المصدر : مكتب العمل الدولي وصندوق النقد الدولي.
الصناعات الخدمية:
هي الأنشطة الاقتصادية التي تنتج خدمات وليست بضائع، وصناعة الخدمات في النرويج، شأنها في ذلك شأن الدول الصناعية الأخرى، توظف عددا كبيرًا من العاملين، ففي عام 1960م بلغت نسبة العاملين في مجال الخدمات 45% من إجمالي القوى العاملة، وقد وصلت هذه النسبة إلى 70% بنهاية القرن العشرين. توظف الخدمات المحلية والاجتماعية والشخصية ما يقرب من ثلث العاملين في النرويج، وهي تشمل خدمات كالتعليم والرعاية الصحية والحكومة. ومن بين المجالات الخدمية الأخرى المصارف والاتصالات والتأمين والتجارة والنقل.
الصناعة:
عرفت النرويج الصناعة في وقت متأخر عن الدول الصناعية الكبرى، التي كانت تمتلك ثروة من الفحم الحجري لإنتاج الطاقة اللازمة لتشغيل الآلات. وفي القرن التاسع عشر الميلادي، كانت النرويج تستورد الفحم الحجري اللازم لتشغيل مصانعها، مما جعل الصناعة عملية باهظة التكاليف و تسبب في إيقاف نموها. وبحلول القرن العشرين الميلادي كانت النرويج قد بدأت في تطوير مصادرها لتوليد القدرة الكهرومائية رخيصة التكلفة. وهكذا تحولت مصانع النرويج إلى القدرة الكهرومائية للوفاء بما تحتاجه من طاقة، مما ترتب عليه تطور سريع للصناعة في النرويج. واليوم تأتي الصناعة على رأس الأنشطة الاقتصادية النرويجية، ويقع نصف المصانع تقريبًا في منطقة مدينة أوسلو. وأهم الصناعات هي المنتجات النفطية والمنتجات الكيميائية والمعادن مثل الألومنيوم والمغنسيوم والأغذية المصنعة ولباب الخشب والورق. وتعدّ النرويج واحدة من أكبر الدول المنتجة للألومنيوم، وهو المعدن الذي يصنع من البوكسيت المستورد. وتنتج البلاد أيضا الملابس والآلات الكهربائية والأثاث والسفن الصغيرة.
|
النرويج تملك احتياطيّا كبيرًا من النفط والغاز الطبيعي في بحر الشمال. وقد أدت عمليات تصدير النفط والغاز الطبيعي إلى تنشيط اقتصاد النرويج إلى حد كبير. |
التعدين:
أصبح التعدين أحد الأنشطة الاقتصادية المهمة في النرويج في فترة السبعينيات من القرن العشرين الميلادي، حينما بدأت البلاد في إنتاج النفط والغاز الطبيعي من حقول بحر الشمال. واليوم يمثل كل من النفط والغاز الطبيعي نسبة كبيرة من دخل النرويج ويتم أيضا استخراج خام الحديد والبيرايت اللذين يستخلص منهما النحاس والكبريت. ومن بين المعادن الأخرى الأيلمنيت والرصاص والموليبدنيت والزنك، أما الفحم الحجري فيستخرج من سفالبارد، وهي جزيرة تقع في شمالي النرويج.
الزراعة:
توجد المزارع في النرويج في المساحات الضيقة في الوديان الداخلية، وعلى طول الساحل، وثلثا مزارع النرويج تبلغ مساحة الواحدة منها 10 هكتارات أو أقل. ويمارس كثير من مزارعي النرويج مهنة ثانية ؛ حتى يتمكنوا من كسب ما يكفي لإعالة أسرهم. ويملك المزارعون ثلثي الغابات التجارية في البلاد، وعدد كبير منهم يشتغلون في قطع الأخشاب، بينما يمارس البعض صيد الأسماك بغرض التجارة. أما منتجات الألبان وتربية المواشي فتمثل ثلثي الدخل الزراعي في النرويج، إذ إن معظم الأراضي المنتجة تستخدم لزراعة المحاصيل التي تدخل في علف المواشي. أهم محاصيل النرويج الشعير والفواكه والخضراوات والتبن والشوفان والبطاطس.
الحراجة:
صناعة مهمة في النرويج منذ مئات السنين، حيث أصبحت الأخشاب من بين الصادرات الأساسية أثناء القرن السادس عشر الميلادي. أما اليوم فتستخدم الأخشاب بكثرة في إنتاج اللباب والورق. أهم الأشجار التجارية هي البتولا والصنوبر والشجرة الراتينجية، وقد تم رصف أكثر من 19,300كم من طرق الغابات لنقل الأخشاب بالإضافة إلى أن كمية كبيرة من الأخشاب تنقل عن طريق الأنهار. يبلغ ما يقطعه قاطعو الأخشاب في النرويج 10 ملايين متر مكعب في العام، في الوقت الذي يصل معدل نمو الغابات إلى 19 مليون متر مكعب في العام. زيادة إنتاج الأخشاب لا يمكن أن تتم إلا عن طريق استهلاك الغابات التي تحميها قوانين الدولة.
صيد الأسماك:
كانت النرويج دومًا من الدول المهمة المنتجة للأسماك إذ يصل إجمالي صيدها السنوي إلى 1,8 بليون كجم سنويا، ويعود الصيادون محملين بأعداد كبيرة من أسماك القُد والحدوق والرنجة والماكريل، وهو صيد يتم تصنيع معظمه للتصدير. أما صيد الحيتان الذي كان يحظى بأهمية كبيرة في النرويج فقد بدأ في التراجع منذ الستينيات من القرن العشرين الميلادي، إذ إن صيد الحيتان على نطاق واسع من قبل دولة النرويج والدول الأخرى الأساسية في صيد الحيتان أدى إلى ندرة أنواع كثيرة منها. ولهذا انضمت النرويج عام 1987م إلى اتفاقية دولية تمنع صيد الحيتان لأغراض تجارية مؤقتا. |
محطات القدرة الكهرومائية كتلك المقامة عند خزان نهر ألتا (كما يبدو في الصورة أعلاه) تتحكم في الطاقة التي تولدها أنهار النرويج الكثيرة السريعة الجريان. وتوفر تلك المحطات القدرة الرخيصة التكاليف للمنازل والمصانع. |
مصادر الطاقة:
تقوم المحطات الكهرومائية منذ أوائل القرن العشرين الميلادي بتوليد معظم القدرة المستخدمة في المصانع والمنازل في النرويج. لكن منذ منتصف السبعينيات أدى استغلال النرويج لمخزونها الضخم من النفط والغاز الطبيعي إلى استخدام المنتجات النفطية بصورة كبيرة في الصناعة والمواصلات. وهكذا أصبحت القدرة الكهرومائية تمثل 50% من استهلاك النرويج من الطاقة في أواخر القرن العشرين، ومنتجات النفط 40%، والمواد الصلبة كالفحم الحجري والخُث وخشب الصناعة الخام 10%.
التجارة الخارجية:
تعتمد النرويج كثيرًا على التجارة الخارجية، لتحافظ على مستوى المعيشة المرتفع، لهذا تُعدّ التجارة أكبر تجارات العالم بالمقارنة بعدد السكان. فالنرويج بسبب مواردها الطبيعية المحدودة، تستورد كميات من المواد الغذائية والمعادن، بالإضافة إلى البضائع المصنعة. ويمثل النفط والغاز الطبيعي الصادرات الأساسية للنرويج. ومن بين الصادرات الأخرى الكيميائيات والأسماك والآلات والمعادن ووسائل النقل ولباب الخشب والورق. ويعدّ الأسطول التجاري للنرويج واحدًا من أكبر الأساطيل في العالم، وأحد المصادر المهمة للدخل في البلاد، وهو يقدم خدمات الشحن للدول في كافة أرجاء العالم. أهم شركاء النرويج في التجارة السويد وألمانيا وبريطانيا. في الوقت نفسه فإن النرويج ترتبط بعلاقات تجارية متينة مع بلدان أوروبا الأخرى خاصة الدنمارك وهولندا وفرنسا والولايات المتحدة.
النقل:
أثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945م) غرق ما يقرب من نصف الأسطول التجاري للنرويج، وهو يحمل بضائع للحلفاء. بعد انتهاء الحرب تطور هذا الأسطول ليصبح واحدًا من أكبر الأساطيل في العالم. وتقوم عدة مئات من السفن بربط مدن النرويج الساحلية بعضها ببعض. أما في الداخل فتربط العبّارات بين شواطئ العديد من الخلجان والأنهار. تملك النرويج شبكة واسعة من الطرق البرية، والطرق الرئيسية منها فقط مرصوفة، أما البقية فمعبّدة فقط. وتمتلك كل أسرة تقريبا سيارة.
تملك الدولة معظم السكك الحديدية وتديرها، وتمتلك أيضا غالبية الخطوط الجوية التي تطير إلى جميع أرجاء العالم، وتقوم عدة شركات طيران بتقديم خدمات منتظمة إلى جميع أقاليم النرويج. وتقع مطارات النرويج الرئيسية في أوسلو وبيرجين وستافنجر.
وفي 27 نوفمبر 2000م، تم افتتاح أكبر نفق للطرقات في العالم بالنرويج، ويقع النفق في الطريق بين أوسلو وبيرجين بطول 24,5كم. وقد كان العمل قد بدأ في هذا النفق عام 1995م.
وسائل الإعلام:
في النرويج ما يقرب من 80 صحيفة يومية، وأهم الصحف اليومية الأفتون بوستن، والأربيدربلادت، داجبلادت، فيردنس جانج وتصدر في أوسلو، وبيرجينس تيدند وتصدر في بيرجين والأدرسيفيزن وتصدر في تروندهايم ويقوم عدد كبير من الصحف بتعضيد آراء أحد الأحزاب السياسية. وتقوم هيئة الإذاعة التي تملكها الدولة بتشغيل شبكة الإذاعة والتلفاز في النرويج، وهي شبكة لا يسمح ببث الإعلانات في برامجها. أما دخل الهيئة فيأتي عن طريق الضرائب السنوية التي تفرض على أجهزة الراديو والتلفاز، ومعظم برامج الراديو والتلفاز، برامج ثقافية أو تعليمية، بينما يخصص أقل من ثلث وقت الإرسال للترفيه. وفي النرويج يمتلك كل شخص جهاز راديو في المتوسط، بينما يملك كل شخصين جهاز تلفاز. وتملك الدولة شبكة البرق ومعظم الخدمات الهاتفية وتديرها، وتربط خطوط البرق والهاتف بين جميع أقاليم النرويج.
نبذة تاريخية
فجر التاريخ:
منذ ما يقرب من 11,000 عام عاش الناس على امتداد السواحل الشمالية والغربية للنرويج. كانت تغطي معظم المنطقة طبقات سميكة من الجليد، احتاجت لآلاف السنين حتى تذوب. وبحلول عام 2000ق.م. استقرت جماعات من قبائل جرمانية في تلك المنطقة بشكل مستمر، وسرعان ما أخذوا في الانتشار في جميع أنحاء المنطقة، واستمروا في الوصول إلى هناك لمئات السنين بعد الميلاد. كانت القبائل تشكل مجتمعات إقليمية يحكمها زعماء القبائل والملوك. |
الفايكنج النرويجيون استخدموا سفنا خشبية متطاولة ـ مثل هذه السفينة المحفوظة في متحف أوسلو ـ في غاراتهم بامتداد ساحل غربي أوروبا. وقد قاموا أيضا باستكشاف المحيط الأطلسي الشمالي. |
فترة الفايكنج (غزاة الشمال):
قام المغيرون من الفايكنج البحريين بنشر الذعر في معظم أرجاء غربي أوروبا لما يقرب من 300 عام. حيث بدأوا بالجزر البريطانية في القرن التاسع الميلادي، فهاجموا المدن الساحلية، وتركوها بعد أن حملوا السبايا والكنوز. وقد أبحر الفايكنج أيضًا غربًا وأقاموا المستعمرات في جزر فارو والجزر الأخرى في المحيط الأطلسي الشمالي. وفي عام 870م تقريبًا، توغلوا غربًا، واستعمروا أيسلندا، وقد جلب إريك الأحمر أول مجموعة من المستوطنين إلى جرينلاند عام 985م تقريبا. وفيما يقرب من عام 1000 تولى ابنه ليف إيريكسون قيادة أول رحلة قام بها أوروبيون إلى القارة الأمريكية. ★ تَصَفح: إريك الأحمر. وفي القرن العاشر الميلادي تقريبًا تم توحيد النرويج تحت راية أول ملك للبلاد، وهو هارولد الأول (ذو الشعر الفاتح) الذي استطاع هزيمة عدد كبير من الزعماء والملوك الإقليميين، بينما اعترف الآخرون له بالزعامة.
وقد أدخل الملك أولاف الأول النصرانية إلى النرويج خلال العقد الأخير من القرن العاشر الميلادي. وفي أوائل القرن الحادي عشر الميلادي استطاع أولاف الثاني تحقيق الوحدة النرويجية الكاملة وتوطدت دعائم النصرانية، واعتبر القديس حامي حمى النرويج بعد موته بفترة قصيرة عام 1030م.
انتهت فترة الفايكنج في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي، وزادت سلطة الكنيسة وتوسعت التجارة الخارجية وأصبحت المراكر الدينية والتجارية مدنًا مهمة، وظهرت أيضًا الاضطرابات السياسية والصراعات المريرة على السلطة. وبداية من عام 1130م طالب كثير من الزعماء الإقليميين بالعرش، لكن تمت هزيمتهم في سلسلة من الحروب الأهلية التي استمرت حتى عام 1240م، وتحقق السلم على يد هاكون الرابع. وبحلول القرن الرابع عشر الميلادي أصبح الاقتصاد النرويجي تحت سيطرة تجار شمال ألمانيا ـ إلى حد كبير ـ بعد أن أصبحت النرويج تعتمد عليهم، لاستيراد الحبوب. وفي عامي 1349 و1350م زاد ضعف البلاد بسبب موت أكثر من نصف السكان نتيجة انتشار وباء الطاعون.
الاتحاد مع الدنمارك:
كانت مارجريت زوجة ملك النرويج هاكون السادس ابنة ملك الدنمارك. وبعد وفاة والدها عام 1375م نجحت في تحقيق تتويج ابنها صغير السن ملكًا، وأصبحت تحكم الدنمارك باعتبارها وصية على العرش. وحينما توفي هاكون عام 1380م أصبحت مارجريت وصية على عرش النرويج أيضًا. وفي عام 1388م وأثناء فترة اضطراب سياسي في السويد، اختارها نبلاء السويد، لتحكم تلك البلاد أيضا، وهكذا وفي ظل اتحاد كالمار قامت مارجريت عام 1397م بتوحيد النرويج والدنمارك والسويد مع تركيز السلطة في الدنمارك. وقد ثارت السويد ضد حكم الدنمارك عدة مرات وانفصلت عن الاتحاد عام 1523م. في ظل ذلك الاتحاد الذي سيطرت عليه الدنمارك أصبحت النرويج ضعيفة وزادت قوة الدنمارك. وفي عام 1536م أعلنت الدنمارك تحويل النرويج إلى إقليم دنماركي، وجعلت المذهب اللوثري الديانة الرسمية للنرويج.
خلال القرن السادس عشر الميلادي أخذت النرويج تصدر كميات كثيرة من الأخشاب إلى بلدان أوروبا الغربية، ونتيجة لذلك بدأت النرويج في تطوير صناعة بناء السفن في أواخر القرن السابع عشر الميلادي، وهي الصناعة التي توسعت بسرعة أثناء القرن الثامن عشر الميلادي.
|
دستور النرويج تمت الموافقة عليه في عام 1814م من جانب جمعية عامة منتخبة في إيدسفول قرب أوسلو. وقد ظل الدستور نافذا منذ ذلك اليوم باستثناء بعض التعديلات الطفيفة. وقد أهديت هذه اللوحة التي تمثل الجمعية العامة، للبرلمان عام 1885م. وهي الآن معلقة في القاعة الرئيسية. |
الاتحاد مع السويد:
في عام 1807م وأثناء حروب نابليون وقفت الدنمارك مع فرنسا ضد بريطانيا التي كانت أهم شركاء النرويج في التجارة. وقد أوقفت بريطانيا تلك التجارة، وقامت السفن الحربية البريطانية بمنع تجارة النرويج مع الدول الأخرى مما أدى إلى جوع كثير من النرويجيين. وقد أدى الحصار البحري البريطاني إلى عزل النرويج عن الدنمارك، وبدأت النرويج تدير شؤونها بنفسها، ثم بدأ النرويجيون بالاتجار سرّا مرة أخرى مع بريطانيا. ثم ألحقت السويد ـ حليفة بريطانيا ضد فرنسا ـ الهزيمة بالنرويج عام 1813م وفي عام 1814م وبموجب معاهدة كييل تخلّت الدنمارك عن النرويج للسويد، واحتفظت لنفسها بالجزر المستعمرة ـ جرينلاند وأيسلندا وجزر فارو.
لكن النرويجيين لم يعترفوا باتفاقية كييل، وهكذا قاموا بانتخاب جمعية عمومية، تتولى وضع دستور للنرويج المستقلة. وقد تمت الموافقة على الدستور في 17 مايو، ولكن السويد رفضت منح النرويج الاستقلال، وقامت القوات السويدية بمهاجمة القوات النرويجية، وألحقت بها الهزيمة بسرعة. وفي نوفمبر 1814م عينّ البرلمان النرويجي تشارلز الثالث عشر ملك السويد حاكمًا للنرويج أيضًا، وقد تعهد تشارلز باحترام دستور النرويج.
وفي عام 1884م وبعد كفاح سياسي طويل حصل البرلمان على حق إرغام الوزارة على الاستقالة، وكانت الوزارة حتى ذلك الوقت مسؤولة أمام الملك فقط.
الاستقلال:
في العقد الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي كان الأسطول التجاري للنرويج من أكبر أساطيل العالم، لكن الخارجية السويدية هي التي كانت تتولى شؤون الشحن النرويجية عن طريق مراكزها التجارية وراء البحار، ولهذا طالبت النرويج بوزارة خارجية خاصة بها، لكن السويد رفضت ذلك الطلب. وفي مايو 1905م وافق البرلمان النرويجي على قانون بإنشاء وزارة الخارجية، لكن الملك السويدي اعترض عليه. وفي 7 يونيو أنهى البرلمان الاتحاد مع السويد. كادت السويد تعلن الحرب على النرويج، ولكنها اعترفت باستقلال النرويج في سبتمبر 1905م وبخاصة بعد أن اقترع جميع أفراد الشعب النرويجي باستثناء 184 مواطنا لصالح الاستقلال. وفي نوفمبر نصب الشعب أميرًا دنماركيّا ملكا لهم، ليصبح هاكون السابع.
وبعد حصولها على الاستقلال بدأت النرويج في تطوير الأنهار الجبلية لتوليد القدرة الكهرومائية، وهكذا توسعت صناعاتها بسرعة، بفضل مصادر القدرة الرخيصة تلك. وفي أثناء الحرب العالمية الأولى (1914-1918م) زاد ازدهار الاقتصاد النرويجي، فبالرغم من بقاء النرويج على الحياد، إلا أن أسطولها التجاري ظل يحمل الكثير من البضائع للحلفاء. وقد أغرقت الغواصات والألغام الألمانية نصف سفن النرويج.
ثم تعرض الاقتصاد النرويجي لحالة كساد، بعد الحرب العالمية الأولى، وفي أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية في الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي، تعرض الاقتصاد النرويجي ـ الذي يعتمد أساسا على التجارة والشحن البحري ـ لمزيد من الأزمات. أثناء تلك الفترة كان ربع أو ثلث القوة العاملة في النرويج من العاطلين.
الحرب العالمية الثانية:
في بداية الحرب (1939م) حاولت النرويج أن تبقى على الحياد، لكن في 9 إبريل عام 1940م قامت ألمانيا بغزو النرويج ومهاجمة جميع موانئها البحرية في الوقت نفسه، وقد قاتل النرويجيون ببسالة لمدة شهرين تساعدهم بعض القوات البريطانية والفرنسية والبولندية. وفي 10 يونيو من ذلك العام استسلمت النرويج، وهرب الملك هاكون السابع وحكومته إلى لندن وشكلوا حكومة في المنفى. وقام البرلمان بتعيين أحد المتعاونين النرويجيين معهم وهو فيدكون كوسلينغ رئيسًا لوزراء النرويج. بدأ جيش نرويجي للمقاومة السرية القيام بأعمال التخريب ضد قوات الاحتلال الألمانية، وكانت هذه القوات قد تم تدريبها أساسًا للاشتراك في غزو الحلفاء المرتقب للنرويج. وقد هرب نرويجيون آخرون من بلادهم، ليتدربوا في السويد وبريطانيا، استعدادًا للغزو، وشارك البعض في غارات الكوماندوز (الفدائيين) البريطانية داخل النرويج وكان الألمان يقومون بعد كل غارة بإعدام وتعذيب عدد كبير من النرويجيين السجناء.
أما طيارو المقاتلات النرويجيون فقد كان يتم تدريبهم في كندا، وينطلقون من قواعد لهم في بريطانيا وأيسلندا، في الوقت الذي كان الأسطول التجاري للنرويج يقوم فيه بنقل إمدادات الحرب للحلفاء. وقد شارك الأسطول البحري النرويجي في حماية سفن الحلفاء، ثم شارك في غزو فرنسا عام 1944م.
في 8 مايو 1945م وبعد سقوط ألمانيا استسلم الـ350,000 جندي ألماني الموجودون في النرويج، وفي 7 يونيو عاد هاكون السابع إلى النرويج منتصرًا في الذكرى الأربعين لاستقلال البلاد. فقدت النرويج 10,000 شخص في الحرب، وأغرق نصف أسطولها التجاري تقريبًا. بينما تحولت مقاطعات فنمارك وترومسو الواقعة في أقصى الشمال إلى دمار. ★ تَصَفح: الحرب العالمية الثانية.
التنمية بعد الحرب:
أسهمت القروض الأمريكية بعد الحرب في إعادة بناء النرويج لأسطولها التجاري وصناعتها، وبحلول الخمسينيات أصبح الاقتصاد النرويجي مزدهرًا. كانت النرويج بين الدول الموقعة على ميثاق قيام الأمم المتحدة عام 1945م، وفي العام التالي أصبح تريف لي النرويجي أول سكرتير عام للأمم المتحدة. وفي عام 1949م، أصبحت النرويج إحدى دول حلف شمال الأطلسي وإن كانت النرويج قد رفضت السماح للحلف بإقامة قواعد للأسلحة النووية فوق أراضيها، خشية إغضاب الاتحاد السوفييتي سابقًا، جارها في الشمال الشرقي.
وقد اشتركت النرويج مع ست دول أخرى في تشكيل اتحاد التجارة الحرة الأوروبي وهو اتحاد اقتصادي. ★ تَصَفح: اتحاد التجارة الحرة الأوروبي. وفي عام 1957م، أصبح أولاف الخامس ملكًا على النرويج. وفي فبراير 1994م، تم قبول النرويج عضوًا في السوق الأوروبية المشتركة.
في عام 1966م، وافق البرلمان على القانون القومي للتأمينات والذي يعد أهم إصلاح في تاريخ النرويج. ويضم البرنامج الذي بدأ تنفيذه في 1 يناير 1967م مجموعة من خطط الإعانات الاجتماعية مثل معاش كبار السن وإعادة التدريب على الوظائف ومساعدة الأمهات واليتامى والأرامل والمعاقين. أقام النرويجيون معظم برنامجهم الموسع للرعاية الاجتماعية على أسس النظام السويدي الذي يقدم مزايا واسعة للرعاية.
السبعينيات:
في عام 1972م، وقعت النرويج اتفاقية مبدئية للانضمام إلى المجموعة الأوروبية، وهي منظمة لتشجيع التجارة والتعاون الاقتصادي بين الشعوب الأوروبية. ★ تَصَفح: المجموعة الأوروبية. وقد تم عرض الاتفاقية على الناخبين للاقتراع عليها. كان رأي المؤيدين أن العضوية ستعود بالفائدة على الاقتصاد النرويجي، بينما كان المعارضون يرون أنها تهدد بضياع الهوية القومية للنرويج ومستوى الحياة فيها. وفي سبتمبر 1972م اقترع الناخبون برفض الاتفاقية، مما دفع الحكومة إلى التوصل لاتفاقية محدودة مع الجماعة الأوروبية لاستبعاد التعريفة الجمركية على معظم البضائع المصنعة. بدأت النرويج إنتاج النفط والغاز الطبيعي من حقول بحر الشمال في السنوات الأولى من السبعينيات، ومنذ ذلك الوقت أدت عمليات استخراج ومعالجة النفط والغاز إلى ازدياد نشـاط الاقتصـاد النرويجي بقدر كبــير. وقد أدت الزيادة في صادرات النرويج من النفط إلى استفادتها من الزيادات الكبيرة في أسعار النفط من منتصف السبعينيات إلى أوائل الثمانينيات، وهي فترة استمر خلالها الاقتصاد النرويجي في التوسع، وانخفض معدل البطالة في الوقت الذي كانت فيه دول أخرى تكافح التضخم والنمو الاقتصادي البطيء.
التطورات الأخيرة:
بعد عقود من سيطرة حزب العمل داخل الحكومة دخلت النرويج فترة من التحالفات سريعة التغير خلال الثمانينيات، فقد تولت السلطة عدة حكومات غير اشتراكية في السنوات الأولى من الثمانينيات تلتها حكومة أقلية بزعامة حزب العمل عام 1986م. وفي انتخابات 1989م أدّى فوز حزب التقدم والأحزاب الأخرى إلى حرمان حزب العمل من السيطرة على البرلمان، وتشكلت حكومة ائتلافية برئاسة حزب المحافظين. وفي عام 1990م، انهارت الحكومة الائتلافية وشكل حزب العمل الحكومة الذي فاز أيضًا في انتخابات 1993م بدعم كبير من حزب الوسط الذي كان يعارض الانضمام للاتحاد الأوروبي. حتى عام 1990م، كان من حق الرجال فقط اعتلاء العرش في النرويج، لكن البرلمان قام في ذلك العام بتعديل الدستور بحيث يسمح للنساء بوراثة العرش. وفي عام 1991م توفي الملك أولاف الخامس وخلفه هارالد الخامس.
ومنذ أوائل السبعينيات ازدادت روابط النرويج الاقتصادية بالمجموعة الأوروبية مما دفع كثيرًا من النرويجيين إلى حث البلاد على إعادة النظر في قرار الارتباط بالاتحاد الأوروبي. وفي الاستفتاء الذي أقيم في نوفمبر 1994م، لم يوافق النرويجيون على الانضمام للاتحاد الأوروبي. وفي عام 1997م، شكل ائتلاف يقوده حزبي الشعب المسيحي حكومة البلاد.
|
تواريخ مهمة في النرويج |
|
870م | تقريبًا قام الفايكنج النرويجيون باستعمار أيسلندا. | 900م | تقريبًا وحّد هارولد الأول النرويج. | 985م | تقريبًا قام إريك الأحمر باستعمار جرينلاند. بداية القرن الحادي عشر الميلادي تقريبًا أبحر ليف إيريكسون إلى أمريكا الشمالية. | 1349-1350م | قتل وباء الطاعون ما يقرب من نصف سكان النرويج. | 1380م | اتحدت النرويج مع الدنمارك. | 1536م | أصبحت النرويج إقليما دنماركيا، كما أصبحت اللوثرية الديانة الرسمية. | 1814م | تخلّت الدنمارك عن النرويج للسويد. | 1884م | أصبحت الوزارة في النرويج مسؤولة أمام البرلمان بدلاً من الملك. | 1905م | أصبحت النرويج دولة مستقلة. | 1940-1945م | احتلت القوات الألمانية النرويج أثناء الحرب العالمية الثانية. | 1945م | انضمت النرويج إلى الأمم المتحدة. | 1949م | أصبحت النرويج عضوًا في منظمة حلف شمال الأطلسي. | 1957م | توفي الملك هاكون السابع، وخلفه الملك أولاف الخامس. | 1959م | شكلت النرويج وست دول أخرى اتحاد التجارة الحرة الأوروبي | 1967م | بدأت النرويج أضخم مشاريعها للإعانة الاجتماعية، وهو مشروع وحد العديد من مشاريع الإعانة القائمة تحت القانون القومي للتأمينات. | السبعينيات من القرن العشرين | بدأت النرويج إنتاج النفط والغاز الطبيعي من حقول بحر الشمال، مما بعث النشاط في اقتصاد البلاد. | 1991م | توفي الملك أولاف الخامس وخلفه هارالد الخامس. | |
إختبر معلوماتك :
- ما العائلات التي تستفيد من برنامج الأسرة النرويجية ؟
- من الذين قادوا أولى الرحلات البحرية من الأوروبيين إلى أراضي القارة الأمريكية ؟
- ما أوجه الخلاف بين المدن النرويجية والمدن الأوروبية الأخرى ؟
- ما اسم الثلث الشمالي من النرويج، ولماذا أطلق عليه ذلك الاسم؟
- من الذي يختار أعضاء مجلس الوزراء النرويجي ومن الذي يعينهم؟
- ما الدور الذي تقوم به الوزارة في الحكومة ؟
- كيف تطورت لغتا النرويج الرئيسيتان ؟
- ما الذي جعل أسطول النرويج التجاري مفيدا لاقتصاد البلاد ؟
- ما أهم مصادر الطاقة في النرويج ؟
- متى أصبح العمل في المدن نشاطًا اقتصاديا مهمّا في النرويج؟ ولماذا ؟
- ما الذي أدى إلى استقلال النرويج عن السويد ؟
مقالات ذات صلة
المصدر: الموسوعة العربية العالمية