر قد قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة فحج آدم موسى.
قال الشيخ: قد يحسب كثير من الناس أن معنى القدر من الله والقضاء منه معنى الاجبار والقهر للعبد على ما قضاه وقدره ويتوهم أن فلج آدم في الحجة على موسى إنما كان من هذا الوجه، وليس الأمر في ذلك على ما يتوهمونه، وإنما معناه الاخبار عن تقدم علم الله سبحانه بما يكون من أفعال العباد واكسابهم وصدورها عن تقدير منه وخلق لها خيرها وشرها، والقدر اسم لما صدر مقدرا عن فعل القادر كما الهدم والقبض والنشر أسماء لما صدر عن فعل الهادم والقابض والناشر، يقال قدرت الشيء وقدرت خفيفة وثقيلة بمعنى واحد، والقضاء في هذا معناه الخلق كقوله عز وجل {فقضاهن سبع سموات في يومين} [3] أي خلقهن وإذا كان الأمر كذلك فقد بقي عليهم من وراء علم الله فيهم أفعالهم واكسابهم ومباشرتهم تلك الأمور وملابستهم إياها عن قصد وتعمد وتقديم ارادة واختيار، فالحجة إنما تلزمهم بها واللائمة تلحقهم عليها.
وجماع القول في هذا الباب أنهما أمران لا ينفك أحدهما عن الآخر، لأن أحدهما بمنزلة الأساس والآخر بمنزلة البناء فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه، وإنما كان موضع الحجة لآدم على موسى صلوات الله عليهما أن الله سبحانه إذ كان قد علم من آدم أنه يتناول الشجرة ويأكل منها فكيف يمكنه أن يرد علم الله فيه وأن يبطله بعد ذلك. وبيان هذا في قول الله سبحانه {واذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة} [4] فأخبر قبل كون آدم أنه إنما خلقه للأرض وأنه لا يتركه في الجنة حتى ينقله عنها اليها وإنما كان تناول الشجرة سببا لوقوعه إلى الأرض التي خلق لها وللكون فيها خليفة وواليا على من فيها فإنما أدلى آدم عليه السلام بالحجة على هذا المعنى ودفع لائمة موسى عن نفسه على هذا الوجه ولذلك قال: اتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني.
فإن قيل فعلى هذا يجب أن يسقط عنه اللوم أصلا، قيل اللوم ساقط من قبل موسى إذ ليس لأحد أن يعير أحدا بذنب كان منه لأن الخلق كلهم تحت العبودية أكفاء سواء. وقد روي لا تنظروا إلى ذنوب العباد كأنكم أرباب وانظروا إليها كأنكم عبيد، ولكن اللوم لازم لآدم من قبل الله سبحانه إذ كان قد أمره ونهاه فخرج إلى معصيته وباشر المنهي عنه، ولله الحجة البالغة سبحانه لا شريك له.
وقول موسى ﷺ وإن كان منه في النفوس شبهة وفي ظاهره متعلق لاحتجاجه بالسبب الذي قد جعل أمارة لخروجه من الجنة فقول آدم في تعلقه بالسبب الذي هو بمنزلة الأصل أرجح وأقوى، والفلج قد يقع مع المعارضة بالترجيح كما يقع بالبرهان الذي لا معارض له والله أعلم.
1668- قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر النمري حدثنا شعبة ( ح ) قال وحدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش حدثنا زيد بن وهب حدثنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حدثنا رسول الله ﷺ وهو الصادق المصدوق إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم مضغة وذكر الحديث.
قال الشيخ: قوله يجمع في بطن أمه قد روى في تفسيره عن ابن مسعود حدثناه الأصم حدثنا السري بن يحيى أبو عبيدة حدثنا عمار بن زريق قال: قلت للأعمش ما يجمع في بطن أمه قال حدثني خيثمة قال: قال عبد الله، إن النطفة إذا وقعت في الرحم فأراد الله أن يخلق منها بشرا طارت في بشر المرأة تحت كل ظفر وشعر ثم يمكث أربعين ليلة ثم ينزل دما في الرحم فذلك جمعها.
12/17م ومن باب في ذراري المشركين
1669- قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا أبو عَوانة، عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي ﷺ سأل عن أولاد المشركين قال الله أعلم بما كانوا عاملين.
قال الشيخ: ظاهر هذا الكلام يوهم أنه ﷺ لم يفت السائل عنهم ولأنه رد الأمرفي ذلك إلى علم الله جل وعز ومن غير أن يكون قد جعلهم من المسلمين أو ألحقهم بالكافرين وليس هذا وجه الحديث، وإنما معناه أنهم كفار ملحقون في الكفر بآبائهم لأن الله سبحانه قد علم أنهم لو بقوا أحياء حتى يكبروا لكانوا يعملون عمل الكفار. يدل على صحة التأويل قوله في حديث عائشة قالت قلت يا رسول الله ذراري المؤمنين فقال من آبائهم فقلت يا رسول الله بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا عاملين، قلت يا رسول الله فذراري المشركين قال من آبائهم، قلت بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا عاملين.
وقد ذكره أبو داود في هذا الباب فقال:
1670- حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا بقية حدثنا محمد بن حرب عن محمد بن زياد عن عبد الله بن أبي قيس عن عائشة رضي الله عنها.
فهذا يدل على أنه قد أفتى عن المسألة ولم يعقل الجواب عنها على حسب ما توهمه من ذهب إلى الوجه الأول في تأويل الحديث.
1671- قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك، عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يُهوِّدانه ويُنَصرانه كما تناتج الابل من بهيمة جمعاء هل تُحس من جدعاء. قالوا يا رسول الله أفرأيت من يموت وهو صغير قال الله أعلم ما كانوا عاملين.
ذكر أبو داود في تفسيره عن حماد بن سلمة أنه كان يقول هذا عندنا حيث أخذ الله عليهم العهد في أصلاب آبائهم فقال {ألست بربكم قالوا بلى} [5].
قلت معنى قول حماد في هذا حسَن وكأنه ذهب إلى أنه لاعبرة للإيمان الفطري في أحكام الدنيا، وإنما يعتبر الإيمان الشرعي المكتسب بالإرادة والفعل ألا ترى أنه يقول فأبواه يهودانه وينصرانه فهو من وجود الإيمان الفطري فيه محكوم له بحكم الأبوين الكافرين.
وفيه وجه ذهب إليه عبد الله بن المبارك حين سأل عنه، فقال تفسير قوله حين سأل عن الأطفال فقال الله أعلم بما كان عاملين، يريد والله أعلم أن كل مولود من البشر إنما يولد على فطرته التي جبل عليها من السعادة والشقاوة وعلى ما سيق له من قدر الله وتقدم من مشيئته فيه من كفر أوإيمان فكل منهم صائر في العاقبة إلى ما فطر عليه وخلق له وعامل في الدنيا بالعمل المشاكل لفطرته في الشقاوة والسعادة، فمن أمارات الشقاوة للطفل أن يولد بين يهوديين أو نصرانيين فيحملانه لشقائه على اعتقاد دين اليهود أو النصارى أو يعلمانه اليهودية أو النصرانية أو يموت قبل أن يعقل فيصف الدين فهو محكوم له بحكم والديه إذ هو في حكم الشريعة تبع لوالديه، وذلك معنى قوله فأبواه يهودانه وينصرانه.
ويشهد لهذا المذهب حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ أتي بصبي من الأنصار يصلي عليه، فقلت يا رسول الله طوبى لهذا لم يعمل شيئا ولم يُدر به قال أو غير ذلك ذلك يا عائشة ان الله خلق الجنة وخلق لها أهلا، وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم، وخلق النار وخلق لها أهلا وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم، وقد ذكره أبو داود في هذا الباب.
1672- حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.
ويشهد له أيضا حديث أبي بن كعب قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول في قوله تعالى: {وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين} [6] وكان طبع يوم طبع كافرا.
قلت: وفيه وجه ثالت وهو أن يكون معناه أن كل مولود من البشر إنما يولد في مبدأ الخلقة وأصل الجبلة على الفطرة السليمة والطبع المتهيىء لقبول الدين فلو ترك عليها وخلى وسومها لاستمر على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها، لأن هذا الدين موجود حسنه في العقل يسره في النفوس وإنما يعدل عنه من يعدل إلى غيره ويؤثر عليه لآفة من آفات النشوء والتقليد، فلو سلم المولود من تلك الآفات لم يعتقد غيره ولم يختر عليه ما سواه، ثم يمثل بأولاد اليهود والنصارى في اتباعهم لابائهم والميل إلى أديانهم فيزولون بذلك عن الفطرة السليمة وعن المحجة المستقيمة.
وفيه أقاويل أخر قد ذكرتها في مسألة أفردتها في تفسير الفطرة وفيما أوردته ههنا كفاية على ما شرطناه من الاختصار في هذا الكتاب.
وأصل الفطرة في اللغة ابتداء الخلق، ومنه قول الله سبحانه {الحمد لله فاطر السموات والأرض} [7] أي مبتديها، ومن هذا قولهم فطر ناب البعير إذا طلع.
ويروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لم أعلم ما فاطر السموات حتى اختصم إليَّ اعرابيان في بئر، فقال أحدهما أنا فاطرها أي حافرها ومقترحها.
وقوله من بهيمة جمعاء فإن الجمعاء هي السليمة سميت بذلك لاجتماع السلامة لها في أعضائها يقول إن البهيمة أول ما تولد تكون سليمة من الجدع والخرم ونحو ذلك من العيوب حتى يحدث فيها أربابها هذه النقائص كذلك الطفل يولد مفطورا على خلقه ولو ترك عليها لسلم من الآفات، إلا أن والديه يزينان له الكفر ويحملانه عليه.
قلت وليس في هذا ما يوجب حكم الإيمان له إنما هو ثناء على هذا الدين واخبار عن محله من العقول وحسن موقعه من النفوس والله أعلم.
13/18م ومن باب الرد على الجهمية والمعتزلة
1673- قال أبو داود: حدثنا عبد الأعلى بن حماد ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار وأحمد بن سعيد الرباطي قالوا حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي قال: سمعت محمد بن إسحاق يحدث عن يعقوب بن عتبة عن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده قال أتى رسول الله ﷺ أعرابي، فقال يا رسول الله جُهدت الأنفس وضاع العيال ونهكت الأموال وهلكت الأنعام فاستسق الله لنا فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك، قال رسول الله ﷺ ويحك أتدري ما تقول وسبح رسول الله ﷺ فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه ؛ ثم قال ويحك انه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك ؛ ويحك أتدري ما الله إن عرشه على سمواته لهكذا وقال بأصابعه مثل القبة عليه وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب.
قال الشيخ: هذا الكلام إذا جرى على ظاهره كان فيه نوع من الكيفية والكيفية عن الله وصفاته منفية فعقل أن ليس المراد منه تحقيق هذه الصفة ولا تحديده على هذه الهيئة، وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله وجلاله سبحانه، وإنما قصد به إفهام السائل من حيث يدركه فهمه إذ كان اعرابيا جلفا لا علم له بمعاني ما دق من الكلام وبما لطف منه عن درك الافهام. وفي الكلام حذف واضمار فمعنى قوله أتدري ما الله معناه أتدري ما عظمة الله وجلاله. وقوله أنه ليئط به معناه أنه ليعجز عن جلاله وعظمته حتى يئط به إذ كان معلوما أن أطيط الرحل بالراكب إنما يكون لقوة ما فوقه ولعجزه عن احتماله فقرر بهذا النوع من التمثيل عنده معنى عظمة الله وجلال وارتفاع عرشه ليعلم أن الموصوف بعلو الشأن وجلالة القدر وفخامة الذكر لا يجعل شفيعا إلى من هو دونه في القدر وأسفل منه في الدرجة وتعالى الله أن يكون مشبها بشيء أو مكيفا بصورة خلق أو مدركا بحد ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
وذكر البخاري هذا الحديث في التاريخ من رواية جبير بن محمد بن جبير عن أبيه عن جده ولم يدخله في الجامع الصحيح.
14/19م ومن باب في الرؤية
1674- قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير ووكيع وأبو أسامة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله قال كنا مع رسول الله ﷺ جلوسا فنظر إلى القمر ليلة البدر ليلة أربع عشرة فقال إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تُضامُّون في رؤيته.
قال الشيخ: قوله تضامون هو من الانضمام يريد أنكم لا تجتمعوا للنظر وينضم بعضكم إلى بعض فيقول واحد هو ذاك ويقول الاخر ليس بذاك على ما جرت به عادة الناس عند النظر إلى الهلال أول ليلة من الشهر، ووزنه تفاعلون وأصله تتضامون حذفت منه إحدى التاءين. وقد رواه بعضهم تضامون بضم التاء وتخفيف الميم فيكون معناه على هذه الرواية أنه لا يلحقكم ضيم ولا مشقة في رؤيته.
وقد تخيل إلى بعض السامعين أن الكاف في قوله كما ترون كاف التشبيه للمرئي وإنما هو كاف التشبيه للرؤية وهو فعل الرائي، ومعناه ترون ربكم رؤية ينزاح معها وتنتفي معها المرية كرؤيتكم القمر ليلة البدر لا ترتابون به ولا تمترون فيه.
1675- قال أبو داود: حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه أنه سمعه يحدث، عن أبي هريرة قال: قال ناس يا رسول الله أنرى ربنا يوم القيامة، قال هل تُضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحابة قالوا لا، قال هل تُضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة قالوا لا، قال والذي نفسي بيده لا تضارون في رؤيته إلا كما تضارون في رؤية أحدهما.
قال الشيخ: وهذا والأول سواء في ادغام أحد الحرفين في الآخر وفتح التاء من أوله ووزنه تفاعلون من الضرار، والضرار أن يتضار الرجلان عند الاختلاف في الشيء فيضار هذا ذلك وذلك هذا، فيقال قد وقع الضرار بينهما أي الاختلاف.
1676- قال أبو داود: حدثنا علي بن نصر ومحمد بن يونس النسائي، والمعنى قالا: حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا حرملة، يَعني ابن عمران حدثني أبو يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة قال سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} [8] إلى قوله سميعا بصيرا. قال رأيت رسول الله ﷺ يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه.
قال الشيخ: وضعه اصبعه على أذنه وعينه عند قراءته سميعا بصيرا، معناه اثبات صفة السمع والبصر لله سبحانه لا إثبات الأذن والعين لأنهما جارحتان والله سبحانه موصوف بصفاته منفي عنه ما لا يليق به من صفات الآدميين ونعوتهم ليس بذي جوارح ولا بذي أجزاء وأبعاض ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
1677- قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعن أبي عبد الله الأغر، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال ينزل الله تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له.
قال الشيخ: وقد رواه الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه حدثناه إسماعيل الصفار حدثنا محمد بن جعفر الوراق حدثنا محاضر عن الأعمش قال وأرى أبا سفيان ذكره عن جابر قال وذلك في كل ليلة.
قلت مذهب علماء السلف وأئمة الفقهاء أن يجروا مثل هذه الأحاديث على ظاهرها وأن لا يريغوا لها المعاني ولا يتأولوها لعلمهم بقصور علمهم عن دركها.
حدثنا الزعفراني حدثنا ابن أبي خيثمة حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي حدثنا بقية عن الأوزاعي، قال كان مكحول والزهري يقولان أمروا الأحاديث كما جاءت.
قلت وهذا من العلم الذي أمرنا أن نؤمن بظاهره وأن لا نكشف عن باطنه وهو من جملة المتشابه الذي ذكره الله عز وجل في كتابه فقال {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات} [9] الآية ؛ فالمحكم منه يقع به العلم الحقيقي والعمل، والمتشابه يقع به الإيمان والعلم بالظاهر ونوكل باطنه إلى الله سبحانه ؛ وهو معنى قوله {وما يعلم تأويله إلا الله} [10] وإنما حظ الراسخين في العلم أن يقولوا {آمنا به كل من عند ربنا} [11] وكذلك كل ما جاء من هذا الباب في القرآن كقوله {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر} [12] وقوله {وجاء ربك والملك صفا صفا} [13] والقول في جميع ذلك عند علماء السلف هو ما قلنا، وقد روي مثل ذلك عن جماعة من الصحابة.
وقد زل بعض شيوخ أهل الحديث ممن يرجع إلى معرفته بالحديث والرجال فحاد عن هذه الطريقة حين روى حديث النزول ثم أقبل يسأل نفسه عليه فقال إن قال قائل كيف ينزل ربنا إلى السماء قيل له ينزل كيف شاء فإن قال هل يتحرك إذا نزل أم لا، فقال إن شاء تحرك وإن شاء لم يتحرك.
قلت وهذا خطأ فاحش والله سبحانه لا يوصف بالحركة لأن الحركة والسكون يتعاقبان في محل واحد، وإنما يجوز أن يوصف بالحركة من يجوز أن يوصف بالسكون وكلاهما من أعراض الحدث وأوصاف المخلوقين والله جل وعز متعال عنهما ليس كمثله شيء، فلو جرى هذا الشيخ عفا الله عنا وعنه على طريقة السلف الصالح ولم يدخل نفسه فيما لا يعنيه لم يكن يخرج به القول إلى مثل هذا الخطأ الفاحش، وإنما ذكرت هذا لكي يتوقى الكلام فيما كان من هذا النوع فإنه لا يثمر خيرا ولا يفيد رشدا ونسأل الله العصمة من الضلال والقول بما لا يجوز من الفاسد المحال.
15/19-20م ومن باب في القرآن
1678- قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبه حدثنا جرير عن منصور عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله ﷺ يعوذ الحسن والحسين عليهما السلام أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، ثم يقول كان أبوكم يعوذ بها إسماعيل وإسحاق.
قال الشيخ: الهامة إحدى الهوام وذوات السموم كالحية والعقرب ونحوهما وقوله من كل عين لامة معناه ذات لمم كقول النابغة:
( كليني لهمٍّ طأميمة ظصب )
أي ذونصب.
وكان أحمد بن حنبل يستدل بقوله بكلمات الله التامة، على أن القرآن غير مخلوق وهو أن رسول الله ﷺ لا يستعيذ بمخلوق وما من كلام مخلوق إلا وفيه نقص والموصوف منه بالتمام هو غير المخلوق وهو كلام الله سبحانه.
16/22-23م ومن باب في الحوض
1679- قال أبو داود: حدثنا عاصم بن النَّضر حدثنا المعتمر قال سمعت أبي حدثنا قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما عرج نبي الله ﷺ في الجنة أو كما قال عرض له نهر حافتاه الياقوت المجيب أو قال المجوف وذكر الحديث.
قال الشيخ: المجيب هو الأجوف وأصله من جبيت الشيء إذا قطعته والشيء مجيب ومجبوب كما قالوا مشيب ومشبوب وانقلاب الياء عن الواو كثير في كلامهم.
17/23-24م ومن باب المسألة في القبر
1680- قال أبو داود: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا عبد الوهاب الخفاف عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ إن الكافر إذا وضع في قبره أتاه ملك بمنهرة فيقول له ما كنت تعبد فيقول لا أدري فيقال له لا دريت ولا تليت.
قال الشيخ: هكذا يقول المحدثون وهو غلط، وقد ذكره القتيبي في كتاب غريب الحديث، وقال فيه قولان بلغني عن يونس البصري أنه قال هو لا دريت ولا اتليت ساكنة التاء يدعو عليه بأن لا تتلى إبله أي يكون لها أولاد تتلوها أي تتبعها، يقال للناقة قد اتليت فهي متلية وتلاها ولدها إذا تبعها، قال وقال غيره هو لا دريت ولا ايتليت، تقدير افتعلت من قولك ما الوت هذا ولا استطيعه كأنه يقول لا دريت ولا استطعت.
18/26-27م ومن باب في الخوارج
1681- قال أبو داود: حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير وأبو بكر بن عياش ومندل عن مطرف، عن أبي جهم عن خالد بن وهبان، عن أبي ذر قال: قال رسول الله ﷺ من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه.
قال الشيخ: الربقة ما يجعل في عنق الدابة كالطوق يمسكها لئلا تشرد، يقول من خرج عن طاعة الجماعة وفارقهم في الأمر المجمع عليه فقد ضل وهلك وكان كالدابة إذا خلعت الربقة التي هي محفوظة بها فإنها لا يؤمن عليها عند ذلك الهلاك والضياع.
1682- قال أبو داود: حدثنا محمد بن عبيد ومحمد بن عيسى المعنى قالا: حدثنا حماد عن أيوب عن محمد عن عبيدة أن عليا عليه السلام ذكر أهل النهروان فقال فيهم رجل مُوذَن اليد أو مُخدج اليد أو مثدَّن اليد.
قال الشيخ: قال أبو عبيد عن الكسائي المؤذن اليد القصير اليد، قال وفيه لغة أخرى وهو المودون، والمخدج القصير أيضا أخذ من اخداج الناقة ولدها، وهو أن تلده وهو لغير تمام في خلقه، والمثدن يقال أنه شبه يده في قصرها بثندوة الثدي وهي أصله، وكان القياس أن يقال مثند لأن النون قبل الدال في الثندوة إلا أنه قلب والمقلوب كثير في الكلام.
1683- قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثيرأخبرنا سفيان عن أبيه عن ابن أبي نعم، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قسم رسول الله ﷺ قسما قال فأقبل رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناتئ الجبين كث اللحية محلوق فقال اتق الله يا محمد، قال فلما ولى عنه، قال إن من ضئضئ هذا وفي عقب هذا قوم يقرؤون القرآن لا يتجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية.
قال الشيخ: الضئضئ الأصل يريد أنه يخرج من نسله الذي هو أصلهم أو يخرج من أصحابه وأتباعه الذين يقتدون به ويبنون رأيهم ومذهبهم على أصل قوله.
والمروق الخروج من الشيء والنفوذ إلى الطرف الأقصى منه ؛ والرمية هي الطريدة التي يرميها الرامي.
1684- قال أبو داود: حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن سلمة بن كهيل أخبرني زيد بن وهب الجهني قال، كنت مع علي كرم الله وجهه حين سار إلى الخوارج فلما التقينا وعلى الخوارج عبدالله بن وهب الراسبي، فقال لهم القوا الرماح وسلوا السيوف من جفونها فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء، قال فوحَّشوا برماحهم واستلوا السيوف وشجرهم الناس برماحهم فقتلوا بعضهم على بعض.
قال الشيخ: فوحشوا برماحهم معناه رموا بها على بعد، يقال للإنسان إذا كان في يد شيء فرمى به على بعد قد وحش به ومنه قول الشاعر:
إن أنتم لم تطلبوا بأخيكم... فضعوا السلاح ووحشوا بالأبرق
وقوله شجرهم الناس برماحهم يريد أنهم دافعوهم بالرماح وكفوهم عن أنفسهم بها، يقال شجرت الدابة بلجامها إذا كففتها به، وقد يكون أيضا معناه أنهم شبكوهم بالرماح فقتلوهم من الاشتجار وهو الاختلاط والاشتباك.
هامش
- ↑ [الليل: 5-6-7-8-9-10]
- ↑ [آل عمران: 19]
- ↑ [فصلت: 12]
- ↑ [البقرة: 30 ]
- ↑ [الأعراف: 712]
- ↑ [الكهف: 80]
- ↑ [فاطر: 1]
- ↑ [النساء: 58]
- ↑ [آل عمران: 7]
- ↑ [آل عمران: 7]
- ↑ [آل عمران: 7]
- ↑ [البقرة: 210]
- ↑ [الفجر: 22]