| ||
| ||
|
أثر نمو عدد السكان. يقيس الخبراء مخزون الغذاء في بلد ما بمقدار الغذاء الذي يمكن أن يتاح للفرد إذا وزع الغذاء بالتساوي على جميع الناس. ولذلك، لا يعتمد مخزون الغذاء على إجمالي كمية الغذاء فقط ولكن أيضًا على عدد الناس الذين يجب تغذيتهم.
زادت الدول الصناعية إنتاجها من الغذاء بنحو 8% خلال الفترة بين عامي 1980 و1985م، وخلال هذه المدة نفسها، ازدادت أعداد السكان في هذه الدول بنحو 3%، ولذلك فقد ازدادت أيضًا كمية الغذاء المتاح للفرد الواحد. أما الدول النامية فقد زاد إنتاج الغذاء فيها بنحو 16%، بينما زاد عدد السكان فيها بنحو 10% خلال الفترة الواقعة بين عامي 1980 و 1985م. ويعزى كثير من الزيادة في إنتاج الغذاء في الدول النامية إلى ازدياد إنتاجه في الصين. أمّا الدول النامية الأخرى، فقد أحرزت زيادة قليلة وبعضها لم يتحسن إنتاجه من الغذاء إطلاقًا. وفي بعض هذه الدول، تزداد أعداد السكان بسرعة أكبر من ازدياد إنتاج الغذاء.
وفي محاولة لتجنب حدوث كارثة بسبب نقص الغذاء في المستقبل، أعد كثير من الدول النامية برامج لتنظيم النسل. ★ تَصَفح: تنظيم النسل. ولكن النقص في التعليم، وغيره من المعوقات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى، منعت تلك البرامج من الوصول إلى أغلب الناس أو التأثير فيهم.
أثر مستويات المعيشة المرتفعة. كلما حسّن الناس مستويات معيشتهم، خصوصًا بزيادة الدخل الشخصي، تناولوا عادة المزيد من الغذاء. وبمرور الوقت، فإنهم يبدأون بصفة عامة في تناول غذاء أغلى ثمنًا، وخصوصًا المزيد من اللحوم. ولكن ازدياد استهلاك اللحوم يستدعي الزيادة في استخدام الحبوب علفًا للمواشي. ولهذا السبب، يزداد استهلاك الفرد من الحبوب في كثير من الدول ذات المستوى المعيشي المرتفع.
يستهلك الناس في الولايات المتحدة بشكل مباشر نحو 68 كجم من الحبوب للفرد في العام. ولكن نحو 680 كجم من الحبوب للفرد تذهب لعلف المواشي في العام في الولايات المتحدة. ويستهلك الأمريكيون هذه الحبوب بصورة غير مباشرة في شكل لحوم وبيض ومنتجات ألبان. ولذلك، فإن إجمالي استهلاك الفرد من الحبوب في الولايات المتحدة يبلغ في المتوسط نحو 748كجم سنويًا.
أمّا إجمالي استهلاك الفرد من الحبوب في الدول النامية فإنه يبلغ في المتوسط 180 كجم سنويًا. وأغلب هذه الحبوب يتم استهلاكها مباشرة تقريبًا. ولذلك، فإن متوسط مايستهلكه الناس من الحبوب في الولايات المتحدة أكثر من أربعة أضعاف ما يستهلكه الناس في الدول النامية.
تأتي أغلب الزيادة في مخزون الغذاء من إنتاج زراعي أكبر. ويمكن زيادة الإنتاج الزراعي بإحدى طريقتين رئيسيتين: 1- تطوير أراض زراعية جديدة. 2- زيادة إنتاجية الأراضي الزراعية الحالية. وهنالك طريقتان أخريان هما: 1- تقليص الطلب على التغذية بالحبوب. 2- تطوير مصادر غذاء جديدة.
الأبحاث المتعلقة بالزراعة الاستوائية تهدف إلى رفع معدلات إنتاج الغذاء في البلدان النامية التي يقع معظمها في المناطق الاستوائية. وهذه الباحثة الهندية تقوم بدراسة أمراض النباتات الاستوائية. |
لقد أمكن تحقيق الثورة الخضراء بتطوير سلالات الأرز والقمح عالية الإنتاجية. ولكن هذه الثورة تطلبت أيضًا استخدامًا أكثر لمياه الري والطاقة والأسمدة. وحصل الكثير من المزارعين على المياه من الآبار، واستخدموا المضخات الكهربائية وتلك التي تعمل بالديزل لاستخراج المياه. ولكي يحصلوا على أعلى إنتاج ممكن،كان عليهم إثراء تربتهم بالمخصبات (الأسمدة). وفي أثناء الستينيات من القرن العشرين الميلادي ساعدت هذه الطرق بلدانًا كالهند والمكسيك على مضاعفة إنتاج القمح.
يمكن للثورة الخضراء أن تجعل الأراضي الزراعية أكثر إنتاجية. فمثلاً إذا كان لدى المزارعين في المنطقة الاستوائية كميات كافية من المياه والأسمدة وغيرها من المواد الأساسية الأخرى، فيكون بإمكانهم زراعة محصولين أو ثلاثة في العام على مساحة الأرض نفسها بدلاً من محصول واحد. ولكن مقدرة الثورة الخضراء على زيادة مخزون الغذاء محدودة، فالكثير من المزارعين في الدول النامية لا يستطيعون شراء الموارد الإضافية التي تتطلبها الثورة الخضراء. ويؤدي المزيد من استخدام هذه الموارد إلى زيادة إنتاجية الأراضي إلى حد ما. والواقع أن أغلب المزارعين في الولايات المتحدة، مثلاً، يستخدمون من سبعة إلى عشرة أضعاف كمية الأسمدة في كل وحدة من وحدات الأرض مما يستخدمه أغلب المزارعين في الدول النامية. ولكن إنتاج الولايات المتحدة من الحبوب لايتجاوز ضعف إنتاج المزارعين في تلك الدول تقريبًا.
وبالرغم من إمكانية زيادة إنتاجية الأراضي الزراعية، فإن تكاليف الطاقة والأسمدة المتزايدة باستمرار تدفع أسعار الغذاء إلى الارتفاع المستمر، بينما لا يستطيع ملايين الناس على نطاق العالم شراء كل مايحتاجون إليه حتى بأسعار قليلة. ولذلك، لا بد من إيجاد طرق لإنتاج الغذاء بتكاليف يستطيع أغلب الناس دفعها.
إنّ أمثل الطرق لجعل الأراضي الزراعية أكثر إنتاجية هي الأبحاث الزراعية. فمثلاً، يعمل علماء الأبحاث على تطوير سلالات حبوب ليست عالية الإنتاج فحسب، بل لديها خصائص أخرى مرغوب فيها. فمثل هذه الحبوب قد تحتوي على مزيج متكامل من الحموض الأمينية، وتستفيد من المياه والأسمدة بفاعلية أكبر وتستطيع مقاومة الأمراض والحشرات بدرجة أكبر. ولكن من الصعوبة بمكان تطوير سلالة نباتية تمتلك هذه الخصائص المختلفة الكثيرة. ولذلك، فإن البحث المطلوب يحتاج لكثير من المال والوقت.
كل أبقار اللحوم في الماضي كانت ترعى تقريبًا الأعشاب وغير ذلك من الأعلاف الخضراء إلى أن تذبح. إلا أنه منذ منتصف القرن العشرين الميلادي تم إنشاء العديد من مزارع تسمين الأبقار التي سميت أراضي العلف في أستراليا وكندا والولايات المتحدة، وكذلك في أقطار صناعية أخرى. وتُسَمّن أغلب أبقار اللحوم في الولايات المتحدة في أراضي العلف، الأمر الذي يجعلها تستهلك كميات ضخمة من الحبوب. فالطلب على حبوب العلف سيقل كثيرًا إذا عادت صناعة منتجات الأبقار إلى تسمين الأبقار بالأعلاف الخضراء أساسًا. ففي المملكة المتحدة وبقية أوروبا تعلف الأبقار بحشائش علف المطمورة أو سيقان الشعير بدلاً من الحبوب كالذرة الشامية. ولكن الاعتماد على الأعلاف الخضراء لن يكفي دائمًا لإنتاج اللحوم بالقدر الذي يفي بالطلب عليها. والطلب على حبوب العلف قد ينخفض أيضًا إذا قلل الناس في الدول الصناعية استهلاكهم من اللحوم.
ومنذ منتصف القرن العشرين الميلادي، يسعى مطورو الأغذية للاستفادة من البروتين المتوافر في وجبة البذور الرئيسية في إنتاج غذاء ملائم لاستهلاك البشر. وقد طوروا مختلف أنواع الأغذية رخيصة الثمن، خصوصًا وجبة فول الصويا التي جهّزت بنكهة مقبولة. وتمّ تسويق بعض هذه المنتجات، خاصة المجهزة منها في شكل مشروبات، بنجاح في دول نامية في مختلف أنحاء العالم. ويعمل مُجهزو الأطعمة حاليًا لتحويل وجبات جوز الهند وبذرة القطن والفول السوداني إلى أطعمة مقبولة على نطاق واسع. وهذه المحاصيل الثلاثة تزرع في المناطق الاستوائية، ولذلك فإنها سوف تمد ملايين الناس في الدول النامية ببروتين رخيص.
ولقد طور العلماء ومعالجو الأغذية أيضًًا طرقًا لإثراء الغذاء. فمثلاً، أنتج العلماء حموضاً أمينية صناعية يمكن إضافتها للخبز وغيره من منتجات الحبوب لتحسين نوعية بروتيناتها.
يتبنى العديد من المنظمات برامج لزيادة وتحسين المخزون من الغذاء في العالم. وتشمل المنظمات العالمية الرئيسية اثنتين من وكالات الأمم المتحدة هما منظمة الأغذية والزراعة والبنك الدولي. أمّا مجلس الغذاء العالمي، فهو مجموعة من خبراء الغذاء تعينهم الأمم المتحدة للمساعدة في تنسيق عمل المنظمات العالمية المختلفة. وقد كونت العديد من الدول الصناعية وكالات خاصة بها للمساعدة على زيادة المخزون من الغذاء في العالم.
وهناك عدد من برامج زيادة المخزون الغذائي تتبناها مجموعات دينية وأخرى تابعة لمجموعات خاصة وخيرية. فمثلاً، مؤسسة روكفلر، وهي منظمة خيرية أنشأتها في الولايات المتحدة عائلة روكفلر، تسهم منذ أمد بعيد في الأبحاث الزراعية في الدول النامية. كما أن المنظمات الخيرية، مثل هيئة مكافحة الجوع (أُكْسفام) تدعم الأبحاث الزراعية وتقدم أطعمة الإغاثة خلال فترات المجاعة في الدول النامية.
وتقدم أغلب المساعدات المالية للأغراض الزراعية في الدول النامية على شكل قروض قليلة الفائدة. ويقدّم البنك الدولي ومختلف البنوك الإقليمية المرتبطة به أغلب القروض. ففي عام 1976م، أنشأت الأمم المتحدة الصندوق الدولي للتنمية الزراعية للحصول على اعتمادات إضافية من الدول الغنية الأعضاء في الأمم المتحدة.
يوزع برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ما يتحصل عليه من الدول المتبرعة إلى الدول التي تحتاج إلى المساعدات. وفي عام 1986م، جمعت النشاطات الخيرية في العالم كفرقة بوب جلدوف الموسيقية للمساعدات أموالاً كثيرة لإفريقيا وغيرها من الدول النامية، لمساعدتها غذائيًا. وتسهم هيئة الإغاثة الإسلامية، وحكومة المملكة العربية السعودية، وحكومات دول مجلس التعاون الخليجي في تقديم المساعدات المادية والعينية لكثير من الدول النامية.
الغذاء أثناء الطوارئ يقدم إلى آلاف الناس المنكوبين بالكوارث سنوياً. وهؤلاء العاملون في إحدى منظمات الإغاثة يقومون بتوزيع حصص الغذاء الخاصة بالطوارئ لضحايا الفيضانات في بنغلادش. |
ويسعى علماء الأبحاث أيضًا لإيجاد طرق للمحافظة على الموارد الزراعية. وكما وضح من قبل، فإن بعض هذه الطرق يستهدف تطوير سلالات من الحبوب أكثر فاعلية في استخدام المياه والأسمدة. وعلماء الحيوان يقومون بتجارب مماثلة لتطوير سلالات من الأبقار تنتج لحمًا أكثر مع استهلاك القدر نفسه من العلف.
يُجْرَى العديد من مشاريع الأبحاث حاليًا في حوالي عشر مؤسسات بحثية تتبناها منظمة الأغذية والزراعة بالاشتراك مع البنك الدولي ومؤسسة روكفلر والعديد من المنظمات الأخرى. وهذه المؤسسات قد أنشئت في الدول المتقدمة وتتخصص كل واحدة منها في نوع معين من الأبحاث. ففي المكسيك مثلاً، يحاول المركز الدولي لتحسين الذرة الشامية والقمح إنتاج سلالات محسنة منهما ومن حبوب معينة أخرى. وتعمل بعض المؤسسات الأخرى كالمؤسسة العالمية للزراعة الاستوائية في نيجيريا، على تطوير سلالات من النباتات والمواشي تتلاءم بصفة خاصة مع المناخ الاستوائي.
★ تَصَفح أيضًا: الزراعة ؛ الغذاء ؛ التغذية.