الرئيسيةبحث

الوقت ( Time )



أيقونة تكبير نطاقات التوقيت في العالم
الوقت أو الزمن أحد أعمق ألغاز العالم. ولايستطيع أحد تحديد ماهيته بالضبط، ولكن إمكان قياس الوقت يجعل طريقنا في الحياة ممكناً. تتطلب معظم النشاطات الإنسانية مجموعات من الناس تعمل معا في المكان نفسه وفي الوقت نفسه، ولايستطيع الناس فعل ذلك إذا لم يقوموا جميعاً بقياس الوقت بالطريقة نفسها.

هناك طريقة للتفكير بخصوص الزمن هي تخيل عالم دون زمن. عندها سيكون العالم اللازمني في توقف تام. ولكن إذا حدث نوع من التغير فإن ذلك العالم اللازمني سيكون مختلفاً الآن عما كان سابقاً. والفترة ـ مهما كانت وجيزة ـ بين الماضي والحاضر فهي تشير إلى أن الوقت يجب أن يكون قد مضى. وهكذا فالوقت والتغير مرتبطان بعضهما ببعض، لأن مضي الوقت يعتمد على التغيرات الجارية. ولاتتوقف التغيرات عن الحدوث مطلقاً في العالم الحقيقي. ويبدو أن بعض التغيرات تحدث مرة واحدة فقط، مثل سقوط ورقة نبات مفردة. وبعضها الآخر يمكن أن يحدث مرة بعد مرة مثل تكسر الموجات قبالة الشاطئ.

وأي تغير من التغيرات التي تحدث مرة بعد مرة يختلف عن التغيرات الأخرى. ويعتبر شروق الشمس وغروبها أمثلة لمثل هذه التغيرات. وقد استطاع الأوائل جعل الوقت أساساً لحساب مثل هذه الحوادث الطبيعية المتكررة، واستعملوه لمتابعة الحوادث غير المتكررة، وأخيراً وضع الناس الساعات لتقليد نظامية الحوادث الطبيعية. وعندما بدأ الناس يعدون الحوادث المتكررة فإنهم قد بدأوا فعلاً بقياس الوقت.

قياس الوقت

الوقت والتأريخ يتغيران في أي مكان على الأرض أثناء دوران الأرض حول محورها. وعندما يكون خط التأريخ الدولي على جانب الأرض غير المقابل للشمس (المخطط العلوي) يكون الوقت هناك منتصف الليل و 9 مساء في طوكيو. وفي هذه اللحظة يكون لكل مكان على الأرض التأريخ نفسه. وبعد 6 ساعات من ذلك (المخطط السفلي) تتغير مواقع الأماكن على الأرض بالنسبة للشمس بدرجة ملموسة. ويكون الوقت عندئذ 6 صباحًا عند خط التأريخ الدولي و 3 صباحًا في طوكيو. وبذا يبدأ يوم جديد (يرى بالأحمر) في المنطقة بين خط التأريخ الدولي وخط الزوال (خط الطول) بالنسبة لليل.

وحدات قياس الوقت:

لقد كانت التغيرات النظامية الوحيدة ـ أي التي تعيد نفسها بانتظام ـ عند القدماء، هي حركات الأجسام في السماء، وكانت أكثر هذه التغيرات وضوحاً تناوب النهار والليل الذي يحصل نتيجة شروق الشمس وغروبها. وكلتا الدورتين في مجيء الشمس يسمى اليوم. وكان هناك تغير نظامي آخر في السماء، هو الشكل المرئي للقمر، إذ تأخذ كل دورة من تغيرات شكل القمر حوالي 29,5 يومًا، أو شهراً.

وقد أعطت دورة الفصول للناس وحدة أطول للوقت. فبمراقبة النجوم، قبل الفجر تماماً، وبعد غروب الشمس، رأى الناس أن الشمس تتحرك ببطء شرقاً بين النجوم، وبدا أن الشمس تدور دورة كاملة حول السماء في دورة واحدة للفصول. وتأخذ هذه الدورة حوالي 365,5 يوماً، أو سنة.

جرب الناس لمئات السنين أن يلائموا الأيام والأشهر بالتساوي لمدة سنة أو لفترة من عدة سنوات. ولكن لم يعمل أي نظام على نحو كامل. وحالياً يعتمد التقويم كلية على السنة. وكذلك قسمت السنة إلى 12 قسمًا سُميت بالأشهر، ولهذا التقسيم علاقة بالدورة الفعلية للقمر الذي يعتمد عليه التقويم الهجري. ★ تَصَفح: التقويم الهجري، ولكن ليس له علاقة بالتقويم الجريجوري. ★ تَصَفح: التقويم.

ومن المحتمل أن يكون تقسيم اليوم إلى 24 ساعة، والساعة إلى 60 دقيقة، والدقيقة إلى 60 ثانية قد أتى من البابليين القدماء، إذ قسم البابليون المسار الدائري الظاهري للشمس إلى 12 قسماً متساوياً. ومن ثم قسموا فترات ضوء النهار والظلام إلى 12 قسماً لكل منهما، بحيث ينتج عن ذلك 24 ساعة في اليوم.

كذلك قسم البابليون الدائرة إلى 360 قسماً سميت درجات. وأكثر من ذلك قسم الفلكيون القدماء الآخرون كل درجة إلى 60 دقيقة. وأصبحت الساعات أخيراً على درجة عالية من الدقة بسبب الحاجة إلى وحدات أصغر من الساعة.

قام صانعو الساعات باتباع تقسيمات الفلكيين للدرجة، إذ قَسَّموا الساعة إلى 60 دقيقة، والدقيقة إلى 60 ثانية. وبهذه الطريقة يظهر وجه الساعة الساعات والدقائق بسهولة، ولوجه الساعة 12 تقسيمة، وكل واحدة من هذه التقسيمات تساوي ساعة واحدة بالنسبة لمؤشر الساعة، وخمس دقائق بالنسبة لمؤشر الدقيقة، وخمس ثوان بالنسبة لمؤشر الثانية.

وقسمت بعض أوجه الساعات إلى 24 ساعة وعلى هذه الساعة، ترى الساعة 9 صباحاً:900. والساعة 3 بعد الظهر: 1500. ويمنع هذا النموذج الخلط بين ساعات الصباح وساعات المساء.

قياس الوقت بوساطة الشمس:

يمر خط وهمي منحن عبر السماء مباشرة فوق كل نقطة على الأرض، يدعى خط الزوال السماوي. وأثناء دوران الأرض حول محورها، تعبر الشمس خط الزوال السماوي هذا مرة كل يوم. وعند عبور الشمس هذا الخط فوق مكان معين يكون الوقت فيه ظهراً. وبعد 12 ساعة يصبح الوقت في ذلك المكان منتصف الليل. وتدعى الفترة من منتصف ليل واحد إلى آخر، اليوم الشمسي. يتغير طول اليوم الشمسي بسبب ميل محور الأرض، والشكل الإهليلجي ـ البيضي ـ لمدارها وتغير سرعتها عبر المدار.

ولجعل كل الأيام الشمسية بطول واحد، فإن الفلكيين لايقيسون التوقيت الشمسي بالشمس الظاهرة ـ الحقيقية ـ بل يستعملون عوضاً عن ذلك شمساً وسطية ـ خيالية ـ تتحرك بسرعة ثابتة حول السماء. يحدث الظهر الشمسي الوسطي المحلي عندما تَعبر الشمس الوسطية خط الزوال السماوي فوق مكان محدد ويكون الوقت بين ظهر شمسي وسطي واحد وبين الآخر هو دائماً ذاته. وهكذا فكل الأيام الشمسية الوسطية تكون بالطول نفسه.

قياس الوقت بوساطة النجوم:

كذلك يقيس الفلكيون الوقت بوساطة دوران الأرض بالنسبة للنجوم. ويدعى هذا التوقيت التوقيت الفلكي أو التوقيت النجمي. وبدوران الأرض يومياً حول محورها تعبر خط الزوال السماوي فوق كل مكان على الأرض نقطة خيالية بين النجوم تدعى الاعتدال الربيعي. ويكون الوقت عندما يحدث ذلك الظهر النجمي. ويكون الوقت بين ظهر نجمي واحد والذي يليه هو يوم نجمي. واليوم النجمي أقصر من اليوم الشمسي الوسطي بـ3 دقائق و56 ثانية. ★ تَصَفح: النجمة.

نبائط قياس الوقت:

كانت المزولة (الساعة الشمسية) واحدة من أقدم نبائط قياس الوقت. ولكن لايمكن العمل بها إلا في ضوء الشمس. استخدم القدماء حبالاً ذات عقد مربوطة إلى فسحات منتظمة، أو شموعاً معلمة بخطوط متباعدة بنحو نظامي. وعند احتراق هذه النبائط فإنها تقيس الوقت. وتقوم الساعة الرملية بإعطاء الوقت عن طريق انسياب الرمل من خلال فتحة ضيقة. وتقيس الساعة المائية الوقت بسماحها للماء بالتنقيط ببطء من وعاء معلم إلى آخر. وقد طور الناس في القرن السابع عشر ساعات للدلالة على الوقت حتى الدقيقة. ويمكن للساعات الإلكترونية الحديثة والساعات الذرية أن تقيس الوقت بدقة أكثر. ★ تَصَفح: القياس.

نطاقات التوقيت

التوقيت المحلي والتوقيت القياسي:

لاتعطي الساعات في الأجزاء المختلفة من العالم التوقيت نفسه. وبفرض أن جميع هذه الساعات تظهر التوقيت نفسه ـ مثلاً الساعة 3 بعد الظهر ـ ففي هذا الوقت سيرى الناس في بعض الدول شروق الشمس وسيرى آخرون في دول أخرى الشمس في كبد السماء. وفي دول أخرى لايمكن مشاهدة الشمس لأن الساعة 3 بعد الظهر ستكون فيها ليلاً. وعوضًا عن ذلك فإن الساعات في جميع المواقع تبين الساعة 12 عند منتصف النهار.

وكل مكان من الأرض، يقع شرقاً أو غرباً بالنسبة لمكان آخر يكون له ظهر في وقت مختلف. ويسمى الوقت في مكان معين التوقيت المحلي لذلك المكان، فعندما يكون الوقت ظهراً ـ حسب التوقيت المحلي ـ لمدينة ما، يمكن أن يكون الوقت 11 قبل الظهر في مكان آخر غرب تلك المدينة، أو الواحدة بعد الظهر في مكان آخر إلى الشرق منها. ويعتمد التوقيت المحلي في الأماكن الأخرى على بعدها شرقاً أو غرباً من تلك المدينة.

وإذا استعملت كل جماعة توقيتاً مختلفاً، فسوف يرتبك المسافرون، وستحدث العديد من المشكلات الأخرى. ولتجنب كل هذه المشكلات تم استحداث نطاقات توقيت قياسية. وأقيمت هذه النطاقات بحيث يكون هناك اختلاف بمدة ساعة بين مكان على الجانب الشرقي من نطاق التوقيت ومكان على جانبه الغربي فيما إذا كان كل منهما حسب توقيته المحلي. ولكن حسب نظام نطاق التوقيت فإن كلاً من هذه الأماكن لن تكون تابعة لتوقيتها المحلي. يتم استعمال التوقيت المحلي عند خط الزوال ـ خط الطول ـ المار عبر مركز النطاق من قبل الأماكن داخل النطاق. وهكذا، سيكون التوقيت نفسه في كل مكان من النطاق.

نطاقات التوقيت العالمية:

أنشئت عام 1884م. واختير خط الزوال المار خلال مرصد جرينيتش في إنجلترا نقطة بداية من أجل نطاقات التوقيت العالمية، ويسمى غالباً خط الزوال لجرينيتش خط الزوال الأول ويدعى التوقيت الشمسي في جرينيتش التوقيت الوسطي لجرينيتش ـ توقيت جريينتش ـ أو التوقيت المدني لجرينيتش.

أنشأ مؤتمر دولي عقد عام 1884م، 12 خطاً توقيتياً غرب جرينيتش و12 خطاً توقيتياً شرقها. وتقسم هذه النطاقات العالم إلى 23 نطاقاً كاملاً ونصفي نطاق. ويكون لكل من النطاق الثاني عشر شرقاً والنطاق الثاني عشر غرباً عرض نصف نطاق. ويقعان متجاورين لبعضهما بعضًا، وهما مفصولان بعضهما عن بعض بخط وهمي يدعى خط التوقيت الدولي. ويقع هذا الخط على نصف الطريق حول العالم من جرينيتش. ويفقد المسافر الذي يعبر هذ الخط متجهاً غرباً نحو الصين يوماً واحداً. وهناك مناطق قليلة من العالم لاتستعمل نطاقات التوقيت القياسية. فمثلاً تبقى المناطق القطبية أسابيع عديدة في ضوء الشمس المستمر أو في الظلام.

أدرك الخبراء في عام 1940م أن التوقيت المبني على القياسات الفلكية ليس متناسقاً تماماً، إذ أن الأرض تبطئ وتسرع بطريقة غير منتظمة، ونتيجة لذلك أعيد تحديد طول الثانية عام 1958م بما يسمى تكرارية الاهتزاز الطبيعي لذرة السيزيوم. ومهما كان، فقد استمر الخبراء في تعيين طول السنة من الملاحظات الفلكية. ويدعى مقياس الوقت المبني على كل من القياسات الذرية والفلكية التوقيت العالمي المنسق.

أفكار علمية عن الوقت

الزمن الفيزيائي:

يعتقد العلماء أن الزمن أو الوقت كمية أساسية يمكن قياسها. ومن الكميات الأساسية الأخرى، الطول والكتلة. وقد أدرك الفيزيائي الشهير ألبرت أينشتاين تأثر قياس هذه الكميات بالحركة النسبية ـ الحركة بين جسمين ـ وأصبح الزمن أو الوقت شائعًا على أنه البعد الرابع. ★ تَصَفح: النسبية.

يعتقد العديد من الفيزيائيين أن الانسياب المتقدم الظاهري والمستمر للزمن ليس من خصائص القوانين الأساسية للطبيعة. ويعتبرون ذلك نتيجة لحقيقة أن الكون يتوسع ويصبح عديم الانتظام أكثر فأكثر. واعتبر بعض الفيزيائيين أن انسياب الزمن للوراء تحت ظروف معينة شيء محتمل إلا أن التجارب لم تدعم هذه الفكرة.

الزمن البيولوجي:

لقد وقتت نشاطات العديد من النباتات والحيوانات إلى دورة النهار والليل. وهذه الدورة الطبيعية تسمى الإيقاع اليومي (المتكرر)، وأكثر الأمثلة وضوحاً دورة النوم. وكثير من النباتات والحيوانات حساسة لدورات زمنية طبيعية أخرى. فبعض النباتات لاتبدأ دورتها التالية في النمو إلا بعد انقضاء مدة معينة من نهار اليوم. ويتم توقيت نشاطات بعض الحيوانات البحرية نتيجة تغيرات المد والجزر. وفي الواقع فإن هذه المخلوقات تعرف مثل هذه الأوقات حتىّ بعيداً عن مواطنها المائية.

الزمن الجيولوجي:

وجد الجيولوجيون دلائل في القشرة الأرضية تبين عدد بلايين السنين الماضية لتشكل الأرض. وأحد هذه الدلائل عنصر اليورانيوم. يتحول اليورانيوم ببطء إلى عنصر الرصاص بوساطة التفكك الإشعاعي. ومن قياس كمية الرصاص في نموذج من خام اليورانيوم يستطيع العلماء تقدير زمن تشكل الصخر.

ويتم استعمال الكربون المشع دليلاً آخر على الزمن الجيولوجي. ويتم امتصاص هذا النمط للكربون من كل نبات أو حيوان حي، وبقياس معدل تفكك الكربون يتمكن الجيولوجي من تقدير الزمن الذي مضى على موت النبات أو الحيوان. ★ تَصَفح: الكربون المشع.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية