الرئيسيةبحث

الحساسية ( Allergy )



الحساسية تفاعل يحدُث في الجسم لأشخاص لديهم حساسية لبعض المواد.وقد تكون إحدى المواد غير الضارة لشخص غير مصاب بالحساسية سببًا لحدوث أعراض تتراوح ما بين أعراض شديدة وخفيفة إذا تعرض لها شخص مصاب بالحساسية. والإصابة بالحساسية تحدث للشخص في أي وقت، ولكن في معظم الأحيان، يبدأ ظهور الأعراض في مرحلة الطفولة.

تشمل الصور العامة للحساسية الربو وحمى القش والحساسية الأنفية التي يُطلَق عليها اسم التهاب الأنف التحسسي الدائم. وهناك أنواع أخرى وهي الإكزيما (تورمات حمراء مع هرش على الجلد) والشَرَى والصداع التحسسي، والاضطرابات الهضمية التحسسية.

يُطلق على المادة التي تُسبب الحساسية اسم المُستَأرج، وتشمل المُستأرِجَات التي تُسَبب معظم حالات الربو وحمى القش وحساسيات الجهاز التنفسي الأخرى، غبار المنزل، وبعض أنواع الفطر الصغيرة، وحبوب اللقاح وقشور أو شعر الحيوانات الأليفة الموجودة بالمنزل. وقد تُسبب أغذية كثيرة تفاعلات الحساسية. وتشمل هذه الأغذية الشيكولاتة ولبن البقر والبيض والقمح وبعض الأغذية البحرية، وبخاصة الأسماك الصدفية. ومن المُستَأرِجات الشائعة المواد المضافة إلى الأغذية، مثل المواد الملونة للغذاء والمواد الحافظة.

تؤكد المصادر المختلفة أنه من المُحتمل أن يكون البشر قد أصيبوا بأمراض الحساسية منذ أزمان سحيقة، ومازالت هذه الأمراض موجودة في كثير من الحيوانات والناس. بيد أن الأطباء لم يبدأوا تفهم الأسباب الخاصة بالحساسية ومواصفاتها حتى بداية القرن العشرين. وغالبًا ما يُستعَمَل المصطلح حساسية في هذه الأيام إشارة إلى مجال تخصصي في الطب، واختصاصي الحساسية هو طبيب يعالج أمراض الحساسية.

كيف تنشأ الحساسية:

يتفاعل الشخص المصاب بالمرض مع مُستَأرِج معين أو عدة مُستأرجات كان الجسم قد تعرض لها من قبل. ويستطيع المُستأرج تحفيز الجسم لإنتاج بروتينات تسمى أجسامًا مضادة ★ تَصَفح: البروتين. وتتفاعل المُستأرجات مع الأجسام المضادة بعد ذلك، حيث تفرز خلايا الجسم مواد معينة في الدم، وسوائل الجسم الأخرى. وتُسبب هذه المواد التي يُطلَق عليها اسم المواد الهـائية حدوث تفاعلات في خلايا أو أنسجة أخرى. ويُحتَمل أن يُسَبِب كثير من المواد الهائية تفاعلات الحساسية في الناس والحيوانات. ويعد الهستامين المادة الهائية الرئيسية التي تُسَبِب الحساسية عند الناس.

تؤثر المواد الهائية التي تُفرَز في الجسم على أنسجة تحسسية مستهدفة، تشمل معظم هذه الأنسجة الشعيرات الدموية (أوعية دموية صغيرة) أو الغدد المخاطية أو العضلات الملساء (عضلات المعدة وأعضاء داخلية أخرى باستثناء القلب). ويُحَدد موقع هذه الأنسجة في الجسم بالإضافة إلى استجابتها الخاصة لمواد هائية ـ المرض التحسسي المعين. كما يُسبب الهستامين بوجه عام تضخم الشعيرات الدموية وإفراز الغدد المُخاطية وشدًّا في العضلات الملساء.

وبعد إنتاج جسم شخص ما للأجسام المضادة استجابة لمُستأرِج معين، فإن أي تعرض لهذا المُستأرِج في المستقبل سوف يحرض على إنتاج الجسم المضاد. بيد أن هذه الأجسام المضادة التحسسية لا تسلك الطريقة نفسها التي تَسلكها الأجسام المضادة الدفاعية التي يُنتجها جسم الشخص عند مقاومته للعدوى. وتُكافح الأجسام المضادة الدفاعية الكائنات المسببة للمرض وتُدمرها أو تَجعلها غير ضارة. وإذا استمر الجسم في إنتاج تلك الأجسام المضادة، بعد تدمير الكائنات، يُحتَمل أن يكتسب الشخص مناعة ضد المرض.

عوامل انفعالية:

لايفسر التفاعل بين المُستأرِج والجسم المضاد له موضوع الحساسية تفسيرًا وافيًا لأن الأنسجة التحسسية المستهدفة تكون تحت سيطرة الجهاز العصبي التلقائي أساسًا.★ تَصَفح: الجهاز العصبي. يميل الجهاز العصبي إلى المحافظة على هذه الأنسجة لتكون في حالة توازن طبيعية. ولكن الجهاز العصبي التلقائي نفسه يدخل في استجاباتٍ بدنيةٍ أخرى، مثل الانفعالات. ولذلك فإن الانفعالات القوية تُؤثر أيضًا في تفاعل النسيج التحسسي المُستَهدَف. وتشمل أنماط الانفعالات التي تزيد من احتمال الاستجابة التحسسية الغضب والخوف والاستياء والقلق وعدم الثقة بالنفس.

وتشترك المراكز العصبية في الدماغ في الاستجابات الانفعالية، حيث يتحكم تحت المهاد البصري ـ وهو جزء من الدماغ ـ في الجهاز العصبي التلقائي ويوجهه. ويتأثرتحت المهاد البصري بدوره تأثرًا بَيِّنًا بقشرة المخ في الدماغ. فحينما تَصل مؤثرات معينة إلى الدماغ نتيجة رؤية أو سمع، فإنها تشكل رسالة في قشرة المخ. وإذا كانت الرسالة من الرسائل التي قد تُسبب أي نوع من الاستجابة الانفعالية، فإنها تتجه إلى تحت المهاد البصري (الوطاء) الذي يرسل بدوره حينئذ الرسالة إلى الأنسجة التحسسية المستهدفة عن طريق الجهاز العصبي التلقائي. وإذا استقبلت الأنسجة التحسسية المستهدفة رسالة انفعالية مؤلمة، فإنها تصبح أكثر قابلية للاستجابة للهستامين ★ تَصَفح: الدماغ.

عوامل وراثية:

هناك أمراض حساسية، مثل الربو وحمى القش والإكزيما والتهابات الأنف والتحسسية الدائمة، وبعض أنواع الصداع التحسسي، كلها أمراض تميل إلى الانتشار في بعض العائلات. فقد يصاب فردٌ من أفراد أسرة ما بالربو ويصاب فرد آخر بحمى القش، وربما أصيب فردٌ غيره بالإكزيما وحمى القش. وقد لاحظ بعض الأطباء أن هناك نزعة وراثية للإصابة بالحساسية. فإذا كان الوالدان مصابين بالحساسية، فإن هناك احتمالاً بنسبة 75% أن يصاب كل طفل من أطفالهما بمرضٍ من الأمراض التحسسية. وإذا كان أحد الوالدين فقط مصابًا بالحساسية، فإن الاحتمال ينخفض إلى 50% أو أقل.

ويبدو أن النزعة الوراثية تجاه الحساسية لا تتبع أي قاعدة وراثية ثابتة، لذلك، فإنه من الأفضل أن يُقال عن الحساسية في هذه الحالات إنها عائلية على أن يقال إنها وراثية مباشرة.

حدود الحساسية:

قد تؤثر عوامل كثيرة إلى جانب الانفعالات والوراثة في استجابة شخص ما إلى المُستأرِجات. فكل مرضى الحساسية لديهم حدود تحسسية وهي المستوى الخاص لمقاومة أجسامهم للمرض. وتختلف حدود الحساسية باختلاف نمط وخطورة العوامل المختلفة في وقت معين. على سبيل المثال، يعتمد احتمال ظهور مرض الربو من عدمه في بعض الناس ـ حينما يتعرضون لحبوب لقاح أو غبار ـ على حالتهم الانفعالية أو تغير الطقس. وقد يعتمد أيضًا على ما إذا كان المرضى مصابين بمرضٍ آخر أو أنهم مجهدون. فالزيادة في واحد أو أكثر من هذه العوامل قد تخفض مستوى حدود الحساسية للمريض بدرجة كافية لإحداث نوبة تحسسية. وعلى الجانب الآخر، فإن النقص في واحد أو أكثر من هذه العوامل قد يؤدي إلى رفع حدود الحساسية وانخفاض احتمالات النوبة.

وعندما يقوم اختصاصي الحساسية بتشخيص وعلاج أي حالة من حالات الحساسية، ينبغي عليه أن يضع في الاعتبار كل القوى المؤثرة على المريض التي قد تُسهِم في حالته. ويساعد هذا الأسلوب في معرفة السبب وراء طول المدة التي يستغرقها العلاج الدقيق للحساسية في حالات كثيرة.

التشخيص والعلاج:

ليس هناك شفاء كامل من المرض. وقد يستطيع الناس تجنب أعراض مرض تحسسي معين، وذلك بتجنب المُستأرِج الذي يسببه، وبالرغم من ذلك، فإنهم يظلون حساسين لهذه المادة.

وعلى جانب آخر، من الممكن التحكم في الحساسية، حيث يمكن أن يقل معدل حدوث وخطورة النوبات، كما يمكن منع المضاعفات. وإذا ابتدأ العلاج في معظم الحالات بمجرد التعرف على الأعراض الأولى، واستمر على أُسس منتظمة، فإن هذا يؤدي إلى نتائج علاجية طيبة. وفي حالة عدم علاج الحساسية، فإنها تميل إلى الأسوأ أكثر من ميلها إلى الأحسن.

وفي بادئ الأمر، يفحص الطبيب المريض فحصًا بدنيًًا، ويُشخص وجود مرض تحسسي من خلال أعراض المرض. وتستخدم اختبارات جلدية دقيقة للتعرف على المُستأرِجات التي سببت المرض. ويحقن الطبيب أكثر المواد المسببة للحساسية شيوعًا، تحت الجلد مباشرة وذلك في مناطق متفرقة. وتؤدي المواد التي تسبب حساسية عند المريض لاحمرار الجلد وتورم خفيف في موضع الحقن. ويسبب هذا الإجراء بعض المتاعب الخفيفة،سرعان ما تزول.

بعد ذلك، يقارن اختصاصي الحساسية نتائج اختبار الجلد بنتائج الفحص البدني للمريض وتاريخه الطبي. ولا تُعطي اختبارات الجلد دائمًا إجابات مؤكدة، ولكنها تفيد كدلائل للتعرف على المُستأرجات. يساعد في التشخيص أيضًا اختبارات الدم وفحص عينات من المخاط الأنفي للمريض.

ولا يمكن التعرف على الحساسية الغذائية بوساطة اختبارات الجلد إذا كان الغذاء يسبب الإصابة بالحساسية فقط بعد تغيره خلال عملية الهضم. وللتأكد من هذه الحساسية التي يسببها الغذاء، يضع الطبيب الغذاء الذي يتناوله المريض تحت المراقبة. ويوصي اختصاصي الحساسية بتجنب تناول كل الأطعمة التي غالبًا ما تسبب الإصابة بالحساسية بوجه عام، وعدم إدراجها في وجبات المريض. قد يؤدي هذا الإجراء إلى تخفيف الأعراض. وإذا حدث ذلك يُوصي الطبيب بالعودة إلى تلك الأطعمة وإدماجها ضمن وجبات المريض، كل منها في وقت مختلف عن الآخر. وإذا انطلقت الحساسية مرة أخرى بعد أن يتناول الشخص أحد هذه الأطعمة، فإنه يحتمل أن يكون لديه حساسية لهذا الطعام.

وبعد التعرف على المادة أو المواد التي تؤدي إلى الإصابة بالحساسية، فإنه من الضروري أن يتجنبها المريض بقدر الإمكان. وقد يُصبح هذا الأمر سهلاً تمامًا إذا كانت المادة طعامًا، مثل الشيكولاتة أو شعرًا لنوعٍ من الحيوانات. أما إذا كان المُستأرِج غبار المنزل أو بذورًا من عشب، فإن الشخص قد يجد صعوبة بالغة في محاولة تجنبه.

وفي حالة عدم إمكانية تجنب المُستأرج، فإن الطبيب قد يُعطي المريض أدوية لتخفيف الأعراض. وتشمل هذه الأدوية مضادات الهستامين. وفي الحالات الشديدة جدًا يفضل استعمال الإستيرويدات.

يُفيد علاج يطلق عليه اسم إنقاص الحساسية أو إزالة الحساسية في بعض أنماط حساسية الجهاز التنفسي، وبخاصة الربو وحمى القش والتهاب الأنف التحسسي الدائم. ويَستَهدِف علاج إنقاص الحساسية على وجه التخصيص التفاعل بين المُستأرِج والجسم المضاد. ويَحْقِن الطبيب المريض بجرعة مُتناهية الصغر من حبوب اللقاح أو أي مُستأرج آخر بصفة مُنتظمة. وفي معظم الحالات، يُحقن المريض مرتين أسبوعيًا لمدة شهرين تقريبًا، ثم يُحقن مرةً واحدةً في الأسبوع بعد ذلك. ويزيد الطبيب من كمية المُستأرج تدريجيًا إلى أن يصل إلى جرعة يُطلق عليها اسم الجرعة الاستمرارية. وتُسبب الحقنات في هذه الحالة تكوين أجسام مضادة مع المُستأرجات، وهذا ما يؤدي بدوره إلى تفاعل ضئيل مع المستأرجات، التي تُتْرك طليقة بدون اتحاد مع الأجسام العادية المضادة للحساسية.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية