ميسينا (Messina) مدينة إيطالية في جزيرة صقلية ، على شاطئ المضيق المعروف باسمها مضيق ميسينا ، وهي ثالث أكبرها مدن صقلية ، و عاصمة مقاطعة ميسينا ، وهي ثالث أكبرها مدنها ، تعرف ب باب صقلية وقد ضربها زلزالين مدمرين الأول عام 1783 م والثاني عام 1908 م فضلا عن تعرضعا لقصف الحلفاء عام 1943 م و في كل مرة يعاد بناءها ،ميناءها أحد أكبر الموانئ في البحر المتوسط ، كما أنها مركز سياحي و زراعي تجاري و صناعي و بها جامعة عريقة تأسست عام 1548 م ، سكانها 247.592 نسمة .
تقع ميسينا على الزاوية الشمالية الشرقية لجزيرة صقلية ، على الضفة الغربية لمضيق ميسينا ،ترتفع على مستوى سطح البحر بثلاثة أمتار ، مساحتها حوالي 212 كيلومتر مربع ، و موقعها تحديدا عند دائرة 38 شمالا و خط طول 15 شرقا ، تبعد عن كاتانيا 90 كم ، و 230 كم عن باليرمو ، محصورة بين جبال بيلوريتانيا و ساحل البحر الأيوني مطلة عليه بميناءها الكبير الطبيعي التجاري و العسكري المغطى بشبه جزيرة صغيرة عند أقصى شمال شرق صقلية ، و ميسينا تميل نحو الشمال أكثر بقليل من ردجو كالابريا المقابلة . ميسينا مركز لمنطقة زراعية ، تنتج الحمضيات و الفواكه و الخضروات و النبيذ .
تأسست على يد المستوطنين اليونانيين في القرن الثامن قبل الميلاد ، وكانت تسمى زانكلي Zancle (منجل) لأنه الشكل الطبيعي للميناء . (الدرج المؤدي إلى الميناء إلى يومنا هذا يسمى سكاليتا زانكليا) . في اوائل القرن الخامس قبل الميلاد ، أعاد اناكيلاس تسميتها إلى Messene ميسيني تكريما لمدينة ميسيني اليونانية . احتلت المدينة في 396 قبل الميلاد من القرطاجيين ، ثم من قبل ديونيسيوس الاول من سيراقوسة .
في عام 288 قبل الميلاد استولى الماميرتينيون عن طريق الغدر و قتلوا جميع الرجال و أخذوا النساء كزوجات لهم . اصبحت المدينة القاعدة التي اجتاحوا بها الأرياف ، مما أدى إلى نزاع اقليمي مع إمبراطورية سيراقوسة الأخذة في التوسع . ألحق طاغية سيراقوسة هيرو الثاني الهزيمة بماميرتينيين قرب ميلاتسو و حاصر مسينا . ساعدت قرطاج الماميرتينيين بسبب نزاع الذى طال امده مع سيراقوسة من أجل الهيمنة على صقلية. عندما هاجم هيرو مرة ثانية في 264 قبل الميلاد ، التماس ماميرتينيون التحالف مع روما امل في الحصول على الحماية . ورغم انها كان مترددة في مساعدة الآخرين خشية تشجيع جماعات المرتزقه على التمرد ، فإن روما لا تريد ان ترى القرطاجيين ينشرون سلطانهم على مزيد من الأرض في صقلية وايطاليا. فدخلت روما في تحالف مع ماميرتينيين . في 264 قبل الميلاد ، انتشرت القوات الرومانية في صقلية ، أول مرة ينشط الجيش الروماني خارج شبه الجزيرة الايطالية .
في نهاية الحرب البونيقية الاولى كانت المدينة الحرة المتحالفة مع روما . في زمن الرومان في مسينا ، و المعروفة آنذاك ميسانا كان يوجد المنارة هامة . ميسانا تعتبر قاعدة لسكستوس بومبيوس ، خلال حربه ضد اوكتافيان .
بعد سقوط الامبراطورية الرومانية ، ظفرت بها تباعا القوط ، ثم الامبراطورية البيزنطية في عام 535 و العرب عام 842 ، و النورمان عام 1061 من قبلالاخوين روبرتو غويسكاردو و روجر غويسكاردو (بعد ذلك الاول روجر كونت صقلية). في عام 1189توقفت مسيرة الملك الانكليزي ريتشارد الأول من إنكلترا في مسينا في نحو الارض المقدسة و سرعان ما احتلت المدينة بعد خلاف على مهر اخته التي تزوجت وليم الثاني من صقلية .
كانت مسينا على الأرجح المرفأ الذي تسلل منه وباء الطاعون الأسود إلى أوروبا في العصور الوسطى (1347) : عن طريق سفن جنوة القادمة من يافا في فلسطين . عام 1548 أسس سانت إنغناتيوس هنا أول كلية يسوعية في العالم و التي نشأ عنها لاحقا Studium Generale (جامعة ميسيناالحالية) .
السفن التي كسبت معركة ليبانتو (1571) غادرت من مسينا : المؤلف الاسباني سيرفانتيس الذي شارك في معركة عولج لبعض الوقت في المستشفى الكبير. بلغت المدينة ذروتها في اوائل القرن السابع عشر ، تحت السيطرة الاسبانية : في الوقت الذي كانت واحدة من أكبر عشر مدن في اوروبا. عام 1674 تمردت المدينة ضد الحامية الأجنبية . واستطاعت ان تبقى مستقلة لبعض الوقت ، بفضل مساعدة من الملك الفرنسي لويس الرابع عشر ، و لكن في عام 1678 مع سلام نيجميجن استعادها الاسبان : الجامعة و مجلس الشيوخ وكافة الامتيازات الحكم الذاتي التي كانت يتمتعون بها منذ عصر الرومان قد الغيت . بنى المحتلون قلعة ضخمة ، و منذ ذلك الوقت بدأت مكانة مسينا في التراجع .
في عام 1847 وكانت واحدة من أولى المدن في إيطاليا التي اندلعت فيها الاعمال المطالبة بالوحدة . في عام 1848 أصبح التمردت صريحا ضد عائلة بورون الحاكمة ، و لكنها قمعت بشدة مرة أخرى. فقط في عام 1860 ، بعد معركة ميلاتسو ، استطاعت قوات غاريبالدي تحرير المدينة . ومن أهم أبطال توحيد ايطاليا جوزيبي ماتسيني ، انتخب نائبا في مسينا في الانتخابات العامة لعام 1866 .
صباح يوم 28 كانون الاول / ديسمبر 1908 دمرت المدينة بالكامل تقريبا من زلزال و أمواج تسونامي و ادى إلى مقتل نحو 60،000 شخصا وتدمير معظم البنية القديمة. تم إعادة بناء المدينة إلى حد كبير في السنة التالية ، وفقا لخطة رشيدة و أكثر عصرية . اضاف القصف الجوى الامريكي عام 1943 مزيدا من الاضرار الضخمة ، مما تسبب في مقتل الآلاف . ثم اكتسبت المدينة القلادة الذهبية العسكرية والمدنيه لشجاعتهه في ذكرى هذا الحدث و ما تلاه من جهود اعادة الاعمار.
و عقد في ميسينا في حزيران / يونية 1955 ممؤتمر وزراء خارجية دول أوروبا الغربية والذي ادى إلى انشاء المجلس الاقتصادي الاوروبي .