الرئيسيةبحث

اليوم الآخر ( Resurection, Day of )



اليوم الآخر ركن من أركان الإيمان في الإسلام اهتم به القرآن الكريم اهتمامًا كبيرًا. ومعنى الإيمان باليوم الآخر هو أن يؤمن الإنسان بكل ما أخبر به الله عز وجل في كتابه، وأخبر به رسول الله ﷺ بانتهاء الحياة الدنيا وما فيها، وبداية حياة جديدة، وما يكون فيها بعد الموت من فتنة القبر وعذابه ونعيمه والبعث والحشر والصحف والحساب والميزان والحوض والصراط والشفاعة والجنة والنار.

ودليل الإيمان بهذا اليوم في القرآن قوله تعالى: ﴿... ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضلَّ ضلالاً بعيدًا﴾ النساء :136.

ومن مظاهر اهتمامه به أيضًا أنه جاء الربط بينه وبين الإيمان بالله في كثير من الآيات القرآنية، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿...ولكن البرّ من آمن بالله واليوم الآخر﴾ البقرة: 177 . كذلك أكثر القرآن من ذكر اليوم الآخر وما سيكون فيه من الأحداث والأحوال.

ومن مظاهر هذا الاهتمام أيضًا كثرة أسماء اليوم الآخر في القرآن، التي يدل كل اسم منها على ما سيقع فيه من أهوال. ومن هذه الأسماء : القيامة، الساعة، الزلزلة، الآخرة، يوم الدين، الحاقة، الغاشية... إلخ

يشتمل الإيمان باليوم الآخر على مجموعة من الحقائق، وردت في الكتاب والسنة، هي: 1- فتنة القبر وعذابه ونعيمه، ومن الأدلة على ذلك قوله ﷺ (تعوذوا بالله من عذاب القبر) أخرجه مسلم. 2- الساعة وأماراتها. والساعة هي التي تنتهي فيها الحياة الدنيا بجميع أوضاعها، وتبدأ القيامة بكل أهوالها، وموعدها لا يعلمه إلا الله، وليس لأحد من سبيل إلى معرفة وقتها، قال تعالى: ﴿ يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجلِّيها لوقتها إلا هو...﴾ الأعراف: 187 . ولكن وردت علامات لها في الكتاب والسنة. فأما العلامات الصغرى فمنها بعثة الرسول ﷺ وقبض العلم وظهور الجهل والفتن وانتشار الزنا وشرب الخمر وإسناد الأمر إلى غير أهله وتضييع الأمانة... إلخ. وأما الكبرى فهي الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم عليه السلام ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ونار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم. 3- البعث، وهو إحياء الناس جميعًا من قبورهم. 4- الحشر، وهو سوْق الناس بعد بعثهم إلى أرض المحشر، وهو المكان الذي يقفون فيه انتظارًا لفصل القضاء بينهم. 5- الحساب، فبعد الحشر يبدأ العرض والحساب، حيث يُعرض الناس على ربهم، وتُقام الحجج لهم وعليهم، ويطلعون على أعمالهم. 6- الحوض والميزان والصراط. فأما الحوض فإن من شرب منه فإنه لا يظمأ أبدًا، وأما الميزان فهو ميزان لا يعلم حقيقته إلا الله، تُوزن به أعمال العباد، إظهارًا لعدل الله. وأما الصراط، فهو جسر منصوب على جهنم، والمرور عليه عام لجميع الناس، فمن كان مؤمنًا مستقيمًا على الحق في الدنيا نجا بسرعة، ومن خلط عملاً صالحًا وآخر سيـئًا أبـطأ في اجتيـازه، ومن كان كافـرًا سقـط في جهنـم، قال تعالى: ﴿وإنْ منكم إلا واردها كان على ربك حتمًا مقضيًا¦ ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيًا﴾ مريم: 71، 72 . 7- الجنة والنار. ونؤمن بالجنة والنار، وأنهما مخلوقتان، أعدهما الله للثواب والعقاب، وأنهما موجودتان الآن، وأنهما باقيتان إلى الأبد، لا تفنيان ولاتبيدان، وهما نهاية الرحلة البشرية بعد تلك المراحل. والجنة مأوى المؤمنين بالله، وفيها من ألوان النعيم ما لا يعلمه إلا الله، والنار مأوى الكافرين، وفيها من ألوان العذاب ما لا يعلمه إلا الله.

الأدلة على اليوم الآخر:

لقد أثار المنكرون ليوم البعث في كل زمان بعض الشبهات والشكوك حول وجود ذلك اليوم. وقد جاءت الأدلة القرآنية على البعث مقررة لكمال قدرة الله، وكمال علمه وكمال حكمته من بعث الأجساد مرة أخرى.

ومن أعظم الأدلة التي وردت في القرآن على تقرير حقيقة اليوم الآخر والرد على منكري البعث قوله تعالى: ﴿وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم ¦ قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ¦ الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارًا فإذا أنتم منه توقدون ¦ أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم ¦ إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون ¦ فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه تُرجعون﴾ يس : 78-83 .

ثم إن الخلق يصبح عبثًا وباطلاً إذا لم يكن هناك يوم آخر يُبعث فيه الناس، ويُحاسبون على أعمالهم. وخلق السموات والأرض يصبح باطلاً لو كانت الحياة الدنيا هي نهاية المطاف. والعقل السليم يستبعد أن تنتهي الحياة بالموت دون إحياء الناس مرة أخرى للحساب والجزاء. قال تعالى: ﴿أفحسبتم أَّنما خلقناكم عبثًا وأنكم إلينا لا ترجعون﴾ المؤمنون: 115. وقال: ﴿أفنجعل المسلمين كالمجرمين ¦ مالكم كيف تحكمون﴾ القلم: 35، 36.

أثر الإيمان باليوم الآخر في حياة الإنسان:

إن إيمان الإنسان باليوم الآخر ومافيه من نعيم وعذاب، له أقوى الأثر في توجيه الإنسان لعمل الخير، وما فيه مصلحة الإنسان في الدنيا وخشية الله ومراقبته في السر والعلن واستقامة الأفراد والجماعات على منهج الحق الذي يتساوى فيه الناس في الحقوق والواجبات، وينعمون في الأرض كلها بالأمن والسلام والحرية والعدل، بمعانيها الحقة، لا شعارات تطرحها الدول والمنظمات والهيئات على مر الأزمنة التي يكثر فيها الظلم والقتل، واسترقاق الأقوياء للشعوب.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية