المعجم ( Dictionary )
☰ جدول المحتويات
المُعْجَم كتاب يشتمل على عدد كبير من مفردات اللغة مرتبة ترتيبا معيّنًا، مقرونة بطريقة نطقها وشرحها وتفسير معانيها. ويُطْلق عليه أحيانًا اسم القاموس. ولا يعرف أول من أطلق كلمة المعجم ولا تاريخ أول استعمال لها بالمعنى المتداول اليوم.
أهمية المعجم
المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم (إلى اليمين)، والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي (إلى اليسار)، نوعان من أنواع المعاجم الخاصة ذات اللغة الواحدة. |
ولتحقيق هذه الفائدة العامة يُفترض في المعجم أن يقدِّم معلومات معينة عن الكلمة قصدًا إلى التوضيح وللمزيد من البيان. ومن أهم هذه المعلومات ما يلي :
النطق والهجاء:
من المعلوم أنَّ النظام الكتابيّ في مجمله لا يمثِّل النطق تمثيلاً دقيقًا، إذ ليس كل ما يُكْتب يُنطَق، وليس كلُّ ما يُنْطق له مقابلٌ كتابي. ومن ثمّ كان احتمال الخطأ في النطق واردًا في بعض الحالات أو في كثير منها، وفقًا لنظام الكتابة والهجاء في اللغة العربية عند غياب علامات الحركات القصيرة وغيرها مما لا يُرسم في بنية الكلمة ذاتها، كعلامة التنوين والهمز مثلاً.وقد جرت المعاجم العربية، قديمها وحديثها على مواجهة هذه المشكلات بطرق مختلفة، أكثرها اتباعًا ضبط الكلمة بالشكل الكامل، أو الإحالة على كلمة معروفة مشهورة، أو بالطريقتين معًا، كأن يقال مثلاً حَكَّ من باب «ردَّ». وقد يُؤكَّدُ الأمر في ذلك بالتصريح باسم الحركة نفسها، مثل «والحِلّ» (بالكسر) الحلال، وهو ضد الحرام. ويكثر هذا التأكيد بوجه خاصّ إذا كان الهجاء واحدًا لكلمتين مختلفتين نطقًا ومعنى، كما في نحو قولهم: (الآخِر) بكسر الخاء: بعد الأول، و(الآخَر) بفتحها: أحد الشيئين.
وفي حالة اتفاق الكلمتين نطقًا واختلافهما هجاءً، يُؤتَى بما يميز إحداهما عن الأخرى، فيقال «يَحْيى» بالقصر عَلَمُ، ويَحيَا تُمَيَّزُ بذكرها مصاحبة لماضيها وهو «حَيىَ»، وفي مثل «غزا» و«رمى»، حيث تنتهي الكلمتان بصورة نطقية واحدة مع اختلاف الهجاء، يُفَرَّق بينهما بالإحالة على الأصل، حيث يُنَبَّهُ على أنَّ الأولى أصلها واويّ والثانية يائية الأصل. ويُتَّبع هذا النهج بصورة أكثر تأكيدًا عندما تعود الكلمة الواحدة إلى أصلين صرفيين مختلفين، كقولهم مثلاً: «قلي السويق واللحم فهو مَقْلِيُّ ومَقْلُوُّ وبابه رمى (أي يائي) (وعدا) (أي واوي).
التحديد الصرفي:
وعلى المعجم أن يحدد نوع الكلمة أهي اسمٌ أم صفةٌ أم فعلٌ...إلخ. ويجب كذلك أن يشير إلى وضعها من حيث التذكير والتأنيث، وكيف تؤنث. والأوْلَى ـ وهو المتَّبع في جملة المعاجم العربية ـ أن يشير إلى تعديتها ولزومها إن كانت الكلمة فِعْلاً، وإلى الصور الاشتقاقية التي يمكن أن تتولد منها، إلى غير ذلك من الخواصّ الصرفية التي تمهِّد لتعرّف الخواصّ النحوية والدلالية. وقد حاولت المعاجم العربية أن تقوم بشيءٍ غير قليل من ذلك، يمكن الوقوف عليه بالرجوع إلى تراثنا المعجميّ، وهو تراثٌ ضخم متنوِّع المنهج والزمان والمكان.والملاحظ، على كل حال، أنَّ المعاجم العربية لم تشغل نفسها بالخواص النحوية، بل هي تركز اهتمامها الأساسي على المعاني وشرحها.
الشرح:
أيْ بيان المعاني، هو العمل الأساسيّ للمعجم. ومن ثَمَّ ، ينبغي أن يأخذ المعجم في حسبانه بيان هذه المعاني بدقةٍ ووضوح، مع الإشارة إلى تعدّد المعنى للكلمة إن كان الأمر كذلك مع التمثيل لها بأمثلة فعلية أو على الأقل، بالإشارة إلى مجال استعمالها: في الطب، في الهندسة، في الزراعة...إلخ. ويُشترط في تحديد المعاني أن يكون موجزًا بلا فضول، خاليًا من الغموض واللبس، مراعيًا الحدود المنطقية في التعريف.أنواع المعاجم
مجموعة من المعاجم في اللغة والأدب والبحرية والهندسة والفولكلور والأمثال والقانون. |
المعاجم بحسب الهدف:
ونعني بذلك تصنيف المعاجم بحسب وفائها بحاجة الدارس: أهو باحثٌ عن معنى اللفظ المعيَّن أم هو راغبٌ في معرفة اللفظ المناسب لمعنى يدركه. من هذه الزاوية تقع المعاجم العربية في ثلاثة أنواع، هي:معاجم الألفاظ:
هدفها بيان معاني الألفاظ. فاللفظ هنا معلوم لكن المعنى مجهول، وهذا هو ما عليه الحال في أغلب المعاجم العربية كالصحاح للجوهري و القاموس المحيط للفيروز آبادي و لسان العرب لابن منظور و تاج العروس للزبيدي و المصباح المنير للفيومي...إلخ.معاجم المعاني:
هدفها بيان الألفاظ المناسبة للمعاني، فالمعنى هنا معلوم، لكن اللفظ الدقيق الدالّ عليه هو المجهول. ومنها كتاب البئر لابن الأعرابي، وكتاب الوحوش للأصمعي وغيرهما مِمَّا يعرف بالكتيِّبات أو الرسائل اللغوية، ومن أهم معاجم المعاني المُخَصَّص لابن سيده.معاجم الأبنية:
وهي تهدف إلى حصر الألفاظ العربية موزعةً على أبنيتها (الأوزان الصرفية)، فالأبنية هنا هي أساس العمل، ثم تأتي المفردات تابعةً لهذا البناء أو ذلك. فبناء الثلاثيّ المجرَّد مثلاً ينظم كلَّ الأفعال المجرَّدة، وكذلك الأسماء، وهكذا في الرباعي والخماسي. ومن أشهر تلك المعاجم ديوان الأدب للفارابي.مجموعة من المعاجم يتمثل فيها المعجم الخاص والمعجم العام. |
مجموعة معجمية تبدو فيها نماذج من المعاجم المتداولة في العالم العربي. |
مجموعة من المعاجم تمثل المعاجم أحادية اللغة والمعاجم ثنائية اللغة والمعاجم ثلاثية اللغة. |
المعاجم بحسب المنهج:
تختلف المعاجم فيما بينها في ترتيب المفردات، إذ إن هناك أكثر من طريقة لهذا الترتيب، وباختلاف طريقة الترتيب يختلف المعجم. وفي العربية أربعة أنواع من المعاجم من هذه الناحية، هي:المعاجم الصوتية التقليبية:
في هذه المعاجم تُرتَّبُ المفردات وفقًا للترتيب الصوتي، فالمفردات التي تحتوي على أعمق الأصوات تُذْكَر أوَّلاً، ثم يليها الأقل عُمْقًا فالأقل وهكذا، ثُمَّ تُذْكَر المادة اللغوية بكل تقليباتها الممكنة، فالمادة (ج ر ح)، يذكر معها أيضًـا (ج ح ر) و (ر ج ح) و(ر ح ج) و ( ح ر ج)، و(ح ج ر). ثم يُنصّ على ما استعمله العرب وما أهملوه، ومن أشهر هذه المعاجم العين للخليل بن أحمد، و تهذيب اللغة للأزهري.المعاجم الألفبائية التقليبية:
وهي معاجم حافظت على فكرة التقليب السابقة، لكنها رتبت المواد اللغوية وفقًا لأسبقية الحروف في الترتيب الألفبائي، فالكلمات التي تحتوي على حرف الهمزة تذكر أولاً ثم تليها التي تحتوي على حرف الباء في بدايتها، ثُمَّ التي تحتوي على حرف التاء، وهكذا. ومن أشهر تلك المعاجم الجمهرة لابن دريد.معاجم الألفبائية بحسب الأول:
وهذه المعاجم تتخلَّى عن فكرة التقليب، فترتب المواد اللغوية وفقًا للحرف الأول فيها، حيث نجد المواد التي تبدأ بحرف الهمزة كلها في باب الهمزة، والتي تبدأ بحرف الباء كلها في هذا الباب، وكذلك التي تبدأ بالتاء أو الثاء ...إلخ. ومن أشهر هذه المعاجم الجيم للشيباني وأساس البلاغة للزمخشري، ففيهما نجد أنَّ (أثر) و (أخذ) و(أدب) و(أمر) و(أوى) كلها في باب واحد هو الهمزة.المعاجم الألفبائية بحسب الآخر:
وتُسَّمى معاجم القافية وهي معاجم ترتب المواد اللغوية وفقًا للترتيب الألفبائيّ كالسابقة لكنها تضع الكلمات التي تنتهي بحرف واحد في إطار ما سَمَّوْه بالباب، فالكلمات التي تنتهي بحرف الهمزة توضع في باب واحد هو باب الهمزة، والتي تنتهي بحرف الباء في باب الباء، والتي تنتهي بالتاء في باب التاء، وهكذا، بقطع النظر عن أوائلها، فلهذه الأوائل تصنيفها في صورة فصول. ومن أشهر هذه المعاجم، الصحاح و لسان العرب و القاموس المحيط، حيث نجد أنّ (جرع)، (جزع)، مثلاً في باب واحد هو باب العين وفي فصل واحد أيضًا هو فصل الجيم أما (باع) و(جاع)، فهما من باب واحد ولكنهما من فصلين مختلفين، و(برك) و(بعث) من بابين مختلفين ولكلٍّ منهما فصلٌ في بابه.وكل معجم من هذه المعاجم، على اختلاف مناهجها، لابد أن يشير في مقدمته إلى المنهج الذي سار عليه في ترتيب موادّه، وإلى الرموز التي يوظِّفها في عمله.
عند البحث عن كلمة في المعجم، لا بد من معرفة أصل هذه الكلمة، وللوصول إلى ذلك يلزم أن تتبع الخطوات التالية:
التجريد من الزيادة:
إن كانت الكلمة المراد الكشف عنها مزيدة، مثل: (استعلام) التي زادت عن أصلها (علم) بأربعة حروف هي (أ، س، ت، ا)، لا بد من تجريدها من تلك الزيادة حيث تبقى أصول الكلمة التي هي (ع ل م).الردّ إلى المفرد:
أما إن كانت الكلمة مثنى أو جمعًا فلا بد من الإتيان بمفردها، فكلمة (قوسان) ترد إلى مفردها (ق و س) وكلمة (رجال) ترد إلى مفردها (ر ج ل)، وكلمة (هندات) ترد إلى مفردها ( هـ ن د).الردّ إلى الماضي:
إن كانت الكلمة المراد الكشف عنها فعلاً مضارعًا أو أمرًا فلا بد من ردّها إلى الماضي ؛ لأنها في صورة المضارعة أو صورة الأمر تفقد بعض أصولها خلال الاستعمال فكلمة مثل: (يعي) المضارع، إن رددتها إلى الماضي كان فعلها (وعى) فإنّ الواو حذفت من المضارع ولكنها عادت عند الإتيان بالماضي. وكلمات مثل: (صِلْ) و (قُلْ) و (بِعْ) و (الْهُ)، أفعال الأمر إن رددناها إلى ماضيها كانت على الترتيب (وصل) و (قال) و (باع) و (لها).ردّ الألف إلى أصلها:
فإن كان أحد أصول الفعل الماضي ألفا ردّت إلى أصلها (الواو أو الياء)، ذلك بالإتيان بمضارع الفعل المتضمن ألفًا مثل: (يقول) في (قال) و(يبيع) في (باع)، و (يلهو) في (لها). إذن فأصل الألف في (قال) الواو (ق و ل) وفي (باع) الياء (ب ي ع) وفي (لها) الواو (ل هـ و)، وقد تردّ هذه الألف بالاستناد إلى ضمائر الرفع المتحركة مثل (لهوت). أما الألف في الأسماء فغالب أمرها أنها زائدة تحذف تبعا لتجريد الكلمة من الزيادة مثل ألف (جالس) تصير الكلمة بعد حذفها ( ج ل س).بعد أن تجتاز الكملة هذه الخطوات، تكون مهيأة إلى أن يكشف عنها في معجم ما. وتبعا لترتيب الألفاظ داخل المعاجم العربية، برزت طريقتان لذلك:-
الطريقة الأولى:
هي التي سار عليها الخليل بن أحمد حين رتّب مادته على ترتيب الحروف حسب مخارجها دون النظر إلى أوائلها أو أواخرها. ★ تَصَفح: العين، كتاب.الطريقة الثانية:
هي التي اتخذت الألفبائية. ★ تَصَفح: الألفباء. في ترتيب أبوابها وتمثلت في نهجين:-الأول يرتب ألفاظه باعتبار الأواخر أبوابا والأوائل فصولاً والوسط حشوًا. والثاني يرتب ألفاظه باعتبار أوائل الأصول فالثواني فالثوالث، والنهج الأخير هو الذي ساد المعاجم الحديثة. والنموذج التالي يوضح كيفية هذه الطرق.
|
المعاجم بحسب العموم والخصوص:
مفردات اللغة ليست كلها على مستوى واحد من الاستعمال والشهرة، فبعضها يستعمله المتكلّم العادي في أحاديثه وكتاباته، وبعضها لا يستعمله عادة إلا المتخصّصون في مجالاتهم ذات الاهتمام الخاص، علميةً أو ثقافيةً. ومن ثَمَّ كان هناك نوعان من المعاجم:المعاجم العامة:
وهي التي تهتم في الأساس بالمفردات ذات الشيوع والذيوع، أي تلك التي تنتمي إلى النوع الأول. وفي هذه الحالة قد تُذْكَرُ بعض المصطلحات العلمية التي لها قسط كبير من الشهرة.المعاجم المتخصصة:
وهذه توجه اهتمامها إلى فئة معينة من البشر، فتقتصر على تسجيل المفردات التي تَفي بحاجاتهم الخاصة كما هو الحال في المعاجم الطبية والهندسية والفيزيائية والفلسفية والجغرافية والنقدية وتراجم الأعلام والبلدان والكتب والعلوم.المعاجم بحسب الزمن:
معلوم أن المعاني تتطور من زمن إلى آخر، ومن النادر أن تحافظ المفردات على معانيها الأصلية. يبرز لنا من هذه الناحية نوعان من المعاجم:المعاجم غير الزمنية:
وهي التي لا تهتم بتطور معاني المفردات زمنيا، وتقتصر على ذكر معاني الكلمة دون تمييز بين المعنى الأصلي والمعنى المتطوّر، وعلى هذا النحو تسير كل المعاجم العربية تقريبًا. أما تطور الألفاظ ذاتها فهو نادر ولم يتنبَّه إليه واضعو المعاجم العربية قديمها وحديثها على السواء.المعاجم التاريخية:
هي تلك التي تعنى بالتسجيل التاريخي لمعاني كل كلمة مع محاولة ذكر تواريخ هذه المعاني حسب ظهورها واستعمالاتها وغالبًا ما توضِّحُ هذه المعاجم كيفية استعمال الكلمة خلال المراحل الزمنية المختلفة. وواضح أن المكتبة العربية تخلو من هذا النوع، وإنْ كانت هناك محاولة متواضعة من هذا النهج يقوم بها الآن مجمع اللغة العربية بالقاهرة في معجمه الموسوم بالمعجم الكبير.المعاجم بحسب وحدة اللغة وتعدُّدها:
هناك في السوق العلمية ما يسمَّى بمعاجم أُحادية اللغة، ومعاجم متعددة اللغة.المعاجم أحادية اللغة:
وهي المعاجم التي تقتصر في عملها على الانشغال بألفاظ لغة واحدة معينة، ومعاني هذه الألفاظ، كما هو الحال في جميع المعاجم العربية القديمة الموروثة، وعدد كبير من المعاجم العربية الحديثة.المعاجم متعددة اللغة:
تهتم المعاجم في العصر الحديث بالانشغال بأكثر من لغة، فتورد ألفاظ لغة ما وترتبها بحسب المنهج المأخوذ به في هذه اللغة وتجعلها مداخل المادة، ثم تذكر ما يقابلها من كلمة في لغة أخرى أو أكثر. وذلك كأن تذكر الكلمة العربية متبوعةً بما يقابلها في الإنجليزية أو الفرنسية أو كلتيهما. وهذه تسمى بالمعاجم ثنائية اللغة أو ثلاثيتها، وفي المكتبة العربية الآن نماذج كثيرة من هذين النوعين كليهما، مثل معاجم: إلياس والمورد ولاروس.وقد ظهرت في الآونة الأخيرة معاجم يطلق عليها المعاجم الحاسوبية وتتألّف مادتها بتخزين مفردات لغة ما في الحاسوب مع مايقابلها من لغة أو لغات أخرى، تتجاوز سبع لغات أحيانًا. والكشف في هذه المعاجم يتم بطريقة آلية، إذْ يكتفي الباحث بالضغط على الأزرار التي تحمل حروف الكلمة المطلوبة فتُبرز له على شاشة الآلة مصحوبةً بما يقابلها في اللغة أو اللغات المخزونة.
ومن هذا النوع نموذج آخر أكثر تطورًا وهو مايسمَّى المعجم الناطق الذي يقدم لمستخدمه النطق الصحيح للكلمة، بالإضافة إلى ما قد يقدمه من طريقة كتابتها.
نبذة تاريخية
التأليف المعجمي قديم قدم الحضارات الإنسانية، فالأمم السابقة ذات الحضارات القديمة وضعت الأسس الأولى للمعاجم في شكل تصنيف رسائل وجداول وجدت آثارها في بعض مكتبات العالم.
البابليون والأشوريون:
عرفوا هذا النوع من التأليف في القرن الخامس قبل االميلاد، وتمثلت معرفتهم في أسطوانات رأسية في ألواح خزفية، وجدت مثل هذه الألواح في المكتبة الأشورية في بلدة نيانيقيا، وتعد المصدر الرئيسي لمعرفتنا بثقافة ما بين النهرين، لأن هذه الألواح اشتملت على تفسيرات للغة الأشوريين والبابليين.اليونانيون:
عرفوا تأليف المعاجم في القرن الثالث قبل الميلاد عندما أكمل أرسطو فانس البيزنطي (257 - 180ق م) أمين مكتبة معبد الإسكندرية، قائمة الكلمات اليونانية الغريبة والصعبة، ثم فسرها وحدد معانيها، ثم تلته محاولات جادة ابتدأها بامقليوس السكندري (-6م) بكتابة معجم في 96 كتابًا استوعب فيه المعاجم التي سبقته. كما ألف إليوس دينسيوس (120م) معجمًا للكلمات الأثينية في عشرة كتب، ويعد اليونانيون آباء المعاجم الغربية الحديثة.الصينيون:
ألفوا معاجم كثيرة بعضها مرتب حسب المعنى، وبعضها الآخر مرتب حسب الصورة أي الرمز الكتابي للكلمة. لم يعرف الصينيون ترتيب المعاجم حسب اللفظ إلا في القرن السادس الميلادي وأول معجم عرف للصينيين يوبيان لمؤلفه كوي وانج. ومعجم اسمه شووان ألفه هوشن وقد طبع هذا المعجم الأخير في عام (150ق.م). أما أول معجم صيني يرتب المفردات حسب نطقها فهو معجم هوفاين الذي ألف بين عامي (581 - 601م). ويعدّ هذا تطورًا كبيرًا في كيفية الترتيب عند الصينيين.الهنود:
ألفوا كثيرًا من المعاجم التي تشرح ألفاظ نصوصهم الدينية وأشعارهم، وأقدم معجم هندي هو معجم الأماراكاكا الذي يرجع تاريخ تأليفه إلى القرن الخامس الميلادي، وهو يرتب الألفاظ حسب معانيها، ولم يعرف الهنود الترتيب الألفبائي إلا في القرن العاشر الميلادي.تطور المعجم العربي:
بدأت فكرة المعجم عند العرب بعد نزول القرآن الكريم، وتمثل كثير من لهجات العرب فيه، ودخول غير العرب في الإسلام، واستعصاء بعض مفردات القرآن على كثير منهم، مما استدعى شرح غريب القرآن والحديث ولغة العرب عموما.وقد بدأت الحاجة لشرح غريب اللغة في أوائل القرن السابع الميلادي في زمن الرسول ﷺ، وأصحابه رضوان الله عليهم. وكانت أولى الرسائل المعجمية في غريب القرآن تنسب لعبد الله بن عباس (ت 68هـ ، 687م)، أجاب فيها عن أسئلة نافع بن الأزرق (ت 65هـ ، 684م) المسماة مسائل نافع بن الأزرق في غريب القرآن، ثم تتالت الرسائل في هذا المجال مثل: غريب القرآن، لأبي سعيد أبان بن تغلب (ت 141هـ ، 758م) وتفسير غريب القرآن لأبي عبدالله مالك بن أنس بن مالك (ت 179هـ ، 795م) وغريب القرآن لأبي فيد مؤرج بن عمرو السدوسي (ت 195هـ ، 810م). وغيرها كثير. أما المعاجم بمعناها العام والشامل فقد ظهرت في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري بتأليف الخليل بن أحمد (ت 177هـ ، 793م) لمعجمه المسمى العين الذي اعتمد تبويب وترتيب مادته على حروف الهجاء حسب مخارجها الصوتية، تم اقتفى أثره أبو علي القالي (ت 356هـ، 966م) في معجمه البارع حيث رتبه حسب مخارج الحروف وهو أول معجم يظهر في الأندلس. وممن اقتفوا أثر الخليل، ونحوا نحوه في الترتيب والتبويب على طريقة المخارج أبو منصور الأزهري (ت 370هـ، 980م)، في كتابه تهذيب اللغة والصاحب بن عباد (ت 458هـ، 1065م) في كتابه المحكم والمحيط الأعظم، أما ابن دريد الأزدي (ت 321هـ، 933م) فقد حاول الخروج على طريقة الخليل بن أحمد في الترتيب والتبويب في معجمه جمهرة اللغة إذ خالفه باتخاذه الطريقة الألفبائية غير أنه لم يطبقها تماما. وسار على هذا الصنيع الأخير في الخلط بين الطريقة الألفبائية وتبويب المادة حسب بنية كلماتها أحمد بن فارس (ت 395هـ ، 1004م) في معجمه مقاييس اللغة. أما أبو نصر الجوهري (ت 400هـ ، 1009م) فقد أحدث طريقة في ترتيب معجمه الصِّحاح خالف فيها ما ألف قبله، فقد اتبع الترتيب الألفبائي ولكنه شذ في اتخاذ طريقة ترتيب الألفاظ داخل الأبواب حسب الحرف الأخير.
وفي أواخر القرن الخامس وأوائل القرن السادس الهجريين ألف الزمخشري (467 - 538هـ، 1074- 1143م) معجمه أساس البلاغة الذي تفرد فيه باتباع الطريقة الألفبائية، حيث رتب الكلمات حسب أوائلها ثم ثوانيها فثوالثها، وهي الطريقة التي انتهجتها المعاجم الحديثة في ترتيب الألفاظ. وقد سبقه إلى هذا الترتيب نفسه، بأكثر من قرنين من الزمان، علي بن الحسن الهُنائي المعروف بكراع النمل (ت 310هـ) في معجمه المنضّد الذي وضعه على ترتيب حروف ألف با تاء ثاء كما نص على ذلك ياقوت في معجمه، وغيره من المترجمين. توالى التأليف في المعاجم العامة مستفيدا من تجارب السابقين في تأليف المعاجم، فقد ألف ابن منظور (630 - 771هـ، 1232 - 1369م) كتابه لسان العرب متبعًا فيه طريقة الجوهري في صحاحه. وقد سار على منهج الصحاح واللّسان الفيروزآبادي (729 - 817هـ، 1328- 1414م) في كتابه القاموس المحيط. وقد اعتمد المرتضى الزبيدي (1145 - 1205هـ، 1732 -1790م) على القاموس المحيط في تأليف معجمه المسمى تاج العروس من جواهر القاموس وزاد عليه في أنه تحدث عن حرف كل باب من أبواب معجمه مبينًا خصائص ذلك الحرف واستعمالاته اللغوية. وقد صاحب تطور المعجم العربي العام، الذي يهدف إلى شرح المعاني والكشف عن غوامضها وهو ما يعرف بمعاجم الألفاظ، نوع آخر من المعاجم توسم بمعاجم المعاني، هدفها إيجاد الألفاظ والصياغات التي يستطيع الكاتب أن يعبّر بها عن معاني عنده أو استجدت في حياته. وقد أخذ هذا النوع من المعاجم منحى يختلف عن معاجم الألفاظ في ترتيب مادته حيث اتخذ طريقة الموضوعات. وأول مؤلفات هذا النوع كتاب الألفاظ، لابن السكيت (186 - 244هـ، 802- 858م)، ثم تتابع التأليف في ذلك، فألف عبد الرحمن بن عيسى الهمذاني (ت 320هـ، 932م) كتابه الألفاظ الكتابية الذي سار فيه على هدى كتاب ابن السكيت في الترتيب الموضوعي مقسمًا موضوعاته أبوابًا متعددة. أما قدامة بن جعفر (ت 320هـ، 932م) فألف كتاب جواهر الألفاظ بعد اطلاعه على كتاب الهمذاني فلم يشبع نهمه ويشفي غليله. وقد ألف أبو هلال العسكري (ت 394هـ، 1003م) أهم الكتب في هذا الباب تنظيما واتساعًا، وهو كتاب التلخيص لأنه يرقى إلى مستوى المعجم بالرغم من إيجازه واختصاره. وقد ألف في هذا الميدان كذلك أبو منصور الثعالبي (350 - 429هـ، 961 - 1037م) كتابه فقه اللغة. وقد توّج هذا النوع من التأليف ابن سيده الأندلسي (398 - 458هـ، 1007 - 1065م) في كتابه المخصص حيث بلغ مرتبة عالية من التبويب والتنظيم، والشمول والاستيعاب، فهو أكبر معجم من معاجم المعاني العربية حتى الآن، وأغزرها مادة وأجدرها بحمل اسم معجم المعاني.
شخصيات وجهات مهمة في صناعة المعجم العربي | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المعجم العربي اليوم:
لم ينقطع التأليف في معاجم الألفاظ حتى الوقت الحاضر، وقد أخذ هذا التسلسل أشكال المختصرات والشروح، من ذلك ما قام به أبو عبدالله محمد بن أبي بكر الرازي (ت 660هـ،1261هـ) من اختصاره لمعجم الصحاح في كتاب سماه مختار الصحاح، من هذه المختصرات كذلك معجم المصباح المنير لأبي العباس أحمد بن محمد الفيومي (ت 770هـ).ألف بعد ذلك بطرس البستاني (1235-1301هـ، 1819- 1883م) معجمه محيط المحيط الذي أراد مؤلفه أن يحوي ما في القاموس من مفردات مع زيادات كثيرة أخرى، ولكنه سار على الطريقة الألفبائية وفق أوائل الأصول، مخالفا بذلك القاموس. وبعده ألف سعيد الخوري الشرتوني (1266- 1337هـ، 1849 ـ 1919م) معجمه أقرب الموارد وهو قد اعتمد على القاموس المحيط إلا أنه لم يهمل جميع كتب اللغة التي سبقته، وجاء ترتيبه على أوائل الأصول أسوة بالمعاجم الحديثة. وألف لويس معلوف (1293- 1366هـ، 1876-1946م) معجمه المنجد، وقد سار في ترتيبه على أوائل الأصول مضيفا إليه كثيرا من الصور والأشكال بجانب القسم الخاص باللغة والأدب والأعلام. ألف عبد الله البستاني (1854- 1953م) معجم متن اللغة وهو مرتب ترتيبا ألفبائيا حسب أوائل الأصول.
أما المعجم الوسيط فهو معجم أصدره مجمع اللغة العربية بالقاهرة، يسير على الطريقة الحديثة في الترتيب. وقد بدأ المجمع بإصدار المعجم الكبير الذي يعد معجمًا كبيرًا شاملاً لألفاظ اللغة العربية قديمها وحديثها وذلك ضمن قالب موسوعي مسهب منظم.
تواريخ مهمة في صناعة المعجم العربي | ||||
|
إختبر معلوماتك :
- ما المعجم وما أهميته؟
- ما المقصود بمعجم المعاني؟
- ما معجم الألفاظ ؟
- ما المقصود بالمعجم التاريخي ؟
- في أي نوع من المعاجم تصنف رسائل غريب القرآن؟
- اذكر أمثلة لأصناف المعاجم من حيث المنهج.
- في أي أنواع المعاجم تصنف المعاجم التالية: العين ؛ الألفاظ الكتابية؟