الرئيسيةبحث

يحيى بن شرف النووي

محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـرِّي بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حزام النووي الشافعي المشهور بالإمام النووي ( المحرم 631 - 676 ﻫ \ 1255 - 1300 م ), أحد أشهر علماء السنة و له مؤلفات عديدة في الحديث و الفقه ولد في قرية نوى وهي قرية من قري حوران بالقرب من دمشق و لذلك سمي بالنووي الدمشقي ، شيخ المذاهب وكبير الفقهاء في زمانه.


فهرس

مولده ونشأته

ولد النووي في قرية نوى من أبوين صالحين ، ولما بلغ العاشرة من عمره بدأ في حفظ القرآن وقراءة الفقه على بعض أهل العلم هناك ، وصادف أن مر بتلك القرية ياسين بن يوسف المراكشي ، فرأى الصبيان يكرهونه على اللعب وهو يهرب منهم ويبكي لإكراهم ويقرأ القرآن فذهب الشيخ إلى والد النووي ونصحه أن يفرغه لطلب العلم ، فاستجاب له. في سنة 649 هـ قدم مع أبيه إلى دمشق لاستكمال طلب العلم في دار الحديث الأشرفية وسكن المدرسة الرواحية وهي ملاصقة للمسجد الأموي من جهة الشرق ، فحفظ المطولات وقرأالمجلدات ، ونبغ في العلم حتى غدا معيداً لدرس شيخه الكمال إسحاق بن أحمد المغربي المقدسي. حج مع ابيه عام 651هـ ثم رجع إلي دمشق.

حياته العلميّة

تميزت حياةُ النووي العلمية بعد وصوله إلى دمشق بثلاثة أمور:

ويذكر الشيخ الإِسنوي تعليلاً لطيفاً ومعقولاً لغزارة إنتاجه فيقول: "اعلم أن الشيخ محيي الدين رحمه اللّه لمّا تأهل للنظر والتحصيل، رأى في المُسارعة إلى الخير؛ أن جعل ما يحصله ويقف عليه تصنيفاً، ينتفع به الناظر فيه، فجعل تصنيفه تحصيلاً، وتحصيله تصنيفاً، وهو غرض صحيح، وقصد جميل، ولولا ذلك لما تيسر له من التصايف ما تيسر له".

شيوخه

شيوخه في الفقه :

شيوخه في الحديث :

شيوخه في علم الأصول :

شيوخه في النحو واللغة :


مسموعاته

سمع النسائي، وموطأ مالك، ومسند الشافعي، ومسنـد أحمـد بن حـنبـل، والدارمي، وأبـي عوانـة الإِسفراييني، وأبي يعلى الموصلي، وسنـن ابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي، وشرح السنّة للبغوي، ومعـالم التنزيـل للبغوي في التفسير، وكتاب الأنساب للزبير بن بكار، والخطب النـباتية، ورسالة القشيري، وعمل اليوم والليلة لابن السني، وكتاب آداب السامع والراوي للخطيب البغدادي، وأجزاء كثيرة غير ذلك.

تلاميذه


أخلاقُهُ وَصفَاتُه

أجمعَ أصحابُ كتب التراجم أن النووي كان رأساً في الزهد ، وقدوة في الورع ، وعديم النظير في مناصحة الحكام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويطيب لنا في هذه العجالة عن حياة النووي أن نتوقف قليلاً مع هذه الصفات المهمة في حياته :

تفرَّغَ الإِمام النووي من شهوة الطعام واللباس والزواج ، ووجد في لذّة العلم التعويض الكافي عن كل ذلك . والذي يلفت النظر أنه انتقل من بيئة بسيطة إلى دمشق حيث الخيرات والنعيم ، وكان في سن الشباب حيث قوة الغرائز ، ومع ذلك فقد أعرض عن جميع المتع والشهوات وبالغ في التقشف وشظف العيش .

وفي حياته أمثلة كثيرة تدلُّ على ورع شديد ، منها أنه كان لا يأكل من فواكه دمشق ، ولما سُئل عن سبب ذلك قال : " إنها كثيرة الأوقاف ، والأملاك لمن تحت الحجر شرعاً ، ولا يجوز التصرّف في ذلك إلا على وجه الغبطة والمصلحة ، والمعاملة فيها على وجه المساقاة ، وفيها اختلاف بـين العلمـاء . ومـن جوَّزَهـا قـال : بشـرط المـصلحة والغبطة لليتيم والمحجور عليه، والناس لا يفعـلونهـا إلا على جـزء من ألف جزء من الثمرة للمالك، فكيف تطيب نفسي ؟ " . واختار النزول في المدرسة الرواحيّة على غيرها من المدارس لأنها كانت من بناء بعض التجّار . وكان لدار الحديث راتب كبير فما أخذ منه فلساً ، بل كان يجمعُها عند ناظر المدرسة ، وكلما صار له حق سنة اشترى به ملكاً ووقفه على دار الحديث ، أو اشترى كتباً فوقفها على خزانة المدرسة، ولم يأخذ من غيرها شيئاً . وكان لا يقبل من أحد هديةً ولا عطيّةً إلا إذا كانت به حاجة إلى شيء وجاءه ممّن تحقق دينه . وكان لا يقبل إلا من والديه وأقاربه ، فكانت أُمُّه ترسل إليه القميص ونحوه ليلبسه ، وكان أبوه يُرسل إليه ما يأكله ، وكان ينام في غرفته التي سكن فيها يوم نزل دمشق في المدرسة الرواحية ، ولم يكن يبتغي وراء ذلك شيئاً .

لقد توفرت في النووي صفات العالم الناصح الذي يُجاهد في سبيل اللّه بلسانه ، ويقوم بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فهو مخلصٌ في مناصحته وليس له أيّ غرض خاص أو مصلحة شخصية ، وشجاعٌ لا يخشى في اللَّه لومة لائم ، وكان يملك البيان والحجة لتأييد دعواه . وكان الناسُ يرجعون إليه في الملمّات والخطوب ويستفتونه ، فكان يُقبل عليهم ويسعى لحلّ مشكلاتهم ، كما في قضية الحوطة على بساتين الشام: " لما ورد دمشقَ من مصرَ السلطانُ الملكُ الظاهر بيبرس بعد قتال التتار وإجلائهم عن البلاد ، زعم له وكيل بيت المال أن كثيراً مــن بساتين الشام من أملاك الدولة ، فأمـر الملـك بالحوطـة عليها ، أي بحجزها وتكليف واضعي اليد على شيءٍ منـها إثبـات ملكيـته وإبراز وثائقه ، فلجأ النـاس إلى الشيـخ في دار الحديـث ، فكتـب إلى الملك كتاباً جاء فيه: " وقد لحق المسلمين بسـبب هذه الحوطـة على أملاكـهم أنواعٌ من الضرر لا يمكن التعبير عنها ، وطُلب منهم إثباتٌ لا يلزمهم ، فهذه الحوطة لا تحلّ عند أحد من علماء المسلمين ، بل مَن في يده شيء فهو ملكه لا يحلّ الاعتراض عليه ولايُكلَّفُ إثباته " فغضب السلـطان مـن هذه الجرأة عليه وأمر بقطع رواتبه وعزله عن مناصبه ، فقالوا له: إنه ليس للشيخ راتب وليس له منصب. ولما رأى الشيخ أن الكتـاب لم يفِدْ ، مشى بنفسه إليه وقابله وكلَّمه كلاماً شديداً ، وأراد السلطان أن يبطشَ به فصرف اللَّه قلبَه عن ذلك وحمى الشيخَ منه ، وأبطلَ السلطانُ أمرَ الحوطة وخلَّصَ اللَّه الناس من شرّها " .

وَفَاته

وفي سنة 676 هـ رجع إلى نوى بعد أن ردّ الكتب المستعارة من الأوقاف ، وزار مقبرة شيوخه ، فدعا لهم وبكى ، وزار أصحابه الأحياء وودّعهم، وبعد أن زار والده زار بيت المقدس والخليل ، وعاد إلى نوى فمرض بها وتوفي في 24 رجب . ولما بلغ نعيه إلى دمشق ارتجّت هي وما حولها بالبكاء ، وتأسف عليه المسلمون أسفاً شديداً ، وتوجّه قاضي القضاة عزّ الدين محمد بن الصائغ وجماعة من أصحابه إلى نوى للصلاة عليه في قبره ، ورثاه جماعة ، منهم محمد بن أحمد بن عمر الحنفي الإِربلي، وهذه الأبيات من قصيدة بلغت ثلاثة وثلاثين بيتاً:

عزَّ العزاءُ وعمَّ الحادث الجلل * وخاب بالموت في تعميرك الأمل واستوحشت بعدما كنت الأنيس لها * وساءَها فقدك الأسحارُ والأصلُ وكنت للدين نوراً يُستضاء به * مسدَّد منك فيه القولُ والعملُ زهدتَ في هذه الدنيا وزخرفها * عزماً وحزماً ومضروب بك المثل أعرضت عنها احتقاراً غير محتفل * وأنت بالسعي في أخراك محتفل

وهكذا انطوت صفحة من صفحات عَلَمٍ من أعلاَم المسلمين، بعد جهاد في طلب العلم، ترك للمسلمين كنوزاً من العلم، لا زال العالم الإسلامي يذكره بخير، ويرجو له من اللَّه الله أن تناله رحماته ورضوانه. رحم اللّه الإِمام النووي رحمة واسعة، وحشره مع الذين أنعم اللّه عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وجمعنا به تحت لواء محمد صلى اللّه عليه وسلم.


مؤلفاته

المراجع