الرئيسيةبحث

البحث الصريح في أيما هو الدين الصحيح/الباب الخامس


الباب الخامس: التناقضات في التوراة والإنجيل الدالة على تحريفهما

في الشكوك الناتجة من القضايا المتناقضة والقصور الحاصل من ركاكة الجمل الغير مرتبطة، الموجودة في كتب العهدين، المفيدة بأن التوراة والإنجيل مزوران، وذلك بأصرح عبارة وأجلى بيان.

الشك الأول

متى الإنجيلي في الإصحاح الأول يقول: «إن يورام أولد عوزيا» ويناقضه سفر الأيام الأول في التوراة في الإصحاح الثالث حيث يقول إن: «ابن يورام أخزياهو وابن أخزياهو يواش وابن يواش امصيا وابن امصيا عوزيا». [1]

شرح صورة التناقض

إن الفرق ههنا يظهر أن متى قد نقص ثلاثة ملوك من هذه السلسلة عن سفر الأيام الأول، وهم: أخزياهو ويواش وامصيا. لأن متى ذكر أن يورام ولد عزيا، والحال أن في سفر الأيام الأول يذكر خلاف ذلك، وهو أن عوزيا هو ابن امصيا وليس هو ابنا ليورام كما ذكره متى، بل إن يورام هو جد جد عوزيا.

وإن قيل في حل هذا الشك الذي هو الشك الأول: إنه مكتوب في سفر أستير، التي كان أخذها ابن عمها مردخاي من بعد موت أبيها ورباها وصارت كابنة له، وعلى هذا المنوال صار عوزيا ابنا ليورام.

فأقول: نعم إن أستير صارت بحسب التربية كابنة لمردخاي، ولكن هنا عوزيا لم يذكر عنه أن يورام رباه حتى إنه كان يدعى ابنا ليورام، لأن يورام كان قد مات قبل ثلاثة أجيال من ولادة عوزيا. ث م أستير لم يقل عنها إن مردخاي ولدها كما قال ههنا متى: إن يورام ولد عوزيا، بل قال: إن أستير قد صارت كابنة لمردخاي.

وأيضا أقول: إن متى ثنى بتأكيد سلسلته إذ قال: «إن من داود إلى سبي بابل أربعة عشر جيلا»، فيظهر أن كلامه مرتبا محددا، يريد به أن يورام ولد عوزيا بالفعل، وليس عنده علم بنقص ثلاثة أنفار من سلسلته، الذين لو حسبهم متى كان ينبغي أن يكون عدد الأجيال من داود إلى سبي بابل سبعة عشر جيلا.

وإن قيل: إن متى قد ترك هؤلاء الثلاثة أنفار من سلسلته من أجل أنهم خطاة.

فأجيب: وعساه أن يترك الكثير من السلسلة، لأنه يوجد من هو أكثر خطأ منهم بكثير، مع أنه لم يكن قصده أن يعد الصالحين فقط، بل أراد ذكر سلسلة ولادتهم، سواء كانوا صالحين أم طالحين، بحيث إنه ذكر أشقى منهم بكثير. فمن هذه الأدلة الأربعة يثبت النقص والتزوير في إنجيل متى.

وإن قيل: إن كتاب التوراة قد جرت فيه العادة مثل هذا النقص كما ورد في الشك التاسع والعشرين عن سلسلة هارون.

فأجيب: إن كان متى يقتفي آثار التوراة التي كتب فيها سلسلة هارون بالنقص ويستند على العادة، فالنقص المكتوب في التوراة على من تسند عادته.

وأيضا أقول: إن الابن إذا ثبت عليه عمل فاسد أخذه عن أبيه فلا يخلصه الاعتذار بأن يقول: هذا العمل هو عادة أخذتها عن أبي، بل إن الحق يعطى للخصم، وإن يخطأ الاثنان كلاهما معا.

الشك الثاني

في إنجيل متى في الإصحاح الأول يقول: «إن يوشيا ولد يوخانيا، ويوخانيا ولد شألتئيل، وشألتئيل ولد زروبابل، وزروبابل ولد أبيهود». ويناقضه سفر الأيام الأول في الإصحاح المالث إذ إنه يسحب هذه السلسلة مخالفا لمتى، لأنه يقول: إن يوشيا ولد يهواقيم، ويهواقيم ولد يوخانيا، ويوخانيا ولد شألتئيل وأخاه فدايا، وفدايا ولد زروبابل، وزروبابل ولد سبعة أولاد وهم: مشولاهم وحنانيا واحشديا وأوهيل وبارخيا وحسديا ويوشحشد واشموميت أختهم. [2]

إن زروبايل ولد سبعة أولاد ذكور وابنة، ولا ترى واحدا منهم اسمه أبيهود كما ذكر متى.

صورة التناقض

أقول إن ههنا ثلاث مشاكل:

أولا: إن متى يقول إن يوشيا ولد يوخانيا. وفي سفر الأيام الأول يقول إن يوشيا ولد يهواقيم، ويهواقيم هو الذي ولد يوخانيا، فيكون يوخانيا ابن ابن يوشيا، وليس هو ابن يوشيا كما في سلسلة متى.

ثانيا: إن متى يقول إن يوخانيا ولد شألتئيل، وشألتئيل ولد زروبابل، وفي سفر الأيام الأول قال ضد ذلك: إن يوخانيا ولد شألتئيل وأخاه فدايا، وفدايا هو الذي ولد زروبابل. فيكون شألتئيل عم زروبابل أخا أبيه، وليس هو أباه كما غلط متى.

وإن قيل: إن سفر عزرا ونحميا ذكرا أن زروبابل هو ابن شألتئيل كما ذكره متى.

فنقول: إن الفرق صار فيما بين نحميا وعزرا وبين سفر الأيام الأول.

ثالثا: إن متى ذكر أن زروبابل ولد أبيهود، وفي سفر الأيام الأول قال عكس ذلك: إن أولاد زروبابل كانوا بالعدد سبعة وابنة اسمها اشمونيت. انظرهم مسطرين في السلسلة المشروحة تجاهك لا ترى واحدا مهم اسمه أبيهود، بل إن أسماءهم متباعدة عما كتبهم متى الإنجيلي، عدا أن باقي هذه السلسلة من زروبابل إلى عدد ستة أسماء تتهي بهم سلسلة التوراة المدونة في سفر الأيام الأول جميعهم متغيرون في إنجيل متى لأن متى كتب أن «زروبابل ولد أبيهود، وأبيهود ولد ألياقيم، وألياقيم ولد عازر، وعازر ولد صادوق، وصادوق ولد آخين». وأما في التوراة في سفر الأيام الأول فيعدد أناسا خلافا للذين عدهم متى، وهم: زروبابل ولد حنانيا، وحنانيا ولد شيخينا، وشيخينا ولد تعريا، وتعريا ولد اليوعينا، واليوعينا ولد يوحانان.

ويظهر من هذه الاختلافات والتحريفات واحد من ثلاثة وجوه: إما أن متى الإنجيلي جاهل لايعرف هذه السلسلة، أو أن قلما آخر غريبا زور عليه، أو أن التوراة مزورة والله أعلم.

الشك الثالث

في الابركسيس في الإصحاح السابح ذكر أن إبراهيم عليه السلام كان قد اشترى المغارة من بني حمور بن شخيم، وأما في سفر التكوين في الإصحاح الثالث والعشرين فيقول خلاف ذلك، وهو أن إبراهيم اشترى المغارة من عفرون بن صاحر من بني حث في حبرون.

صورة التناقض

يظهر لنا من هذا اختلاف:

أولا: اسم ومكان المغارة.

وثانيا: تغير أسماء البائعين لها والمشتري هو واحد، لأن في الابركسيس يذكر أن إبراهيم اشترى المغارة من بني حمور بن شخيم، والبلد باسمه، أعني شخيم. وفي سفر التكوين قال: إن إبراهيم اشترى المغارة من عفرون بن صاحر من بني حث.

فمن هذين القولين يتبين لنا التناقض عيانا، بحيث إنه قد تغير فيهما مكان المغارة وتغير أيضا أسماء البائعين لها.

فعلى العالم النحرير أن يحدد باختيار وإرادة حرة مكان التزوير إن كان يريد أن يحدده: التوراة القائلة عن البائع إنه كان من عفرون بن صاحر، أو أن يحدده في لوقا الإنجيلي كاتب الابركسيس والقائل فيه بأن البائع كان من بني حمور بن شخيم. فعلى كل حال التحريف واقع.

الشك الرابع

في إنجيل لوقا أيضا كتب في الإصحاح الثالث أن شالح بن قينان ابن أرفخشد بن سام بن نوح بن لامك بن متوشالح بن اخنوخ بن يارد بن مهللئيل بن قينان، بن انوش، وأما في سفر التكوين في الإصحاح الخامس والعاشر فأنقص من ذلك قينان واحد، إذ قال فيه: إن آنوش ولد قينان وأرفخشد ولد شالح. [3]

صورة التناقض

إن التوراة العبرانية الموجودة عند اليهود تضاد إنجيل لوقا، لأن لوقا في إنجيله قينانين اثنين: الواحد ابن أرفخشد، والآخر ابن آنوش.

وأما التوراة العبرانية فنقول قيان واحد، وهو ابن آنوش، ولم تذكر قينان الآخر الذي هو ابن أرفخشد، بل تذكر أن ابن ارفخشد هو شالح وهذا هو التزوير الظاهر. [4]

الشك الخامس

في التوراة العبرانية الموجودة عند اليهود في الإصحاح الخامس من سفر التكوين ذكر أن: شيث لما كان عمره مائة وخمس سنين ولد انوش، وأما في التوراة اليونانية السبعينية فيقال ضد ذلك: إن شيث كان عمره مائتين وخمس سنين ولد انوش.

صورة التناقض

إن التوراة العبرانية أنقصت مائة سنة من عمر شيث عن التوراة اليونانية السبعينية، وهذه التوراة العبرانية التي هي الأصل والمستعملة عند اليهود مقبولة عند الكنائس الغربية أيضا، كما سبق القول وليش سواها، وأما التوراة السبعينية فهي المقبولة عند طائفة الروم الملكية وليس سواها، ومن جراء ذلك لا نعلم أيما هي التوراة الكاملة أو الناقصة المزورة، وتبع ذلك الفرق وهو نقص السنين وزيادتها من عمر شيث إلى عمر سيدنا نوح، أي نقص أعمار الأشخاص مع نقص عمر قينان الزائد الذي ذكرناه سابقا فرق بين التوراتين، هو ألف وأربعمائة سنة وسبع وخمسون سنة. [5]

وهذا النقص والتزوير فيما بين التوراتين لايلزمه إثبات، لكونه مشهورا عندهم بالتاريخ الذي لأبينا آدم عليه السلام، لأنك إذا سألتهم: كم التاريخ الذي من أبينا آدم إل سيدنا عيسى عليهما السلام؟ فالروم تقول: خمسة آلاف وخمسمائة وثمان سنوات، والكنائس الغربية الإنجيلية تقول: أربعة آلاف وواحد وخمسون سنة، فيكون الفرق كما حررنا أعلاه قبله: ألفا وأربعمائة وسبعة وخمسين سنة لا غير، وهذا تزوير ظاهر. [6]

الشك السادس

في إنجيل لوقا في اللغة اللاتينية في الإصحاح العاشر يذكر أن من بعد ذلك رسم الرب اثنين وسبعين تلميذا، وأما في النسخة اليونانية فيذكرأنه رسم شبعين.

صورة التناقض

إن حواريي سيدنا عيسى غير الاثني عشر في أناجيل الغرب في اللغات الموجودة فيها: أن عددهم اثنان وسبعون تلميذا. وأما في كنائس اليونان فموجود في إنجيلهم بأن عددهم سبعون، وهذا تناقض ظاهر، إذ أن أناسا من النصارى تعتقد بأن النسخة اليونانية هي الصادقة وأن عدد الحواريين سبعون، وأناسا يعتقدون بخلافهم بأن النسخة اللاتينية هي أصدق وأنهم اثنان وسبعون. فلا يخلو صدق الواحدة من بطلان الأخرى، وهذا هو المطلوب لبيان التزوير.

الشك السابع

في إنجيل مرقص في الإصحاح الخامس عشر قال عن موت المسيح على زعمهم: إنه كان نهار الجمعة بعد الساعة التاسعة بقوله: «وفأما يسوع فصرخ بصوت عظيم وأسلم الروح، ولما كانت الجمعة التي قبل السبت».

وأما لوقا في الإصحاح الرابع والعشرين فيذكر عنه قيامته فيقول: «وفي أحد السبوت باكرا جدا أتين إلى القبر فلم يجدن جسد يسوع».

فأما متى في الإصحاح الثاني عشر فيقول عن كلام عيسى إنه قال: «كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، يكون ابن البشر في جوف الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال».

صورة التناقض

إن ههنا حصل التناقض في الزمان بحيث إن معنى كلام مرقص والإنجيليين الآخرين أن عيسى مات نهار الجمعة بعد الساعة التاسعة، ويوافق على ذلك أيضا لوقا معهم عن قيامته وأنها كانت نهار الأحد باكرا جدا، فتكون إقامته في القبر ساعة واحدة من آخر نهار الجمعة، وليل السبت ونهاره، أربعا وعشرين ساعة، وليل الأحد إلا جزءا لحين الغلس، فلنفرضها إحدى عشرة ساعة. فتكون جملة الساعات التي مكث فيها بالقبر ستا وثلاثين ساعة.

ومتى الإنجيلي قال عن عيسى إنه قال إنه يكون في جوف الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال جمعها اثنتان وسبعون ساعة، فهذا هو الفرق الأول الواقع فيما بين ست وثلاثين ساعة وبين اثتين وسبعين ساعة.

والفرق الثاني هو مخالفته في ثلاثة أيام وثلاث ليال، لأن بقاءه في الأرض لو حسبنا الساعة من آخر نهار الجمعة سميناها يوما بلا ليلة، وليلة السبت ونهاره سميناه يوما كاملا، وليل الأحد الناقص سميناه ليلة بغير نهار، فتكون الجملة يوما واحدا كاملا، ونهارا وليلة ناقصين. فمن أين يكمل قوله: ثلاثة أيام وثلاث ليال؟

وإن قيل في حل هذا الشك (الذي هو الشك السابع): إن الظلمة التي ذكرها مرقص الإنجيلي التي كانت نهار الجمعة من الساعة السادسة إلى الساعة التاسعة قد تحسب ليلة ونهارها يسبقها.

فأجيب: إنه في وقت الظلمة لم يكن المسيح مات بعد ولا قبر في بطن الأرض على زعمكم، ومع ذلك أننا إذا حسبنا الظلمة بالتقدير المحال فلا تكفي لتكميل الحساب المطلوب.

وإن قيل أيضا إنه من حين أعطي جسده لتلاميذه مساء الخميس وأكلوه يمسك الحساب على رأي الذهبي مفسر الإنجيل، ويعتبر بالجواب أنه دفن في بطونهم بواسطة الخبز مجازا.

فأجيب: إن هذا الجواب هو أعقم من الذي قبله، لأن الذي دفن في بطونهم بوامعلة الخبز لم يقم في اليوم الثالث كما قال إنه في اليوم الثالث يقوم فعلا، ولا كان تألم فعلا ولا دفن حقيقة على زعمكم، كما قال إنه قبل دفنه يتألم فعلا.

وثانيا: إن رأيكم هذا يجوز لو كان لم يتألم فعلا ولم يدفن حقيقة على زعمكم الباطل في بطن الأرض، وكان يمكن أن يقبل تفسيركم بأنه دفن في بطون التلاميذ مجازا، معبرا عن ذلك بأكل الخبز والخمر، ولكن حيث دفن جسده حقيقة في بطن الأرض، فلا محل للمجاز مطلقا، وهذا تزوير. ويدل على أنه ما مات بل شبه لهم كما أخبرت الآية الشريفة. [7]

الشك الثامن

في إنجيل متى ذكر عن عيسى في الإصحاح العاشر أنه قال: «لا تملكوا فضة ولا ذهبا ولا نحاسا في مناطقكم، ولا هميانا في الطريق، ولا ثوبين ولا أحذية ولا عصا».

وأما مرقص في الإصحاح السادس فيقول ضد ذلك، فقد أمرهم يسوع أن لا يأخذوا شيئا في الطريق غير عصا فقط لا خرجا ولا نحاسا في مناطقكم إلا نعالا». [8]

صورة التناقض

إن متى كتب كل الوصايا التي ذكرناها بالسلب بقوله: «لا تملكوا ذهبأ ولا فضة ولا نحاسا في مناطقكم ولا أحذية ولا عصا»، وأما مرقص فيقول مثلما قال متى بالسلب لكن ليس كل الوصايا، بل إنه استثنى الأحذية والعصا، مضادا لمتى لأنه يقول: غير عصا إلا نعالا، يعني أنهم يأخذون أحذية وعصا وذلك خلافا لمتى كما قلنا. وهذا تناقض ظاهر.

الشك التاسع

في إنجيل يوحنا في الإصحاح الثاني كتب أنه «في ست وأربعين سنة بني هذا الهيكل»، أي هيكل سليمان.

وأما في سفر الملوك في الإصحاح السادس قال ضد ذلك وهو: «فمن هذا كمال البيت في جميع أموره وزينته وبناه في سبع سنين».

صورة النقض بالزمان

في إنجيل يوحنا في الإصحاح الثاني قال: إن عمارة الهيكل كانت في ست وأربعين سنة إلى انتهائها» وفي سفر الملوك ينقض هذا القول بأن كمال البيت كان في سبع سنين، فهذا مع أنه تناقض إلا أن الفرق بين السبعة والست والأربعين كبير.

وإن قيل في حل هذا الشك: إن مقصد يوحنا في ست وأربعين سنة بني هذا الهيكل من حيث إنه بعد عمارته الأولى التي ذكر عنها في سفر الملوك الثالث: إنها تمت في سبع منوات، ثم عاد انهدم وعمر مرة أخرى أيضا. فلربما تكون جملة السنين الأولى والثانية في كلام يوحنا ستا وأربعين سنة.

فأجيب: كلا، لأنه في سفر عزرا كتب أن ابتداء تعميره الثاني، الذي حصل بعد الانهدام كان في السنة الثانية من ملك داريوس، ولما انتهى زمان العمارة كان في الستة السادمة من ملكه، فتكون العمارة الثانية تمت في أربع سنوات. فإذا أضفنا هذه الأربع سنوات إلى السبع التي عمر بها سليمان البيت، فتكون إحدى عشرة سنة، فلا تكمل الست وأربعين سنة المذكورة في يوحنا.

وإذا قيل: إن قبل داريوس ابتدأ اليهود في وضع الأساس، وذلك في زمان قورش ومُنعوا كما ذكر عزرا، وبعده في زمان داريوس أكملوه، فلربما تكون هذه المدة لما قاله يوحنا.

فأجيب: إنه إذا حسبنا من حين وضع الأساس بأمر قورش إلى حين بدء تعميره ثانية في السنة الثانية من ملك داريوس لا تجمع جملة المطلوب، لأن جملة هذه المدة تجمع أربع عشرة سنة كما ذكر في سفر عزرا، ومدة تعميره الثاني أربع سنين التي أولها كان السنة الثانية من ملك داريوس، وانتهى في السنة السادسة من ملكه كما ذكرنا. فإذا أضفنا السبع سنين الأخرى التي عمّره فيها سليمان، فيكون الفرق الباقي المظهر للتناقض والتزوير إحدى وعشرين سنة.

وهذا المعدل فيه الكفاية عد أرباب علم الحساب وذوي العقول السليمة أن يدركوا أنه تناقض بالحقيقة، إذ إنه في سبع سنين تمت عمارته الأولى، وأربع سنوات أخرى التي تم بها عمارته الثانية، وأربع عشرة سنة فاصل فيما بين وضع الأساس وبين البناء، وإن فرضنا هذه الأربع عشرة سنة تقدير محال، فتكون الجملة خمسا وعشرين سنة، فلنخرجها من أصل الست والأربعين التي ذكرها يوحنا، فيكون الفرق إحدى وعشرين سنة. ومنها يظهر ظاهرا التناقض والتزوير.

الشك العاشر

في سفر تثنية الاشتراع في الإصحاح الرابع والعشرين قالوا: «لا تُقتل الآباء عوض البنين ولا البنون عوض الآباء». وأما في سفر الخروج في الإصحاح العشرين فقال ضد ذلك وهو قوله: «اجتزي ذنوب الآباء من الأبناء إلى ثلاثة وأربعة أجيال».

صورة التناقض

هذا الاشكال مع كونه تناقض ظاهر، إلا أنه ظلم محض، إذ إنه في موضع قال: إنه يقتص من الشخص البرئ عن غيره، وهو الظلم الذي ذكرناه، وفي موضع آخر يناقض كلامه السابق: بأن لا يقتص من البنين عوض آبائهم.

ومثله يوجد تناقض آخر في إرميا في الإصحاح الحادي والثلاثين: «ولكن كل واحد يموت بإثمه»، ويقول هو نفسه في الإصحاح الثاني والثلاثين: «وتروا إثم الآباء على حضن أبنائهم».

فأولا: إن هذين النصين عدا أنهما متنافران، إلا أن أحدهما، أعني قصاص شخص غير مذنب عن شخص آخر مذنب، مباين للعدل مباينة كلية.

وثانيا: يؤكد إجراء هذه الشريعة الظالمة بوجه أبلغ بولص بقوله إلى أهل رومية: «وكما أن بذنب إنسان واحد صار إلى جميع الناس الشجب»، يعني أن البشر كلهم بقوا تحت الخطيئة التي لآدم، [9] فكيف يقبل العقل البشري مثل هذا الظلم القسري، ويسلم بمثل هذا التناقض؟ إذا إن هذا الشك مع أنه ظلم محض فهو تناقض.

الشك الحادي عشر

في سفر الأيام الثاني في الإصحاح الحادي والعشرين ذكر أن يورام لما كان عمره اثنتين وثلاثين سنة نصبوه ملكا وقد تملك ثمان سنين ومات، وأقيم بعده ابنه أخزياهو عوضه، وكان عمره اثنتين وأربعين سنة وملك سنة واحدة.

صورة التناقض

إن ههنا أخبرت التوراة أن يورام لما كان عمره أربعين سنة مات، وملك ابنه أخزياهو عوضه وكان عمره اثتين وأربعين سنة، فكأن أخزياهو قد خلق قبل أبيه بسنتين، وما أدري كيف أن الابن يخلق قبل الأب بسنتين، وهذا لا يتكلم به عاقل.

وإن قيل في حله: بأن في سفر الملوك الرابع مذكورة هذه القصة وفيها أنه لما مات يورام كان ابن أربعين سنة، فجعلوا ابنه أخزياهو عوضه، وكان عمره اثتين وعشرين سنة، وهذا هو الحق.

فأجيب: نعم، ولكن هذا الجواب لا ينفي التحريف بل يؤكده، بحيث قد بقي الفرق فيما بين سفر الآيام الثاني وبين سفر الملوك الرابع. وهذا هو المطلوب لبيان التحريف، لأن في التوراة اليونانية أيضا مذكورا في السفرين، بأن أخزياهو كان ابن اثنتين وعشرين سنة لما ملك.

الشك الثاني عشر

في الإصحاح العشرين في سفر الخروج قال «وإن عملت لي مذبحا من حجارة فلا تبنه لي من حجارة يصيبها الحديد، لأن ما أصابه الحديد يتنجس».

صورة الركاكة

إن هذا القول نسبوه لله تعال، وحاشاه من أن يتكلم بمثل هذا الكلام الذي لا يقبله العقل، لأن من يقول: إن المذبح اذي يعمل لا يكون من حجارة معمولة بالحديد، لأن ماأصابه الحديد يتنجس، أما ينظر إلى الذبائح على المذبح ذاته كيف يذبح بالحديد، وأعمال البشر جميعها من القبة والألواح المنحوتة وبناء الهيكل وعمل الأواني، أما يفطن إليها كلها مصنوعة من البشر بواسطة الحديد! وما ورد لها تطهير في الشريعة، فلا يخلو إما أن يكون البشر وأعمالهم، والقبة وأوانيها، والهيكل والذبائح، كلها تنجست بواسطة الحديد، أو أن الآية فيها تزوير على الله. [10]

الشك الثالث عشر

في إنجيل متى في الإصحاح التاسع يقال للأعميين اللذين شفاهما المسيح، «فانفتحت أعنينهما فانتهرهما يسوع قائلا: لا يعلم أحد».

الشك الرابع عشر

في إنجيل مرقس في الإصحاح الثامن قال للأعمى الذي شفاه وأرسله إلى بيته قائلا: «اذهب إل بيتك، وإن دخلت القرية فلا تقل لأحد».

الشك الخامس عشر

في مرقص في الإصحاح الخامس قال: «إن المسيح لما أقام الميتة أمرهم كثيرا بأن لايعلم أحد».

الشك السادس عشر

في إنجيل مرقس في الإصحاح السابع يقول عن شفاء الأخرس والأطرش «وللوقت انفتحت أذناه وانحل رباط لسانه وتكلم حسنا، وأوصاهم ألا يقولوا لأحد شيئا، فأما هم بقدر ما كان يأمرهم بقدر ما كانوا يزدادون مكررين».

صورة التحريف

إن المقول في هذا الشك والمقول في الثلاثة شكوك السابقة بمعنى واحد، إذ أنها محتوية على الركاكة، لأنه كيف يمكن للأعميين أن يخفيا أعينهما لكي لا يعلم أحد؟ وكيف الميتة التي أقامها بين أنفار كثيرين أن ينكتم أمرها؟ أو الأخرس والأطرش الذي صار له سنوات قد نظروه صار يسمع ويتكلم، وذاك الأعمى الوحيد كيف يجوز العقل أن يخفى أمرهم؟ فالموصي في إخفاء مثل ذلك هو غير مدرك أن وصيته ممتنع أن تأخذ مفعولها، وهذه الركاكة الكلية حاشا سيدنا عيسى منها، ومن أن يتكلم في مثل هذه الوصايا، التي لايمكن أن تجري. [11]

الشك السابع عشر

في إنجيل لوقا في الإصحاح الثاني عشر قال بعد قوله: «لا تهتموا بأنفسكم بما تأكلون ولا لأجسادكم بما تلبسون، بأن من منكم إذا هم يقدر أن يزيد على قامته ذراعا واحدا، فإن كنتم لا تستطيعون ولا ما هو صغير فكيف تهتمون بالبواقي».

صورة الركاكة

إن معناه ههنا: لا تهتم بالغد ماذا تأكل أو ماذا تلبس، وضرب مثلا بأنه إن كنتم لا تقدرون أن تزيدوا على قامتكم ذراعا واحدا فكيف تهتمون بالبواقي. فكأنه يقول: إن الحصول على مؤونة الغد شاق وصعب، أما التطويل للقامة فهو ممكن الحصول.

والحال أن الأمر بالعكس، لأن الاهتمام بالغد يقع مع الأكثر ويفعلونه، وأما التطويل للقامة ما وجد على الإطلاق، ولا قدر على فعله إنسان.

فكيف عيسى عليه السلام يصعب المكن صنعه، ويجعل الهين المصنوع ممتنعا [12] والمستحيل الغير ممكن صنعه يجعله هينا، فهذا الأمر لا يتصوره عاقل.

والذي يؤكد تزوير هذا المثال شرح صورته الصحيحة في إنجيل متى الإصحاح الممادس، حيث ذكره بدون الجملة المزورة التي هي «فإن كنتم لا تقدرون ولا ما هو صغير كيف تهتمون بالبواقي».

الشك الثامن عشر

في الإصحاح الثامن من إنجيل يوحنا يقول عيسى لليهود «قد كتب في ناموسكم أن شهادة رجلين حق هي، فأنا أشهد نفسي وأبي الذي أرسلني يشهد لي».

صورة الركاكة

فأقول حاشا سيدنا عيسى أن يذكر مثل هذا الكلام السخيف، لأنه هو المدعي وهو الشاهد لنفسه، كأنه غير عارف معنى الشريعة التي ذكرها أن المدعي يقتضي أن يستشهد اثنين خلاف شخصه، فالمسيح كيف يقول عن ذاته: إنه هو يشهد لنفسه، وأبوه هو الشاهد الثاني، الكلام الذي هو مضاد للعقل، ومضاد أيضا لنقله، الذي هو استند عليه بقوله «كتب في ناموسكم أن شهادة رجلين حق»، مع أنه كان يكفي عن قوله «كتب في ناموسكم أن شهادة رجلين حق» أن يقول أبي يشهد لي فقط، فالمؤمن يصدق وغير المؤمن لا يصدق، ففي الوجهين أولى من ورود هذه الدعوى التي يظهر أنها مزورة عليه وهو بريء منها، لكونه له معرفة تامة بالشريعة.

الشك التاسع عشر

في الإصحاح السابع والعشرين من إنجيل متى قال: «حينذ تم ما قيل في إرميا النبي وأخذوا الثلاثين الفضة ثمن المثمن الذي أثمنه بنو إسرائيل وجعلوها في حقل الفخار كما أمرني الرب».

صورة التزوير

هذه الشهادة التي ذكرها، وأنها من نبوة إرميا ليس لها وجود في نبوة إرميا، بل هي موجودة في نبوة زكريا في الإصحاح الحادي عشر.

فالحاكم العاقل له أن يحكم في أحد ثلاثة وجوه:

إما بعدم معرفة متى الإنجيلي وأنه ما أدرك إن كان إرميا كتبها أو زكريا، أو بتحريف هذه الشهادة في إنجيله، وإما أن قلما آخر غيّر موضعها في التوراة.

الشك العشرون

في إنجيل يوحنا في الإصحاح التاسع يقول: «بينما يسوع كان مجتازا رأى رجلا أعمى مولودا فسأله تلاميذه قائلين: من أخطأ أهذا أم أبواه حتى أنه ولد أعمى؟ أجاب يسوع وقال: لا هذا أخطأ ولا أبواه، ولكن لتظهر أعمال الله فيه».

صورة التحريف

إن هذا الرجل الذي ولد وهو أعمى: متى أخطأ حتى أنهم سألوا سيدنا عيسى: من أخطأ أهذا أم أبواه حتى أنه ولد أعمى؟ فلابد أن يظهر من سؤالهم هذا أنه كان في الايا قبل هذه المرة ومات، وقد بقي عليه خطايا كما تزعم اليهود إلى الآن، ولما رجع إلى الدنيا ثانية، أعني في زمان عيسى، اقتص منه بالعمى في جوف أمه عن خطئه السابق قبل موته الأول.

وهذا المعنى الوارد منهم، أعني أن الانسان يوجد في العالم ويموت ثم بعده يرجع ويعيش، لا يخلو إما أن يكون عيسى قد سلم به واستصوبه، بحيث أنه لم ينقضه عليهم ويقول لهم: أيا جهال متى أخطأ هذا؟ أقبل ولادته؟ وإما أنه ما فهم منهم قوة معنى كلامهم ولا أدرك قوة مصادقة كلامه الذي أورده لجواب كلامهم أي قوله: لا هذا المخطئ ولا أبواه. وعلى الحالتين الركاكة والقصور في الاعتقاد موجودان.

الشك الحادي والعشرون

في سفر التكوين في الإصحاح التاسع يقول: فلما نظر حام أبو كنعان عرية أبيه أنها منكشفة أخبر إخوته خارجا، فلما استيقظ نوح من الخمر وعلم ماعمل به ابنه الأصغر فقال: ملعون كنعان بن حام ويكون عبدا لعبيد إخوته.

صورة ظلم كنعان

إن حاما أبا كنعان هو الذي نظر عرية أبيه نوحا، وأما اللعنة من نوح فكانت على كنعان بن حام، عوضا عن أن تكون على حام الذي نظر عرية أبيه، وهذا الوجه ظلم لا مناص منه مطلقا بحيث إنه حسب تقرير التوراة أن حام هو الذي أخطأ واللعنة صارت على ابنه كنعان. [13]

الشك الثاني والعشرون

في إنجيل متى في الإصحاح السادس عشر العدد الحادي والعشرين قال: «وبدأ من ذلك الزمان يسوع يظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يمضي إلى أورشليم ويقبل آلاما كثيرة من المشيخة والكتبة ورؤساء الكهنة ويقتل ثم يقوم في اليوم الثالث، فاتخذه بطرس وبدأ ينهاه قائلا: حاشاك يا رب أن يكون لك هذا، فالتفت يسوع وقال لبطرس: اذهب خلفي يا شيطان لأنك أنت لي شك لأنك لا تفكر فيما لله بل فيما للناس».

صورة ظلم بطرس

فأقول: إنه إذا كان سيدنا عيسى يعلم بأن من قال لأخيه يا أحمق وجبت عليه نار جهنم، فكيف يجعل من يستعطفه شيطانا، الذي قال له: «حاشاك يا رب» - وبالحق حاشاه - كان الجواب له: اذهب خلفي يا شيطان. ففي تلك المشاكل السابقة كنا ننظر قصاصا بليغا على خطايا جزئية، وقلنا إنها ظلم بلا شك، فهذا الذم الوارد على من يستعطف المسيح، مع أنه لا يليق إذلاله، والحط من شأنه، وتوجيه اللوم إليه، مع أنه خال من كل وجه من وجوه الخطأ، ويقال له من نبي مثل هذا: «ياشيطان»، فماذا يحكم العقل فيه؟ أليس تزويرا كما الحكاية كلها؟

والدليل على أنه تزوير هو من الجملة التي كتبها لوقا في الإصحاح التاسع في هذا المعنى فقط، الخالية من قوله: اذهب خلفي يا شيطان. [14]

وإن قيل إن أفكار بطرس كانت منصرفة إلى روح العالم، وليست هي متعلقة بالله، لأن يسوع عليه السلام قال له إنك يا بطرس لا تفكر فيما لله بل فيما للناس.

فأجيب: إن هذه الجملة اللاحقة التي هي قوله «لا تفكر فيما لله» يظهر أنها محرفة أيضا، لأن كلام بطرس السابق يدل لي على أن أفكاره متعلقة بالله سبحانه وتعالى، وتراه فكر تفكيرا صائبا، وهو أن الله لا يليق بأحكامه أن يترك رجلا حاويا مثل هذه المناقب الحميدة والأفعال الصالحة يأخذه اليهود ويهينونه ويقتلونه ظلما وجورا.

فهذا الفكر الذي هو: أن الله ليس بظالم، هو الظاهر معناه من مضمون كلام بطرس، وليس فكرا متعلقا فيما للناس، كما ظنه بعض المفسرين من النصارى، بل هو فكر متعلق فيما لله سبحانه وتعالى.

الشك الثالث والعشرون

في إنجيل مرقص في الإصحاح الحادي عشر يقول: «ونظر يسوع إلى تينة من بعيد ذات ورق فجاء إليها لعله يجد فيها شيئا، فلما جاء إليها لم يجد إلا ورقا فقط لأنه لم يكن زمان التين، فقال: لا يأكل أحد منك ثمرا إلى الأبد. ولما جازوا في الغد فرأوا التية يابسة من أصلها، فتقدم بطرس وقال: يا معلم ها التينة التي لعنت قد يبست».

صورة ظلم التينة

فأقول: إن مرقص ههنا شهد أنه لم يكن زمان التين، فكيف يغضب عليها سيدنا عيسى عليه السلام إذا كان لا يوجد فيها ثمر في غير زمان التين والثمار؟ لأن جميع النبات لا يثمر في غير حينه، فإذا يظهر أن هذا الفعل هو مباين للعدل، فكيف ينسب فعله إلى المسيح، وحاشاه من أن يفعل مثل هذا الفعل في هذا الوجه، وهذا النص الوارد من مرقص كان واقعة حقيقية. أعني: أنها شجرة تين صريحة لا تقبل التأويل، لأن بطرس يؤكد حقيقة هذا الكلام بقوله: «يا معلم ها التينة التي لعنت قد يبست».

فهذا المشكل يجب أن يحكم فيه العقلا، الخالون من الغرض، ويميزوا إن كان المسيح تكلم بمثل ذلك، أو أن ذلك تزوير عليه كباقي التزاوير.

الشك الرابع والعشرون

في إنجيل متى في الإصحاح الثامن عشر يقول للذي كان مديونا إلى سيده فأمر سيده أن يباع هو وامرأته وبنوه وكل ماله حتى يوفي، وذلك إذ ليس له مايوفي.

صورة ظلم المديون

إن هذا ظلم مبين: أن مديونا ليس عنده شئ يوفي يحكم عليه بأن يباع هو وامرأته وبنوه وكل ماله حتى يوفي الدين.

أقول: إن كان هذا الأمر جرى وصدر لأنه عبده فيكون أمره بأن يباع العبد هو وامرأته وبنوه وكل ماله، فليس هو من وجوه الاستيفاء لكون العبد وما ملكت يداه لسيده، إذ إنه إن باعه وإن لم يبعه فهو تحت ملكه وحوزة تصرفه، ولا ينبغي له أن يقول حتى يوفي. وإن كان هذا العبد في الوقت الذي أمر به أن يباع هو وامرأته وبنوه كان مطلقا من العبودية وحرا فالقصاص عليه بأن يباع هو وامرأته وبنوه وكل ماله هو مضاد لشرائع الله تعالى ومناف لعدل بل هو مناف لشريعته الفضلية. [15]

الشك الخامس والعشرون

في رسالة بولس إلى كولوسي في الإصحاح الرابع يقول: «واقرأوا أتم الرسالة التي من لاودكية» وفي سفر الملوك الثالث يقول: إن عدد الأمثال التي إلى سليمان ثلاثة آلاف مثل، وتسابيحه ألف وخمسة تسابيح ونبوة أخنوخ

صورة النقض

أقول: إنك أيها العالم النحرير تجد تأكيد التزوير في التوراة والإنجيل ليس مما شرحهاه لك في الشكوك الماضية فقط، بل إنك هنا تتأكد من نقص وانعدام رسالة لاودكية، ونقص أمثال سليمان، وتسابيه التي لم يبق منها ولا ثلثها، ونقص نبوة أخنوخ التي ذكر جملة منها يهوذا الحواري في رسالته الجامعة. وهذا وحده يكفي للبيان.

ويوجد نقص آخر كثير قد أعرضنا عنه، كما يخبرنا بذلك يوسيفوس المؤرخ في كتابه، وفي كتاب لافجانيوس المبتدي فيه من المائة سنة الأولى، المسلم عند النصارى، التي ذكر بها: أن الأناجيل التي كانت موجودة في ابتداء الديانة النصرانية كان عددها من نحو ثلائين إنجيلا، التي تعدد أسماء كاتبيها. وقد أشار إليهم لوقا إجمالا في أول إنجيله: بأن كثيرين باشروا كتابة قصص الأمور التي كانت كملت فينا، التي وصل إلينا منها إلى حد زماننا هذا أربع مقالات من متى ومرقس ولوقا ويوحنا وتسمى أناجيلا فقط.

وهذا النقص يدلنا على نقص شهادات أخر كثيرة في التوراة والإنجيل ذكر فيها اسم نبينا ﷺ حرفيا غير التي أوردناها لصدق القرآن العظيم القائل و(اسمه أحمد) وأنه مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل.

الشك السادس والعشرون

في نبوة حزقيال في الإصحاح الرابع يقول: إن الله تعالى شأنه قال لحزقيال «وخبز ملة من شعير تأكله وتلطخه بزبل يخرج من الإنسان» ولما اعتذر حزقيال وامتنع من أكل الخبز الملوث بزبل الإنسان كما يخبر عنه في الفصل ذاته فبدله بخبز ملوث بزبل البقر، بقوله في العدد الخامس عشر فقال له: «أعطيتك زبل البقر عوضا عن رجيع الإنسان وتصنح خبزك فيه».

صورة أكل زبل الإنسان

إن هذه النبوءة قد صيرت عقلي مذهولا، كيف أن الله تعالى وحاشاه يأمر النبي بأكل خبز ملطخ بزبل الإنسان، ولا أقدر أن أتصور كيف أن الغائط يؤكل، وكيف أن الله سبحانه وتعالى ما أهلك الناسبين له هذا الأمر وأنه من أمره، وحاشاه.

الشك السابع والعشرون

في سفر الخروج في الإصحاح الثاني عشر قال: «فكان جميع ماسكنه بنو إسرائيل في أرض مصر أربعمائة وثلاثون سنة، وبعد أن كملت الأربعمائة وثلاثون سنة في ذلك اليوم خرج جنود الرب جميعهم من أرض مصر».

وفي الإصحاح الخامس عشر من سفر التكوين قال خلاف ذلك، حيث قال لإبراهيم: « اعلم عالما أن نسلك سيكون ساكنا في أرض غريبة ويستعبدونهم ويضيقون عليهم أربعمائة سنة ومن بعدها يخرجون بمال جزيل».

صورة التناقض

فأقول: في سفر التكوين قال أربعمائة سنة، وفي سفر الخروج قال أربعمائة وثلاثون سنة، وأيضا فإن بني إسرائيل لم يبقوا في مصر حتى ولا أربعمائة سنة التي ذكر الله سبحانه وتعالى لسيدنا إبراهيم، لأن قاهت جد سيدنا موسى كان قد نزل إلى مصر مع أبيه لاوي، فقاهت هذا إذا كان تزوج على التقدير ابن خمسة وستين سنة، وولد عمران أبا موسى، وعمران لما تزوج فلنفرض عمره خمسة وستين سنة أخر، وولد سيدنا موسى، وهذا موسى عليه السلام لما خرج بنو إسرائيل من مصر كان عمره ثمانين سنة، فتكون جملة السنين المجموعة مائتين وعشرة سنين.

وهذا التقدير يطابق حساب دفاتر اليهود الموجودة عندهم في التلمود. فأين غلاقة الأربعمائة وثلايين سنة المكتوبة في سفر الخروج، لأن الفرق ههنا مائتا سنة وعشرون سنة. [16]

ونتيجة الأمر أن الشك يجمع ثلاثة تحريفات:

أولا - الفرق بين الأربعمائة وبين الأربعمائة وثلاثين.

ثانيا - أن التوراة العبرانية تذكر أن إقامة بني إسرائيل كانت في أرض مصر، واليونانية تقول في أرض مصر وأرض كنعان.

ثالثأ - أن الزمانين على حساب دفاتر اليهود غير صحيحين، لأن بني إسرائيل لم يقيموا في مصر غير مائتين وعشرة سنين مأمورين تحت العبردية والضيق، وهذا كفاية لإثبات التحريف.

وأيضا نقول: إنه لو قدرنا المحال وحسبنا حسابك آخر، وهو أن قاهت عند انقضاء حياته التي هي مائة وثلاثين سنة ولد عمران، وعمران عند انقضاء حياته أيضا الني هي مائة وسبعة وثلاثين سنة ولد موسى، [17] وموسى حينما خرج من أرض مصر كان عمره ثمانين سنة كما قالت التوراة، فإذا على جميع الوجوه المشروحة التغيير واقع وموجود، عدا ضعف قولهم المستند على التوراة اليونانية: إن أرض كنعان الشريفة والموهوبة لإبراهيم عليه السلام ولنسله هي أرض أسر وعبودية.

والنهاية إذا كانت أرض كنعان الني هي أرض موعدهم هي أرض أسر وعبودية، والله سبحانه وعدهم بأن يخرجهم من أرض الأسر والعبودية بمال جزيل فإلى أين خرج بنو إسرائيل من أرض كنعان؟ وأين سكنوا خلافها؟

الشك الثامن والعشرون

في الإصحاح الثاني عشر من سفر الخروج قال «وارتحل بنو إسرائيل من أرض رعمسيس إلى سكوت نحو ستمائة ألف مقاتل غير الأطفال، ولفيف عظيم أيضا بغير عدد»، ثم في سفر العدد في الإصحاح الثاني قال «فهذا عدد بنو إسرائيل بيوت آبائهم وأفواجهم المتفرقين في العسكر ستمائة ألف وخمسمائة وخمسون رجلا عدا سبط بني لاوي هؤلاء كانوا رجالا مقاتلين»، ونراهم في مجموع أسباطهم بالعدد ذاته.

صورة التحريف

يلزم أن نعمل معدلا لهذه الكثرة والألوف من أين وجدت وولدت؟ لأنه أولا: أن هؤلاء الست كرات من الرجال يقتضي أن ينضاف إليهم أربع كرات أخر من أولاد دون البلوغ وكهول، فتصير الجملة عشرة كرات من الذكور، ونضيف لهم سبط لاوي، وبالفرض نحسبه كرة أخرى، بحيث هو واحد من الاثني عشر سبطا، فتكون جملة عدد بني إسرائيل الذين خرجوا من مصر إحدى عشرة كرة من الذكور، أعني: أحد عشر مائة ألف من الذكور، ثم ولنضيف لهم قدرهم، أي إحدى عشرة مائة ألف أنثى حسب القاعدة الطبيعية، فتصير جملتهم اثنتين وعشرين مائة الف نفس (2200000)، أي اثنتين وعشرين كرة.

فإذا كان حسب أخبار التوراة نفسها المذكور في سفر التكوين: أن يعقوب أبا الأسباط، الذي هو ابن البركة عندما نزل إلى مصر هو وبنيه وبني بنيه، ثلاثة أجيال جمعت عيلته من الثلاثة أجيال، أي المتوالدين من بنيه وبني بنيه فكان عددهم سبعين نفرا، وفي مكوثهم في مصر توالد هؤلاء السبعون نفسا أولاد سيدنا يعقوب خلال ثلاثة أجيال أخر مثل أبيهم وجدهم يعقوب، وفي الجيل الثالث خرجوا من مصر. وهذا شيء ظاهر أمره ومصرح به في الإصحاح السادس والأربعين من سفر التكوين، وفي الإصحاح السادس من سفر الخروج.

أما الثلاثة أجيال المذكورة في سفر التكوين فهم: يعقوب ولاوي وقاهت، وأما الثلاثة أجيال المذكورين في سفر الخروج فهم: قاهت المذكور في سفر التكوين» وعمران أبو موسى، وموسى هذا الذي خرج ببي إسرائيل من أرض مصر، فإذا كان يعقوب الذي كانت البركة له، كان عدد أهله وبني بنيه على ثلاثة أجيال سبعين نفسا، فيقتضي على هذا المنوال أن هؤلاء السبعين نفسا على ثلاثة أجيال أخرى الذين هم: قاهت وعمران وموسى أن يولدوا سبعين سبعينا، وإذا انضرب في الحساب سبعين في سبعين كان أربعة آلاف وتسعمائة نفس. فمن أين توجد اثنتان وعشرون كرة الذين ذكرناهم بناء على كلام التوراة. [18]

وإن قيل في حل هذا المشكل: إنه موجود في تلمود اليهود تفسيرا أن بني إسرائيل بحيث هم مباركون، فكانوا يتوالدون كل خمسة أولاد في بطن واحد مشكوكين مثل حب المسبحة، بخلاف الطبيعة:

فأجيب: إن كان بنو إسرائيل يتوالدون بخلاف الطبيعة، فلماذا لم تذكر التوراة عنهم ذلك ولم تقل إن بني إسرائيل لما كانوا بمصر وقبل نزولهم إلى مصر كانت المرأة منهم تلد في بطن واحد خمسة أولاد؟ ولماذا يعقوب الجد ذكرت عنه أنه في ثلاثة أديال خلف سبعين نفسا؟ وذكرت أيضا مواليد يوسف وأنه أولد منسى، وبعده أفرام، وعن قاهت ابن لاوي أنه أولد عمران ويصهر وحبرون وعوزيل، وأن عمران أولد مريم بعدها وهارون، وبعد ثلاث سنوات أولد موسى، وموسى أولد جرشون واليعازر، وأمثال ذلك كثير ممن قد ذكرتهم التوراة، وكلهم توالدوا على مألوف العادة الطبيعية، ولم تذكر عن واحد منهم أنه أولد ثلاثة أولاد أو أربعة في بطن واحد، عدا يهوذا ابن يعقوب الزاني بكنته، فمنها أولد توأما ذكورا وهما فارص الذي من سلملته ولد عيسى على زعمهم، والولد الثاني هو زارخ.

لاحظ هذه المعاني في سفر الخروج وفي سفر العدد وفي سفر الأيام الأول.

ثم نعود إذا إلى ما ذكرناه: أنه ينبغي أن السبعين الذين توالدوا من يعقوب في ثلاثة أجيال أن يولد لكل واحد من السبعين سبعين نفسا على ثلاثة أجيال أخر، وإذا ضربت كما قررنا السبعين في سبعين تكون أربعة آلاف وتسعمائة، فمن أين يكون تكميل الاثنتين وعشرين كرة؟ [19]

وأيضا أقول: إن الواحد الذي هو يعقوب إذا كان خلف سبعين نفسا في ثلاثة أجيال، والسبعين خلفوا في تكميل الخمسة أجيال أربعة آلاف وتسعمائة، فهذا أيضا من أعجب العجائب، لأنك إذا ضربت معدل رجل واحد من باقى طو!ئف العالم صالحا كان أم طالحا، من قديم الزمان إلى الآن، وحسبت ذريته إلى خمسة أجيال، لا تجد الباقي من سلسلته إلا أقل من مائة نفر، وذلك على وجه المبالغة، فإذا كان يعقوب عليه السلام خالف هذا الحد المذكور وأولد من الخمسة أجيال، الذين هم يعقوب نفسه ولاوي وقاهت وعمران وموسى، عوض المائة نفر تسعة وأربعين ومائة نفس، أما يكفي أن تكون هذه الكثرة الغير مألوفة أن تعد من أعجب العجائب!

ثم أيضا نقول: إن المقول في سفر الخروج في الإصحاح الأول عن فرعون أنه قال عن بني إسرائيل: إنهم قد صاروا أكثر منا، فهذا القول على موجب ما شرحاه يقتضي أن يكون مبنيا على ثلاثة أوجه: إما أن يكون تزويرا وتكميلا لهذه التزاوير، أو أنه قيل على طريق المبالغة كمثل القول: إن أجعل نسلك كرمل البحر، أو أن فرعون كان كملك من ملوك الأرض الموجودين في تلك الأيام الذين ذكرتهم التوراة في الإصحاح الرابع عشر من سفر التكوين، الذين منهم خمسة ملوك كان غلبهم سيدنا إبراهيم، واستخلص لوطا ابن أخيه، وذلك بواسطة ثلثمائة وثمانية عشر نفرا أو اكبر.

وهذا الرأي الأخير ربما هو الأرجح، عدا أن لفظة أكبر منا هي في اللغة العبرانية أعظم منا. [20]

الشك التاسع والعشرون

في سفر الأيام الأول في الإصحاح السادس يذكر أن: مربوث أولد أمريا، وأمريا أولد أخيطوب، وأخيطوب أولد صادرق، وصادوق أولد أخيماعص، وأخيماعص أولد عزريا، وعزريا أولد يوحانان، ويوحانان أولد عزريا، وأما في الإصحاح السابع يقول عزرا في سفره إن ابن مريوث هو عزريا. [21]

صورة النقض

إن من ههنا يعلم أن عدد الأنفار الموجودين في سفر الأيام الأول أزيد من الموجودين في سفر عزرا بستة أنفار، كما تراهم أمامك في الجدول، وهم: أمريا وأخيطوب وصادرق وأخيماعص وعزريا ويوحانان، فبواسطة نقص هؤلاء الستة أنفار يثبت التزوير بالتوراة. [22]

الشك الثلاثون

إن النصارى المبتدعين الذين ابتدعوا الألوهية لعيسى عليه السلام التي ليس لها ذكر في كتابهم كما قررنا ذلك في أول الكتاب، قد ابتدعوا أشياء أخرى في ديانتهم، من جملتها أنهم زعموا أن الله - تعالى شأنه وتنزه عما يقولون - ثلاثة أقانيم، أعني ثلاثة أشخاص، وهذا الاعتقاد ما وجد بهذا اللفظ حرفيا لا في التوراة، ولا في الأنبياء، ولا في إنجيلهم، [23] حتى ولا خطر لأحد على بال، وبحيث أن لفظة أقنوم قد حدها العلماء والمنطقيون: هو الشئ القائم بذاته من جوهر وعرض وله ست جهات، فلكي يتخلصوا من هذه الحدود التي تفيد الحصر ابتدعوا للفظة أقنوم حدا آخر جديدا، وهو الشئ القائم من جوهر وخاصة جوهرية، ولكنهم لم يتخلصوا من هذا التشويش بهذا الحد الذي ذكروه للأقنوم، فلنسألهم عن أقنوم الابن القائم من جوهر وله خاصة جوهرية: هل هو موجود في كل مكان كما أن أقنومي الأب والروح موجودان في كل مكان من حيث أنهما إله واحد؟

فإن كان أقنوم الابن موجودا في كل مكان مع أقنومي الأب والروح لزم أنه مع وجود أقنوم الابن في ناسوت عيسى أن يوجد أيضا أقنومي الأب والروح معه، وتكون الثلاثة أقانيم: الأب والابن والروح، تجسدوا في جسد عيسى وليس أقنوم الابن وحده تجسد في جسد عيسى، وإذا اعتقدوا بهذا فيكونوا اعتقدوا ضد ديانتهم وضد الله تعالى أيضا.

وإن قالوا: إن أقنوم الابن وحده تجسد، فيكونوا قد خالفوا معتقدهم الذي اعتقدوه، وهو أن الله تعالى موجود في كل مكان بأقانيمه، ويفهم أنهم أنكروا أن الأقانيم موجودة في كل مكان، ويكون أقنوم الابن الذي تجسد في جسد عيسى هو وحده موجود في جسد عيسى، وجسد عيسى خال من أقنومي الأب والروح. وينتج من ذلك انقسام الأقانيم وانفصالهم وحصرهم.

وهذا الرأي أيضا يضاد معتقدهم وهو ضد الله تعالى شأنه، مع أن الكلام الذي ألفوه في حدود بدعتهم هذه يفيد بأن: الأب والابن والروح ثالوث متساوي الجوهر غير منقسم ولا منفصل. وقد يلزم من هذا الحد أيضا أن التجسد هو للأقانيم الثلاثة معا،لأنهم على زعمهم غير منقسمين ولا منفصلين بل هم معا في كل حالاتهم، في أفعالهم وحلولهم ووجودهم في كل مكان، الثلاثة متساوون في ذلك على زعمهم.

والنتيجة من هذا جميعه: إن قالوا: بأن الأقانيم هي متحدة مع بعضها وغير منفصلة يلزمهم أن يعتقدوا تجسد الأقانيم الثلاثة معا لأنهم غير منقسمين ولا منفصلين، وإن قالوا: إن الأقانيم منفصلة عن بعضها ومنقسمة فيلزمهم أن يعتقدوا بالخلو أي أن الأقانيم ليست موجودة في كل مكان معا.

وعلى الحالتين: إن هذه القصية ممتنعة في جميع الحالات، لا بل معدومة لا يمكن وجودها.

هامش

  1. حاشية: جدول الفرق
    الإنجيل (متى) التوراة (الأيام 1)
    يورام يورام
      أخزياهو
      يواش
      امصيا
    عوزيا عوزبا
  2. حاشية: جدول
    الإنجيل (متى) التوراة (الأيام 1)
    يوشيا يوشيا
    ... ياهوياقيم
    يوخانيا يوخانيا
    شألتئيل شألتئيل + فدايا
    زروبابل زروبابل
    أبيهود ......
  3. حاشية: جدول
    الإنجيل (لوقا) التوراة (التكوين)
    انوش انوش
    قينان قينان
    أرفكشاد أرفكشاد
    قينان شالح
  4. حاشية: وإن قيل في التوراة السبعينية اليونانية موجود في بعض نسخها قينانين اثنين كما ذكر لوقا . فأجيب : إن التزوير في حل المشكل قد تحول وصار فيما بين التوراة السبعينية اليونانية التي هي الفرع، وبين التوراة العبرانية التي هي الأصل، لأن الاثنتين، أعني العبرانية واليونانية، ها مسلمتان عند فرق من النصارى، إذ إن الكنائس الغربية تعتبر التوراة العبرانية مثل اعتبار اليهود لها، والكنيسة الشرقية تعتبر التوراة اليونانية . ففي أي وقت الكنيسة الشرقية التي تعتبر التوراة اليونانية أثبتت صحتها، أي صحة التوراة اليونانية، أثبتنا نحن وهم التزوير على اليهود وعلى الكنيسة الغربية، وأنهم منقصون منها قينان واحد الذي هو ابن ارفخشد، وإن كانت الكنائس الغربية التي تعتبر التوراة العبرانية التي هي الأصل أثبتت مع اليهود التوراة العبرانية، أثبتنا نحن وهم التزوير في التوراة اليونانية وفي إنجيل لوقا أيضا المزود فيهما قينان آخر الزائد عن التوراة العبرانية، وعلى كلا الوجهين التزوير واقع.
  5. حاشية: وهذه صورة الفرق من آدم إلى المسيح: تاريخ الكنائس الغربية عده: 4051، تاريخ الكنائس الشرقية: 5508، الفرق بينهما عده: 1457.
  6. حاشية: اعلم أنه أيهما من التورا تين أثبتتا أنها صحيحة فيلزم أن يكون التزوير موجودا عند الفرقة التي تحامي عن صدق التوراة الثانية التي بيدها كما مر في الشك الرابع.
  7. حاشية: ويا للعجب كيف يقول ما قال النصارى: إن جسد عيسى اندفن في بطون التلاميذ بوامعلة الخبز مع أنه كان حيا، وكيف استجازوا أن يقولوا إنه مات وهو بعد لم يكن تألم أو ربما كان يجوز عندهم أنه اندفن قبل أن يموت بالحقيقة؟ بخ بخ من كذا رأي سقيم وسماع أسقم.
  8. حاشية: وإن قال بعض المتأخرين ربما يكون ذلك إرسالين، قلنا: إن المتقدمين وقريبي العهد قد قالوا إن الارسال واحد، ومن القرائن يعلم ذلك.
  9. حاشية: اعلم أن شجب البشر بسبب خطيئة جدهم آدم هو المركز والقاعدة في الديانة الصوانية وليست ظلما.
  10. حاشية: إن أحبار اليهود يحلون هذا المشكل بجواب مضحك، إذ يقولون عن حجارة البيت كلها وأنها لم تكن قطعت في حديد، بل أن دودة يضعونها على الصخر فكانت تقطعه مستقيما من غير حديد لئلا يتنجس. فأجيب: أولا إنه ما ذكر في التوراة ولا في خلافها عن هذه الدودة أنها موجودة . ثانيا إنه لو كانت موجودة هذه الدودة لما كان أرسل سليمان ثمانين ألف نحات. القضية الثانية المزورة أيضا على سليمان عليه السلام مع تقطيع الحجارة لأجل بناء الهيكل: السبعين ألف حمال والثمانين ألف نحات، الذين لم توجد في مملكة مثل المملكة العثمانية السامية التي أرض مملكة سليمان مع اليهودية بأجمعها وقتئذ لم تساوي قيراطا من المملكة العثمانية المذكورة.
  11. حاشية: قد يقول النصارى في حل الإشكال إن سيدنا عيسى كان يجب أن يخفي ذلك، لكي يعلمهم بأنه ماكان قصده الافتخار ولا شفاهم لأجل الشرف، بل كان لأجل مجد الله، ولذلك كان يعلم بأن لا يقال لأحد، فأجيب: أنه إذا كان سيدنا عيسى شفاهم لأجل مجد الله فينبغي له إظهاره، كما قال هو عن نفسه - في موضع آخر للذي شفاه -: "اذهب وخبر بما صنع الله بك ورحمته إياك"، أو أن يصمت عن أن يأمرهم في وصايا غير ممكن تنفيذها، لا بل معصيتها واجبة، لأنه كيف يمكن للأعمى إذا سئل من الذين كانوا يعرفونه أعمى بأن يكذب ويقول: أنا ما كنت أعمى، ولا المسيح شفاني، وكذلك الميتة التي أقامها، كيف كان يمكنها هي وأهلها بأن يقولوا هذه ما ماتت، وما أقامها المسيح، وكذا الأعميان والأطرش . فهذا ليس ركاكة فقط، بل سفاهة وقصور بحيث لا يمكن حصوله، وهو من قضايا المغفلين، مع أن القصد بعمل الآيات إظهارها لا إخفاؤهاء لكوفا أقوى وأنفد من كل منذر .
  12. حاشية: اعلم أنه وإن قيل إن الاهتمام بالغد هو برتبة الممتنع كما ظنه بعض المفسرين فلذلك جاز عندهم ضرب الممتنع بالممتنع . فالجواب عليه نقول: إن قدرنا أن الاهتمام بالغد ممتنع مع استحالته فالممتنع لا يمنع منه، لأنه لا ترد به شريعة مطلقا، أي أن الشارع لا يحكم عليه بالمنع، لكونه إن منعه وإن لم يمنعه غير ممكن للإنسان عمله. ومثال هذا: كما أنه إذا قال إنسان: إني أريد أن أطير اليوم مع الطيور، وأنا مهتم بذلك، فلا يقتضي من العقلاء أن يمنعوه لأنه ممتنع طيرانه بالطبع . ثم نقول : والنتيجة من ذلك إن قالوا: إن الاهتمام بالغد ممكن، فقد ورد عليه الجواب من المؤلف رحمه الله تعالى، وإن قالوا: إنه ممتنع، قلنا: إن الممتنع لا يمنع منه. وجيمع الأجوبة التي تقدر في هذا الباب تدخل تحت هذين الحدين: إما ممكن أو ممتنع، وكلاهما منقوضان. ثم نرى أن الاهتمام بالغد الذي جعله المزور ممتنعا وأسنده إلى عيسى عليه السلام هو أمر طبيعي مرتبط بالرجاء الطبيعي، لأن القمح مع أكثر المزروعات لا تخرج من الأرض إلا سنويا في أيام معلومة، وبالضرورة يلتزم البشر في حفظها ويهتمون لصيانتها ليكمل معاش السنة . وقل يلحظ من كل ما ذكرنا أن المزور على عيسى عليه السلام في هذا المثال إن الاهتمام بالغد هو أبلغ من التطويل للقامة - هو رجل مبغض لعيسى عليه السلام.
  13. حاشية: وإن قيل من أحبار اليهود والنصارى إن حاما هو كان ابن البركة، وليس من الواجب أن يلعن وإن كان كنعان ابنه قد تحولت عليه اللعنة من حيث أمه قد حملت به أيضا وهم ضمن السفينة، فمن هذين الوجهين اقتضى تحويل اللعنة من حام إلى ابنه كنعان. فأقول: إن هذين الوجهين لايبرءان حاما من القصاص، ولا يوجبان اللعنة على كنعان، لأنه إن كان حام هو المبارك وأخطأ لا يلزم أن يلعن كنعان ابنه عوضه، وإن كانت أم كنعان حملت به وهم ضمن السفينة، لا يلزم أن يلعن، بل الحكم كله على أبيه الذي زرعه في السفينة، وهو الذي ضحك لما نظر عرية نوح، وعلى جده نوح أيضا، الذي تزورت عليه أنه كان سكرانا، وعلى كلا الوجهين فلعنة كنعان من جده نوح عوضا عن أبيه حام هي إما ظلم وإما تحريف.
  14. حاشية: اعلم أن الذي يؤكد ذلك التزوير غلاقة هذه الجملة وهي قوله لبطرس: لأنك لا تفكر فيما لله، ومعناه أنك أنت يا بطرس أو خلافك إذا نظروا رجلا مثلي في غاية الكمال من السيرة الطاهرة قد يلزم لهم إذا سمعوا منه بأنه مزمع أن يقتل بلا سبب ويألم بأن يظنوا فيه بأنه من جملة أفعال الله الخارقة، وحاشا، أن يسمح بأن يقتل ظلما. وأما إذا ظوا ذلك قد يحكم عليهم بأنهم شياطين، وهذا الحكم قد يضاد العقل والنقل، ولهذا قد نسبوه إلى عيسى الذي هو برئ من مثل هذه التهمة. مع أنه كان ينبغي لهم أن ينظروا أن استعطاف بطرس للمسيح هو ناتج من ظنه فيما لله، لأنه أدرك من الله أنه ليس بظالم حتى يترك عيسى البرئ من كل ذنب أن يقتل ظلما.
  15. حاشية للناسخ: نعم إن التوراة قالت إن افتقر أخوك وابتعته فلا تستخدمه مثل العبد إلا أنها لم تأمر صاحب المال أن يبيع المديون وأولاده وامرأته، وهذا الحكم قد صدر عليه من قبل أن يظلمه أخوه ويقسو عليه.
  16. حاشية: قد يقول تلمود اليهود مع مفسري النصارى أن مدة العبودية قد تحسب من حين خروج إبراهيم من أرض الكلدانيين وإتيانه إلى أرض كنعان، إلى حين خروجهم من أرض مصر. فهذه المدة تصير قريبة من الأربعمائة وثلائين سنة، ويستندون على التوراة اليونانية بحيث أنها تذكر في سفر الخروج أن جميع ما سكن بنو إسرائيل في أرض مصر وأرض كنعان أربعمائة وثلاثون سنة. فأقول: إن ههنا ظهر لنا من هذا الكلام تحريفا آخر في التوراة اليونانية، حيث إنها تقول أربعمائة وثلاثون سنة في أرض مصر وأرض كنعان، وفي التوراة العبرانية التي هي الأصل تذكر أن إقامتهم كانت في أرض مصر، فالفرق ههنا في قول التوراة الواحدة في أرض مصر، وفي قول التوراة الأخرى في أرض مصر وأرض كنعان. وأيضا أقول: إن الذي زيف تفسير التلمود هذا وييين تحريف التوراة اليونانية هو نفس نسق العبارة القائلة إن جميع ما سكن بنو إسرائيل في أرض مصر، ولم يقل إن جميع ما سكن إبراهيم وبنو إبراهيم كما فسره التلمود، لأنه إذا كان مراد التلمود أن يحسب الأربعمائة وثلاثون سنة من دخول إبراهيم أرض كنعان، لكان ينبغي أن التوراة تقول إن جميع ما سكن إبراهيم وبنو إبراهيم وليس كما قالت إن جميع ما سكن بنو إسرائيل، لأنه يوجد فرق بليغ فيما بين اسم إبراهيم وإسرائيل، عدا فرق السنين التي بينهما.
  17. حاشية: أعمارهم في سفر الخروج الإصحاح السادس.
  18. حاشية: اعلم أن هذه المقدمة التي أوردها هذا المؤلف رحمه الله تعالى وبحصره هذه الدعوى في يعقوب وخلفه وعدتهم، بعددهم الشهير عندهم في التوراة في ثلاثة أجيال الأول، هي التي أظهرت التحريف وأوضحت النتيجة على أن الثلاثة أجيال التالية لا ينبغي أن تتجاوز هذا الحد بالتوليد، وعلى ذلك يشهد القرآن الشريف القائل عنهم في سورة الشعراء (إن هؤلاء لشرذمة قليلون). إن هذا المؤلف قد أظهر إنسانية بليغة لأنه ما عامل الحساب إلا بأنقص من حقه لأنه أولا: حسب الناس القاطعين الأولاد من السبعين مع السبعين، وثانيا: قد حسب الذين أعمارهم من تحت العشرين سنة، والناس من فوق الخمسين سنة إلى مائة وأكثر الذين لا يحملون سلاح أربع كرات، والحال ينبغي أن يكونوا أربع عشرة كرة، بحيث المولود من عشرين إلى خمسين إذا أخرجوا من الناس المولودين في مسافة مائة سنة تظهر كميتهم ثلاثة من عشرة، فإذا كان الحاملون للسلاح ست كرات، يقتضي أن يكون غير الحاملين سلاحا أربع عشرة كرة، ويكون جمعهم أربعة وأربعين كرة لا اثنين وعشرين كما ذكرهم المؤلف.
  19. حاشية: اعلم أنه يوجد حساب آخر من التوراة نفسها ويظهر عدم وجود هذه المبالغ المذكورة في هذا الشك، وهو أن موسى عليه السلام على موجب شرح التوراة عد شعب إسرائيل الناقلين السلاح في مائتين وعشرة سنين من السبعين ذرية يعقوب الذين نزلوا مصر فأولد الواحد منهم تسعة آلاف نفس، وداوود عليه السلام من بعد موسى بأربعمائة وأربعة وسبعين سنة عد الشعب مرة ثانية في فكان مجموعهم أن الواحد صافيه ائنين من الناقلين السلاح. وما أدري هذا الفرق كيف أن نفرا واحدا يأتي منه تسعة آلاف نفر في مائتين وعشرة سنين؟ ونفرا واحدا أيضا يأتي منه نفرين في أربعمائة وأربعة وسبعين سنة في الشعب نفسه؟ وإن هذا الفرق الغير ممكن وجوده وقبوله يؤكد التزوير عند كل عاقل وخبير في علم الحساب، إذ أنه يدرك أن صافي حساب موسى لو انتهى إلى زمان حساب عدد سيدنا داود بالقاعدة الأولى نفسها لكان شعب إسرائيل تواصل إلى أعداد تسعة عشر قلما من علم الحساب الذين إذا وجدوا في ذلك الزمان لم تسعهم الكرة الأرضية ذات السكن بأجمعها، اضربهم في علم الحساب تنظر صحة ذلك بشرط أن تصيف إلى كل رجل ناقل سلاح ثلاثة أنفار من الكهول ومن هم دون البلوغ والإناث مبتدئا بهم في ضربهم من الأول وأقول حتى عدد داود غير ممكن وجوده، وهذا يؤكد التحريف في التوراة بزيادة لأن الضرب يتعلق في علم الحساب. والله أعلم.
  20. حاشية: اعلم أنه يدل على بطلان هذه الدعوى وأنها تزوير برهانان آخران قاطعان صريحان من التوراة نفسها. الأول هو أنه في زمان موسى كان لبني إسرائيل قابلتان اثنتان فقط مع أن هذه الكرات ينبغي أن يكون لها مئات من القوابل وليس اثنتان فقط كما ذكرت التوراة، والبرهان الثاني: هو أن فرعون عندما أزمع أن يرجع بني إسرائيل إلى مصر الذين عددهم ستة وعشرون مئة ألف إنسان الذين منهم كان ستمائة ألف وخمسين ألف ناقلين سلاح، كان يلزم أن يكون عنده في ذلك الوقت أقله ستة كرات من العسكر، والحال أن الستة كرات من العساكر لم توجد عند ثلاثة ملوك من كبراه ملوك الأرض في زماننا هذا، فكيف توجد في برهة يسيرة في أمكنة قريبة عند حاكم الاقليم المصري حتى يرسلهم جميعا لإرجاع ذلك العدد الكبير على زعم المزور. وقد لاح بذهني برهان ثالث يثبت دعوى صاحب هذا الكتاب وأن التوراة هي مزورة وهو أنه في الإصحاح الخامس من سفر الخروج يذكر أن موسى & لما دخل بأمر الله عند فرعون وطلب منه إطلاق بني إسرائيل، فحالا فرعون أمر الوكلاء على عمل بن إسرائيل أن يمنعوا التبن عنهم وأمرهم بأن بني إسرائيل يجمعون التبن بأنفسهم ولا ينقصوا من عمل اللبن المشروط عليهم شيئا - بقصد أنه يلهيهم عن المذاكرة في خروجهم من أرض مصر - فإذا كان بنو إسرائيل على هذا المنوال قد كانوا مساحي لبن في مصر فكيف يسلم العقل بأنه أي الستمائة وخمسين ألف رجل الذين خرجوا من مصر كانوا مساحي لبن في مصر كما ذكرت التوراة عنهم، الذين إذا أراد الله سبحانه وتعالى أن يوجد في السماء أو في الفراغ عالمين آخرين مع دنيا هذه الأرض جميعها ربما يكفيهم هذه الكرات لعمل اللبن ويزيدوا عليهم مرات. والمعنى المطلوب في هذا المبحث هو في قلب المستشعرين أصحاب العقول السليمة أي أن القضية هي تزوير من دون شبهة.
  21. حاشية الجدول:
    الأيام الأولى سفر عزرا
    مريوث مريوث
    امريا  
    أخيطوب  
    صادق  
    أخيماعص  
    عزريا  
    يوحانان  
    عزريا عزريا
  22. حاشية: ربما يقال في حل هذا الشك مثلما قيل في حل الشك الأول المعادل لهذا في النقص، وهو أن هؤلاء الستة أنفار الناقصين كانوا رجالا أشرارا. فأجيب: أولا إنه ما كتب عنهم أنهم كانوا رجالا أشرارا . ثانيا إغم إن كانوا أشرارا فلماذا كتبوا في سفر الأيام الأول، وأعرض عن كتابتهم في سفر عزرا، لأن السفرين كان قد كتبهم عزرا نفسه، فإن كان قد كتبهم في سفر الأيام الأول وسلسلهم وما خشي من كوغم أشرارا، فيلزم أن يكتبهم في سفره وما يخشى أيضا، وحيث أن عزرا كتبهم في سفر الأيام الأول وسلسلهم، ثم نقصهم من سفره فيكون إما أنه سهو منه وأنه غير مدرك ماذا كتب أو أن قلما آخر خلاف قلمه زور عليه، وعلى الوجهين النقص واقع. مع أن قصده ليس كتابة الصالحين فقط، بل كتابة سلسلة نسبهم أشرارا كانوا أم صالحين.
  23. حاشية: اعلم أن معنى كلام المؤلف أنه ما وجد في الإنحيل مكتوبا إن الله ثلاثة أقانيم ثلاثة أشخاص، ومعناه: كيف قاعدة دين مثل هذه تؤخذ بالتأويل ولا يوجد لها أثر صريح في الكتب المنزلة التي تعلم قواعد الدين، حتى ولا في الكتب المضافة للإنجيل وجد هذا الاعتقاد على الإطلاق حسب ما فحصته أنا أيضا، والذي لا يصدق المؤلف فليحضر وليقل إني نظرت في الموضع الفلاني مكتوبا فيه إن الله ثلاثة أقانيم ثلاثة أشخاص، ثم أقول: إن كلام المؤلف يتضمن نتيجة فريدة وهي أنه لا يخلو أن الأشخاص التي يسميها علماء النصارى أقانيما التي هي: العقل والكلمة والروح، هم متداخلون في بعضهم أم غير متداخلين؟ فإن كانوا متداخلين في بعضهم، أي أن العقل في الكلمة، والروح والكلمة في العقل، والروح في العقل والكلمة، فيكون حيثما وجد واحد منهم يلزم أن يكون الاثنان معه أيضا، ويكون التجسد للأقانيم الثلاثة. وإن كانوا منفصلين فيكون التجسد للكلمة الخالية من العقل ومن الروح، ويكون العقل والروح بغير كلمة.