لاوس ( Laos )
لاوس بلد في جنوب شرقي آسيا. وهو بلد مداريّ يتكون من جبال وغابات كثيفة تنهمر عليها الأمطار الغزيرة، وفيه تربة خصبة ورواسب معدنية ثمينة. لكن اقتصاد هذا البلد لم يحظ قط بالتطوير. والاسم الرسميّ لهذا البلد هو الجمهورية الديمقراطية لشعب لاوْ. فيانتيان عاصمة لاوس وكبرى مدنها.
حكمت فرنسا لاوس بوصفه جزءًا من الهند الصينية الخاضغة لفرنسا أكثر من خمسين عامًا. في عام 1954م اعترفت اتفاقية دولية بأن لاوس دولةٌ مستقلة محايدة. لكن في عام 1960م نشبت حرب أهلية بين قوات الحكومة اللاوُسية وقوات الباتيت لاو (بلاد اللاّوْ) التي قادها الشيوعيون. وقد فشلت اتفاقية دولية أخرى عام 1962م في حل الخلافات طوال الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين. في عام 1975م كسبت قوات الباتيت لاو الحرب وسيطرت على لاوس.
لاوس الخريطة السياسية |
نظام الحكم:
كان نظام الحكم في لاوس ملكيا دستوريًا قبل انتصار الباتيت لاو عام 1975م. وكان يرأس الدولة رسميا ملك، لكنه كان في الواقع محدود السلطة، إذ كانت تحكم البلاد حكومة ائتلافية من الشيوعيين. بعد أن فاز الباتيت لاو بالسَيْطرة على لاوس ألغوا الحكومة الائتلافية، كما ألغوا النظام الملكي، وأقاموا حكومة شيوعية سمَّوها الحكومة المؤقتة للاتحاد القومي. وفي أغسطس 1991م، أقرت لاوس أول دستور لها منذ استيلاء الشيوعيين على مقاليد الحكم. ويترأس الرئيس، بمقتضى هذا الدستور، حكومة البلاد. ويقوم الرئيس بتعيين رئيس ومجلس للوزراء للقيام بتصريف شؤون الحكم. ويختار المجلس الوطني، البرلمان، الرئيس لفترة خمس سنوات. ويضم المجلس الوطني 85 عضوًا ينتخبهم الشعب انتخابًا مباشرًا لمدة خمس سنوات.السّكان:
ينتمي سكان لاوس إلى مجموعتين لُغَويتين، الصينية ـ التيبتية من الصين، والخمير الحمر من جنوبيّ آسيا. أما المجموعة الصينية ـ التيبتيّة فتشمل شعوب لاو وهمونغ ويسموّن أيضًا ميو، وتاي. أما مجموعة الخمير الحمر فتشمل شعوب الخا. اللغة الرسمية في لاوس هي لغة اللاّو وهي شبيهة بلغة تايلاند.الزعماء السياسيون والاجتماعيون هم من شعب اللاّو الذي يمثل حوالي نصف السكان. أما أبناء شعب الخا، وهم سكان لاوس الأصليون، فقد دأب اللاّويّون على معاملتهم بوصفهم عبيدًا. ومنذ أن تسلم حزب الباتيت لاو الحكم عمل على تحسين مكانة أبناء الخا. ويعيش معظم شعب التاي في الوديان الشمالية، بينما يعيش شعب همونغ على سفوح الجبال وينتجون معظم محصول الأفيون في لاوس، وهو من الصادرات غير المشروعة التي تعطي ربحاَ وفيرًا. كل سكان لاوس مزارعون وأغلبهم يزرعون الأرز بمحاذاة نهر ميكونج وروافده. أما اللاوسيون الذين يعيشون في المرتفعات فيزرعون الذرة الشامية والقطن والأرز والتبغ. يعيش السكان في بيوت قائمة على أعمدة خشبية ترتفع عن سطح الأرض بما يتراوح بين مترين ومتريْن ونصف المتر. وللبيوت عتبات ومداخل مغطاة، وأرضيات وجدران من نبات الخيزران، وسقوف من القش.
أغلبية سكان القرى في لاوس فقراء وحياتهم جولات متصلة من الزّرع وجني المحاصيل. نصف السكان تقريبا ممن بلغوا خمسة عشر عاما أو أكثر يقرأون ويكتبون، لكن كثيرًا من أهل القرى أهملوا المدارس. وأغلب اللاوسيين بوذيون، ومعظم الحياة الاجتماعية في هذا البلد تتركَّز في الاحتفالات البوذية.
السطح:
تقع لاوس في حوض نهر الميكونج بين نهر ميكونج وسلسلة جبال أنامايت في الشمال، وعلى طول الحدود الشرقية توجد هضاب وجبال وعرة يتراوح ارتفاعها بين 150 و1200 م. أعلى مكان في لاوس هو جبل بيَا الواقع في وسط لاوس ويبلغ ارتفاعه 2,817 مترًا.الأراضي الزراعية الأوفر إنتاجًا هي الأراضي المنخفضة الخصبة على ضفاف نهر ميكونج وروافده. وفي لاوس رسوبات وخامات كبيرة من الذهب والجبس والرصاص والفضَّة والقصْدير والزنك (الخارصين). وفي غاباتها خشب التيك وأخشاب أخرى ثمينة.
تهب الرّياح الموسمية الجنوبية الغربية بين شهري مايو وسبتمبر وتسقط في المتوسط 25 سنتيمتراً من الأمطار شهريَّا. وخلال هذه الفترة يكون متوسط درجة الحرارة حوالي 28°م. ومن نوفمبر حتى مارس يقل معدّل الأمطار شهريا عن اثنين ونصف من السنتيمترات، ويكون متوسط درجات الحرارة حوالي 21°م.
المزارعون في لاوس يعيشون بشكل رئيسي في الوديان النهرية الخصبة. والأرز هو المحصول الرئيسي، كما يُزْرَع البن والذرة الشامية والقطن. بالإضافة إلى هذا تمتلك معظم العائلات بساتين خضراوات. |
الاقتصاد:
اقتصاد لاوس متخلف. ولم يتم استغلال مواردها المعدنية، وليس في البلاد سوى قليل من الصناعات التحويلية. الزراعة هي النشاط الاقتصادي الرئيسي، لكن الأساليب والمعدَّات الزراعية القديمة تمنع زيادة الإنتاج الزراعي. الأرز هو المحصول الرئيسي في لاوس، وتشتمل المحاصيل الزراعية الأخرى على البنّ والذرة الشامية والقطن والتبغ والأبقار. بعض اللاوسّيين يزرعون الأفيون (وهو من الزراعات المحظورّة) ويصدّرونه.وسيلة النقل الرئيسية في لاوس هي نهر ميكونج وروافده. أغلب الطرق البرية غير ممهَّدة إلا في الفصل الجاف. الوسيلة الوحيدة لنقل المؤن في كثير من المناطق هي الطائرات. ليس في لاوس سكك حديدية لكن يوجد خط حديدي يربط نونغ خاي ـ عبر نهر ميكونج من فيانتيان ـ بمدينة بانكوك في تايلاند.
نبذة تاريخية:
ربما كان دخول أسلاف شعب اللاو وشعب التاي إلى لاوس قد تم في القرن التاسع الميلادي حيث أسّسوا دويلات صغيرة يحكمها أمراء. في عام 1353م قام حاكم ميونغ سوا، المعروفة الآن باسم لوانغ فرابانغ، بتوحيد معظم ما يسمى الآن لاوس في مملكة لان زانغ (بلاد المليون فيل). وحوالي عام 1700م تشكَّلت ثلاث ممالك منفصلة هي لوانغ فرابانغ، وفيانتيان، وشامباساك. وفي أواخر القرن التاسع عشر اتّخذَت فرنسا من لاوس واحدة من محميّاتها وحكمتها كجزء من الهند الصينية. ★ تَصَفح: الهند الصينية.في عام 1947م قامت لجنة لاوس الحرة برئاسة الإخوة الأمراء فتسارات، وسوفانا فوما، وسوفا نوفونغ، وفاوضت فرنسا على أول دستور في لاوس، وتم الاستقلال داخل الاتحاد الفرنسي في عام 1949م. حينذاك انقسم الأمراء إلى فئات متنافسة، وانتقل سوفانوفونغ إلى الشمال الشرقي من لاوس، ومن هناك أقام اتصالا مع هُوشِي منَّه، الزعيم الشيوعي لفيتنام الشمالية، وأنشأ حركة الباتيت لاو الشيوعية.
في عام 1954م هزمت قوات هوشي منه الفرنسيين في معركة ديان بيان فو في فيتنام. حينذاك قرَّر مؤتمر للسلام عُقد في جنيف بسويسرا إقامة دولة لاوس بصفته بلدا محايدا، ومنطقة عازلة بين فيتنام الشمالية الشُيوعية وتايلاند غير الشيوعية.★ تَصَفح: اتفاقيات جنيف. وأصبحت لاوس عضوا في هيئة الأمم المتحدة في عام 1955م، وتوالت على الحكم فيها عدة حكومات من 1954م إلى 1960م.
في 1960 قام ضابط في جيش لاوس اسمه الكابتن كونغ لي بانقلاب أطاح بالحكومة الموالية للغرب، وطالب بحكومة محايدة، وفي الحال نشبت حرب أهلية. سيطر كونغ لي والباتيت لاو على معظم شماليّ لاوس قبل أن يُعلن وقف إطلاق النار في 1961م
لكن القتال ظلّ ناشبًا. وفي عام 1962م، جرى الاتفاق في موتمر دولي عُقد في جنيف بمشاركة 14 دولة على إقامة حكومة ائتلافية في لاوس ؛ يكون الأمير سوفانافوما المحايد رئيسًا لوزرائها. والأمير سوفانوفونغ الشيوعي، والأمير بوناوم المعادي للشيوعية عضوين فيها. وضمنت الاتفاقية حياد لاوس بإشراف دولي، كما طالبت الاتفاقية كل القوات الأجنبية بمغادرة لاوس.
وفي عام 1963م انسحب الأمير سوفانوفونغ من الحكومة، واندلع القتال من جديد بين الباتيت لاو وقوات الحكومة. تلقى الباتيت لاو دعما من مستشارين عسكريين من الصين والاتحاد السوفييتي ومن آلاف الجنود من فيتنام الشمالية. أما قوات الحكومة فقد ساندتها قوات من تايلاند ومن فيتنام الجنوبية كما ساعدها مستشارون عسكريون من الولايات المتحدة. وفي عام 1970م كانت قوات حكومة سوفانا فوما لاتسيطر إلا على غربيّ لاوس، بينما كانت قوات الباتيت لاو بقيادة سوفانوفونغ تسيطر على شرقيّ لاوس.
خلال حرب فيتنام كانت فيتنام الشمالية تستخدم طريق هوشي منه في لاوس وكمبوديا لنقل القوات والذخائر والمؤن إلى داخل فيتنام الجنوبية، وقامت طائرات الولايات المتحدة بقصف هذا الطريق ومناطق أخرى في لاوس. وفي عام 1971م قامت قوات فيتنام الجنوبية تدعمها قاذفات القنابل والطائرات المروحية الأمريكية بالعبور داخل لاوس لمهاجمة طرق التموين والإمداد الشيوعية.
في عام 1973م اتفقت حكومة لاوس مع الباتيت لاو على وقف لإطلاق النار، وعلى تشكيل حكومة ائتلافية. وفي عام 1974م أقيمت حكومةٌ جديدة كان سوفانا فوما رئيسًا لوزرائها وكان سوفانوفونغ رئيسا للهيئة الاستشارية. في عام 1975م قامت مظاهرات مؤيدة للشُّيوعيين فاستقال عددٌ كبير من موظَّفي الحكومة غير الشيوعيين وحَلّ محلهم شيوعيون. بهذا صارت الحكومة تحت سيطرة الشيوعيين. وفي الوقت ذاته بسطت قوات الباتيت لاو سيطرتها على مساحات كبيرة من البلاد.
انتهت حرب فيتنام في أبريل 1975م بسقوط فيتنام الجنوبية في أيدي الشيوعيين. وفي الشهر ذاته تَمكَّن الشيوعيون من السيطرة على كمبوديا. وفي وقت متأخر من السنة نفسها تنازل الملك عن عرشه، وسيطرت الباتيت لاو على لاوس التي أصبحت دولة شيوعية. ومنذ سيطر الشيوعيون على الحكم فَرَّ آلاف اللاوسيين من البلاد. وبعد ذلك بفترة وجيزة دخل خمسون ألفاً من القوات الفيتنامية إلى لاوس، وأصبح للفيتناميين نفوذ كبير على حكومة لاوس. وقد تقلد سوفانوفونغ منصبا فخريّا إلى حدّ كبير وهو منصب رئيس الدولة في ظل الحكومة الشيوعية ابتداءً من عام 1975م وحتى استقال في عام 1986م.
سحبت فيتنام قواتها بين عامي 1988 و1989م، وأجازت لاوس دستورها عام 1991م، وأصبح نوهاك فوسافان رئيسًا للبلاد بدءًا من عام 1992م.
انـظر أيضًا: لوانجفرابانج ؛ فيانتيان ؛ جنوب شرق آسيا ؛ حرب فيتنام ؛ خطة كولومبو ؛ ميكونج، نهر.