→ فصل في الخطأ المغفور في الاجتهاد | مجموع فتاوى ابن تيمية فصل في التفريق في الأحكام قبل الرسالة وبعدها ابن تيمية |
سئل هل كان البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم مجتهدين أم مقلدين ← |
فصل في التفريق في الأحكام قبل الرسالة وبعدها
وقد فرق الله بين ما قبل الرسالة وما بعدها في أسماء وأحكام وجمع بينهما في أسماء وأحكام وذلك حجة على الطائفتين: على من قال: إن الأفعال ليس فيها حسن وقبيح. ومن قال: إنهم يستحقون العذاب على القولين. أما الأول فإنه سماهم ظالمين وطاغين ومفسدين؛ لقوله: { اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى } [1] وقوله: { وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ } [2] وقوله: { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } [3] فأخبر أنه ظالم وطاغ ومفسد هو وقومه وهذه أسماء ذم الأفعال؛ والذم إنما. يكون في الأفعال السيئة القبيحة فدل ذلك على أن الأفعال تكون قبيحة مذمومة قبل مجيء الرسول إليهم لا يستحقون العذاب إلا بعد إتيان الرسول إليهم؛ لقوله: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا } [4]. وكذلك أخبر عن هود أنه قال لقومه: { اعْبُدُواْ اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ } [5] فجعلهم مفترين قبل أن يحكم بحكم يخالفونه؛ لكونهم جعلوا مع الله إلها آخر فاسم المشرك ثبت قبل الرسالة؛ فإنه يشرك بربه ويعدل به ويجعل معه آلهة أخرى ويجعل له أندادا قبل الرسول ويثبت أن هذه الأسماء مقدم عليها وكذلك اسم الجهل والجاهلية يقال: جاهلية وجاهلا قبل مجيء الرسول وأما التعذيب فلا. والتولي عن الطاعة كقوله: { فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى } [6] فهذا لا يكون إلا بعد الرسول مثل قوله عن فرعون. { فَكَذَّبَ وَعَصَى } [7] كان هذا بعد مجيء الرسول إليه كما قال تعالى: { فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى فَكَذَّبَ وَعَصَى } [8] وقال: { فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ } [9].
هذا آخر ما وجد.
هامش
- ↑ [النازعات: 17]
- ↑ [الشعراء: 10، 11]
- ↑ [القصص: 4]
- ↑ [الإسراء: 15]
- ↑ [هود: 50]
- ↑ [القيامة: 31، 32]
- ↑ [النازعات: 21]
- ↑ [النازعات: 21، 22]
- ↑ [المزمل: 16]