→ فصل في رد ابن عقيل على من تكلف وجعل المجاز حقيقة | مجموع فتاوى ابن تيمية فصل في أصول العلم والدين ابن تيمية |
سئل عن القياس ← |
فصل في أصول العلم والدين
وقال رحمه الله:
فصل في أصول العلم والدين
قال الله تعالى: { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ } [1] إلى قوله: { وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } [2] وقال تعالى: { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [3] وقال تعالى: { أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ } [4].
وفي التشهد: «التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين».
وهذه الأصول التي أمر بها عمر بن الخطاب لشريح حيث قال: اقض بما في كتاب الله فإن لم يكن فبما في سنة رسول الله فإن لم يكن فبما اجتمع عليه الناس وفي رواية فبما قضى به الصالحون. وكذلك قال ابن مسعود: من سئل عن شيء فليفت بما في كتاب الله فإن لم يكن فبما في سنة رسول الله فإن لم يكن فبما اجتمع عليه الناس.
وكذلك روي نحوه عن ابن عباس وغيره ولذلك قال العلماء: الكتاب والسنة والإجماع وذلك أنه أوجب طاعتهم إذا لم يكن نزاع ولم يأمر بالرد إلى الله والرسول إلا إذا كان نزاع.
فدل من وجهين من جهة وجوب طاعتهم ومن جهة أن الرد إلى الكتاب والسنة إنما وجب عند النزاع ؛ فعلم أنه عند عدم النزاع لا يجب وإن جاز لأن اتفاقهم دليل على موافقة الكتاب والسنة. وأمر بموالاتهم والموالاة تقتضي الموافقة والمتابعة كما أن المعاداة تقتضي المخالفة والمجانبة فمن وافقته مطلقا فقد واليته مطلقًا ومن وافقته في غالب الأمور فقد واليته في غالبها ومورد النزاع لم تواله فيه وإن لم تعاده. فأما الأمر باتباع الكتاب والسنة فكثير جدًا كقوله: { اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ } [5] { فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ } [6] { وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ } [7] و { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ } [8] { أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ } [9] { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ } [10] { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [11] الآية { فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ } [12] { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ } [13] { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا } [14] { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ } [15] { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ } [16]. وهذا كثير.
وأما السلف فآيات أحدها: ما تقدم مثل قوله: { وَأُوْلِي الأَمْرِ } [17] وقوله: { فَإِن تَنَازَعْتُمْ } [18] وقوله: { وَالْمُؤْمِنِينَ } [19] وقوله { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [20].
ولو خرج المؤمنون عن الحق والهدى لما كانت لهم العزة إذ ذاك من تلك الجهة ؛ لأن الباطل والضلال ليس من الإيمان الذي يستحق به العزة والعزة مشروطة بالإيمان لقوله: { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [21].
ومنها قوله: { اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ } { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ } أمر بسؤاله الهداية إلى صراطهم ؛ وقال: { فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم } [22] الآية وفيها الدلالة. ومنها قوله: { وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ } [23] والسلف المؤمنون منيبون أي فيجب اتباع سبيلهم. ومنها قوله: { اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ } [24] والسلف كذلك.
ومنها قوله: { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ } [25] ومن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم. ومنها قوله: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } [26] وقوله: { لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ } [27] وقال قوم عيسى: { فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } [28] في آل عمران والمائدة لأن لنا الشهادة ولهم العبادة بلا شهادة والأمة الوسط العدل الخيار والشهداء على الناس لا بد أن يكونوا عالمين عادلين كالرسول ؛ ولهذا { قال في الجنازة وجبت وجبت وقال: «أنتم شهداء الله في الأرض» وقال: «توشكوا أن تعلموا أهل الجنة من أهل النار بالثناء الحسن والثناء السيئ» فعلم أن شهادتهم مقبولة فيما يشهدون عليه من الأشخاص والأفعال ؛ ولو كانوا قد يشهدون بما ليس بحق لم يكونوا شهداء مطلقا. ومنها قوله: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ } [29] وفيها أدلة مثل قوله: { خَيْرَ أُمَّةٍ } [30] ومثل قوله: { تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ } [31] فلا بد أن يأمروا بكل معروف وينهوا عن كل منكر والصواب في الأحكام معروف والخطأ منكر. ومنها قوله: { اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ } [32] ومنها قول الخليل { رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } [33] وقول يوسف: { تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } [34] ومنها قوله: { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [35] والرضوان لا يكون مع اتفاقهم وإصرارهم على ذنب أو خطأ فإن ذلك مقتضاه العفو. ومنها قوله: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا } [36] وقوله: { لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى } [37] فإنه يدل من وجهين من جهة أن الاصطفاء يقتضي التصفية وذلك لا يكون مع الاتفاق والإصرار على الذنب والخطأ.
والثاني التسليم عليهم وذلك يقتضي سلامتهم من العيوب كما سلم على المرسلين وعلى نوح وعلى المسيح. ومنها قوله { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [38] ومنها قوله: { بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ } [39] فإنه يدل على أنه هدى في كل شيء وقوله: { اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ } [40] فإنه يقتضي إخراجهم من كل ظلمة.
ومنها قوله: { هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّور } [41] وقوله: { هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } [42]. ومنها قوله: { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا } [43]. وما كان نحوها من الأمر بالجماعة والنهي عن الفرقة.
هامش
- ↑ [المائدة: 55]
- ↑ [المائدة: 56]
- ↑ [المنافقون: 8]
- ↑ [النساء: 59]
- ↑ [الأعراف: 3]
- ↑ [الأنعام: 155]
- ↑ [الأعراف: 157]
- ↑ [الأعراف: 157]
- ↑ [محمد: 33]
- ↑ [النساء: 64]
- ↑ [النساء: 65]
- ↑ [النساء: 59]
- ↑ [الأنعام: 153]
- ↑ [الحشر: 7]
- ↑ [الأحزاب: 36]
- ↑ [النور: 63]
- ↑ [النساء: 59]
- ↑ [النساء: 59]
- ↑ [الأحزاب: 35]
- ↑ [المنافقون: 8]
- ↑ [آل عمران: 139]
- ↑ [النساء: 169]
- ↑ [لقمان: 15 ]
- ↑ [يس: 21]
- ↑ [النساء: 115]
- ↑ [البقرة: 143]
- ↑ [الحج: 78]
- ↑ [المائدة: 83]
- ↑ [آل عمران: 110]
- ↑ [آل عمران: 110]
- ↑ [آل عمران: 110]
- ↑ [التوبة: 119]
- ↑ [الشعراء: 83]
- ↑ [يوسف: 101]
- ↑ [التوبة: 100]
- ↑ [فاطر: 32]
- ↑ [النمل: 59]
- ↑ [يونس: 62]
- ↑ [البقرة: 213]
- ↑ [البقرة: 257]
- ↑ [الأحزاب: 43]
- ↑ [الحديد: 9]
- ↑ [آل عمران: 103]