مصحف علي كتاب يعتقد الـشيعة بوجوده و إن اختلفوا في محتواه ؛ فبعضهم يعتقد أن الإمام علي بن أبي طالب كتبه و أنه من إملاء رسول الإسلام محمد بن عبد الله و يسمونه كذلك بالجامعة وهي الصحيفة التي طولها سبعون ذراعاً، وفيها كلُّ ما يحتاج إليه الناس من الأحكام الشرعية، ويهذب البعض الآخر إلى أنه يحتوي على القرآن الكريم من جمع و ترتيب الإمام علي.
فهرس |
يعتقد الشيعة أن الإمام علي عنده صحف يعتبرونها من دلائل إمامته [1] مثل :
- صحيفة فيها أسماء شيعته إلى يوم القيامة.
- صحيفة فيها أسماء أعدائه إلى يوم القيامة.
- الجامعة، وهي مصحف عليٍّ.
- الجفر الأكبر والأصفر.
- مصحف فاطمة.
أما الجامعة فقد ورد ذكرها أكثر من مرة في كتاب بحار الأنوار منها :
- عن محمد بن عيسى عن الأهوازي عن فضالة عن قاسم بن بريد عن محمد عن أحدهما عليهما السلام قال: إن عندنا صحيفة من كتاب على ، أو مصحف على طولها سبعون ذراعاً [2].
- أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن على بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي جعفر قال: أخرج إلي أبو جعفر صحيفةً فيها الحلال والحرام والفرائض، قلت: ما هذه؟ قال: هذه إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم، وخطَّهُ عليٌّ بيده، قال: قلت: فما تُبلى! قال فما يُبليها قلت: وما تُدرسُ قال وما يُدرِسُها، قال هي الجامعة أو من الجامعة [3].
- عن أبي عبيدة قال : سأل أبا عبد الله بعض أصحابنا عن الجفر فقال: هو جلد ثور مملوء علماً فقال له: ما الجامعة؟ قال: تلك صحيفة طولها سبعون ذراعاً، في عرض الأديم مثل فخذ الفالج [4].
مصحف علي لم يعد له وجود الآن، نظراً للروايات التي تقول أن الإمام علي أخفاه عن الناس، لهذا اختلف علماء الشيعة في محتواه، و هناك عدة آراء منها:
يقال أن المصحف أملاه الرسول على علي بن أبي طالب الذي قام بتدوينه.[5].
و يعتقد الشيعة أنه يحتوى على جميع الأحكام من الحلال والحرام، وأحكام الإرث والحدود، وفي هذا المجال وردت أحاديث كثيرة. [6]
وينسب الشيعة إلى الإمام جعفر الصادق نموذجاً، من الأحكام الواردة في مصحف عليٍّ أنه قال:" فيه أنَّ النساء ليس لهن من عقار الرجل إذا هو توفَّى عنها شيء "[7]. و يقال أن الأحكام المذكورة في الجامعة صريحة واضحة غير مبهمة ، ولذلك صار طول الجامعة سبعون ذراعاً، وربَّما هو إشارة إلى مدى سعتها، بحيث أنها وضعت في بيتٍ كبيرٍ، كما يصرِّح بذلك حديث حمران بن أعين:
ووفقاً للروايات فإن الجامعة كان طولها سبعين ذراعاً [8]؛ وكانت تُلَفُّ وسميكة كأنَّها فخذ فالج كما جاء في حديث محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن الحسين عن أبي مخلد عن عبد الملك [9]. و الفالج في اللغة الجملُ الضخمُ ذو السنامين يُحمل من السند للفحل.كما ذكر اللغويون في معنى الكلمة فقالوا: الفالج بكسر اللام، استرخاء عام لأحد شقِّي البدن طولا من الرأس إلى القدم.
يرى قسم آخر من الشيعة أن مصحف علي ما هو إلا القرآن ، جمعه علي بن أبي طالب بعد وفاة النبي [10] ، و رتبه حسب الناسخ و المنسوخ ، و يقولون أنه اعتزل الناس حتى جمعه كما ورد في الحديث المنسوب إليه :" لا أرتدي حتى أجمعه " [11] . وروي أنه لم يرتد إلاّ للصلاة حتى جمعه.
ووفقاً للروايات الشيعية فإن علي عرض مصحفه على الناس وأوضح مميزاته فقام إليه رجل من كبار القوم فنظر فيه، فقال: يا علي أردده فلا حاجة لنا فيه [12] ، فقرر علي أن يخفي المصحف ولا يظهره للناس مرة أخرى [13] .
جاء في تفسير الصافي أنه في عهد الخليفة عثمان بن عفان حين أثيرت الضجة حول إختلاف المصاحف ، سأل طلحة بن عبيد الله الإمام علياً لو يخرج للناس مصحفه الذي جمعه بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: وما يمنعك أن تخرج كتاب الله إلى الناس؟! فكفّ عن الجواب أولاً، فكرّر طلحة السؤال، فقال: لا أراك يا أبا الحسن أجبتني عمّا سألتك من أمر القرآن، ألا تظهره للناس؟ [14]. وأوضح علي سبب كفّه عن الجواب لطلحة مخافة أن تتمزق وحدة الأُمة، حيث قال: يا طلحة عمداً كففت عن جوابك فأخبرني عمّا كتبه القوم؟ أقرآن كله أم فيه ما ليس بقرآن؟ قال طلحة: بل قرآن كله. قال: إن أخذتم بما فيه نجوتم من النار ودخلتم الجنّة [15].
تفيد الروايات بأن المصحف قد سلّمه الإمام علي لأئمة الشيعة من بعده وهم يتداولونه الواحد بعد الآخر لا يُرونه لأحد [16]، و يوجد في صنعاء باليمن مصحف يُعتقد أنه مكتوب بخط الإمام علي وهو موجود بمعرض مصاحف صنعاء الدائم بدار المخطوطات. [17]
لم يثبت لدى أهل السنة وجود مثل هذا المصحف إن كان كتاباً أملاه الرسول أو القرآن جمعه علي بن أبي طالب، بل وينكرون كذلك كل الصحف التي ينسبها الشيعة للإمام علي وزوجته فاطمة بنت محمد وأئمتهم الأثني عشر[18]، فهم يعتقدون أن الإمام علي ما كان ليخفي شيئاً من العلم حتى لو كان سيعرضه هذا للأذى فهو لا يخشى في الله لومة لائم ولو كان معه مثل هذة الصحف لأظهرها للناس مهما كانت العواقب، وبهذا فإنهم يعتبرون جميع هذة الكتب إدعاءات كاذبة، نسبها زوراً عبد الله بن سبأ واتباعه المعروفون باسم السبئية للإمام علي لإضفاء القداسة عليه وعلى ذريته وبهذا يجذبوا الناس إليهم ويكونوا مذهب مخالف - المعروف حالياً بالمذهب الشيعي. [19]