طور عبدين Tur abdin هضبة عالية في جنوب شرق تركيا يدمج بها النصف الشرقي من ولاية ماردين وولاية شيرناق غرب نهر دجلة ، عند الحدود مع سوريا . الاسم طور عبدين اسم سرياني( ܛܘܪ ܥܒܕܝܢ ) معناه ( جبل عباد الله أو جبل خدم الله ) . لطور عبدين أهمية عظيمة عند الكنيسة السريانية الأرثوذوكسية ، فقد كانت المنطقة مسرحا لحركة سريانية رهبانية وثقافية نشطة . سكان طور عبدين من السريان يسمون أنفسهم ܣܘܪܵܝܝܐ سوريويي Suryoye أي سوريين Syrians ، أيضا يطلقون على أنفسهم تسمية أخرى وهي ܛܘܪܵܝܐ طورويي Turoye أي سكان الجبل ، وهم يتكلمون اللغة الآرامية باللهجة المسماة طورويو Turoyo ، ويوجد أيضا في تلك المنطقة بأعداد أقل آشوريين ينتمون لكنيسة المشرق الآشورية . اليوم أغلب سكان طور عبدين هم قسمين من المسلمين ، أكراد يتكلمون الكردية وعرب يتكلمون اللهجة المحلمية ، والفئة الأخيرة في الأصل هم مسيحيين كانوا ينتمون للكنيسة السريانية الأرثوذكسية ولكنهم دخلوا الإسلام قرابة القرن السابع عشر ولكنهم مازالوا يحفظون بعض العادات السريانية المسيحية .
أكثر مايميز منطقة طور عبدين هو انتشار الأديرة السريانية القديمة في ربوعها و أكثر المراكز السريانية الأرثوذكسية أهمية في طور عبدين دير مار حنانيا Dayro d-Mor Hananyo ، يقع على بعد 6 كم جنوب شرق ماردين في غربي المنطقة ، بني الدير من الحجارة الصفراء ويعرف الدير بالسريانية Dayro d-Kurkmo أي دير الزعفران ، شيد هذا الدير عام 493 م وكان مقرا للبطريرك السرياني الأرثوذكسي من عام 1160 م حتى عام 1932 م، ويقع المقر حاليا في دمشق ورغم ذلك لايزال الدير محتفظا بالعرش البطريركي وأضرحة سبعة بطاركة ومطارنة إلى الآن . اليوم يهتم برعاية الدير عدة رهبان سريان وبعض العلمانيين من أبناء الكنيسة ، ويوجد في الدير مدرسة لتعليم اللغة السريانية للأطفال السريان من القرى المجاورة ، ورئيس الدير هو مطران ونائب البطريرك في ماردين . في وسط طور عبدين على طريق مديات Midyat - جزيرة بوتان Cizre يقع دير مار كبرئيل Dayro d-Mor Gabriel ، الذي بني عام 397 م فهو إذا اقدم الأديرة السريانية الأرثوذكسية ، وهو مقر مطران طور عبدين وفي الدير يقيم عدد من الرهبان والراهبات في أماكن منفصلة ويوجد فيه أيضا بيت للضيوف وقسم لسكن الطلاب الذين يعيشون فيه لتلقي تعليمهم الديني وبشكل خاص اللغة السريانية ، كان لهذا الدير الفضل الأكبر في الحفاظ على شعلة الإيمان السرياني الأرثوذكسي حية في طور عيدين فقد كان للكنيسة كالقلعة الحصينة .
مدينة مديات ( عاصمة طور عبدين )، وقرى حاح ، بقصيونو ، ديرو دصليبو ، شولح ( مع ديرها القديم دير مار يعقوب ) ، عين وردو ، أنحل ، كفرو ، آركح ( مع دير مار ملكي ) ، باسبرين ، ميدن ، آزخ ، جميعها مواقع هامة للكنيسة السريانية الأرثوذوكسية تعرضت خلال الحرب العالمية الأولى لأهوال يشيب لها الولدان ، حيث شهدت منطقة طور عبدين قسم من مذابح رهيبة أثارها الأتراك بحق المسيحيين القاطنيين في معظم أنحاء الامبراطورية العثمانية ومنهم سريان طور عبدين الذين ذبح وقتل منهم قرابة النصف مليون شخص وذلك على يد الجيش التركي والميليشيات الكردية التي كانت تسكن المنطقة ، تزامنت تلك المذابح مع مذابح الأرمن ، ويسمي السريان المجازر التي تعرضوا لها سيفو Sayfo أي السيف ، عقب تلك الأحداث الفظيعة التي قتل فيها قسم كبير من السريان نزح قسم أكبر منهم من طور عبدين إلى سوريا و لبنان ومن ثم إلى مناطق أخرى في العالم وبقي منهم اليوم في طور عبدين مايقارب 2500 شخص وسكن في قراهم الأكراد الذين اشتركوا بذبحهم وتهجيرهم، وأغلب السريان الذين هاجروا من طور عبدين إلى اوربا توجهوا إلى السويد و ألمانيا وبالدرجة الثانية إلى الولايات المتحدة كندا و أستراليا ، في السنوات الأخيرة بدأت عدد من العوائل السريانية المهاجرة بالعودة إلى طور عبدين أرض أجدادهم . وفي النصف الأخير من القرن الماضي عمدت الحكومات التركية المتعاقبة على تتريك اسماء القرى في طور عبدين لكي تنسى اساميهاالأصلية السريانية ، مخالفة بذلك قرارات الأمم المتحدة بالحفاظ على اسماء المناطق السكنية القديمة بلغات أهلها الأصليين ، هذا فضلا عن قيامها بإجبار السريان على تغيير اسماء عوائلهم السريانية واستبدالها بأخرى تركية .