يعود تاريخ الدروز في منطقة الجولان إلى عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني(1590-1635م) وكان هذا الأمير يسعى إلى الإنفصال عن الدولة العثمانية وتأسيس دولة مذهبية ، حيث طلب من علي جان بولاد ( وهو مؤسس عائلة جنبلاط) الرحيل من جوانب حلب إلى الكرمل والجولان وتوطين الدروز هناك ، كان يسعى فخر الدين إلى ذلك ليضمن توسيع نفوذه وتقوية دولته الخارجة عن السلطنة .
وكانت منطقة الجولان بعيدة عن نفوذ السلطة العثمانية ، حيث كانت تسكنها قبائل من البدو الرحل (قبائل عنزة القادمة من شبه الجزيرة ) ، وقبائل أسيوية نزحت منذ فترة كالشراكس والداغستان والتركمان وكانت الإقتتال والنزاعات سمة هذه العشائر بشكل دائم ، وهناك قرويين يعيشون في الأرياف مثل جباتا الزيت وبانياس وجباتا الخشب والقنيطرة . وإلى جانب هذه العناصر هناك عصابات تسطو على القوافل التجارية وتشن حملات لصوصية على الأهالي وتنهب كما تشاء ، ولم يسلم أهل المنطقة من أذاها وكان يقود هذه العصابات عبد أسود افريقي .
أثناء ذلك جاء الدروز إلى الجولان وفي بداية الأمر سكنوا في خربة الحواريت ، ولكنهم حوصروا وحبسوا هناك طيلة أيام الشتاء بسبب شدة مياه سعار وذوبان ثلوج جبل الشيخ ، وكانت أهالي جباتا الزيت يسيطرون على الأراضي الموجودة هناك ، فشكى الدروز بؤسهم ووضعهم وطلبوا المساعدة من أهل جباتا الزيت ، فوافقوا ومنحوهم أرضاً تدعى "خربة المجدل" بشرط أن يقتلوا العبد الأفريقي زعيم عصابة السطو وقطاع الطرق الذي روع أمن الناس وأذاقهم الويلات ، قبل الدروز بشرط أهالي جباتا ، وتمكن ثلاثة شبان من الدروز بنصب كمين وقتلوا العبد الأفريقي وقتلوا معه درزي بالخطأ بمكان يدعى عين العبد نسبة إلى العبد المقتول ، بعد التخلص من العبد استوطن الدروز (خربة المجدل ) وهي مجدل شمس وتسمى كذلك نسبة إلى ابنة ملك فينيقي جيرام . ثم استولى الدروز على مرج اليعفوري وسهل سعار بعدما قويت شوكتهم وأزداد إستيطانهم في المنطقة ،و بعد فترة وجيزة استولى الدروز على منطقة حضر شرقي المجدل واستوطنوا فيها .
وفي عام 1878 نشب نزاع بين عائلات الدروز في المجدل فنزحت بعض العوائل إلى " خربة بقعاتا" واستوطنوا فيها . أما مسعدة فلم تكن سوى مزرعة للمجدل فاستوطنت بعض العائلات الفقيرة هناك وكذلك منطقة عين قنيا منذ فترة ليست بعيدة سكنها عوائل درزية متنوعة قدمت من المجدل والجليل .
فهرس |
في سنة 1925 اشتعلت الثورة السورية الكبرى بكل أنحاء سورية ضد فرنسا ، و كان مركز الثورة في جبل العرب بقيادة سلطان الأطرش وفي الغوطة بقيادة محمد الأشمر ثم امتدت إلى الجولان في مجدل شمس و بقعاتا و مسعدة و حضر, وصل زيد الأطرش إلى مجدل شمس في 1925 على رأس قوة كبيرة من دروز الجبل .
في 2 آذار عام 1925 شنت القوات الفرنسية هجوماً بقيادة الكولونيل كليمان غرانكور و تصدت لها قوى من ثوار المجدل و القرى المحيطة و تمكنوا من إفشال الهجوم و هزيمة الفرنسيين و تكبيدهم خسائر فادحة.
في 30 آذار عام 1925 اشتبك الثوار مع قطع من جيش الشرق الفرنسي قرب خان أرنبه و تمكنوا من قتل /9/ جنود و جرح / 18 / آخرين و ذلك باعتراف الفرنسيين -وفي 1 نيسان 1925 سير الفرنسيون عدة الوية من جيش الغرب و جيش الشرق الفرنسي بقيادة الكولونيل كليمان غرا نكور و قاموا بالزحف و تطويق القرى التي يتواجد بها الثوار ومركز قاعدتهم في مجدل شمس ، تصدت لهم مجموعات المجاهدين بقيادة مختار المجدل أسعد كنج والمجاهد زيد الأطرش وخاضت معهم معركة كبيرة واستبسل الثوار في الذود دفاعا عن الوطن ودامت المعارك متواصلة ثلاثة أيام خسر بها الفرنسيين عشرات القتلى والجرحى ولم يعترف الفرنسيون إلا بـ ( 18 قتيلاً و45 جريحاً) واستشهد من جانب المجاهدين عدد من الثوار الأبطال في مقدمتهم القائد الوطني فؤاد سليم ودفن في قرية مجدل شمس. ولان الثوار قد نفدت ذخيرتهم وكانت هناك صعوبة في تعويضها وبسبب التفوق في العدد والعتاد بين الطرفين مما أدى إلى انسحاب قوة الثوار مع أبناء القرى من ساحة المعركة ليلا والتوجه إلى جبل العرب لمتابعة الثورة من هناك ، نحن لاننكر الجهاد ضد الفرنسيين ولكننا نشم رائحة المذهبية في قتالهم ، أعني بكلمة من سلطان باشا الأطرش ألهبت حماسهم ( أولاً دفاعاً عن مذهبهم ثم تقاطعت الأهداف مع الجهاد في سبيل الوطن )
كتب الصحافي الإسرائيلي يسرائيل هرئيل : " في حرب التحرير قاتل الدروز ضد إسرائيل. المعارك معهم في تلة يوحنان مثلا كانت من أشد وأقسى المعارك. ولكن عندما تأكدوا أن ما لا يصدق يحدث أمام أعينهم، وأن الدولة الشابة تنتصر على الدول الخمس التي اجتاحتها، ومعها العرب المحليون معا، نقلوا ولاءهم وفقا لمعايير البقاء الدرزية المتبعة، من الطرف العربي إلى الطرف اليهودي، حتى انهم في أواخر الحرب قاتلوا إلى جانبنا كتفا إلى كتف. عندما احتلت إسرائيل هضبة الجولان، وخصوصا بعد ان بدأ الاستيطان اليهودي فيها، استنتج الدروز المقيمون في الجولان أن إسرائيل لن تغادر الهضبة أبدا، هم قرروا مثل إخوانهم في إسرائيل (الذين سبقوهم ب 19 عاما) عقد معاهدة وتحالف معنا. وقادتهم، كما يذكر الكثيرون ذلك، طلبوا الحصول على بطاقات هوية إسرائيلية. ولكن بعد سنوات غير كثيرة التقط هوائي البقاء لدى الدروز رسائل ذات معنى قاطع: إسرائيل مستعدة للنزول عن الهضبة والانسحاب منها. خوفهم من أن يقوم السوريون بتسوية الحساب مع أولئك الذين ربطوا مصيرهم بإسرائيل، تسبب مرة أخرى في انقلاب في الولاء الذي تجسد بمظاهرات التضامن الكبرى والعنيفة أحيانا، مع سوريا. طالما كانت الهوائيات الدرزية الإسرائيلية تلتقط سيطرة الحكومة فعليا وليس نظريا على الجليل، كانت التجمعات السكانية الدرزية هادئة."[1]
بدأت الديانة الدرزية في القرن الحادي عشر, وأنتشر تعاليمها ما بين الاعوام 1017-1047 في عهد الخلفية الفاطمي السادس المنصور, الملقب بالحاكم بأمر الله (996-1021) وعيّن الحاكم بامر الله رُسلاً لنشر تعاليمها. ابرزهم حمزة بن علي, الذي يعد المؤسس للديانة الدرزية, حيث وضع عددا من المؤلفات لهذه الديانة الجديدة ، كما عمل على نشرها. هناك رسول آخر يدعى نشتكين الدرزي, والذي سمي الدروز على اسمه إلى يومنا هذا. وقد لبى دعوته الكثيرون ودخلوا في هذه الديانة الجديدة في الشرق الاوسط اساسا. عام 1021 اختفى الخليفة الحاكم بامر الله. فأختفى أتباعه وتفرقوا الديانة سرية مبادئها غير معروفة الا للخواص من أبناء الطائفة, والذين يسمون "العُقّال" وهم المتدينون, اما البقية فيسمون "الجُهّال" وهم العلمانيون.
من العلامات الفارقة للمتدينين - ملابسهم التقليدية, اساسا الطاقية البيضاء المطرزة, وحلق الرأس كدليل على الخشوع, واطلاق شعر الذقن والشارب - وهو فرض غير الزامي خاصة في سن الشباب.
تمكن الدروز من خلال روايات وقصص مختلقة أن يكتشفوا بعض الأماكن المقدسة في هضبة الجولان :
أ- مقام الخضر بمنطقة بانياس
ب- مقام السلطان إبراهيم البلخي (وهومدفون بجبلة )
ت- مقام الخضر في بقعاتا
ث-أكتشفوا حجراً في أحد بيوت بقعاتا سموه دعسة الخضر
ج- مقام اليعفوري في سهل المرج
ح- مقام إيليا في منطقة الحواريت بجبل الشيخ
خ- مقام الحزوري في جباتا الزيت
د- مقام الست شعوانة في عين قنيا
ذ- قبة الست سارة في بانياس
ر- مقام يهوذا بين بانياس وسهل الحولة
ز- مقام أبي ذر الغفاري في طرنجة .
يقول الأمير شكيب أرسلان :
"أن آل معروف عرب أقحاح أجدادهم في الغالب من عرب اليمن نزحوا إلى بلاد حلب " ويتابع الأميرشكيب قوله " آل معروف خرجوا من الشيعة ومن الشيعة السبعية ، أي القائلين بالأئمة السبعة وهم الذين خرج منهم الشيعة الأسماعيلية الذين هم الآن في الهند فريقان : الخوجة جماعة أغاخان المشهورة ، والبهرة وهم جماعة السلطان سيف الدين ، ومن الفريق الأول اسماعيلية سورية أهل القدموس وسلمية ، ومن الفريق الثاني اسماعيلية اليمن أهل حراز وأهل نجران .
فالدروز كانوا من جملة الشيعة وكانت الشيعة منتشرة في جبل لبنان وجبل عامل وهما واحد. فلما جاء الفاطميون في أواخر القرن الرابع للهجرة من تونس إلى مصر وتأسست الدولة الفاطمية وقامت بدعوة الشيعة وحاولت نشرها في مصر والشام وغيرهما وأضافت اليها بعض عقائد الباطنية التي جاء بها إلى مصر بعض المنتسبين إلى هذه الفرقة في العجم وذلك لأجل مقاومة بني العباس الذين كانوا في بغداد يمثلون في الأغلب دولة السنة والجماعة .
انقسم الشيعة الذين كانوا في لبنان وعامل إلى قسمين أحدهما بني على التشيع الأصلي دون أن يزيد عليه شيئاً وقيل لهم "متاولة" وهي مشتقة من "متولية" أي أنهم تولوا آل البيت صلوات الله عليهم, وقيل بل مشتقة من جملة "مت ولياً لعلي" وكله واحد ، وهذا القسم غلب على جبل عامل و ما جاوره من جزين وعلى بلاد بعلبك و ما جاوره الغرب من كسروان .
والقسم الثاني قد قبل الدعوة الإسماعيلية الفاطمية وما معها من العقائد الباطنة الآتية من العجم وهؤلاء هم أجداد الدروز ، وإنما سموا الدروز نسبة إلى نشتكين الدرزي العجمي أحد دعاة الحاكم بأمر الله الخليفة الفاطمي ، وهم يكرهون هذا الأسم لكنه غلب عليهم بالرغم منهم والحق أن نحلتهم اسماعيلية فاطمية . وقد بقي بين قرى الدروز قرى شيعية كثيرة لكن أختلاف المذهب حمل أبناء الشيعة الأصليين على الألتحاق بالقرى التي فيها جمهرتهم "انتهى " [2]
العلم الدرزي يتالّف من خمسة ألوان ترمز إلى خمسة أنبياء. والألوان بالترتيب حسب مكانة الأنبياء: الأخضر، الأحمر، الأصفر، الأزرق والأبيض.
وقد أصبح هذا الرمز علما لدولة جبل الدروز التي عاشت سنوات قليلة إلى إن اندمجت في الدولة السورية.