الرئيسيةبحث

حرب فيتنام ( Vietnam War )



حرب فيتنام تُعد من أكبر النزاعات في جنوب شرقي آسيا. فقد بدأت الحرب أهلية للفوز بحكم فيتنام، ثم تطورت إلى نزاع دولي كبير، تورطت فيه الولايات المتحدة الأمريكية، في أطول حرب شارك فيها الأمريكيون حتى الآن. بدأت هذه الحرب في عام 1957م وانتهت في عام 1975م. وقد قُسِّمت فيتنام، وهي دولة صغيرة تقع جنوب شرقي آسيا، إلى فيتنام الشمالية التي يحكمها الشيوعيون، وفيتنام الجنوبية غير الشيوعية. حاربت فيتنام الشمالية، ومعها الثوار الفيتناميون الجنوبيون الشيوعيون المدربون، جيش فيتنام الجنوبية للاستيلاء على السلطة في فيتنام الجنوبية. فحاولت الولايات المتحدة وجيش فيتنام الجنوبية إيقافهم ولكنهم فشلوا.

كانت حرب فيتنام، في الواقع، المرحلة الثانية من مراحل القتال في فيتنام. ففي المرحلة الأولى التي بدأت عام 1946م، حارب الفيتناميون فرنسا للسيطرة على فيتنام. وقد كانت فيتنام في ذلك الوقت جزءًا من مستعمرة الهند الصينية الفرنسية، وهزم الفيتناميون الفرنسيين في عام 1954م وانقسمت فيتنام إلى شمالية وجنوبية.

سمى الشيوعيون حرب فيتنام حرب التحرير الوطنية. فقد كانوا ينظرون إليها كامتداد للصراع مع فرنسا، وكمحاولة أخرى من قبل قوة أجنبية للسيطرة على فيتنام. وقد أرادت فيتنام الشمالية إنهاء دعم الولايات المتحدة لفيتنام الجنوبية وتوحيد الشمال والجنوب في دولة فيتنامية واحدة وقدمت الصين والاتحاد السوفييتي (السابق) وهما أكبر دولتين شيوعيتين، للفيتناميين الشيوعيين معدات حربية، ولكنهما لم يقوما بتقديم قوات عسكرية.

ساعدت الولايات المتحدة فيتنام الجنوبية غير الشيوعية ؛ لأنها كانت تخشى سقوط آسيا في أيدي الشيوعيين، وبالتالي سقوط الدول الأخرى أيضًا الواحدة تلو الأخرى.

مرت الحرب الفيتنامية بعدة فترات. فالفترة من عام 1957م إلى عام 1965م كانت بصفة رئيسية صراعًا بين جيش فيتنام الجنوبية والثوار الفيتناميين الجنوبيين الشيوعيين المدربين المعروفين باسم الفيت كونج. أما الفترة من عام 1965م إلى عام 1969م، فقد قامت فيها فيتنام الشمالية والولايات المتحدة بمعظم القتال، وقامت كل من أستراليا ونيوزيلندا والفلبين وكوريا الجنوبية وتايلاند أيضًا بمساعدة فيتنام الجنوبية.

بدأت الولايات المتحدة في سحب قواتها في عام 1969م. وفي يناير عام 1973م اتخذت الترتيبات اللازمة لوقف إطلاق النار، وغادرت آخر قوات أمريكية برية فيتنام بعد ذلك بشهرين. ولم يلبث أن تجدد القتال مرة أخرى بعدئذ. وانتهت الحرب عندما استسلمت فيتنام الجنوبية في الثلاثين من أبريل عام 1975م.

الخلفية التاريخية للحرب:

شكلت كل من فيتنام ولاوس وكمبوديا مستعمرة الهند الصينية الفرنسية، وذلك بداية من أواخر القرن التاسع عشر إلى الأربعينيات من القرن العشرين. ★ تَصَفح: الهند الصينية. واحتلت اليابان الهند الصينية خلال معظم فترة الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م). وقد حاولت فرنسا إعادة سيطرتها على الهند الصينية بعد هزيمة اليابان في عام 1945م. ولكن هوشي منَّه، وهو ثائر فيتنامي شيوعي، نظّم ثورة في فيتنام الشمالية وأعلن استقلال فيتنام. ★ تَصَفح: هوشي منه.

حاربت فرنسا ضد الفيت منّه، أو الحلف الثوري لاستقلال فيتنام، التابع لهوشي منّه، ولكنها هُزمت عام 1954م. وُقِعت اتفاقيات سلام في جنيف بسويسرا، في عام 1954م. وقضت اتفاقيات جنيف هذه بتقسيم مؤقت لفيتنام، ولكنها نادت بانتخابات على مستوى الدولة في عام 1956م لإعادة توحيد البلاد.

شكل هوشي منّه حكومة شيوعية في فيتنام الشمالية، وأضحى الجنوب يسمى جمهورية فيتنام، ويدعى عادة فيتنام الجنوبية وأصبح نجو دن ديم المناوئ للشيوعية رئيسًا لفيتنام الجنوبية. ورفضت حكومته أن تشارك في انتخابات على المستوى القومي، وكانت قد اقترحت عقد اتفاقيات السلام بجنيف.

المراحل الأولى للحرب:

كان ديم حاكمًا مكروهًا. فثار أفراد من الفيت منّه في الجنوب، وكانوا يعرفون بالفيت كونج وتعني الفيتناميين الشيوعيين. ودعمت فيتنام الشمالية الثوار، وأنشأت طريق إمدادات إلى فيتنام الجنوبية عبر لاوس وكمبوديا. وعُرفت شبكة الطرق والممرات هذه بممر هوشي منّه. وبحلول عام 1961م، أصبح الفيت كونج أقوياء بدرجة كافية لتهديد حكومة ديم، فزاد جون كنيدي رئيس الولايات المتحدة آنذاك، من المساعدات الاقتصادية والعسكرية لفيتنام الجنوبية. وبحلول عام 1963م، كان هناك أكثر من 16,000 مستشار عسكري أمريكي في فيتنام الجنوبية.

في عام 1963م، اغتيل الرئيس ديم بعد انتشار احتجاج البوذيين على الحكومة. ★ تَصَفح: نجو دن ديم. وبحلول عام 1964م كانت وحدات الجيش الفيتنامي الشمالي تعمل في الجنوب، وسيطر الفيت كونج على نحو 75 % من سكان فيتنام الجنوبية.

في أغسطس من عام 1964م، أعلن رئيس الولايات المتحدة ليندون جونسون أن مدمرتين أمريكيتين قد هوجمتا في خليج تونكن، بعيدًا عن ساحل فيتنام الشمالية. ارتاب بعض الأمريكيين في أن يكون الهجوم قد حدث، ولم يؤكد الهجوم فيما بعد على الإطلاق. ولكن الرئيس جونسون أمر بهجمات جوية أمريكية ضد فيتنام الشمالية. وفي مارس 1965م أرسل أول جنود بحرية أمريكيين إلى فيتنام الجنوبية.


تواريخ مهمة في حرب فيتنام

1957 بدأ الفيت كونج التمرد على حكومة فيتنام الجنوبية بقيادة الرئيس نجو دن ديم.
1963 في الأول من نوفمبر أطاح لواءات فيتنام الجنوبية بحكومة ديم، ثم قُتل في اليوم التالي
1964 في السابع من أغسطس منح قرار خليج تونكن رئيس الولايات المتحدة الصلاحية لاتخاذ كل الإجراءات الضرورية ومنع أي عدوان آخر
1965 السادس من مارس أرسل رئيس الولايات المتحدة آنذاك، ليندون جونسون، جنود البحرية الأمريكية إلى دانانج في فيتنام الجنوبية. وقد كان هؤلاء الجنود أول قوات أمريكية برية تشترك في الحرب
1968 30 يناير شنت فيتنام الشمالية والفيت كونج حملة كبيرة على مدن فيتنام الجنوبية
1969 الثامن من يونيو أعلن رئيس الولايات المتحدة ريتشارد نيكسون أن القوات الأمريكية ستبدأ في الانسحاب من فيتنام
1973 27 يناير وقعّت كل من الولايات المتحدة وفيتنام الشمالية والجنوبية والفيت كونج اتفاقية وقف إطلاق النار
1973 30 أبريل استسلمت فيتنام الجنوبية

القتال في حرب فيتنام جرى جوًا وبرًا. وقامت قاذفات القنابل الأمريكية - 52 بآلاف الغارات على قواعد في شمالي وجنوبي فيتنام.

اشتداد القتال:

ارتفع عدد قوات الولايات المتحدة من نحو 60,000 في منتصف عام 1965م إلى أزيد من 543,000 ألفًا في عام 1969م. وانضموا إلى نحو 800,000 من قوات فيتنام الجنوبية ومايقرب من 69,000 جندي من أستراليا ونيوزيلندا، والفلبين، وكوريا الجنوبية وتايلاند. وعلى الرغم من تفوق الولايات المتحدة وحلفائها عددًا وعدة على الفيت كونج وفيتنام الشمالية وامتلاكهم لأسلحة أحدث، إلا أنهم لم يحاولوا غزو فيتنام الشمالية، واكتفوا بقصف فيتنام الشمالية بالقنابل، وتدمير المنشآت الأرضية، وأدت الطائرات العمودية دروًا مهمًا في القتال.

لقد تبنى الفيت كونج والفيتناميون الشماليون خطة دفاعية، واعتمدت القوات الشيوعية المسلحة تسليحًا خفيفًا على المباغتة وسرعة الحركة، وتجنب المعارك الكبيرة وفضلت حرب العصابات عليها. ★ تَصَفح:حرب العصابات . فهم يعرفون المنطقة جيدًا كما تلقوا معدات حربية من الاتحاد السوفييتي والصين.

حملت الطائرات العمودية المسلحة القوات إلى ساحة المعركة.
استمرت الحرب دون أن يستطيع أي من الطرفين أن يكسبها، وانقسم الناس في الولايات المتحدة بسبب تورطها في الحرب، وطالب بعضهم باتخاذ إجراءات أكثر حسمًا لدحر فيتنام الشمالية. وكان البعض الآخر يرى أن الولايات المتحدة تساند الحكومات الفاسدة وغير الشعبية في فيتنام الجنوبية، ونادوا بانسحاب الولايات المتحدة.

في يناير عام 1968م، هاجم الشيوعيون المدن الرئيسية في فيتنام الجنوبية. وقد بدأت هذه الحملة في بداية عيد التيت وهي الاحتفالات الفيتنامية بالعام الجديد. فردّت الولايات المتحدة وفيتنام الجنوبية الهجمات وكبدت عدوهما خسائر فادحة، ولكن كان واضحًا أن الشيوعيين كانوا أصعب من أن يهزموا. ولذلك بدأت محادثات السلام في باريس في مايو عام 1968م.

بدء انسحاب القوات الأمريكية:

فشلت محادثات السلام ولكن أعلن رئيس الولايات الجديد ريتشارد نيكسون سياسة جديدة عُرفت باسم الفتنمة ؛ وهي أن تنسحب قوات الولايات المتحدة تدريجيًا تاركة القتال للفيتناميين الجنوبيين. وقد بدأ هذا الانسحاب في يوليو
1969م.

في أبريل عام 1970م، غزت القوات الأمريكية وقوات فيتنام الجنوبية كمبوديا لمهاجمة القواعد العسكرية الشيوعية وقد أثار هذا التوسع في الحرب احتجاجًا كبيرًا في الولايات المتحدة.

انتهت الحملة الكمبودية في أواخر يونيو 1970م، وازدادت المعارضة ضد الحرب في الولايات المتحدة سريعًا إلى حد كبير، نتيجة لتغطية تلفازية قدمت مناظر عن فظائع الحرب داخل ملايين المنازل الأمريكية.

أُثيرت الحركة المناوئة للحرب في الولايات المتحدة مرة أخرى في عام 1971م عندما أدين ضابط في الجيش الأمريكي لارتكابه مذبحة بحق مدنيين في قرية مي لاي الصغيرة في جنوبي فيتنام في عام 1968م. كما أدى اتهام قوات الولايات المتحدة باستخدام مبيدات الحشائش لتجريد مناطق شاسعة من الأدغال الفيتنامية من أوراقها إلى احتجاج دولي واسع النطاق.

وفي مارس 1972م، غزت فيتنام الشمالية الجنوب. فأمر الرئيس نيكسون بإعادة قصف الولايات المتحدة للشمال وأمر أيضًا بزرع ألغام في ميناء هايفونج ميناء فيتنام الشمالية الرئيسي. أوقف الغزو وبدأت محادثات السلام مرة أخرى.

انتصار فيتنام الشمالية:

قاد هنري كيسنجر محادثات السلام بباريس نيابة عن الولايات المتحدة ولو دوك تهو نيابة عن فيتنام الشمالية. وفي 27 يناير 1973م وقعت اتفاقية وقف إطلاق النار. وبحلول شهر أبريل، كانت آخر القوات الأمريكية قد غادرت فيتنام، ولكن انهارت محادثات السلام وعاد القتال مرة أخرى. وبانتهاء المساعدات من الولايات المتحدة اضطرت قوات فيتنام الجنوبية إلى التقهقر، وفي 30 أبريل عام 1975م استسلمت فيتنام الجنوبية وأعيدت تسمية سايجون، عاصمة فيتنام الجنوبية، باسم مدينة هوشي منّه.

عانت فيتنام الجنوبية من الحرب، حيث جرى بها معظم القتال مسببًا الدمار الشديد ومحولاً نحو عشرة ملايين فيتنامي جنوبي أي نحو نصف عدد السكان، إلى لاجئين.

نتائج الحرب:

مات في الحرب نحو مليون فيتنامي جنوبي و58,000 أمريكي. وقد تراوحت خسائر الفيتناميين الشماليين ما بين 500,000 و1000,000. وقُتل عدد لا يُحصى من المدنيين.

وقد فاق قصف الولايات المتحدة لفيتنام قصف الحلفاء لألمانيا في الحرب العالمية الثانية بأربعة أضعاف. وقد عانت فيتنام الشمالية من دمار هائل في صناعاتها وشبكة مواصلاتها، كما أصبح نحو نصف سكان الجنوب لاجئين. ودُمرت المناطق الزراعية والغابات والحياة الفطرية في بعض المناطق.

جعلت الحرب لفيتنام الشمالية نفوذًا في جنوب شرقي آسيا، وساعدتها في تشكيل حكومات شيوعية في لاوس وكمبوديا في عام 1975م. وفي عام 1976م، استطاعت أن توحِّد شمالي وجنوبي فيتنام في دولة فيتنامية واحدة، وأعادت فيتنام ببطء بناء اقتصادها، واستأنفت بعض العلاقات مع الغرب. كانت لحرب فيتنام آثار بعيدة المدى على الولايات المتحدة. فهي الحرب الخارجية الأولى التي فشلت الولايات المتحدة في أن تحقق فيها أهدافها. ومازال الأمريكيون إلى اليوم منقسمين بسبب القضايا الرئيسية للحرب، وعما إذا كان يجب على بلدهم أن تتورط فيها أم لا.

★ تَصَفح أيضًا: كيسنجر، هنري ألفرد ؛ فيتنام ؛ نيكسون، ريتشارد ملهاوس ؛نجوين فان تيو ؛ جونسون، ليندون بينز ؛ كمبوديا ؛ لاوس

المصدر: الموسوعة العربية العالمية