الرئيسيةبحث

معالم السنن/الجزء الثاني/10

19/40 م ومن باب فيمن سأل الله الشهادة

710- قال أبو داود: حدثنا هشام بن خالد هو أبو مروان الدمشقي وابن المصفى قالا: حدثنا بقية عن ابن ثوبان عن أبيه يرده إلى مكحول إلى مالك بن يخامر أن معاذ بن جبل حدثهم أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: من قاتل في سبيل الله فواق ناقة فقد وجبت له الجنة ومن سأل الله القتل من نفسه صادقا ثم مات أو قتل فإن له أجر شهيد.

الفواق ما بين الحلبتين وقيل ما هو بين الشُخبين. الشخبان ما يخرج من اللبن.


20/43م ومن باب ما يكره من ألوان الخيل

711- قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن سلم هو ابن عبد الرحمن، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال كان النبي ﷺ يكره الشِكال في الخيل والشكال أن يكون الفرس في رجله اليمنى بياض وفي يده اليسرى بياض أو في يده اليمنى وفي رجله اليسرى.

قلت هكذا جاء التفسير من هذا الوجه وقد يفسر الشكال بأن يكون يد الفرس واحدى رجليه محجلة والرجل الأخرى مطلقة ولعله سقط من الحديث حرف والله أعلم.


21/4 4 م ومن باب ما يؤمر من القيام على الدواب والبهائم

712- قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا مهدي حدثنا ابن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي عن عبد الله بن جعفر قال أردفني رسول الله ﷺ خلفه ذات يوم فأسرّ إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس وكان أحب ما استتر به رسول الله ﷺ لحاجته هدفا أو حائش نخل قال فدخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا جمل فلما رأى النبي ﷺ حن وذرَفت عيناه فأتاه النبي ﷺ فمسح ذِفراه فسكت وقال من رب هذا الجمل لمن هذا الجمل فجاء فتى من الأنصار فقال لي يا رسول الله قال أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكا إلي أنك تجيعه ويدئبه.

قلت الهدف كل ما كان له شخص مرتفع من بناء وغيره وقد استهدف لك الشيء إذا قام وانتصب لك. والحائش جماعة النخل الصغار لا واحد له من لفظه والذفري من البعير مؤخر رأسه وهو الموضع الذي يعرق من قفاه.

وقوله تدئبه يريد تكده وتتعبه.


713- قال أبو داود: حدثنا محمد بن المثنى حدثني محمد بن جعفرحدثنا شعبة عن حمزة الضبي سمعت أنس بن مالك قال كنا إذا نزلنا منزلا لا نُسبح حتى تحل الرحال.

يريد لا نصلي سبحة الضحى حتى تحط الرحال ويجم المطي.

وكان بعض العلماء يستحب أن لا يطعم الراكب إذا نزل المنزل حتى يعلف الدا بة.

وأنشدني بعضهم فيما يشبه هذا المعنى.

حق المطية أن يبدا بحاجتها... لا أطعم الضيف حتى أعلف الفرسا


22/45م ومن باب تقليد الخيل الأوتار

714- قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عباد بن تميم أن أبا بشير الأنصاري أخبره أنه كان مع رسول الله ﷺ في بعض أسفاره، قال فأرسل رسول الله ﷺ رسولا قال عبد الله بن أبي بكرحسبت أنه قال والناس في مبيتهم لا تُبقينَّ في رقبة بعير قلادة من وتر ولا قلادة إلا قطعت.


715- قال وحدثنا هارون بن عبد الله حدثنا هشام بن سعيد الطالقاني أخبرنا محمد بن المهاجر حدثني عقيل بن شبيب، عن أبي وهب الجُشمي وكانت له صحبة قال قال رسول الله ﷺ: ارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وإعجازها وقلدوها ولا تقلدوها الأوتار.

قلت: أمره ﷺ بقطع قلائد الخيل يتأول على وجوه ؛ قال مالك بن أنس أرى أن ذلك من أجل العين، وقال غيره إنما أمر بقطعها لأنهم كانوا يعلقون فيها الأجراس. وقال بعضهم إنما نهى عن تقليدها الأوتار لئلا تختنق بها عند شدة الركض، وقوله لا تقلدوها الأوتار يحتمل أن يكون أراد عين الوتر خاصة دون غيره من السيور والخيوط وغيرها، وقيل معناه لا تطلبوا عليها الأوتار والذحول ولا تركضوها في درك الثأر على ما كان من عاداتهم في الجاهلية.


23/47م ومن باب ركوب الجلالة

716- قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال نهى عن ركوب الجلالة.

الجلالة الإبل التي تأكل العذرة، والجَلة البعر كره ﷺ ركوبها كما نهى عن أكل لحومها، ويقال إن الإبل إذا اجتلت أنتن روائحها إذا عرقت كما تنتن لحومها.


24/48 م ومن باب الرجل يسمي دابته

717- قال أبو داود: حدثنا هناد بن السري، عن أبي الأحوص، عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن معاذ رضي الله عنه قال كنت ردف النبي ﷺ على حمار يقال له عُفَير.

قلت: عفير تصغير أعفر يحذفون الألف في تصغيره كما حذفوه في تصغير أسود فقالوا سويد وكما قالوا عوير من أعور وكان القياس أن يقال في تصغير أعفر أعيفر كما قالوا أحيمر من أحمر وأصيفر من أصفر.

وفيه أن الإرداف مباح إذا كانت الدابة تقوى على ذلك ولا يضربها الضرر البين، وتسمية الدواب شكل من أشكال العرب وعادة من عاداتها، وكذلك تسمية السلاح وأداة الحرب وكان سيفه ﷺ يسمى ذا الفقار ورايته العُقاب ودرعه ذات الفضول وبغلته دُلدُل وبعض أفراسه السكب وبعضها البحر.


25/50م ومن باب النهي عن لعن البهيمة

718- قال أبو داود: حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن النبي ﷺ كان في سفر فسمع لعنة فقال ما هذه قالوا هذه فلانة لعنت راحلتها فقال النبي ﷺ: ضعوا عنها فإنها ملعونه فوضعوا عنها قال عمران فكأني انظر إليها ناقة ورقاء.

قلت زعم بعض أهل العلم أن النبي ﷺ إنما أمرهم بذك فيها لأنه قد استجيب لها الدعاء عليها باللعن واستدل على ذلك بقول فإنها ملعونه.

وقد يحتمل أن يكون إنما فعل ذلك عقوبة لصاحبها لئلا تعود إلى مثل قولها ومعنى ضعوا عنها أي ضعوا رحلها وأعروها لئلا تركب.


26/52 م ومن باب وسم ادابة

719- قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك، قال أتيت النبي ﷺ بأخ لي حين ولد ليحنكه فإذا هو في مربد يسِم غنما أحسبه قال في آذانها.

قلت في هذا دلالة على أن الأذن ليس من الوجه لأنه قد نهى ﷺ عن وسم الوجه وضربه.


27/53م ومن باب كراهة الحمر تنزى على الخيل

720- قال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير عن ابن زُرير عن علي بن أبي طالب، قال: أحديت لرسول الله وص بغلة فركبها فقال عليّ لو حملنا الحمير على الخيل فكانت لنا مثل هذه فقال رسول الله ﷺ إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون.

قلت: يشبه أن يكون المعنى في ذلك والله أعلم، إن الحمر إذا حملت على الخيل تعطلت منافع الخيل وقل عددها وانقطع نماؤها والخيل يحتاج إليها للركوب والركض والطلب وعليها يجاهد العدو وبها تحرز الغنائم ولحمها مأكول ويسهم للفرس كما يسهم للفارس وليس للبغل شيء من هذه الفضائل فأحب ﷺ أن ينمو عدد الخيل ويكثر نسلها لما فيها من النفع والصلاح، ولكن قد يحتمل أن يكون حمل الخيل على الحمر جائزا لأن الكراهة في هذا الحديث إنما جاءت في حمل الحمر على الخيل لئلا تشغل أرحامها بنجل الحمر فيقطعها ذلك عن نسل الخيل فإذا كانت الفحولة خيلا والأمهات حمرا فقد يحتمل أن لا يكون داخلا في النهي إلا أن يتأول متأول أن المراد بالحديث صيانة الخيل عن مزاوجة الحمر وكراهة اختلاط مائها بمائها لئلا يضيع طرقها ولئلا يكون منه الحيوان المركب من نوعين مختلفين فإن أكثر المركبات المتولدة بين جنسين من الحيوان أخبث طبعا من أصولها التي تتولد منها وأشد شراسة كالسِمع والعسبار ونحوهما، وكذلك البغل لما يعتريه من الشماس والحران والعضاض في نحوها من العيوب والآفات ثم هو حيوان عقيم ليس له نسل ولا نماء ولا يُذكي ولا يزكى.

قلت وما أرى هذا الرأي طائلا فإن الله سبحانه قال {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة} [1] فذكر البغال وامتن علينا بها كامتنانه بالخيل والحمير وأفرد ذكرها بالاسم الخاص الموضوع لها ونبه على ما فيها من الأرب والمنفعة. والمكروه من الأشياء مذموم لا يستحق المدح ولا يقع بها الامتنان، وقد استعمل رسول الله ﷺ البغل واقتناه وركبه حضرا وسفرا وكان يوم حنين على بغلته حين رمى المشركين بالبحصباء وقال شاهت الوجوه فانهزموا ولو كان مكروها لم يقتنه ولم يستعمله والله أعلم.


28/55 م ومن باب الوقوف على الدابة

721- قال أبو داود: حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا ابن عياش عن يحيى بن أبي عمرو الشيياني، عن أبي مريم، عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال لا تتخذوا ظهور دوابكم منابر فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجاتكم.

قلت قد ثبت عن النبي ﷺ أنه خطب على راحلته واقفا عليها فدل ذلك على أن الوقوف على ظهورها إذا كان لأرب أو بلوغ وطر لا يدرك مع النزول إلى الأرض مباح جائز، وأن النهي إنما انصرف في ذلك إلى الوقوف عليها لا لمعنى يوجبه لكن بأن يستوطنه الإنسان ويتخذه مقعدا فيتعب الدابة ويضر بها من غير طائل.


29/52 م ومن باب الدابة تعرقب في الحرب

722- قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق حدثني ابن عباد عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير، قال أبو داود وهو يحيى بن عباد قال حدثني أبي الذي أرضعني وهو أحد بني مرة بن عوف، وكان في تلك الغزاة غزاة مؤتة قال والله لكأني انظر إلى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ثم قاتل القوم حتى قتل.

قلت هذا يفعله الفارس في الحرب إذا أزهق وأيقن أنه مغلوب فينزل ويجالد العدو راجلا وإنما يعقر فرسه لئلا يظفر به العدو فيقوى به على قتال المسلمين.

وقد اختلف الناس في الفرس يقف على صاحبه فيعقره لئلا يظفر به العدو فرخص فيه مالك بن أنس. وعن أبي حنيفة أنه قال إذا ظفر السسلمون بدواب ومواش فعجزوا عن حملها ذبحوها وحرقوا لحومها، وكره ذلك الأوزاعي والشافعى وأحمد بن حنبل، واحتج الشافعي بحديث النبي ﷺ من قتل عصفورا فما فوقه بغير حقه سأله الله تعالى عن قتله، واحتج بنهيه عن قتل الحيوان إلا لمأكله، قال وأما أن يعقر بالفارس من المشركين فله ذلك لأن ذلك أمر يجد به السبيل إلى قتل من أمر بقتله. وضعف أبو داود إسناد حديث جعفر وكره أيضا عقر الدابة.


30/60م ومن باب السبق

723- قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا المعتمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن نبي الله ﷺ كان يضمر الخيل يسابق بها.

قلت تضمير الخيل أن يعلف الحب والقضيم حتى تسمن وتقوى ثم تغشى بالجلال وتترك حتى تحمى فتعرق ولا تعلف إلا قوتا ًحتى تضمر ويذهب رهلها فيخف فإذا فعل ذلك بها فهي مضمرة ومن العرب من يطعمها اللحم واللبن في أيام التضمير.


724- قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ سابق بين الخيل التي قد أضمرت من الحفياء وكان أمدها ثنية الوداع وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق وأن عبد الله ممن سابق بها.

الأمد الغاية، قال النابغة:

سبق الجواد إذا استولى على الأمد

يريد أنه جعل غاية المضامير أبعد من غاية ما لم يضمر منها.


قال أبو داود: حدثنا أحمد بن يونس حدثنا ابن أبي ذئب عن نافع بن أبي نافع، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل.

السبق بفتح الباء هو ما يجعل للسابق على سبقه من جعل أو نوال. فأما السبق بسكون الباء فهو مصدر سبقت الرجل أسبقه سبقا، والرواية الصحيحة في هذا الحديث السبق مفتوحة الباء. يريدان الجعل والعطاء لا يستحق إلا في سباق الخيل والإبل وما في معناهما، وفي النصل وهو الرمي وذلك لأن هذه الأمور عدة في قتال العدو وفي وبذل الجعل عليها ترغيب في الجهاد وتحريض عليه. ويدخل في معنى الخيل البغال والحمير لأنها كلها ذوات حوافر وقد يحتاج إلى سرعة سيرها ونجائها لأنها تحمل أثقال العساكر وتكون معها في المغازي.

وأما السباق بالطير والزجل بالحمام وما يدخل في معناه مما ليس من عدة الحرب ولا من باب القوة على الجهاد فأخذ السبق عليه قمار محظور لا يجوز.


31/62 م ومن باب المحلل

725- قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا حصين بن نمير حدثنا سفيان بن حسين ( ح ) وحدثنا علي بن مسلم حدثنا عباد بن العوام أخبرنا سفيان بن حسين المعنى عن الزهري عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: من أدخل فرسا بين فرسين، يَعني وهو لا يؤمن أن يسبق فليس بقمار ومن أدخل فرسا بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار.

قلت الفرس الثالث الذي يدخل بينهما يسمى المحلل، ومعناه أنه يحلل للسابق ما يأخذه من السبق فيخرج به عقد التراهن عن معنى القمار الذي إنما هو مواضعة بين اثنين على مال يدور بينهما في الشقين فيكون كل واحد منهما إما غانما أو غارما، ومعنى المحلل ودخوله بين الفرسين المتسابقين هو لأن يكون أمارة لقصدهما إلى الجري والركض لا إلى المال فيشبه حينئذ القمار وإذا كان فرس المحلل كفئا لفرسيهما يخافان أن يسبقهما فيحرز السبق اجتهدا في الركض وارتاضا به ومرنا عليه وإذا كان المحلل بليدا أو كؤودا مأمونا أن يسبق غير مخوف أن يتقدم فيحرز السبق لم يحصل به معنى التحليل وصار إدخاله بينهما لغوا لا معنى له وحصل الأمر على رهان بين فرسين لا محلل معهما وهو عين القمار المحرم.


وصورة الرهان والمسابقة في الخيل أن يتسابق الرجلان بفرسيهما فيعمدا إلى فرس ثالث كفء لفرسيهما يدخلانه بينهما ويتواضعان على مال معلوم يكون للسابق منهما فمن سبق أحرز سبقه وأخذ سبق صاحبه ولم يكن على المحلل شيء. فإن سبقهما المحلل أحرز السبقين معا. وإنما يحتاج إلى السحلل فيما كان الرهن فيه دائرا بين اثنين. فأما إذا سبق الأمير بين الخيل وجعل للسابق منهما جعلا أو قال الرجل لصاحبه إن سبقت فلانا فلك عشرة دراهم فهذا جائز من غير محلل والله أعلم.

وفي الحديث دليل على أن التوصل إلى المباح بالذرائع جائز وأن ذلك ليس من باب الحيلة والتلجئة المكروهتين.


32/63م ومن باب الجلب على الخيل في السباق

726- قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل عن حميد الطويل عن الحسن عن عمران بن حصين عن النبي ﷺ قال لا جلب ولا جنب.

قلت هذا يفسر على أن الفرس لا يجلب عليه في السباق ولا يزجر الزجر الذي يزيد معه في شأوه وإنما يجب أن يركضا فرسيهما بتحريك اللجام وتعريكهما العنان والاستحثاث بالسوط والمهماز وما في معناهما من غير إجلاب بالصوت، وقد قيل إن معناه أن يجمع قوم فيصطفوا وقوفا من الجانبين ويجلبوا فنهوا عن ذلك. وأما الجنب فيقال أنهم كانوا يجنبون الفرس حتى إذا قاربوا الأمد تحولوا عن المركوب الذي قد كده الركوب إلى الفرس الذي لم يركب فنهي عن ذلك.


33/64م ومن باب في السيف يحلى

727- قال أبو داود: حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا جرير بن حازم حدثنا قتادة عن أنس قال كانت قبيعة سيف رسول الله ﷺ فضة.

قبيعة السيف هي التَومة التي فوق المقبض ويستدل به على جواز تحلية اللجام باليسير من الفضة وسقوط الزكاة عنه على مذهب من يسقط الزكاة عن الحلي. وقد قيل إنه لا يجوز ذلك لأنه من زينة الدابة، وإنما جاز ذلك في السيف لأنه من زينة الرجل وآلته فيقاس عليه المنطقة ونحوها من أداة الفارس دون أداة الفرس.


34/66م ومن باب النهي عن السيف يتعاطى مسلولا

728- قال أبو داود: حدثنا محمد بن بشار حدثنا قريش بن أنس حدثنا أشعث عن الحسن عن سمرة أن رسول الله ﷺ نهى أن يقد السير بين إصبعين.

قلت إنما نهى عن ذلك لئلا يعقر يده الحديد الذي يُقد السير به وهو شبيه بمعنى نهيه عن تعلطي السيف مسلولا.


25/71م ومن باب الرجل ينادى بالشعار

729- قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق عن المهلب بن أبي صفرة أخبرني من سمع النبي ﷺ يقول: إن أبَيَّتم فيلكن شعاركم حّم لا ينصرون.

قلت بلغني عن ابن كيسان النحوي أنه سأل أبا لعباس أحمد بن يحيى عنه فقال معناه الخبر ولو كان بمعنى الدعاء لكان مجزوما أى لا ينصروا، وإنما هو اخبار كأنه قال والله لا ينصرون. وقد روي عن ابن عباس أنه قال حّم اسم من أسماء الله عز وجل فكأنه حلف بالله أنهم لا ينصرون.


36/72م ومن باب ما يقول الرجل إذا سافر

730- قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا يحيى حدثنا محمد بن عجلان حدثني سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال كان رسول الله ﷺ إذا سافر قال: اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال. اللهم اطو لنا الأرض وهون علينا السفر.

قوله وعثاء السفر، معناه المشقة والشدة وأصله من الوعث وهو أرض فيها رمل تسوخ فيها الأرجل. ومعنى كآبة المنقلب أن ينقلب من سفره إلى أهله كئيبا حزينا غير مقضي الحاجة أو منكوبا ذهب ماله أو أصابته آفة في سفره أو أن يرد على أهله فيجدهم مرضى أو يفقد بعضهم وما أشبه ذلك من المكروه.


37/73م ومن باب الدعاء عند الوداع

731- قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود عن عبد العزيز بن عمر عن إسماعيل بن جرير عن قزعة قال: قال لي ابن عمر هلم أودعك كما ودعني رسول الله ﷺ استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك.

قلت الأمانة هاهنا أهله ومن يخلفه منهم وماله الذي يودعه ويستحفظه أمينه ووكيله ومن في معناهما وجرى ذكر الدين مع الودائع لأن السفر موضع خوف وخطر وقد تصيبه فيه المشقة والتعب فيكون سببا لإهمال بعض الأمور المتعلقة بالدين فدعا له بالمعونه والتوفيق.


38/75م ومن باب ما يقول إذا نزل المنزل

732- قال أبو داود: حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا بقية حدثني صفوان حدثني شريح بن عبيد عن الزبير بن الوليد عن عبد الله بن عمر قال كان رسول الله ﷺ إذا سافر فأقبل الليل قال يا أرض ربي وربك الله أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك ومن شر ما خلق فيك وشر ما يدب عليك وأعوذ بالله من أسد وأسود ومن الحية والعقرب ومن ساكن البلد ومن والد وما ولد.

قوله ساكن البلد يريد به الجن الذين هم سكان الأرض. والبلد من الأرض ما كان مأوى للحيوان وإن لم يكن فيه بناء ومنازل ويحتمل أن يكون أراد بالوالد إبليس وما ولد الشياطين.


39/76م ومن باب كراهية سير أول الليل

733- قال أبو داود: حدثنا أحمد بن عبد الله بن مسلم يعرف بابن أبي شعيب الحراني حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير عن جابر قال رسول الله ﷺ: لا ترسلوا فواشيكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء فإن الشياطين تعيث إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء.

قال أبو داود: الفواشي ما يفشو من كل شيء.

قلت الفواشي جمع الفاشية وهي ما يرسل من الدواب في الرعي ونحوه فينتشر ويفشو. وفحمة العشاء إقبال ظلمته شبه سواده بالفجر.


40/79م ومن باب الرجل يسافر وحده

734- قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله ﷺ: الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب.

قلت معناه والله أعلم أن التفرد والذهاب وحده في الأرض من فعل الشيطان أو هو شيء يحمله عليه الشيطان ويدعوه إليه فقيل على هذا إن فاعله شيطان، ويقال إن اسم الشيطان مشتق من الشطون وهو البعد والنزوح، يقال بئر شطون إذا كانت بعيدة المهوى فيحتمل على هذا أن يكون المراد أن الممعن في الأرض وحده مضاه للشيطان في فعله وتشبه اسمه وكذلك الاثنان ليس معهما ثالث فإذا صاروا ثلاثة فهم ركب أي جماعة وصحب، وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال في رجل سافر وحده أرأيتم إن مات من اسأل عنه.

قلت المنفرد وحده في السفر إن مات لم يكن بحضرته من يقوم بغسله ودفنه وتجهيزه ولا عنده من يوصي إليه في ماله ويحمل تركته إلى أهله ويرد خبره عليهم ولا معه في سفره من يعينه على الحمولة فإذا كانوا ثلاثة تعاونوا وتناوبوا المهنة والحراسة وصلوا الجماعة وأحرزوا الحظ منها.


41/80م ومن باب القوم يسافرون يؤمر أحدهم

735- قال أبو داود: حدثنا علي بن بحر بن بري حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا محمد بن عجلان عن نافع، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال: إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم.

قلت إنما أمر بذلك ليكون أمرهم جميعا ولا يتفرق بهم الرأي ولا يقع بينهم خلاف فيعنتوا. وفيه دليل على أن الرجلين إذا حكما رجلا بينهما في قضية فقضى بالحق فقد نفذ حكمه.


2 4/82م ومن باب دعاء المشركين

736- قال أبو داود: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا وكيع عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه. قال كان رسول الله ﷺ إذا بعث أميرا على سرية أو جيش أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه وبمن معه من المسلمين خيرا. وقال إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم. ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين واعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين فإن أبوا واختاروا دارهم فاعلمهم أنهم يكونوا مثل أعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي كان يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا في المسلمين فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية، فان أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم فإنكم لا تدرون ما يحكم الله فيهم ولكن أنزلوهم على حكمكم ثم اقضوا فيهم بعد ما شئتم.

قلت في هذا الحديث عدة أحكام منها دعاء المشركين قبل القتال، وظاهر الحديث يدل على أن لا يقاتلوا إلا بعد الدعاء.

وقد اختلف العلماء في ذلك فقال مالك بن أنس لا يقاتلون حتى يدعوا أو يؤذَنوا.


وقال الحسن البصري يجوز أن يقاتلوا قبل أن يدعوا قد بلغتهم الدعوة. وكذلك قال الثوري وأصحاب الرأى، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. واحتج الشافعي في ذلك بقتل ابن الحقيق.

فأما من لم تبلغه الدعوة ممن بعدت داره ونأى محله فإنه لا يقاتل حتى يدعى فإن قتل منهم أحد قبل الدعوة وجبت فيه الكفارة والدية وفي وجوب الدية اختلاف بين أهل العلم.

وأما قوله فأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين فإن المهاجرين كانوا أقواما من قبائل مختلفة تركوا أوطانهم وهجروها في الله واختاروا المدينة دارا ووطنا ولم يكن لهم أو لأكثرهم بها زرع ولا ضرع فكان رسول الله ﷺ ينفق عليهم مما أفاء الله عليه أيام حياته ولم يكن للأعراب وسكان البدو في ذلك حظ إلا من قاتل منهم فإن شهد الوقعة أخذ سهمه وانصرف إلى أهله فكان فيهم.

وقوله وعليهم ما على المهاجرين أي من الجهاد والنفير أي وقت دعوا إليه لا يتخلفون. والأعراب من أجاب منهم وقاتل أخذ سهمه ومن لم يخرج في البعث فلا شيء له من الفيء ولا عتب عليه ما دام في أهل الجهاد كفاية.

وقوله إن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية فظاهره يوجب قبول الجزية من كل مشرك كتابي أو غير كتابي من عبدة الشمس والنيران والأوثان إذا أذعنوا لها وأعطوها، وإلى هذا ذهب الأوزاعي. ومذهب مالك قريب منه. وحكي عنه أنه قال تقبل من كل مشرك إلا المرتد، وقال الشافعي لا تقبل الجزية إلا من أهل الكتاب وسواء كانوا عربا أو عجما وتقبل من المجوس ولا تقبل من مشرك غيرهم. وقال أبو حنيفة تقبل من كل مشرك من العجم ولا تقبل من مشركي العرب.

قلت لم يثبت عن النبي ﷺ أنه حارب أعجميا قط ولا بعث إليهم جيشا، وإنما كانت عامة حروبه مع العرب، وكذلك بعوثه وسراياه فلا يجوز أن يصرف هذا الخطاب عن العرب إلى غيرهم.


737- قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن آدم وعبيد الله بن موسى عن حسن بن صالح عن خالد بن الفِزْر حدثني أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قال: انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا ولا صغيرا ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين.

قلت نهيه عن قتل النساء والصبيان يتأول على وجهين: أحدهما أن يكون ذلك بعد الأسار نهى عن قتلهم لأنهم غنيمة للمسلمين. والوجه الآخر أن يكون ذلك عاما قبل الأسار، وبعده نهى أن يقصدوا بالقتل وهم متميزون عن المقاتلة فأما وهم مختلطون بهم لا يوصل إليهم إلا بقتلهم فإنهم لا يحاشون. والمرأة إنما لا تقتل إذا لم تكن تقاتل فإن قاتلت قتلت وعلى هذا مذهب أكثر الفقهاء.

وقال الشافعي الصبي الذي يقاتل يجوز قتله وكذلك قال الأوزاعي وأحمد.

واختلفوا في الرهبان فقال مالك وأهل الرأي لا يجوز قتلهم.

وقال الشافعي يقتلون إلا أن يسلموا ويؤدوا الجزية. قال أصحاب الرأي لا يقتل شيخ ولا زمن ولا أعمى. وقال الشافعي هؤلاء كلهم يقتلون.

هامش

  1. [النحل: 8]