الرئيسيةبحث

الري ( Irrigation )



مخطط الري مثل مشروع الري في مقاطعة وربي بفكتوريا تعتبر ذات أهمية حيوية بالنسبة لأستراليا، القارة الأكثر جفافًا في العالم.
الــرَّيّ سقي الأرض بالمياه بالطرائق الاصطناعية، وتوفير الماء الضروري لنمو النباتات في المناطق التي تعاني من ندرة الأمطار، أو عدم سقوطها. ويمكن الحصول علي الماء المستخدم للري من البحيرات والأنهار والجداول والآبار.

يُستخدم الري بشكل رئيسي في ثلاثة أنواع من الأقاليم المناخية وهي الأقاليم الصحراوية مثل مصر والجنوب الغربي للولايات المتحدة الأمريكية حيث تكاد الزراعة تكون فيها مستحيلة بدون مياه الري. وفي الأقاليم ذات الأمطار الموسمية مثل الأراضي الأسترالية، يجعل الري الزراعة فيها أمرًا ممكنًا حتى خلال أشهر الجفاف. وفي الأقاليم الرطبة مثل نيوزيلندا وأوروبا الغربية، يحافظ الري على المحاصيل خلال فترات الجفاف.

كانت مساحة الأراضي المروية في العالم في منتصف ثمانينيات القرن العشرين نحو 220 مليون هكتار، منها 17,700,000هكتار تقع في أستراليا التي تُعد أكثر قارات العالم جفافًا.

تتفاوت كمية المياه اللازمة للزراعة وذلك حسب نوع المحصول والمناخ. فمثلاً يحتاج محصول الأرز كميات من المياه أكبر مما يحتاجه محصول القطن. ويحتاج محصول القمح الذي يُزرع في المناطق الدافئة كميات مياه أكبر من محصول القمح الذي يزرع في المناطق الباردة ؛ وعليه يجب أن تُسقى الأراضي الزراعية بكميات مياه تكفي لنمو المحصول والتبخر من سطح الأرض.

يُستخدم الماء في بعض الأقطار لأغراض الري أكثر من أي استخدامات أخرى. وعليه قد يكون لترشيد استهلاك الماء وتوفير مشروعات الري الأهمية الحيوية في تأمين الغذاء والإنتاج الزراعي في أي دولة. وتزداد الحاجة للمياه باستمرار مع زيادة النمو السكاني حيث مازال هناك الكثير من الناس بحاجة لتوفير المياه في منازلهم، بالإضافة إلى توفير المزيد من المياه للمصانع بسبب زيادة الإنتاج. ففي المناطق التي تزيد احتياجاتها المائية على كمية الإمداد المائي المتوافر فيها، تم اتخاذ بعض التدابير لتوزيع المياه على شكل حصص. فمثلاً تقوم السلطات في غربي الولايات المتحدة الأمريكية بتوزيع الحصص المائية من نهر كولورادو على عدة ولايات مختلفة.

مصادر مياه الري

يِستلزم الري توافر مصادر كبيرة للمياه العذبة. وتعتبر المياه السطحية والمياه الجوفية المصدرين الرئيسيين للمياه العذبة.

المياه السطحية:

تُوجد فوق سطح الأرض في الجداول والأنهار والبحيرات، وهي المصدر الرئيسي للمياه المستخدمة لأغراض الري. وتتكون المياه السطحية في الغالب من الأمطار والثلوج حيث تنساب مياه الأمطار فوق سطح الأرض وتتجه نحو الجداول والأنهار. وتتراكم الثلوج في فصل الشتاء بكميات هائلة فوق المرتفعات والجبال، وتذوب في فصل الربيع ثم تنساب نحو المياه السطحية.

يُشيّد المهندسون في مناطق عديدة من العالم السدود على الأنهار لتخزين المياه في بحيرات اصطناعية خلفها. وتُشكِّل هذه البحيرات خزانات مائية تحجز المياه السطحية للاستفادة منها عند الحاجة لأغراض الري أو لبعض الأغراض الأخرى. فالخزانات الحديثة، بشكل عام، باستطاعتها أن تحجز كميات مائية هائلة. فمثلاً يختزن سد نهر أورد الضخم، في غربي أستراليا الذي يكون بحيرة أرجيل، حوالي 5,723,000 ميجالتر. ويمد هذا السد المزارع الخاصة بتجارب زراعة الذرة الرفيعة والقطن والأرز القرطم والفول السوداني بما تحتاجه من مياه للري.

المياه الجوفية:

هي المياه المختزنة تحت سطح الأرض في الفراغات بين الصخور والفراغات البينية لحبيبات الرمل والمكونات الأخرى للتربة. تملأ المياه الفراغات كلما تحركت المياه نحو الأسفل داخل التربة وتصل في النهاية إلى طبقة صخرية أو ترابية غير منفذة. وتصبح الأرض الموجودة فوق هذه الطبقة منطقة مشبعة بالماء وتدعى الطبقة الصخرية المائية، وقد تستغرق عملية تجميع المياه في الطبقات الصخرية المائية آلاف السنين. وتعتبر الأراضي المجاورة للأنهار من أفضل المناطق المغذية للمياه الجوفية، حيث يتسرب إليها الماء من الأنهار إلى داخل الأرض، ثم ينتقل إلى الطبقة الحاملة.

المصادر المائية الأخرى:

تسهم بقدر ضئيل مقارنة بالكميات المائية الأخرى المستخدمة لأغراض الري. فمثلاً يقوم المزارعون في صحراء النقب بجمع المياه من الندى واستخدامها في ري حقولهم. كما يستخدم المزارعون في بعض المناطق الأخرى مياه الصرف الصحي المعالَجة في ري بعض المحاصيل. ويمكن أيضًا استخدام مياه البحر لأغراض الري، إذا ما أُزيلت الأملاح منها، ولكن تحلية هذه المياه وضخها عبر الأراضي عملية مكلفة للغاية.

توصيل مياه الري

الري بالرش ينثر الماء فوق الحقل على هيئة رذاذ. و نظام الرش المبين مجهز بمحرك و عجلات، و يتحرك عبر الحقل معتمدا على قدرتة الذاتية

يتطلب الري وسيلة لنقل المياه من مصدر الإمداد إلى المزرعة. وتحصل غالبية المزارع على المياه السطحية بوساطة شبكة من القنوات. وتنقل قناة الري الكبرى المياه من المصدر الرئيسي إلى قنوات أصغر حجمًا تدعى القنوات الفرعية. وتتصل القنوات الفرعية بالمساقي التي تنقل المياه بدورها إلى المحاصيل. فإذا كان مستوى المزرعة أقل من منسوب مصدر الإمداد فإن الماء في هذه الحالة يتدفق في القنوات نتيجة للجاذبية الأرضية. أما إذا كان مستوى المزرعة أعلى من مصدر الإمداد، فإن عملية ضخَّ الماء إلى أعلى في هذه الحالة من الأمور التي تحتاج جهدًا كبيرًا.

توجد وسائل ومعدات رفع المياه في معظم الدول النامية وتكون بسيطةً جدًا. وتتكون وسيلة الرفع من عارضة أفقية مثبتة على ركيزة، ومثبّت في أحد طرفيها وعاء لحمل الماء، والطرف الثاني مجهز بثقل موازنة. وقد تكون وسيلة الرفع دولابًا مائيًا يشتمل على عدة أوان فخارية مثبتة بسلسلة حول الدولاب، ويدار بوساطة حيوانات جر الأثقال، أما في الدول التي تتوافر فيها تقنية حديثة فيُضخ الماء من الآبار العميقة المحفورة تحت مستوى الماء الأرضي الذي يمثل قمة الطبقة الصخرية المائية. ويفضّل أن تحفر آبار الري في المزارع التي تمدها بالماء أو بالقرب منها. ترفع المضخة الموجودة في البئر الماء إما إلى القناة أو إلى الأنبوب لنقله إلى المحاصيل. فإذا كانت البئر بعيدة عن المزرعة، فيجب في مثل هذه الحالة توفير شبكة قنوات أو أنابيب لتوصيل المياه إلى المحاصيل في المزرعة.

ومن المحتمل أن تُفقد مياه الري قبل وصولها إلى المحاصيل. فمثلاً تفقد المياه من الخزانات، نتيجة للتبخر، ويزداد مقدار الفقد المائي من الخزانات كلما زادت مساحة المسطح المائي فيها ويمكن تقليل هذه الفواقد بإنشاء خزانات عميقة ذات مسطحات مائية صغيرة.

وقد تُفقد المياه بالتسرب في المناطق التي تتَّسع مسام تربتها، ويحدث التسرب عادة عندما ترشح المياه من أرضية الخزانات أو القنوات وجوانبها. ويمكن السيطرة على التسرب بتبطين هذه الخزانات والقنوات بطبقة ترابية ناعمة لا تسمح بنفاذ الماء منها بسهولة. ويحاول المهندسون أن يشيدوا الخزانات في المواقع المناسبة التي لا تسمح التربة فيها بتسرب الماء بكميات كبيرة. ويمكن أيضا منع التسرب من القنوات والجداول بتبطينها بمادة مانعة للتسرب مثل الأسفلت أو الخرسانة.

تُسمى عملية التبخر من أوراق النباتات النتح. فالنباتات عادة تمتص الماء من خلال جذورها. وتفقده بعملية النتح. فمثلاً قد يُؤدي النتح من الحشائش النامية في قنوات الري أو بالقرب منها إلى فقدان كميات كثيرة من المياه. وعمومًا يمكن تقليل بعض هذه الفواقد بتبطين القنوات بمادة مانعة للتسرب، تحد من نمو الحشائش فيها.

طرق ريّ المحاصيل

تتطلب عملية ري المحاصيل مهارة معينة، فمثلاً ينبغي على المزارع أن يعرف متى يجب أن يروي كل نوع من أنواع المحاصيل المختلفة، وما كمية المياه اللازمة لكل محصول. وبشكل عام تحتاج النباتات الري فقط بعد أن تستنفد معظم مياه التربة. كما يجب على المزارع أن يأخذ بعين الاعتبار بعض العوامل قبل الشروع في الري. ومن هذه العوامل معرفة كمية المياه المتاحة للري ونوع المحصول، ومستوى الماء الأرضي ومقدرة التربة على الاحتفاظ بالماء.

توجد أربع طرائق رئيسية للري وهي: 1- الري السطحي 2- الري بالرش 3- الري بالتنقيط 4- الري تحت السطحي.

الري بالغمر يغطي كل سطح الحقل باماء تماما، و تعمل الحواجز الترابية المساماة الحواجز أو الأكتاف على حجز المياة عن الحقل . تبين الصورة بعض المزارعين و هم يقومون بغرس بعض شتلات الأرز في حقل مغمور بالماء في الهند

الري السطحي:

يعتبر هذا النوع من الري أكثر الطرق شيوعًا، يُجْري المزارع بهذه الطريقة المياه فوق سطح الحقل، ويوجد أسلوبان رئيسيان للري السطحي هما الري بالغمر و الري بالخطوط.

الري بالغمر. يغطى سطح الحقل بالماء تمامًا، ثم يأخذ الماء في التسرب داخل مسام التربة. وتحافظ الحواجز الترابية الموجودة في الحقل والتي تدعى أكتافًا أو حواجز على حجز المياه فوق سطح الحقل. ففي الكثير من المزارع تُقسم الحقول إلى أجزاء بوساطة حواجز، ويغمر المزارع كل جزء منها على حدة.

تناسب هذه الطريقة الأراضي المستوية والمنحدرة باعتدال مع توفّر كميات كبيرة من الماء. كما تناسب التربة العميقة التي لها القدرة الكافية على الاحتفاظ بكميات كبيرة من الماء. وبشكل عام تستخدم هذه الطريقة في ري محاصيل البرسيم والأرز والقمح وبعض الحبوب الأخرى. فالأزر المغمور يزرع في أحواض محاطة بحواجز ويبقى مغمورًا طيلة الموسم، بينما تُغمر المحاصيل الأخرى لعدة ساعات فقط في كل رية.

الري بالخطوط. تُستخدم مساق ضيقة تدعى الخطوط لنقل الماء بين صفوف المحاصيل، يتدفق الماء في أنبوب ويصب في الخطوط من خلال فتحاته.
الري المحوري في المملكة العربية السعودية.

الري بالخطوط:

معظم المحاصيل التي تزرع علي هيئة صفوف، تُروى بوساطة مساقٍ ضيقة تدعى الخطوط وفي هذه الطريقة تشق الخطوط على امتداد الحقل. ويضع المزارع البذور في قمة الحافة المائلة ما بين الخطوط. وعند الري يرتفع الماء في الخطوط إلى حافاتها العلوية ليمد البذور بالرطوبة اللازمة للنمو. وتستخدم هذه الطريقة في ري أنواع كثيرة من الأراضي المختلفة.

الري بالرش:

يتم بوساطة أنابيب ممتدة على سطح الأرض أو مثبتة فوق النبات. وهذه الطريقة أصبحت شائعة الاستعمال منذ عام 1940م نتيجة لتطور صناعة أنابيب البلاستيك والألومنيوم وتوفّرها بأسعار مناسبة.

تقوم المضخة بدفع المياه من خلال أنبوب مجهز بفوهات تدعى رشاشات. وتعمل هذه الرشاشات على توزيع المياه على المحاصيل على هيئة قطرات أو رذاذ. ويستطيع المزارع في معظم الحالات نقل الأنبوب من مكان إلى آخر لري الحقل بأكمله. وتكون نظم الرش ذاتية الحركة مجهزة بمحرك وعجلات، وجميعها مثبَّت في وحدة الرش. وتنتقل هذه الأنظمة عبر المزرعة بالاعتماد على قدرتها الذاتية.

يمكن استخدام طريقة الري بالرش لمعظم أنواع المحاصيل والترب، ويمكن استخدام هذه الطريقة أيضا لري الأراضي المنبسطة أو المنحدرة. وتعتبر هذه الطريقة ذات كفاية عالية خصوصًا لري المزارع التي تكون مصادرها المائية محدودة. ونظم الرش قد يلزمها مقدار كبير من الطاقة مما يجعل استخدامها محصورًا في المناطق التي تتوفّر فيها الطاقة. ولكن بعض النظم تستخدم رشاشات ذات ضغط منخفض وتحتاج طاقة أقل.

الري بالتنقيط. يُوزّع الماء من خلال أنابيب بلاستيكية، وينقط الماء فوق التربة من خلال فتحات صغيرة مثبتة في الأنابيب. والصورة توضح طريقة الري بالتنقيط لمحصول القطن.

الري بالتنقيط:

يتم من خلال فتحات صغيرة تدعى منقطات مثبتة على أنابيب بلاستيكية ممدودة فوق، أو تحت سطح الأرض. فعندما يتدفق الماء في الأنبوب تزود هذه الفتحات التربة بالماء على هيئة قطرات. وتحصل التربة المجاورة للنباتات مباشرة على المياه، وبذلك يكون مقدار الفاقد من الماء قليلاً.

يُستخدم نظام الري بالتنقيط في جميع أنواع المحاصيل والأراضي. وتُعد طريقة الري بالتنقيط طريقة مثالية للري في المناطق التي تعاني من ندرة في المياه. ولكن تكلفة تركيب الأجهزة وصيانتها تجعلانها غير مناسبة لكثير من المزارع. وعموما تُستخدم هذه الطريقة لري المحاصيل ذات القيمة العالية فقط مثل الفواكه والخضراوات.


الري تحت السطحي:

يتم سقي التربة بالمياه من تحت الجذور بوساطة قنوات أو أنابيب مدفونة تحت سطح الأرض ويبقى سطح التربة جافًا. ويتطلب الري تحت السطحي وجود طبقة ترابية عديمة النفاذ، أو صخرية تحت منطقة الجذور لكي يتراكم الماء فوق هذه الطبقة ويرطب الجذور.

توفير الصرف الاصطناعي

مشروع الري والصرف في الأحساء بالمملكة العربية السعودية.

تحت ظروف عديدة يُصرف الماء من التربة بشكل طبيعي. ولكن قد تتسبب الفيضانات والأمطار الغزيرة في زيادة كمية المياه وتراكمها في التربة، ويأخذ نظام إدارة المياه الكفء بعين الاعتبار توفير نظام صرف اصطناعي للتخلص من المياه الفائضة.

فعندما تُمد الأرض بكميات مائية كبيرة، يرتفع الماء الأرضي إلى مستوى سطح الأرض تقريبًا، وتصبح التربة مشبعة. ويؤدي الماء الأرضي إلى هذا المستوى إلى القضاء على جميع النباتات خصوصًا النباتات ذات الجذور الضحلة جدًا. وتتأثر جميع أشجار الفاكهة والكروم والبرسيم وقصب السكر والقطن والحبوب بارتفاع الماء الأرضي. وتحتاج معظم النباتات توفّر الهواء في التربة حاجتها للماء. فمسامات التربة توفر الهواء اللازم للنباتات ولكن مسامات التربة المشبعة تكون مملوءة بالماء.

يتخلص المزارعون من المياه الفائضة الموجودة في التربة بوساطة مصارف مغطاة أو مكشوفة. وتكون المصارف المغطاة إما من أنابيب أو فخار مجوف. وهذه الأنابيب مجهزة بأعداد كبيرة من الفتحات تسمح بدخول الماء فيها وتمنع دخول التراب. وتُعدُّ تكلفة إنشاء المصارف المكشوفة قليلة مقارنة بنظام الصرف المغطى، ولكن صيانتها مكلفة جدًا، كما أنها تُعيق حركة العمال والمعدات الزراعية. وبعض نظم الصرف تعيد المياه إلى قنوات الري لإعادة استخدامها.

تحتوي معظم مياه الري على نسبة ضئيلة من الأملاح المذابة. وتبقى هذه الأملاح في التربة سواء امتصّ المحصول الماء أو تبخر من سطح الأرض. وقد تقلل زيادة الأملاح نمو النباتات أو تمنعه. فمثلاً تتفاعل بعض الأملاح كيميائيًا مع جزيئات التربة لتُغير تركيب التربة. ويمكن لمثل هذا التغير أن يعيق حركة الهواء أو الماء في التربة. وكذلك فإن الأملاح تضر ببعض النباتات، وتتنافس مع الجذور على المياه المتوفرة في التربة.

يتخلص المزارعون من أملاح التربة الزائدة بغسل التربة بالماء والتي تعرف بالتصفية أو الترشيح. وتضاف إلى التربة في عملية الغسيل هذه كميات ماء كافية لإزالة الأملاح من منطقة الجذور. ولكن إذا لم يتوفّر في الأرض أي نظام جيد للصرف، فإن عملية الغسيل قد تؤدي إلى تشبع التربة. والغسيل غير الملائم قد لا يزيل الأملاح من التربة إلى الحد الكافي. وأحد مضار الغسيل الأخرى هو احتمال تأثيره السلبي على نمو النباتات في المناطق المنخفضة والمحاذية للجداول حيث تُصرَّف المياه المالحة إليها ببطء. وهذا ما حدث في بعض الأراضي الأسترالية، مثل تلك الأراضي الواقعة على جانبي نهر موري في جنوبي أستراليا. فهذه الأراضي تأثرت إلى حد كبير بالملوحة نتيجة لري الأراضي بالغمر والخطوط في ريفيرينا ونيو ساوث ويلز وشمالي فكتوريا. وقد تصبح هذه الأراضي وماشابهها في نهاية الأمر أراضي رديئة وغير صالحة للزراعة.

نبذه تاريخية

نشأت الحضارات القديمة على ضفاف الأنهار التي وفرت المياه للزراعة، وزرع المصريون حوالي عام 5,000 ق.م الأراضي التي تحولت بفعل فيضانات نهر النيل إلى مناطق خصبة. وحوالي عام 3000 ق.م شيدوا مجموعة من النظم التي احتوت على قنوات مُتقنة تنقل المياه من النيل إلى حقولهم. وشُيِّدت في ذلك الوقت أيضًا مشروعات ري ضخمة في كل من الصين والهند وجنوب غربي آسيا، وفي منطقة الشرق الأوسط مثل العراق والأردن.

استخدم الهنود في المكسيك وبيرو حوالي عام 800 ق.م مياه الأنهار لزراعة الذرة الشامية. ووجد الأسبان عند دخولهم هذه البلاد في القرن السادس عشر الميلادي، حضارات عظيمة معتمدة على الزراعة الإروائية. ويُقدر العلماء بأن الهنود الأمريكيين قاموا بري آلاف الهكتارات من الأراضي قبل القرن السابع الميلادي، في المناطق التي تعرف اليوم بأريزونا الوسطى.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية