الرئيسيةبحث

الغناء ( Singing )



الغِناء إنتاج الأنغام الموسيقية بصوت الإنسان بكلمات أو بدونها. والغناء شكل من الأشكال الطبيعية في التعبير، ويوجد في كافة المجتمعات والثقافات في كل أنحاء العالم.

يمكن أن يصاحب الغناء بالآلات الموسيقية أو دونها. وتناقش هذه المقالة كيف يغني الناس، وتصنيفات الصوت الرئيسي، وتدريب الأصوات على الغناء المنفرد.

لمعلومات حول الغناء الجماعى. ★ تَصَفح: الموسيقى الكلاسيكية ؛ الموسيقى الكنسية.

كيف يُغني الناس:

ينتج الغناء بنفس الطريقة العامة التي تنتج بها الآلات الموسيقية الهوائية الصوت ـ بإحداث اهتزاز عمود الهواء. يغني الشخص بسحب الهواء في الرئة، ويزفره عبر الأوتار (الحبال) الصوتية. والحبال الصوتية طيتان من النسيج الرقيق، تمتدان عبر الحنجرة (صندوق الصوت) في الحلق. وتُحدث حركة الصوت عبر الحبال الصوتية وسطح الحنجرة والفم اهتزازات تؤدي إلى إحداث صوت المُغني.

ونظرًا لمرونة الحبال الصوتية، ربما تختلف طبقة الصوت ودرجة النغم الناجمة عن اهتزاز الحبال، اعتمادًا على درجة الشد. ومتى شدت الحبال الصوتية بصورة محكمة، فإن طبقة الصوت تكون أعلى، وتكون طبقة الصوت منخفضة إذا كانت الحبال الصوتية أكثر ارتخاءً. تبدو حبال الرجل الصوتية طويلة وعريضة وسميكة بصورة أكبر من حبال المرأة. ونتيجة لهذا، فإن صوت الرجل، يبدو أنه ثُماني الأبعاد، أو أكثر انخفاضاً من صوت المرأة.

تصنيف الأصوات:

تقع أصوات الرجال والنساء في الطبقات الثلاث العامة لدرجة الصوت: عالية ومتوسطة ومنخفضة. ومن خلال هذه الطبقات تم تصنيف الأصوات إلى ستة أنواع ر ئيسية. هي من الأعلى إلى المُنْخَفض في درجة الصوت: السوبرانو (الندي) والميزوسوبرانو (الندي المعتدل) وكونترالتو (الرنان) للنساء والتينور (الصادح) والباريتون (الجهير) والباس (العميق والخفيض) للرجال. وتنتمي معظم الأصوات إلى الميزوسوبرانو والباريتون.

تدريب الصوت:

الغناء وظيفة فطرية لاتتطلب تدريبًا لتأدية موسيقى بسيطة. غير أنه في الغناء الجاد، لابد أن يفي الصوت بمتطلبات خاصة. وعليه، يحتاج المغني إلى تدريب خاص لأداء الغناء الأوبرالي وأنواع الموسيقى المعقدة الأخرى. ويَدْرِس الفنانون، ويتدربُون، لتطوير وتحسين أربع مهاراتِ غنائية: أساسية هي: 1- التحكم في النفس 2- الطبقة الواسعة 3- النعومة والسلاسة. 4- الرنين الجيد.

التحكم في النفس يسمح للمغني بأداء كل الجمل الموسيقية الطويلة بنفس واحد منفرد. ويتعلم المغني التنفس بمرونة وبصورة طبيعية، فيملأ الرئتين من أسفل إلى أعلى، ويُوسِّع تجويف صدره حتى تأخذ الرئتين أقصى كمية من الهواء. ويجب أن يتعلم المغني كيفية نفث الهواء بضغط متساو جيد التنظيم، مع التحكم في ذلك. وتساعد عضلات البطن وتجاويف الصدر، المغني على تحقيق هذا الهدف.

الطبقة الواسعة تسمح للمغني بإخراج طبقة واسعة للنغمات الموسيقية، من منخفضة لعالية، بصورة سليمة. وطبقة المغني هي التي تُحدد درجة أو فئة الصوت للمغني أو المغنية. ويساعد التدريب المغنين على إخراج أنغام سهلة متوسطة الطبقة، وبصورة مريحة، وأنغام عالية ومنخفضة أيضًا على حسب مقدراتهم. ويستطيع معظم المغنين غير المدربين، الغناء فوق الطبقة بحوالي ثمانية ونصف ثمانية أو أقل. ولكن المغنين المدرَّبين عادة ما تكون طبقة الغناء لديهم حوالى ثمانيتين (الثمانية هي المقطوعة الشعرية المكونة من ثمانية أبيات).

النعومة والسلاسة عبر طبقة الصوت تعني أن المغني لا يغير في طبقة الصوت عندما يتحرك من نغمة لأخرى. ويعتقد بعض الخبراء أن الصوت يتكون من قدرتين صوتيتين أو ثلاث (القدر الصوتية مجموعات من الأنغام داخل الطبقة). كما يعتقدون بأن المغني غير المدرب، الذي يغير طبقة صوته، يتحرك من نغمة لأخرى في لحظة التوقف. وعلى أية حال، يعتقد خبراء آخرون أن كل طبقة تتكون من مجموعة واحدة، وأن التغيير من نغمة لأخرى يحدث لأسباب أخرى. ويتفق الخبراء جميعًا على أن المغني يجب أن يكون قادراً على الغناء بسلاسة من خلال طبقة الصوت، بدون تغير مفاجئ في درجة أو نوعية النغم.

الرَّنِينْ الجَيد يساعد على تقوية النغم وتجميله، ويحدُثُ الرنين عند اهتزاز النغمة في تجاويف الحنجرة والفم والصدر والوجه. وهو يحدث بصورة فطرية، ولايمكن التحكم فيه مباشرة عن طريق المغني. وينبغي على المغني أن يتعلم فتح حنجرته إلى أقصى حد ممكن، عن طريق إرخاء عضلات الحلق لكي يحدث الرنين. وعليه أيضاً أن يتعلم كيف يُرخِي الفكّ والشفتين، وأين يضع لسانه بصورة سليمة.

مهارات الغناء الأخرى:

يجب أن يتعلم المُغني قراءة النوته الموسيقية (الرموز والعلامات)، ويفهم المصطلحات الموسيقية. يتعلم المغني أيضًا كيف يغني بارتعاش، وهو تبادل سر يع لنغمتين موسيقيتين متجاورتين، وكيف يتحكم في الأداة التي تُحْدث الاهتزاز أو الذبذبة، حيثُ إن الصوت المتذبذِب أو المهتز يتكون من تغيرات سريعة وطفيفة في درجة النغم أو الصوت. ويُعد وضوح الأداء مُهِمَّا لفَهم كلمات القصيدة الغنائية.

رأي الإسلام:

اختلفت آراء الفقهاء في كل من الغناء والموسيقى والرقص، فمن قائل بحرمتها مطلقًا وقائل بكراهتها وقائل بإباحتها. من ذلك نجد أن أبا حنيفة مثلاً يقول ¸إن الغناء من الذنوب التي يجب تركها والابتعاد عنها، وتجب التوبة عنها فورًا·. أما أصحابه فقد صرحوا بحرمة الغناء وسائر الملاهي، وخصوا الغناء بكونه معصية توجب فسق صاحبها وتُردُّ شهادته. أما ما نقل عن الإمام أحمد فهو قوله ¸الغناء ينبت النفاق في القلب فلا يعجبني·. أما رأي الإمام الشافعي فنستشفه من قوله: ¸الغناء لهْوٌ مكروه يشبه الباطل والمحال، ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته·، وقال الإمام مالك ¸الغناء إنما يفعله الفساق·. وفسر كثير من المفـسرين لهو الحديـث في الآية ﴿ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله﴾ لقمان: 6. بأن المقصود به الغناء. ومن آراء الحنابلة التي لا يصرح بها بالحرمة رأي ابن قدامة الذي لا يصرح بحرمته وإنما يصف من يداوم على ذلك بأنه ساقط المروءة فيقول: ¸الدف والشبابة والغناء جميعها من اللعب، فمن جعلها دأبه، واشتهر بفعلها أو استماعها، أو قصدها في مواضعها فهو ساقط المروءة وكذلك الرقّاص·.

أما القائلون بالإباحة فيقولون إن الغناء من حيث إنه ترديد للصوت بالألحان ؛ فهو مباح لا شيء فيه، لكن قد يعرض ما يجعله حرامًا أو مكروهًا ؛ فيحرم إذا ترتب عليه فتنة أو تضييع للوقت أو انصراف عن أداء الواجبات، وإلا فهو مباح. ويقول الغزالي في إحياء علوم الدين إن النصوص تدل على إباحة الغناء والرقص والضرب بالدف واللعب بالورق والحراب والنظر إلى رقص الحبشة في أوقات السرور قياسًا على يوم العيد فإنه وقت سرور، فقد روى البخاري في صحيحه أن أبابكر انتهر مغنيتيْن كانتا تغنيان في بيت عائشة بحضور الرسول ﷺ فطلب منه الرسول ﷺ أن يدعهما وقال: إن لكل قوم عيدًا وهذا عيدنا. وكذلك قياسًا على العرس أيضًا ؛ فقد روى أحمد واصحاب السنن إلا أبا داود بإسناد حسن قوله ﷺ: فَصْلُ ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح، وقاس الغزالي على ذلك، الوليمة والعقيقة والختان ويوم القدوم من السفر وسائر أسباب السفر وكل ما يجوز به الفرح شرعًا. لكنه قسم الغناء إلى أقسام كثيرة ذكر الحرام منها وهو ما يترتب عليه فتنة أو محظور ديني أو كان بألفاظ مستهجنة لا يرضاها الدين.

أما رقص النساء أمام من لا يحل لهن فهو حرام بالإجماع لما يترتب عليه من إثارة الشهوة والافتتان وما فيه من التهتك والمجون. واستدل الغزالي على إباحة الرقص برقص الحبشة والزنوج في المسجد النبوي يوم العيد حيث أمرهم الرسول ﷺ، وأباح لعائشة أن تنظر إليهم وهي مستترة به ﷺ. وقد نقل الغزالي عن الشافعي أنه قال ¸لا أعلم أحدًا من علماء الحجاز كره السماع إلا ما كان منه في الأوصاف، أما الحداء، وذكر الأطلال والمرابع وتحسين الصوت بألحان الأشعار فمباح. وقال إن من نقل عن الشافعي من أن الغناء لهو مكروه يشبه الباطل، لا ينافي إباحته لأنه إنما كان يعني القسم الممنوع منه على أن مراده باللهو العبث، والعبث ليس بحرام إلا إذا ترتب عليه محظور شرعي.

وهكذا يظل الأمر محلَّ نظر بين الفقهاء بين حظر وإباحة وتقييد وإطلاق، ومؤدَّى ذلك كله هو التخوف من فتنة الإنسان بهذا اللون وانشغاله عن ذكر الله وقضاء الحاجات والواجبات المفروضة عليه، والإغراق في هذا اللهو الذي ربما يستحوذ على الإنسان معظم وقته، هذا بالإضافة إلى إغلاق باب الوقوع في المحرمات لأن ما أدى إلى حرام فهو حرام، كالراعي يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ومن هنا اعتمد الفقهاء القدامى على هذا الفقه عندما حرموا أو قيدوا إباحة سماع الغناء.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية