→ سورة النبأ | تفسير المراغي سورة النازعات أحمد مصطفى المراغي |
سورة عبس ← |
هي مكية، وآيها ست وأربعون، نزلت بعد سورة النبأ.
ووجه اتصالها بما قبلها أنه هناك أنذر بالعذاب يوم القيامة - وهنا أقسم على أن البعث حق لا ريب فيه.
[سورة النازعات (79): الآيات 1 الى 14]
بسم الله الرحمن الرحيم
والنَّازِعاتِ غَرْقًا (1) وَالنَّاشِطاتِ نَشْطًا (2) وَالسَّابِحاتِ سَبْحًا (3) فَالسَّابِقاتِ سَبْقًا (4) فَالْمُدَبِّراتِ أَمْرًا (5) يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ (8) أَبْصارُها خاشِعَةٌ (9) يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ (10) أَإِذا كُنَّا عِظامًا نَخِرَةً (11) قالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خاسِرَةٌ (12) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (13) فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (14)
شرح المفردات
والنازعات: أي الكواكب الجاريات على نظام معين في سيرها كالشمس والقمر، يقال نزعت الخيل: إذا جرت، غرقا: أي مجدّة مسرعة في جريها، لتقطع مسافة فلكها حتى تصل إلى أقصى المغرب، والناشطات نشطا: أي الخارجات من برج إلى برج، من قولهم: نشط النور إذا خرج، والسابحات سبحا: أي السائرات في أفلاكها سيرا هادئا لا اضطراب فيه ولا اختلال، وقد جعل مرورها في جوائها كالسبح في الماء كما جاء في قوله: « وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ » والسابقات سبقا: أي المسرعات عن غيرها في سبحها، فتتم دورتها حول ما تدور عليه في مدة أسرع مما يتم غيرها كالقمر فإنه يتم دورته في شهر قمرى، والأرض تتم دورتها في سنة شمسية، وهكذا غيرها من السيارات السريعة، ومنها ما لا يتم دورته إلا في سنين، فالمدبرات أمرا: أي فالكواكب التي تدبر بعض الأمور الكونية في عالمنا الأرضى بظهور بعض آثارها، فسبق القمر علّمنا حساب شهوره، وله الأثر العظيم في السحاب والمطر وفى البحر من المدّ والجزر، ولضيائه حين امتلائه فوائد في تصريف منافع الناس والحيوان، وسبق الشمس في أبراجها علّمنا حساب الشهور، وسبقها إلى تتميم دورتها السنوية علمنا حساب السنين، وخالف بين فصول السنة، واختلاف الفصول من أسباب حياة النبات والحيوان، وقد نسب إليها التدبير، لأنها أسباب ما نستفيده منها، والمدبر الحكيم: هو الله تعالى جل شأنه. وترجف: أي تضطرب وتتحرك، والراجفة: الأرض بمن عليها، والرادفة: السماء وما فيها تردفها وتتبعها، فإنها تنشق وتنثر كواكبها، الواجفة: أي الشديدة الاضطراب خاشعة: أي ذليلة، الحافرة: الحياة الأولى، أي الحياة بعد الموت وقد ظنوها حياتهم الأولى، يقال رجع في حافرته: أي في طريقه التي جاء فيها، والنخرة: البالية الجوفاء التي تمر فيها الرياح، والكرّة: الرجعة من الكرّ، وهو الرجوع، والخاسرة: هي التي يخسر أصحابها ولا يربحون، والزجرة: الصيحة، والمراد بها النفخة الثانية يبعث بها الأموات، والساهرة: الأرض البيضاء المستوية، لأن السراب يجرى فيها، وسميت بذلك لأن شدة الخوف التي تعترى من عليها تطير النوم من أعينهم فلا يذوقون نوما، فهي ساهرة: أي ساهر من عليها.
المعنى الجملي
بدأ سبحانه هذه السورة بالجلف بأصناف من مخلوقاته - إن ما جاء به رسوله ﷺ من أمر البعث وعرض الخلائق على ربهم، لينال كل عامل جزاء عمله - حق لا ريب فيه في يوم تعظم فيه الأهوال، وتضطرب القلوب، وتخشع الأبصار، ويعجب المبعوثون من عودتهم إلى حياتهم الأولى بعد أن كانوا عظاما نخرة تمر فيها الرياح، ويتحققون أن صفقتهم كانت خاسرة، إذا أنهم أنكروا في الدنيا معادهم، ويجابون على تعجبهم بألا يحسبوا أن الإحياء صعب على الله، فما الأمر عنده إلا صيحة واحدة، فإذا الناس جميعا ظاهرون في أرض المعاد.
لو تدبرنا أمر القسم ببعض المخلوقات في الكتاب الكريم لوجدناه يرجع إلى أحد أمرين:
(1) أن تكون هذه المخلوقات قد عظمت في أعين بعض الناس، وقوى سلطانها في نفوسهم، حتى عبدوها واتخذوها آلهة من دون الله كالشمس والقمر في نحو قوله: « والشَّمْسِ وَضُحاها. وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها » وقد ذكر سبحانه بجانب ذلك بعض صفاتها الدالة على أنها مخلوقة له كتغيرها من حال إلى حال، وما يطرأ عليها من الأفول والزوال، مما لا يكون من شأن الآلهة المستحقة للعبادة.
(2) أن تكون مما احتقره الناس لغفلتهم عن فائدته، وذهولهم عن موضع العبرة فيه، ولو أنهم تدبروا فيما هو عليه من جليل الصنعة، وبديع الحكمة لاهتدو إلى معرفة خالقة، ونعتوه بما هو أهل له من صفات الجلال والكمال.
فأقسم سبحانه على التوحيد في قوله: « وَالصَّافَّاتِ صَفًّا. فَالزَّاجِراتِ زَجْرًا. فَالتَّالِياتِ ذِكْرًا. إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ ».
وأقسم على أن الرسول حق بقوله: « وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ. إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ».
وأقسم إن القرآن حق في قوله: « فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ. إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ».
وحلف إن الجزاء حق، وإن الناس سيبعثون إلى ربهم، وإن كلا منهم سيلاقى جزاء عمله كما قال: « وَالذَّارِياتِ ذَرْوًا. فَالْحامِلاتِ وِقْرًا. فَالْجارِياتِ يُسْرًا. فَالْمُقَسِّماتِ أَمْرًا. إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ. وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ ».
الإيضاح
(وَالنَّازِعاتِ غَرْقًا. وَالنَّاشِطاتِ نَشْطًا. وَالسَّابِحاتِ سَبْحًا. فَالسَّابِقاتِ سَبْقًا. فَالْمُدَبِّراتِ أَمْرًا) افتتح سبحانه هذه السورة بالقسم بالكواكب والنجوم والشموس والأقمار، إظهارا لعظم شأنها، وإتقان نظامها، وغزارة فوائدها، وأنها مسخرة لبارئها، خاضعة لأمره - لتبثنّ بعد الموت، ويدل على هذا ما حكاه عنهم بعد من قولهم: « أَإِذا كُنَّا عِظامًا نَخِرَةً؟ » أي أنبعث إذا صرنا كذلك؟.
(يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ) أي حين تتحرك الأرض وتضطرب الجبال، فيسمع لها صوت شديد.
ونحو الآية قوله: « يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ ».
(تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) أي تتلوها السماء بما فيها من كواكب، إذ تنشق وتنثر كواكبها إثر اضطراب الأرض وميدانها.
عن أبي بن كعب قال: كان رسول الله ﷺ إذا ذهب ربع الليل قام فقال: أيها الناس اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه » أخرجه أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه وغيرهم.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: « ترجف الأرض رجفا وتزلزل بأهلها، وهي التي يقول الله فيها - يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ. تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ».
(قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ) أي قلوب يومئذ مضطربة قلقة خائفة، والمراد بها قلوب الكفار، ذاك أنهم بعد أن عاينوا ما كان الرسول ﷺ يذكره لهم ويشاهدونه في دنياهم ولم يؤمنوا به، تضطرب نفوسهم، مخافة أن يحل بهم ما أنذروا به، كما هي حال من تهدده بعقوبة إن لم يقلع عن جرائره - يهلع قلبه إن شاهد بوادر التنفيذ.
(أَبْصارُها خاشِعَةٌ) أي أبصار أصحابها خاشعة تظهر فيها الذلة والخوف.
وقد حكى الله عنهم أقوالا ثلاثة استبعدوا بها أمر البعث، واستهزءوا فيها بالرسول والمؤمنين.
(1) (يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ؟) أي يقول هؤلاء المكذبون بالبعث من مشركي قريش إذا قيل لهم إنكم مبعوثون من بعد الموت: أإنا لمردودون إلى حالنا الأولى قبل الممات، فراجعون أحياء كما كنا قبل مماتنا.
وتقول العرب لكل من كان في أمر ثم خرج منه ثم عاد إليه: قد رجع إلى حافرته: أي إلى أمره الذي كان فيه أوّلا.
(2) (أَإِذا كُنَّا عِظامًا نَخِرَةً؟) أي أنردّ إلى الحياة بعد أن نصير عظاما بالية لو لمست لتفتّت؟
(3) و(قالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) أي إن صح ما قلتم من البعث يوم القيامة بعد أن نصير عظاما نخرة، فنحن إذا خاسرون، لأنا كذبنا به ولم نأخذ العدّة له، فياويلنا في هذا اليوم! وهذا منهم استهزاء وتهكم، اعتقادا منهم أن ذلك لن يكون.
وقد ردّ الله عليهم مقالتهم بقوله:
(فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) أي لا تستبعدوا ذلك وتظنوه عسيرا شاقّا علينا، فإنما هي صيحة واحدة، وهي النفخة الثانية التي يبعث الله بها الموتى فإذا الناس كلهم على سطح الأرض أحياء.
ونحو الآية قوله: « وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ ».
وخلاصة هذا - لا تحسبوا أن هذه الرجعة عسيرة شاقة علينا، فما إعادتكم التي ظننتموها صعبة إلا أن نأمر ملكا من ملائكتنا أن يصيح صيحة واحدة، فإذا أنتم جميعا لدينا محضرون، لا يتخلف منكم أحد، ولا يستطيع التخلف إن أراد.
[سورة النازعات (79): الآيات 15 الى 26]
هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (15) إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (16) اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (19) فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى (20) فَكَذَّبَ وَعَصى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى (22) فَحَشَرَ فَنادى (23) فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (25) إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى (26)
شرح المفردات
المقدس: أي المبارك المطهر، والوادي المقدس: هو واد بأسفل جبل طور سينا من برّية الشام، طوى: واد بين أيلة ومصر، طغى: أي تجاوز الحد فتكبر على الله وكفر به، هل لك إلى كذا: أي هل ترغب فيه، وتزكى: أي تتزكى وتتطهر من العيوب، وأهديك: أي أدلك، فتخشى: أي فتخاف، والآية الكبرى: أي العلامة الدالة على صدقه في دعواه النبوة، وهي انقلاب العصا حية، أدبر: أي ترك موسى، يسعى: أي في مكايدته. فحشر: أي فجمع السحرة الذين في بلاده، والنكال: العذاب، والآخرة: يوم القيامة، والأولى: الدنيا.
المعنى الجملي
بعد أن حكى عن كفار مكة إصرارهم على إنكارهم البعث وتماديهم في العتو والطغيان واستهزاءهم بالرسول ﷺ، وكان ذلك يشق عليه، ويصعب على نفسه، ذكر له قصص موسى مع فرعون طاغية مصر، وبين له أنه قد بلغ في الجبروت حدّا لم يبلغه قومك، فقد ادعى الألوهية وألبّ قومه على موسى، وكان موسى مع هذا كله يحتمل المشاق العظام في دعوته إلى الإيمان - ليكون ذلك تسلية لرسوله عما لاقيه من قومه من شديد العناد وعظيم الإعراض، يرشد إلى ذلك قوله: « فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ».
وفي ذلك عبرة أخرى لقومه - وهي أن فرعون مع أنه كان أقوى منهم شكيمة أشد شوكة وأعظم سلطانا، لما تمرد على موسى وعصا أمر ربه أخذه الله نكال لآخرة والأولى، ولم يعجزه أن يهلكه ويجعله لمن خلفه آية، فأنتم أيها القوم مهما عظمت حالكم وقوى سلطانكم لم تبلغوا مبلغ فرعون، فأخذكم أهون على الله منه.
وفي هذا تهديد لهم وإنذار بأنهم إن لم يؤمنوا بالله ورسوله، فسيصيبهم مثل ما أصاب فرعون وقومه كما قال في آية أخرى: « فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ. إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ، قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ ».
الإيضاح
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) أي ألم يبلغك حديث موسى مع فرعون وقومه، وقد أمره الله بالتلطف في القول، واللين في الدعوة إلى الحق إقامة للحجة والوصول من أقرب محجة كما جاء في سورة طه « فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى » فاتبع نهجه واسلك سبيله يكن ذلك أقرب للفوز ببغيتك وبلوغ مطلبك كما فاز موسى وانتصر.
وكان ذلك حين ناداه ربه بالوادي المطهر المبارك من طور سيناء من برّية الشام بعد مضى وقت من الليل.
ثم فصل هذه المناجاة بقوله:
(اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) أي اذهب له وعظه، فإنه تجاوز الحد وتكبر على الله وكفر به، وتجبّر على بني إسرائيل، واستعبدهم حتى بلغ من أمره أن ذبح أبناءهم واستحيا نساءهم.
ثم طلب إلى موسى أن يلين له القول ليكون ذلك أنجع في الدعوة فقال:
(فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى. وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى) أي فقل له: هل ترغب أن تطهّر نفسك من الآثام التي انغمست فيها، وتعمل بما أدلك عليه من طرق الخير، وتبعد عما أنت فيه من اجتراح السيئات، وتخشى عاقبة مخالفة أمر ربك، حتى تأمن من عقابه، إذا أديت ما ألزمك به من فرائضه، واجتنبت ما نهاك عنه من معاصيه.
ثم ذكر أنه لم يخضع للدليل والبرهان، ولم يقنع بما أدلى إليه موسى من حجة، فاضطر إلى أن يظهر له دليلا يراه ويشاهده فقال:
(فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى) أي فلما لم يقنع بالدليل القولي أظهر له آية ودليلا يراه بعينه، وهو انقلاب العصا حية، ومع ذلك كذب الداعي، وعصى سلطان البرهان وأظهر تمرده عليه، كما أشار إلى ذلك بقوله:
(فَكَذَّبَ وَعَصى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى) أي فكذب موسى ثم ولى معرضا عما دعاه إليه من طاعة ربه وخشيته، وطفق يخبّ في المعاصي ويضع، غير متدبر في عاقبة أمره، ولا مفكر في غده.
(فَحَشَرَ فَنادى. فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) أي فجمع السحرة الذين هم تحت إمرته وسلطانه كما جاء في قوله: « وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ. يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ » فقام فيهم يقول: « أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى » فلا سلطان يعلو سلطانى، ولم يزل في عتوّه حتى تبع موسى وقومه إلى البحر الأحمر (بحر القلزم) عند خروجهم من مصر فأغرق فيه هو وجنوده، وإلى ذلك أشار سبحانه بقوله:
(فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) أي فنكل الله به ولم يكن ذلك النكال مقصورا على ما عذب به في الدنيا من الغرق في البحر، بل عذبه في الآخرة أيضا في جهنم وبئس القرار.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى) أي إن فيما ذكر لموعظة لمن له عقل يتدبر به في عواقب الأمور ومصايرها، فينظر في حوادث الماضين، ويقيس بها أحوال الحاضرين ليتعظ بها.
[سورة النازعات (79): الآيات 27 الى 33]
أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّماءُ بَناها (27) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (30) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها (31) والْجِبالَ أَرْساها (32) مَتاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (33)
شرح المفردات
أشد خلقا: أي أصعب إنشاء، والبناء: ضم الأجزاء المتفرقة بعضها إلى بعض مع ربطها بما يمسكها حتى يكون عنها بنية واحدة، والسمك: قامة كل شيء، فسواها: أي جعل كل جزء موضوع في موضعه، أغطش ليلها: أي أظلمه، ضحاها: أي نورها وضياء شمسها، دحاها: أي مهدها وجعلها قابلة للسكنى، قال زيد بن عمرو ابن نفيل:
وأسلمت وجهى لمن أسلمت له الأرض تحمل صخرا ثقالا
دحاها فلما استوت شدها بأيد وأرسى عليها الجبالا
مرعاها: أي نباتها، متاعا لكم: أي متعة ومنفعة لكم ولأنعامكم.
المعنى الجملي
بعد أن قص على المشركين قصص موسي عليه السلام مع فرعون وأومأ بهذا القصص إلى أنهم لا يعجزون الذي أخذ من فرعون ونكل به وجعله عبرة للباقين، وسلى به رسوله حتى لا يحزن لتكذيب قومه له، وعدم إيمانهم بما جاءهم به، أخذ يخاطب منكري البعث، وينبههم إلى أنه لا ينبغي لهم أن يجحدوه فإن بعثهم هين إذا أضيف إلى خلق السموات التي تدل بحسن نظامها وجلالها، على حكمة مبدعها وعظيم قدرته، وواسع حكمته، وإلى خلق الأرض التي دحاها بعدها وجعلها معدة للسكنى، وهيأ فيها وسائل المعيشة للإنسان والحيوان، فأخرج منها الماء الذي به حياة كل شيء وأنبت فيها النبات الذي به قوام الإنسان والحيوان.
الإيضاح
(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّماءُ؟) أي أأنتم أيها الناس وقد خلقتم من ماء مهين ضعافا عاجزين لا تملكون لأنفسكم نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة - أصعب إبداعا وإنشاء أم هذه السماء التي ترون خلقها، وبديع تركيبها وعظمة شأنها؟
إنكم لا تنازعون في أنها أشد منكم خلقا، ومع ذلك لم نعجز عن إبداعها، فكيف تظنون أنا نعجز عن إعادتكم بعد موتكم، يرشد إلى ذلك قوله: « لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ » وقوله: « أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ؟ ».
وفي هذا من التقريع والتوبيخ ما لا يخفى.
وبعد أن أشار إلى عظم خلق السموات إجمالا شرع يبين ذلك تفصيلا فقال:
(بَناها. رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها) أي ضم أجزاءها المتفرقة وربطها بما يمسكها حتى حصل عن جميعها بنية واحدة، فقد أبدع في خلق الكواكب وجعل كل كوكب منها على نسبة من الآخر، وجعل لكل منها ما يمسكه في مداره حتى كان من مجموعها ما يشبه البناء وهو ما نسميه بالسماء.
وقد جعلها ذاهبة في العلوّ صعدا، وعدّ لها فوضع كل جزء منها في موضعه الذي يستحقه ويحسن أن يكون فيه.
(وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها) أي وجعل ليلها مظلما بمغيب كواكبها، وأبرز نهارها، وعبر عن النهار بالضحى، لأنه أشرف أوقاته وأطيبها، وفيه من انتعاش الأرواح ما ليس في سائرها.
وتعاقب الليل والنهار واختلاف الفصول التابع لحركة بعض السيارات يهيىء الأرض للسكنى ومن ثم قال:
(وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) أي ومهد الأرض بعد ذلك وبسطها للسكنى، وسير الناس والأنعام عليها، وقد كانت مخلوقة غير مدحوّة قبل ذلك، فلا تخالف هذه الآية ما جاء في سورة السجدة من قوله: « أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدادًا ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ. وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ. ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ».
فإن هذه الآية تدل على أن خلق السموات كان بعد خلق الأرض، والآية التي نحن بصددها تشير إلى أن الله تعالى دحا الأرض ومهدها لسكنى الناس بعد أن خلق السماء.
فالآيتان ترشدان إلى أن الله تعالى خلق الأرض أوّلا ثم خلق السموات بعد ذلك، ثم عاد إلى الأرض فمهدها ودحاها، فآية السجدة حكاية للخلق الأول ومبدئه وهذه الآية حكاية للإصلاح الذي كان بعد الخلق.
ثم فسر التمهيد بما لا بد منه في تأتى سكناها من أمر المآكل والمشارب وإمكان القرار عليها فقال:
(أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها) أي فجّر منها العيون والينابيع والأنهار، وأنبت فيها النبات سواء أكان قوتا لبنى آدم كالحب والثمر، أم قوتا للأنعام والماشية كالعشب والحشيش.
(وَالْجِبالَ أَرْساها) أي وثبت الجبال في أماكنها وجعلها كالأوتاد، لئلا تميد بأهلها وتضطرب بهم.
ثم بين الحكمة في ذلك فقال:
(مَتاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) أي إنما جعلنا ذلك كله، ليتمتع به الناس والأنعام من الإبل والغنم والبقر.
ونحو الآية قوله: « هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ».
أفلا يكون خالقكم وواهبكم ما به تحيون، ورافع السماء فوقكم، وممهد الأرض تحتكم - قادر على بعثكم؟ وهل يليق به أن يترككم سدى بعد أن دبر أمركم هذا التدبير المحكم، ووفّر لكم هذا الخير الكثير.
[سورة النازعات (79): الآيات 34 الى 41]
فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى (35) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى (36) فَأَمَّا مَنْ طَغى (37) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (39) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (41)
شرح المفردات
الطامة الكبرى: أي الداهية العظمى التي تطمّ على الدواهي أي تغلب وتعلو، وهي النفخة الثانية التي يكون معها البعث قاله ابن عباس، وبرّزت الجحيم: أي كانت في مكان بارز يراها كل من له عينان، طغى: أي تكبر وتجاوز الحد، آثر: أي قدّم وفضل، المأوى: المستقر، مقام ربه: أي جلاله وعظمته، ونهى النفس عن الهوى: أي زجرها وكفها عن هواها المردي لها بميلها إلى الشهوات.
المعنى الجملي
بعد أن بيّن أنه تعالى قادر على نشر الأموات كما قدر على خلق الأكوان، بين صدق ما أوحى به إلى نبيه من أن ذلك اليوم الذي يقوم فيه الناس لرب العالمين، كائن لا بد منه، فإذا جاءت طامته الكبرى التي تفوق كل طامة حين تعرض الأعمال على العاملين، فيتذكر كل امرئ ما عمل، ويظهر الله الجحيم وهي دار العذاب للعيان فيراها كل ذي بصر، في ذلك اليوم يوزع الجزاء على العاملين فأما من جاوز الحدود التي حدها الله في شرائعه، وفضل لذائذ الدنيا على ثواب الآخرة فدار العذاب مستقره ومأواه وأما من خاف مقامه بين يدي ربه في ذلك اليوم، وزجر نفسه عن هواها، فلم تجر وراء شهواتها فالجنة منزله ومأواه، جزاء ما قدمت يداه.
الإيضاح
(فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى) أي فإذا حل ذلك اليوم الذي تشيب من هوله الولدان، وتشاهد فيه النار، فينسى المرء كل هول دونها - فصل الله بين الخلائق، فأدخل الطائعين الأبرار الجنة، وأدخل المتمردين العصاة النار.
وقد وصف هذا اليوم بوصفين:
(1) (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى) أي حين يرى الإنسان أعماله مدوّنة في كتابه وكان قد نسيها فتعاوده الذكرى، كما قال سبحانه: « أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ».
(2) (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى) أي وأظهرت النار حتى يراها كل ذي عينين سواء منهم المؤمن والكافر، سوى أنها تكون مقرّا للكافرين، وينجى الله المؤمنين.
والخلاصة - إذا جاء ذلك اليوم فصل الله بين الخلائق كما فصّله بعد بقوله:
(فَأَمَّا مَنْ طَغى وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا. فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى) أي فأما من تكبر وتجاوز الحد وآثر لذات الحياة الدنيا، وشهواتها على ثواب الآخرة، فالنار مثواه ومستقره.
(وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) أي وأما من حذر وقوفه بين يدي ربه يوم القيامة، وأدرك مقدار عظمته وقهره، وغلبة جبروته وسطوته، وجنب نفسه الوقوع في محارمه، فالجنة مثواه وقراره.
وقد ذكر سبحانه من أوصاف السعداء شيئين يضادان أوصاف الأشقياء:
(1) فقوله: « خافَ مَقامَ رَبِّهِ » يقابل قوله: « طَغى » وقوله: « وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى » يضاد قوله: « وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا » وقد مدح الحكماء مخالفة الهوى فقالوا: إذا أردت الصواب فانظر هواك فخالفه. وقيل لا يسلم من الهوى إلا الأنبياء وبعض الصدّيقين. وقيل:
فخالف هواها واعصها إن من يطع هوى نفسه تنزع به كل منزع
ومن يطع النفس اللجوجة ترده وترم به في مصرع أي مصرع
[سورة النازعات (79): الآيات 42 الى 46]
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (43) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها (44) إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (46)
شرح المفردات
الساعة: هي ساعة يبعث الله الخلائق من قبورهم، وهي يوم القيامة، أيان: أي متى، مرساها: أي إرساؤها، وإقامتها: أي حصولها، فيم أنت من ذكراها: أي في أي شيء أنت من أن تذكر لهم وقت حصولها، وتبين لهم الزمان المعين لوقوعها، إلى ربك منتهاها: أي إن منتهى علم حصولها عند ربك لم يؤته أحدا من خلقه، واللبث: الإقامة، والعشية طرف النهار من آخره، والضحى: طرفه من أول.
المعنى الجملي
كان المشركون يسألون الرسول عنادا واستهزاء عن الساعة، ويطلبون إليه أن يعجل بها كما يرشد إلى ذلك قوله: « يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها » وربما سألوه عن تحديد وقتها، فكان النبي ﷺ يردد في نفسه ما يقولون، ويتمنى لو أمكن أن يجيب عما يسألون، كما هو شأن الحريص على الهداية، المجدّ في الإقناع - فهاه الله عن تمنى ما لا يرجى، وأبان له أنه لا حاجة لك إلى ذلك، فإن علمها عند ربك، وإنما شأنك أن تنذر من يخافها فتنبهه من غفلته، حتى يستعد لما يلقاه حينئذ، أما هؤلاء المعاندون فدعهم في غوايتهم، ولا تشغل نفسك بالجواب عما يسألون، فإذا جاء هذا اليوم خيل إليهم أنهم لم يلبثوا من يوم خلقوا إلى يوم البعث إلا طرفا من نهار أوله أو آخره، ولم يلبثوا نهارا كاملا لمفاجأتهم لهم على غير استعداد لوقوعها.
الإيضاح
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها؟) أي يسألك أيها الرسول هؤلاء المكذبون بالبعث عن الساعة التي تبعث فيها الموتى من قبورهم، متى قيامها وظهورها؟
(فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) أي ما هذه الذكرى الدائمة لها، وما هذا الاهتمام الذي جعلك لا تألو جهدا في السؤال عنها؟.
روي عن عائشة رضي الله عنها « أن رسول الله ﷺ لم يزل يذكر الساعة ويسأل عنها حتى نزلت هذه الآية ».
وتلخيص المعنى - لا تشغل نفسك بهذا الأمر، ولا تكلفها عناء البحث عنه، واستكناه أسراره، ومعرفة ما حجبه الله عن خلقه من شأنه.
(إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها) أي إلى ربك ينتهى علم الساعة، فلا يعلم وقت قيامها غيره، ولم يعطه لملك مكرم، ولا لنبي مرسل.
(إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) أي إنما أنت رسول مبعوث للإنذار والتخويف، وتحذير الناس من المعاصي والقبائح، ولم تكلف علم وقتها، فدع علم ما لم تكلف به، واعمل ما أمرت به من إنذار من أمرت بإنذاره.
ونحو الآية قوله: « إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ » وقوله: « إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ » ثم قرر ما دل عليه الإنذار من سرعة مجىء المنذر به، فقال:
(كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) أي إن هذا اليوم الذي لجوا في إنكاره سيقع البتة، ويرونه بأعينهم، فإذا عاينوه حسبوا أنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة من نهار ثم انقضت.
والخلاصة - إنهم ظنوا أنهم لم يلبثوا إلا عشية يوم أو ضحى تلك العشية، وتقول العرب: آتيك العشية أو غداتها، وآتيك الغداة أو عشيتها، والمراد أنهم يستقصرون مدة لبثهم، ويزعمون أنهم لم يلبثوا إلا قدر آخر نهار أو أوله، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
موضوعات السورة الكريمة
(1) إثبات البعث.
(2) مقالة المشركين في إنكاره والردّ عليهم (3) قصص موسى مع فرعون، وفيه تسلية لرسوله ﷺ.
(4) إقامة البرهان على إثبات البعث.
(5) أهوال يوم القيامة.
(6) الناس في هذا اليوم فريقان: سعداء وأشقياء بحسب أعمالهم في الدنيا.
(7) سؤال المشركين عن الساعة وميقاتها.
(8) نهى الرسول عن البحث عنها واشتغاله بأمرها.
(9) ذهول المشركين من شدة الهول عن مقدار ما يلبثوا في الدنيا.