الرئيسيةبحث

كمبوديا ( Cambodia )



خريطة كمبـــــوديا
كمبوديا قطر من أقطار جنوب شرق آسيا، وتشترك في الحدود مع تايلاند ولاوس وفيتنام. ويُعرف هذا القطر أيضًا باسم كامبوتشيا، وهي طريقة أخرى في تهجئة كمبوديا. وفي عام 1989م أعلنت حكومة البلاد تغيير الاسم من كامبوتشيا إلى كمبوديا. ويعيش معظم الكمبوديين في السهول الخصبة التي تكونت نتيجة لفيضان نهر ميكونج، أو بالقرب من تونل ساب، البحيرة الكبيرة، ونهر تونل ساب إلى شمالي غرب بنوم بنه عاصمة كمبوديا.

كمبوديا بلد زراعي في الأساس، إذ إن أراضيها المنبسطة ووفرة المياه فيها، ومناخها المداري، تُشكل ظروفاً مثالية لزراعة الأرز. وتتميز المزارع هنا بصغر حجمها، بالمقاييس الغربية، كما يمتلك المزارعون عدداً قليلاً من الآلات الزراعية. ومثلما هو الحال في أقطار جنوب شرقي آسيا، ففي كمبوديا عدد محدود من المصانع، مما يجعلها تعتمد على استيراد معظم حاجاتها من السلع المصنعة.

ومنذ حوالي ألف عام، كانت كمبوديا مركزاً لإمبراطورية كبرى لقوم الخمير، الذين كانوا يُسيطرون على أجزاء كثيرة من البر الرئيسي لجنوب شرقي آسيا. وتمتاز أنجكور، المدينة المهدمة التي كانت عاصمة إمبراطورية الخمير بآثارها في فنون النحت والعمارة.


نظام الحكم:

ظلت كمبوديا تحت الحكم الملكي منذ العصور القديمة حتى عام 1970م حيث تحولت إلى جمهورية. وفي عام 1975م، أطاح الشيوعيون الكمبوديون ـ ممن يسمون الخمير الحمر بزعماء الجمهورية، وسيطروا على البلاد. غير أن قوات من الدولة الشيوعية المجاورة فيتنام، والشيوعيين الكمبوديين الذين كانوا ضد الخمير الحمر، أسقطوا الحكومة في يناير 1979م، وسيطروا على معظم أنحاء البلاد حتى عام 1991م عندما اتفقت الأطراف المتنازعة على تشكيل حكومة جديدة تضم الشيوعيين وغيرهم. وقعت الأطراف اتفاقية سلام برعاية الأمم المتحدة عام 1991م، وترأست الأمم المتحدة حكومة مؤقتة عملت على إجراء انتخابات نيابية في مايو 1993م. شكلت حكومة كمبودية مؤقتة إلى حين فراغ المجلس الوطني (البرلمان) من صياغة دستور جديد للبلاد. لمزيد من المعلومات: ★ تَصَفح فقرة نبذة تاريخية من هذه المقالة. وكمبوديا، بمقتضى الدستور، دولة ملكية، على رأسها ملك يتمتع بسلطات شرفية. ويترأس حكومة البلاد رئيس الوزراء بينما يتكون البرلمان من مجلسين: الجمعية الوطنية وبها 122 عضواً ومجلس الشيوخ ويضم 61 عضواً. ينتخب الشعب أعضاء الجمعية الوطنية، ويعين الملك وقادة الأحزاب السياسية أعضاء مجلس الشيوخ الذي أنشئ عام 1999م.

قرية كمبودية تحتوي على منازل من القش شيدت فوق ركائز لتوفير الحماية من ارتفاع منسوب المياه. تحدث فيضانات متكررة خلال موسم الأمطار من مايو إلى نوفمبر.

السكان:

يقدر عدد سكان كمبوديا بنحو 11,637,000 نسمة، ويقل هذا الرقم عن تقديرات أجريت في منتصف السبعينيات من القرن العشرين، حيث أدت كثرة الوفيات والهجرة والإعدامات إلى هذا الانخفاض.

يتكون غالبية سكان كمبوديا من الخمير الذين يشكلون إحدى أقدم المجموعات في جنوب شرقي آسيا، ويتحدثون لغة الخمير ذات الألفباء الخاصة. ويعمل معظم الخمير مزارعين أو عُمالاً أو جنودًا. ويعيش في كمبوديا حوالي 300,000 من الصينيين. ويدين غالبية الكمبوديين بالبوذية.

يعيش معظم الكمبوديين في قُرى يتراوح عدد أفرادها بين 100 و400 شخص، ويعملون في حقول الأرز بالقرب من تلك القرى. ويمثل الأرز والسمك الغذاء الرئيسي لمعظم الكمبوديين.

يستطيع نصف سكان كمبوديا ممن بلغوا سن الخامسة عشرة فأكثر القراءة والكتابة. ولكن تفتقر كثير من مناطق كمبوديا إلى المدارس.

السطح:

تحيط بكمبوديا جبال منخفضة باستثناء الجهة الجنوبية الشرقية، وأجزاء من المنطقة المحاذية للساحل. ويجري نهر ميكونج الضخم جنوباً من لاوس عبر كمبوديا. ويصب في بحر جنوب الصين عبر فيتنام. وتغطي سهول خصبة حوالي ثلث الأراضي، بينما تغطي الغابات أجزاء كبيرة منها. وخلال موسم الجفاف ينساب نهر تونل ساب إلى الجنوب الشرقي من بحيرة تونل ساب الضحلة ليلتقي بنهر الميكونج في بنوم بنه، لكنه يجري إلى الاتجاه المعاكس أثناء هطول الأمطار الموسمية. يحدث ذلك لأن الفيضانات والثلج المذاب من منبع الميكونج في التبت ترفع منسوب النهر إلى مستوى أعلى من البحيرة.

يبلغ متوسط درجة الحرارة في بنوم بنه حوالي 29°م طوال العام، ويستمر موسم الأمطار في المنطقة الساحلية، فتصل كمية الأمطار مايقارب 510سم سنويًا، وتبلغ أقل من 150سم في بنوم بنه.

الاقتصاد::

يعتمد الاقتصاد الكمبودي أساساً على الزراعة. وحتى السبعينيات من القرن العشرين كان الإنتاج الزراعي للبلاد يكفي لإطعام الكمبوديين والتصدير إلى الأقطار الأخرى. وكانت الذرة الشامية والأرز المحصولين الغذائيين الرئيسيين إضافة إلى أن كمبوديا كانت تنتج كميات كبيرة من المطاط. غير أن الكثير من الحقول ومزارع المطاط قد تعرضت للدمار أثناء حرب فيتنام والحروب الأهلية في كمبوديا، فتدهور الإنتاج الزراعي بصورة حادة.

تفتقر كمبوديا إلى المال اللازم لبناء المصانع وإلى العمالة المدربة لتشغيلها، غير أن البلاد استطاعت أن تنشئ صناعات جديدة في الخمسينيات من القرن العشرين مثل إنتاج الإسمنت، والملابس القطنية، ورقائق الخشب، والإطارات المطاطية، ومنتجات أخرى، كما تمد غابات كمبوديا البلاد بأخشاب الصناعة الخام.

تتم معظم المعاملات الخاصة بالتجارة الخارجية لكمبوديا من خلال الميناء الوحيد للمياه العميقة في كمبوديا كمبونج سوم. وقد دمر القتال في كمبوديا الطرق، كما قطع خط السكك الحديدية الذي يربط بنوم بنه بميناء كمبونج سوم وتايلاند في عدة نقاط. إلا أن هناك مطارات في بنوم بنه وسيم ريب.

دخل شيوعيو الخمير الحمر بنوم بنه عام 1975م (أعلاه). واستولوا على العاصمة والحكومة بعد أن هزموا أعداءهم من غير الشيوعيين في الحرب. لكنهم أسقطوا بوساطة القوات الفيتنامية، وبعض الشيوعيين الكمبوديين الآخرين عام 1979م.

نبذة تاريخية:

حوالي القرن الثاني الميلادي، أسس سكان الجزء الجنوبي المعروف الآن بـكمبوديا الحالية مملكة فونان، فأصبحت تلك المملكة إحدى أكبر القوى القديمة في جنوب شرقي آسيا. غير أن مملكة فونان فقدت قوتها ونفوذها تدريجيًا. وفي القرن السابع الميلادي، نهضت شنلا قوة جديدة شمال فونان، لكنها انهارت أيضًا خلال القرن الثامن الميلادي.

في الفترة الواقعة بين القرنين التاسع والخامس عشر الميلاديين، سيطر الخمير على مملكة هندوسية بوذية قوية في كمبوديا، كانت عاصمتها أنجكور. وبنى الخمير مئات المعابد الحجرية في أنجكور ومناطق أخرى بالإمبراطورية كما شيدوا المستشفيات وقنوات للري وخزانات وطرقًا. وبلغت إمبراطورية الخمير قمتها خلال القرن الثاني عشر الميلادي حينما استولت على مساحات كبيرة من الأراضي التي تشكل الآن لاوس، وتايلاند وفيتنام. على أن إقامة مشاريع باهظة التكاليف، وانتشار الأوبئة والصراعات داخل الأسرة المالكة، والحروب مع تايلاند، أضعفت إمبراطورية الخمير. واستولت القوات التايية على أنجكور عام 1431م، فانسحبت منها الخمير. غير أن مملكة خميرية مستقلة، كانت عاصمتها بالقرب من الموقع الحالي لبنوم بنه، ظلت باقية حتى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. وفي عام 1863م جعل الفرنسيون، الذين استولوا على الجزء الجنوبي من فيتنام، كمبوديا محمية لهم.

احتلت القوات اليابانية والتايية كمبوديا من 1941م إلى 1945م، خلال الحرب العالمية الثانية، واتجهت كمبوديا إلى الاستقلال عقب نهاية الحرب، واعترفت فرنسا باستقلال كمبوديا عام 1953م.

في عام 1955م تخلى الملك نوردوم سيهانوك عن العرش ليؤدي دورًا أكثر نشاطًا في السياسة. وخُلع على سيهانوك لقب أمير، وصار رئيسًا للوزراء عام 1955م، ثم رئيسًا للدولة عام 1960م. وخلال الفترة من عام 1955 إلى عام 1963م، تلقت كمبوديا عونًا بملايين الدولارات من الولايات المتحدة، إلا أن سيهانوك أوقف العون الأمريكي عام 1963م، متهمًا الولايات المتحدة بدعم المحاولات التي كانت ترمي إلى الإطاحة بالحكومة الكمبودية.

في عام 1970م، تمكن عضوان في حكومة سيهانوك هما: الفريق لون نول والأمير سيسوواث سيريك ماتاك من الإطاحة بسيهانوك أثناء وجوده خارج البلاد. وفي أكتوبر 1970م ألغت حكومة رئيس الوزراء لون نول الملكية، معلنة قيام النظام الجمهوري في كمبوديا، ثم حل الجمعية التشريعية الكمبودية عام 1971م. وفي العام التالي، نصب لون نول نفسه رئيساً للدولة وتولى السلطة كاملة في البلاد.

خلال الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين أعلنت كمبوديا حيادها في الصراع بين الدول الشيوعية والدول غير الشيوعية. إلا أن الولايات المتحدة وفيتنام الجنوبية ادّعتا وجود قوات وإمدادات من فيتنام الشمالية في كمبوديا لاستخدامها في الحرب الفيتنامية، وفي عام 1969م، بدأت الطائرات الأمريكية في قصف أهداف شيوعية في كمبوديا بالقنابل. ودخلت قوات من الولايات المتحدة وفيتنام الجنوبية كمبوديا في إبريل 1970م، بعد الإطاحة بسيهانوك وذلك لإزالة قواعد الإمدادات هناك. ★ تَصَفح: حرب فيتنام. وقد غادرت القوات الأمريكية كمبوديا بنهاية يونيو بعد تدمير المعسكرات الشيوعية، غير أن الشيوعيين الفيتناميين توغلوا داخل كمبوديا. وفي نهاية عام 1970م، كانت الحرب تشتعل في كمبوديا بأكملها، حيث حاربت القوات الحكومية الشيوعيين بمساعدة جنود من فيتنام الجنوبية وبعون عسكري من الولايات المتحدة. ورغم أن الولايات المتحدة أوقفت غاراتها الجوية على كمبوديا في أغسطس 1973م، إلا أن القتال على الأرض استمر بعد ذلك.

في هذه الأثناء دخل الشيوعيون الكمبوديون المنتمون إلى تنظيم الخمير الحمر في حرب شاملة ضد حكومة البلاد غير الشيوعية، فرجحت كفتهم في أوائل السبعينيات. وفي إبريل 1975م سيطروا على كمبوديا، وسقطت فيتنام الجنوبية المجاورة (جزء من فيتنام حالياً) ولاوس تحت قبضة القوات الشيوعية في السنة نفسها.

فرض شيوعيو الخمير الحمر، بقيادة بول بوت، سيطرتهم الكاملة على الحكومة، وبدأوا يشرفون على حياة الناس. كذلك أجبر الخمير الحمر سكان المدن والقرى على الانتقال إلى المناطق الريفية للعمل في الزراعة، كما طالبوا بتوحيد الأزياء، وتعمدوا إلهاء الناس عن ممارسة الشعائر الدينية. وسيطرت الحكومة على كافة المؤسسات التجارية والمزارع. وهناك أيضاً دلائل على أن الحكومة قد قتلت مئات الآلاف من الكمبوديين، بما في ذلك عدد كبير من موظفي الحكومة السابقين، والمتعلمين، والعاجزين عن القيام بالأعمال التي تطالبهم بها الحكومة. إضافة لذلك تسبب التدهور الشديد في الإنتاج الزراعي في نقص غذائي شديد خلال السبعينيات فمات عدد كبير من الكمبوديين جوعًا أو بسبب المرض، كما فرَّ الكثيرون إلى تايلاند والأقطار الأخرى.

في عام 1977م، أدت الصراعات إلى نشوب القتال بين كمبوديا وفيتنام، جارتها الشيوعية في الشرق. وفي يناير 1979م، سيطر الجنود الفيتناميون والشيوعيون الكمبوديون على معظم أجزاء كمبوديا، ثم تمكنوا من إسقاط حكومة الخمير الحمر. ونتيجة لذلك، سيطر الكمبوديون الذين حاربوا في صفوف الفيتناميين على الحكومة، فساند الفيتناميون الحكومة واكتسبوا نفوذًا واسعًا في البلاد. غير أن الإجراءات الصارمة التي اتخذت لمراقبة حياة الناس استمرت تحت الحكم الجديد. من ناحية أخرى استمر الخمير الحمر في محاربة الفيتناميين وحلفائهم من الكمبوديين في بعض مناطق البلاد، كما انضمت إلى الخمير الحمر مجموعات متحاربة أخرى غير شيوعية. وفي عام 1982م، التقت فصائل المعارضة لتشكل ائتلافًا، فأصبح نوردوم سيهانوك رئيسًا للائتلاف. وخلال منتصف الثمانينيات فر آلاف الكمبوديين إلى تايلاند هروباً من الحرب.

وفي الثمانينيات اتخذت الحكومة خطوات نحو تخفيف سيطرتها على الاقتصاد، بما في ذلك السماح للكمبوديين بامتلاك محلات تجارية خاصة ومزارع صغيرة. وفي إبريل 1989م، تعهدت فيتنام بسحب كافة قواتها من كمبوديا، وبدأت الحكومة مفاوضات مع فصائل المعارضة حول إمكانية تشكيل حكومة ائتلافية.

في ديسمبر 1990م، عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مؤتمرًا عالميًا عن كمبوديا في باريس. وفي مايو 1991م، تم تنفيذ وقف لإطلاق النار بين الفصائل المعارضة في كمبوديا، وعلى الرغم من اتهام كل مجموعة للأخرى بخرق وقف إطلاق النار، إلا أن المراقبين قد لاحظوا هدوءًا تامًا في جبهات القتال. ووقعت الأطراف المتنازعة اتفاقية للسلام في أكتوبر 1991م. تولت الأمم المتحدة، بموجب الاتفاقية إدارة الحكومة الكمبودية لفترة مؤقتة لتعود البلاد إلى الديمقراطية. وتشكلت الحكومة الجديدة من ممثلي الأمم المتحدة والمجلس الوطني الأعلى الذي ضم أعضاء من الحكومة السابقة وممثلي ثلاث مجموعات معارضة. وفي مايو 1993م، تم إجراء الانتخابات العامة، وانتخب 120 عضوًا للبرلمان الكمبودي. شكلت الأحزاب الفائزة في الانتخابات حكومة انتقالية خلفت حكومة الأمم المتحدة وظلت في السلطة حتى استكمل إعداد الدستور وشكلت حكومة دائمة ترأسها رئيسان للوزراء. رأس سيهانوك الحكومة المؤقتة واستعاد لقبه بوصفه ملك كمبوديا. ورغم توقيع الخمير الحمر على اتفاقية الأمم المتحدة، إلا أنهم قاطعوا الانتخابات ولم ينضموا للحكومة المؤقتة. وبنهاية تسعينيات القرن العشرين كان معظم الخمير الحمر قد استسلم للحكومة أو تم اعتقاله. توترت العلاقات بين رئيسي الوزراء هون سين والأمير نوردم راناريد واستطاع هون أن يقصي راناريد من منصبه في يوليو 1997م. وفي يوليو 1998م، أجريت انتخابات لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية، واستطاع حزب الشعب الكمبودي بزعامة هون سين من الفوز بمعظم مقاعد الجمعية. وفي عام 1999م كونت كمبوديا مجلس شيوخ جديد لها.

★ تَصَفح أيضًا: أنجكور ؛ الهند الصينية ؛ ميكونج، نهر ؛ بنوم بنه ؛ لون نول.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية