الرئيسيةبحث

الهند الصينية ( Indochina )



الهند الصينية منطقة في جنوب شرقي آسيا وتتكون من ثلاث دول ـ كمبوديا، لاوس، فيتنام. حكم الفرنسيون هذه المنطقة منذ القرن التاسع عشر وحتى عام 1954م. وكانت فيتنام مقسمة إلى فيتنام الشمالية وفيتنام الجنوبية من 1954 وحتى 1976م.
الهند الصينية هي النصف الشرقي من شبه جزيرة طويلة ومتعرجة تمتد حتى بحر الصين الجنوبي من الجزء الرئيسي لجنوب شرقي آسيا. وتشمل كمبوتشيا (كمبوديا) ولاوس وفيتنام.

والهند الصينية كانت ولاتزال ملتقى الشعوب والثقافات التي تدفقت إليها مما يُعرف الآن بتايلاند في الغرب، ومن الصين في الشمال، ومن البحر في الشرق. وقد جاء معظم سكان الهند الصينية أصلاً من جبال وسهول آسيا الوسطى، والجزء الجنوبي من الصين. كما جاءت بعض القبائل القديمة من بعض الجزر التي أصبحت الآن جزءاً من إندونيسيا. وتكوَّن خليط مركب من اللغات والأجناس المختلفة لهذه بالشعوب عبر القرون ؛ ورغم هذا فقد فشلت شعوب الهند الصينية في تكوين وحدة متَّسِقة فيما بينها.

وتكونت غالبية المنطقة من قبائل ودول مستقلة. ومن القرن العاشر إلى القرن الثامن عشر الميلاديين تحاربت الصين وتايلاند من أجل السيطرة على الهند، واستطاعت فرنسا السيطرة على الإقليم من القرن التاسع عشر وحتى سنة 1954م وأطلقوا عليه اسم الهند الصينية الفرنسية.

وتتناول هذه المقالة الهند الصينية منذ بدايتها وحتى اتفاقيات أو معاهدات جنيف سنة 1954م والتي تكوَّنت على أثرها دول كمبوديا، ولاوس، وفيتنام الشمالية وفيتنام الجنوبية. ولمزيد من المعلوما ت المفصلة عن التطورات في هذه المنطقة، منذ سنة 1954م، ★ تَصَفح: حرب فيتنام.

الأيام الأولى

عندما تحركت شعوب جنوب الصين، وشعوب الأجزاء الشمالية الغربية من شبه جزيرة الهند الصينية نحو الجنوب، واجهت هذ الشعوب خليطاً من السكان الإندونيسيين والملايويين. وقامت الحرب بين المجموعتين وأجبرت على أثرها المجموعات الإندونيسية والملايوية في معظم المناطق على الفرار إلى الجبال، بينما استولت المجموعات الغازية على أفضل المناطق الكائنة على طوال سواحل الأنهار.

دخل الفيت الجزيرة من السهول الساحلية لجنوب الصين. ونشأ عدد من الدول المستقلة الصغيرة في دلتا النهر الأحمر فيما يُسمَّى الآن بفيتنام الشمالية.وفي القرن الثالث قبل الميلاد، اتحدت هذه الدويلات لتكوِّن مملكة نام فييت. وفي عام 111 ق.م استولت إمبراطورية هام الصينية على المنطقة وسماها الصينيون جِيَاو زِي.ِ استمرت فيتنام جزءًا من إمبراطورية الصين لمدة ألف عام.

في القرن الثالث الميلادي وصلت أقوام التاي الغازية قادمة من جنوبي الصين إلى المنطقة المعروفة باسم لاوس، وهزم التَّاي الشعب الإندونيسي الملايوي وأطلقوا عليهم اسم خا التي تعني في اللغة التايلاندية العبيد أو الهمج.

الخمير:

دخل الخمير ما يُسمى الآن بكمبوديا في القرن الثاني الميلادي وادعوا أن الشعوب الهندية والصينية والإندوملايوية هم أجدادهم، وهم أجداد الكمبوديين الحاليين. وحكم الخمير معظم الهند الصينية، من خليج تايلاند إلى الصين من القرن التاسع وحتى القرن الخامس عشر الميلادي. واشتُهرت إمبراطوريتهم بالفن والنحت، وعلم السياسة. و مازالت توجد آثار لعاصمتهم أنجكور حتى اليوم.

وفي سنة 939م وأثناء حكم الخمير، استعاد الفيتناميون استقلالهم من الصينيين الذين كانوا قد أطلقوا على هذا البلد أسم أنَّام أو الجنوب الهادئ في سنة 679م. وقد استهجن الفيتناميون هذا الاسم وثاروا عدة مرات حتى استطاعوا في النهاية أن يحرروا بلدهم وأعطوا هذه الدولة الجديدة اسم داي كو فيت ؛ أي دولة الفيت العظمى. وبالرغم من تحررها إلا أنها كانت تدفع للصين مبالغ منتظمة من المال حتى تعيش في سلام.

المملكة الجديدة:

بدأ الخمير في فقد قوتهم في القرن الرابع عشر الميلادي. وفي1353م، تأسَّست مملكة لان أكسانغ أو المليون فيل، فيما يُعرف الآن بلاوس. وتأسست هذه المملكة على يد أحد النبلاء اللويين واسمه فا نغون، وكان قد فر إلى كمبوديا وهو طفل صغير واستقر في أنكجور واستطاع فا نغون وخلفاؤه أن يُوحِّدوا عدة قبائل تايلندية، على طول نهر ميكونج الأعلى، في دولة واحدة وعلى مدى المائة عام التالية استطاعت لان أكسانغ بناء نظام سياسي وعسكري جيد بالإضافة إلى بناء علاقات تجارية مع جيرانها. وفي القرن الثامن عشر الميلادي أدَّى الصراع بين المجموعات القوية في الدولة إلى تشتيت وحدتها، وتقسَّمت إلى ثلاث إمارات أو دول صغيرة هي تَشَامْبَاساك، وفيانتيان، ولوانجفرابانج.

وقد غزا التايلندِيُّون، والفيتناميون، والبورميون هذه البلاد الثلاث الصغيرة عدة مرات أثناء القرن الثامن عشر. وفي عام 1828م حطَّم التايلنديون دولة فيانتيان، وسيطرت الصين وفيتنام على تَشَامْباساك ولوانجفرابانج.

واستولى التايلنديون والفيتناميون أيضًا على أجزاء من إمبراطورية الخمير القديمة حتى منتصف القرن التاسع عشر مثل كمبوديا اليوم. وفي عام 1802م وصلت إلى الحكم أسرة حاكمة جديدة على الساحل الشرقي للهند الصينية، حيث كانت داي كو فيت، المُسمَّاه في ذات الوقت بداي فيت، مستقلة لفترة حوالي 900 عام. وسُمِّيت مملكة فييتنام والتي بدأت التاريخ الحديث للمنطقة.

الهند الصينية الفرنسية:

بدأ التأثير الفرنسي في الهند الصينية ينمو أثناء القرن التاسع عشر. ونجح أفراد البعثات التنصيرية الفرنسية في تحويل الفيتناميين إلى الرومانية الكاثوليكية. وفي سنة 1858م أرسل الإمبراطور نابليون الثالث حملة الثأر لمقتل بعض المُُنصِّرين واستطاع أن يكسب لقواته قاعدة هناك.

أجبرت فرنسا الفيتناميين على التنازل عن أجزاء من فيتنام الجنوبية. وعن طريق بعض المعاهدات التي أبرمت مابين 1874م و 1884م أقامت فرنسا محميات لها في تونكين (فيتنام الشمالية) وفي آنام (فيتنام الوسطى) وأصبحت هذه المناطق مستعمرة فرنسية.

واحتلت فرنسا عام 1863م المنطقة المُسمَّاة الآن بكمبوديا وجعلتها محمية فرنسية أما في لاوس المجاورة، فقد واجهت القوات الفرنسية القوات التايلندية التي تحركت إلى لوانجفرابانج في أواخر الثمانينيات من القرن التاسع عشر. وفي سنة 1893م سيطر الفرنسيون على لوانجفرابانج. وفي سنة 1917م أصبحت محمية فرنسية وتكوَّنت مستعمرة فرنسية في الهند الصينية من كلٍّ من تشامباساك وفيانتيان.

الحرب العالمية الثانية:

عندما بدأت الحرب العالمية الثانية تغيّر الموقف في الهند الصينية بصورة كبيرة. ففي 22 يونيو 1940م استسلمت فرنسا لألمانيا. واستغلت اليابان هزيمة فرنسا وحرَّكت قواتها إلى الهند الصينية. وسمح اليابانيون للفرنسيين بالبقاء في بعض المناصب كَدُمى يحركها اليابانيون كما شاءوا. وفي مارس سنة 1945م جرَّدوا كل المسؤولين الفرنسيين والوحدات العسكرية من جميع سلطاتها.

واستطاعت اليابان أثناء الحرب، أن تقنع الإمبراطور الفيتنامي باو داي أن يُعلن استقلال فيتنام ويُقيم حكومة صديقة لليابان. وأعلن الملك نوردوم سيهانوك استقلال كمبوديا، كما أعلن الملك سيسافانغ فونغ استقلال لوانجفرابانج.

الاستقلال:

بعد استسلام اليابان في الثاني من سبتمبر عام 1945م، حاول الفرنسيون العودة للحكم. وفي فيتنام، قبلت القوات الصينية الوطنية استسلام اليابان في المنطقة الواقعة شمال خط عرض 17 شمالاً. وقامت القوات البريطانية بتجريد اليابانيين من أسلحتهم في النصف الجنوبي من البلاد. كما اقنعت فرنسا الملك سيسا فانغ ملك لوانجفرابانج أن يُعلن نفسه ملكاً للاوس المتمتعة بالحكم الذاتي. واستطاعت فرنسا أيضًا أن تستعيد السيطرة على كمبوديا ومنحتها الحكم الذاتي. وبهذا أصبحت كل من لاوس وكمبوديا أعضاء في الاتحاد الفرنسي.

وفي نفس الوقت قامت حكومة مستقلة في فيتنام اسمها جمهورية فيتنام الديمقراطية وقادها هوشي منه، وهو وطني درَّبه الشيوعيون وكان آنذاك رئيسًا للاتحاد الثوري لاستقلال فيتنام والمُسمَّى فِيَتْ مِنِّه. وقد حاول كل من القادة الفرنسيين والفيتناميين التغلب على خلافاتهم ولكنهم فشلوا في ذلك. فاندلعت الحرب الهندصينية في ديسمبر عام 1946م.

استطاع الفرنسيون إحكام السيطرة على المدن في فيتنام، ولكنهم فشلوا في استعادة نفوذهم على المناطق الريفية. وبنهاية عام 1953م أصبحت فرنسا على وشك الهزيمة. وعندما استولى الفيت منه على قلعة ديان بيان فُو الحصينة في السابع من مايو 1954م، وبعد حصار دام 56 يومًا، أصبح من الواضح أن الحرب قد قاربت على الانتهاء. ★ تَصَفح:ديان بيان فو، معركة.

اتفاقيات جنيف

عقد المسؤولون الفرنسيون والفيتناميون اجتماعات مع ممثلي الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا، والصين، والاتحاد السوفييتي السابق في جنيف بسويسرا من مايو إلى يوليو عام 1954م، وانتهت هذه الاجتماعات باتفاقيات جنيف. واشتملت هذه الاتفاقيات على وقف إطلاق النار وبذلك انتهت الحرب بين الفرنسيين والفيتناميين ؛ تلك الحرب التي تُسمَّى أحيانًا بحرب الهند الصينية الأولى. ونصت الاتفاقيات أيضًا على استقلال فيتنام، ولاوس، وكمبوديا. وبذلك انتهى ماكان يُعرف بالهند الصينية الفرنسية.

ونصت الاتفاقات كذلك على أن تُقسَّم فيتنام بصورة مؤقته إلى فيتنام الشمالية، وفيتنام الجنوبية عند خط عرض 17شمالاً، كما نصت على الدعوة إلى انتخابات وطنية تقام عام 1956م لتوحيد الدولة. وأصبحت فيتنام الشمالية وفيتنام الجنوبية مقسمتين سياسيًّا مما أدى إلى اندلاع حرب فيتنام (1957-1975م)، التي تسمى أحياناً بحرب الهند الصينية الثانية.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية